;

لك الله يا وطن ...!! 929

2009-10-15 04:43:35

طه
العامري


كثيرة هي الظواهر الحياتية التي تعنون مسارنا
وتلقي بظلالها على واقعنا , بل أن بعض هذه الظواهر تخيم على علاقتنا الاجتماعية
بصورة فردية وجماعية , وهو ما يجعلنا في الغالب نعاني من حالة ( تيه) في علاقتنا
الاجتماعية لدرجة نفقد فيها أي بعد اجتماعي تكافلي لهذه العلاقة علي خلفية نزوع
بعضنا لدرجة التعصب وراء مفاهيم خاصة سياسية كانت أو ثقافية أو ما شابه من

مكونات الاعتقاد ( الذاتي) لدى البعض
وهو الاعتقاد الذي يحاول بعضنا إعطائه صفة (القدسية) بحيث يكبل حامل هذا المعتقد أو
ذاك نفسه في ( زنزانة ) ما يتوهم أنه (الفعل الطبيعي للحياة ) وهو ما جعل النسيج
الاجتماعي يأخذ الكثير من الضربات القاتلة فيما حالة (العبث) تبدو هي الطاغية علي
مسارنا والانفلات ( القيمي ) بكل ما تحمل منظومة القيم الوطنية من مفاهيم إيجابية
تبخرت تحت وقع هذه الضربات التي تنهش في الجسد الوطني وفي مكوناته وفي ذاكرة
مواطنيه والمحسوبين عليه بشرائحهم وطبقاتهم ومكوناتهم الحضارية الوطنية والتي تعيش
اليوم أسوأ مراحلها من حيث فقدان شبه كلي لمنظومة (القيم) في علاقتنا الاجتماعية أو
في علاقتنا بالوطن والدولة والمؤسسات السيادية الوطنية , في المقابل نجد منظومة من
الأزمات الوطنية الطافحة تنهش في الجسد الوطني دافعها هذا النزوع الذاتي وحلها يكمن
في تخلصنا من هذا النزوع ولكن تظل نزوع بعضنا أكثر دموية وتدميرا لكل القيم
والثوابت وفتاكة بنسيجنا الاجتماعي الذي نسجته قرون كبيرة من التعايش الوطني وشكلته
ثقافة حضارية وطنية وعادات وتقاليد وموروث شعبي تراكم علي مدى قرون خلت من التعايش
المشترك علي الخارطة الوطنية وبين مكونات هذه الخارطة التي تنوعت فيها التقاليد
والقيم الثقافية والفكرية وكان هذا التنوع من أدوات الإبداع وصمام آمان للعيش
المشترك وللوعي الوطني الذي عززته مناخات التنوع الحضاري الوطني سواء تعلق الأمر
بتنوع (التضاريس الجغرافية ) أو بتنوع (الديمغرافية ) الوطنية والمكونات المجتمعية
..
بيد أن معطيات راهننا الوطني تجزم بكل شفافية أننا نعيش في مرحلة فقدان
الهوية والتوازن والوعي وفي أسوا مراحل تحولاتنا حيث نجد الأثر الكبير للتحول
المادي وقد ألقى بظلاله علي الهوية الروحية التي تبخرت بكل قيمها لتصبح الطفرة
(المادية) بكل جوانبها وظواهرها ومفاهيمها وقيمها الاستهلاكية بديلة عن كل ما هو
(روحي ومعنوي وقيمي) وهذا ما يعطي راهن حراكنا الكثير من الاستلابية والذاتية
والهلامية وكلها عوامل سلبية تقودنا بكل ما يمكن اعتبارها منجزات حضارية إلي دائرة
(العبث) وهي دائرة يوجهها ويتحكم بأبطالها وحياتهم النزوع الذاتي والرغبة في
السيطرة والتملك والتفرد والتميز دون الأخذ بأي قيمة حضارية ذات بعد ودافع أخلاقي
وحضاري سوءا تعلق الأمر بالدين أو بالوطنية فكلاهما بكل ما يعتمل فيهما من قيم خارج
دائرة العبث الذي يعتمل علي خارطتنا بكل نزوع ونوازع أبطاله وفرسان مرحلته الذين
يتصرفون مع كل الظواهر علي قاعدة أن ثمة (نهاية كونية ) تخيم على الأفق الوطني
وبالتالي من لم يتحصن ويؤمن ذاته وحياته فلا أمان له ولا مستقبل , مع أن الأمن
والمستقبل هما حقيقة جمعية وفعل حضاري لا يمكن اختزالهما في مربعات طبقية ولا في
نطاق شرائح بذاتها دون البقية من المحسوبين علي هذا النطاق الجغرافي الوطني أو ذاك
..
