البتول
الكحلاني في مقاله المنشور الخميس الماضي في هذه الصحيفة الغراء "أخبار اليوم"،
وأجد في هذا الرأي المتحرر والاتجاه الصائب ما يعزز ويؤكد صوابية الرؤية التي نؤمن
بها وندعوا إليها بأن القول بحصر الإمامة في البطنين أو القرشيين أو غيرهم، أو
اشتراط الفاطمية أو القرشية في الحاكم والإمام والرئيس يعتبر شرط عنصرياً، وغير
منطقي لا ينسجم مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف والرسالة الخالدة والشريعة
السمحة.
ولا شك أن ما أعلنه وسطره
الأخ/ أحمد الكحلاني وزير الدولة لشؤون مجلس النواب والشورى يحمل أهمية كبيرة
ودلالات عديدة، سواء من حيث التوقيت والزمان، أو من حيث القائل والشخص الذي يتبنى
هذا القول ويقر هذا الرأي، ومع هذه الأهمية والخطوة الإيجابية التي تحسب للأستاذ/
أحمد محمد الكحلاني، إلا أن المشكلة في أن هذا الرأي يصطدم بالعديد من العوائق ومن
أهمها وأبرزها أن المذهب الزيدي وبالأصح الهادوي يؤكد على حصر الإمامة في
البطنين وهو المقرر والمعتمد بصورة واضحة وقاطعة كما هو مدون وثابت في أهم مصادر
المذهب الزيدي ألا وهو الأزهار في فقه الأئمة الأطهار، للإمام المهدي "أحمد بن يحيى
المرتضى" المتوفي سنة 840 ه ، حيث يقول: يجب على المسلمين شرعاً نصب إمام مكلف ،
ذكر ، حر ، علوي ، فاطمي. . . . إلخ، بمعنى أن هذا الاتجاه مقرر ومدون كدين وتشريع،
وكتاب الأزهار كان ومازال هو العمدة والأصل في الفقه الزيدي والمذهب الهادوي، وهو
رأي ومذهب الهادي يحيى بن الحسين الإمام المؤسس للمذهب والدولة في اليمن، وهذا ما
سار عليه أئمة وعلماء الزيدية والهادوية قديماً وحديثاً، من الهادي إلى الحوثي،
بحيث يصبح المطلوب هو حذف النص الذي يشترط الفاطمية في الإمامة والحكم، أما بدون
ذلك تبقى مثل هذه الآراء مبادرات فردية وآراء شخصية لا تعبر إلا عن أصحابها ، تكون
في جانب والمذهب في الجانب الآخر ، وحتى تعطي هذه الآراء فائدتها اقترح على
الرافضين لهذا الشرط العنصري من داخل المذهب الزيدي أن يطالبوا العلماء والمراجع
بحذف ذلك من الأزهار وغيره وتنقية هذه المصادر من أي فكرة عنصرية مثل تحريم زواج
الفاطمية من غير فاطمي وغير ذلك من الآراء والاجتهادات التي تشوه المذهب الهادي
والفكر الزيدي.
وفي هذا السياق فإنني أختلف مع الأخ/ أحمد الكحلاني في قوله إن
نظرية الخروج على الحاكم في الفكر الزيدي تشبه المعارضة في الفكر الديمقراطي ، ذلك
أن الخروج عند الزيدية يعني الخروج المسلح والتغيير بالقوة، هذا من جانب ، ومن جانب
آخر فإن الخروج يشترط على من يقوم به أن يكون علوياً فاطمياً- أي نفس الشرط لمن
يتولى الحكم والإمامة.
فالخروج كما يقول الدكتور عبدالرحمن عبدالواحد الشجاع-
مبدأ في ظاهره السلامة وحقيقته الخطر ، حيث يؤدي إلى الاقتتال ، ويؤكد الدكتور /
عبدالولي الشميري على أن الخروج من المبادئ البراقة التي حملها الأئمة في اليمن
والذين فتحوا أبواب الصراع والقتال ، فمن ناحية لا تجوز الإمامة لديهم إلا للعلوي
الفاطمي ، ومن ناحية أخرى لابد من الخروج ولا يجوز الخروج إلا لعلوي فاطمي، ومن هنا
ظهر تعدد الأئمة والصراع على السلطة.
وفي كل الأحوال فإن الأستاذ/ أحمد الكحلاني
مشكور على رأيه وموفق فيما يذهب إليه من بطلان الشرط العنصري ولكن تبقى القضية
بحاجة لحسم فكري في إطار المذهب الهادوي ، ويبقى النقاش والحوار والخلاف والاختلاف
قائماً ، الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة ، إلا ما يجري في صعدة وحرف سفيان فإنها حرب
ضد متمردين خرجوا على النظام والدستور وإرهابيين أفسدوا في الأرض وأهلكوا الحرث
والنسل ، وعلى الأخوة الزيدية إعلان البراء من هذه الفرقة الضالة والعصابات
الإجرامية براءة للذمة ونصيحة للأمة.