الجاسر
هكذا ينظر للأمر صاحب النظرة السطحية، والذي لا علاقة له بما يجري من أحداث في
المنطقة العربية، وغير ملم بأبعاد ما يشهده إقليم الخليج العربي وغير مطلع على
التاريخ وأدوار الأطراف التي أشعلت فتنة تمرد الحوثيين في اليمن وقبل ذلك في بعض
دول الخليج والعراق ولبنان وفلسطين وما يعد ويجري من محاولات في مصر والمغرب وكل
الدول العربية الأخرى.
في البداية
هل يمكن اعتبار ما يحدث في اليمن شؤون داخلية..؟!! بعيداً عن كل التنظيرات
والمصطلحات وأطر التعامل بين الدول فإن الأحداث التي تشهدها اليمن اندلعت للتأثير
على دول مجاورة أخرى في الإقليم وتنفذ وفق مخطط قديم جديد يخدم طموحات دولة إقليمية
معروفة لها أطماع معلنة ليس الآن بل منذ اضمحلال الدولة العباسية حيث حاول الفرس
إعادة إقامة الدولة الفارسية (بنكهة إسلامية) ومن يومها أراد الفرس تحقيق أهدافهم
عبر البرامكة وعندما صفوا على يد الخليفة العباسي ظلت هذه النزعة مترسخة لدى الكثير
منهم ليركبوا موجة التشييع ليس حباً في المذهب الاثني عشري الذي حوروا فيه وشككوا
في الكثير من الثوابت الإسلامية إلى حد التشكيك في النصوص القرآنية، والنيل من
صحابة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وخصوصاً الشيخين الكريمين أبو بكر الصديق
وعمر بن الخطاب الذي يعتبرونه مهندس تدمير الإمبراطورية الفارسية ولذلك فهو الأكثر
بغضاً عندهم.
حتى إن قبر السيئ الذكر أبو لؤلؤة المجوسي قد أُقيم عليه ضريح كبير
يزوره المتعصبون والحالمون بعودة مجد المجوس..!! والذي لا يعرف هذا المجوسي فليعلم
بأنه أول من ارتكب جريمة قتل خليفة المسلمين وهو يصلي حيث اغتال الخليفة عمر بن
الخطاب وهو يصلي في المحراب..!! وقد أمكن للمتعصبين والحالمين بإعادة مجد المجوس من
تحقيق هذا الحلم بإنشاء (دولة الصفويين) حينما تحول الشاه إسماعيل الصفوي إلى
المذهب الشيعي وحول معه كل أهل فارس الذين كانوا يتبعون المذاهب الأربعة، ولأن
الدولة الإقليمية المنافسة للدولة الصفوية آنذاك الإمبراطورية العثمانية (السنية)
فقد كان طموح الشاه إسماعيل الصفوي القضاء على الإمبراطورية العثمانية أو إضعافها
حتى تتحول الدولة الصفوية إلى إمبراطورية تهيمن على المنطقة وتتحكم بمصير المسلمين
جميعاً.
وقد خاض الصفويون معارك شتى ضد العثمانيين لتحقيق هذا الغرض وتحالفوا
حتى مع أعداء المسلمين مثلما فعلوا ذلك مع البرتغاليين لاحتلال مكة المكرمة عبر
اجتياح خليج عدن مستفيدين من القوة البحرية البرتغالية إلا أن العثمانيين أوقعوا
بهم أشد الخسائر وبحلفائهم البرتغاليين.
الآن ورثة الصفويين من حكام طهران
الحاليين يريدون أن يحققوا ما كان يسعى إليه الصفويون من السيطرة على المسلمين
كافة، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بعد إضعاف الدول الإسلامية القوية وهو ما يقوم به
النظام الصفوي الجديد عبر أزلامه وحلفائه سواء من الحوثيين في اليمن أو الأحزاب
الطائفية في العراق وفروعه في لبنان وفلسطين.
غداً نستكمل ونستعرض ما يقوم به
الصفويون الجدد في اليمن وفي العراق والخليج ولبنان.