قد لا يفهم (البعض) ما أود قوله أو ما أحاول الوصول إليه وهذا أجمل ما في (
الفكرة) لأن غياب الفهم لمعطيات الراهن هو جوهر الأزمة وقاعدة لكل الظواهر الحياتية
التي تخيم على واقعنا ومسارنا ..شخصيا لا أفهم دوافع بعض الأزمات التي تخيم علينا
وتفرض نفسها على واقعنا ومسارنا , بالمقابل لا أفهم لماذا من بيدهم سلطة القانون
يتخاذلون عن ردع أبطال هذه الظواهر والأزمات , ثم لماذا يحصر الحماس في تطبيق
القانون وفرض النظام على ( فئات اجتماعية )بذاتها دون أن يكون هذا الحماس ظاهرة
وطنية عامة , فهنا يعاقب (بائع متجول ) يعيل أسرة ومتحمل مسئولية عائلات بكاملها من
رزق يقتاته بواسطة ( عربية) أو (فرشة على الرصيف) فتأتي لهذا المغلوب علي أمره كل
أجهزة الدولة معلنة استنفارها ويقظتها بادية حالة من الحماس المفرط والصرامة
الكبيرة في تطبيق القانون في ذات الوقت التي يغض فيها الطرف عن هولا الذين يسيطرون
علي نطاقات واسعة من الجغرافية الوطنية مثل هذا الذي يخوض حرباً طاحنة ضد الوطن
والدولة وكل أجهزتها ومواطنيها , أو ذاك الذي يحرض ويقطع الطريق ويتعرض لكل عابر
بالسوء طالبا ( الانفصال) وبكثير من الحماس والندية للوطن والدولة ولكل مكونات
المجتمع ..أتساءل فعلا لماذا هنا يطبق القانون وبصرامة علي شريحة ( الباعة
المتجولين وأصحاب البسطات والمفارش المتنقلة ) -مثلا_ ولا يطبق هذا القانون علي
(الذين باعوا وطنا ولا يزالوا يسمسرون عليه ) ..؟!! فنتازيا درامية حافلة بكل
المشاهد العبثية والكوميدية تجري ونشاهدها كل الوقت دون أن نقف ونتساءل عن دافع هذه
المفارقات المثيرة والغاية منها , وإلي أين قد تصل بنا والوطن بماضينا وحاضرنا
ومستقبلنا ..
نعم نحن نعيش حالة صراع علي (الماضي) وليس ( منه أو بسببه )
فالماضي يبدو في خطاب بعضنا ( مقدسا) وأي شعب حين يجعل من ( ماضيه) غاية في حاضره
وعنوان مستقبله لا يمكنه أن يكون في وعيه ولا يمكن لمثل هذا الشعب أن يتقدم أو يحقق
منجزات أو يبني حضارة ..لدينا من يدعو لعودة (الماضي) ومن يطالبوا بهذا يريدوا أن
يعود من ( الماضي) جانبه (القبيح) والبشع والمتخلف , فالإمامة تعني بعودتها التخلف
والجهل بأبشع صورهما , والانفصال يعني عودة الشقاء والخوف والرعب والديكتاتورية
والاستبداد , فالانفصالي لا يمكنه أن يكون ديمقراطيا ومتحضرا والإمامي لا يمكنه أن
يكون حرا ومتقدما وفي الحالتين فإن الانفصال والإمامة وهما عنوان الماضي فأن من
يطالب بهما لا يمكن أن يكون سويا وذو اعتبارية أو صاحب موقف وقضية وهذا يجب أن يحظى
بتطبيق القانون وبذات الحماس الذي يطبق فيه القانون علي ( الباعة المتجولين ) علي
أن ندرك ونستوعب أن أي مفهوم سياسي للحكم غير ما هو ساري ومتفق عليه يشكل تنازلا
سياديا , فلا الفيدرالية ولا الكونفدرالية يمكن نجاحها أو الأخذ بها في واقع
كواقعنا , بل أن مثل هذه المفاهيم تعني أن نجعل من الوطن بمثابة ( محميات) وهو فعل
يناقض كل عوامل التطور الاجتماعي والحضاري , نعم قد نجد _جغرافيا _ بعض المحميات
الطبيعية , لكن أن نعمل علي إيجاد _محميات اجتماعية_ فهذا امتهان لحقوق الإنسان
ولكل المواثيق الوطنية والدولية ..
فهل هناك من استوعب طرحي؟ ربما ..؟ وربما لا
وفي كلا الحالتين لم يعد هناك حاجة لكي نفهم أي شي يجري فالأحداث تباعا تفسر نفسها
وتفصح عن نوايا صناعها ..
ولك الله يا وطن
..
ameritaha@gmail.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد