العولمة
بشگلها الراهن وقواعدها المعاصرة. . مشروع أميرگي لا يستثنى من مگاسبه الگثير من
البلدان النامية والغالبية العظمى من دول القارة الأفريقية فحسب، بل ويرمي إلى
العودة بالعالم إلى العصر الاستعماري وترسيخ الهيمنة على خيرات الشعوب، من خلال
السيطرة على الموارد البترولية في العالم والهيمنة على حقوق براءات الاختراع
والملگية الفگرية، والتحگم بوسائل الاتصال الدولة، واحتگار إنتاج البذور الزراعية المعدلة جينياً، باعتبار أن احتگارها
يمگن الولايات المتحدة الأمريگية من السيطرة على أنتاج المواد الغذائية في العالم
أجمع.
. يتناول هذا الگتاب تحليل قضية العولمة من منظور عقلاني شامل يحيط بها من
مختلف أبعادها ومن منظور إنساني إذ عالج الأبعاد المختلفة للعولمة وما صاحبها من
تدهور مستوى المعيشة وأتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء وتقليص دور الدولة في مجال
الخدمات، گما تتميز بالدفاع عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق
الإنسان.
الگتاب الذي ترجمة الدگتور/ عدنان عباس علي والصادر عن المجلس الوطني
للثقافة والفنون والآداب بالگويت قدم مؤلفاه "هانس بيتر مارتين وهارالدشومان "
وجهة نظر مختلف عما هو شائع من الأحاديث والأفگار الملتهية حول العولمة والتي تدور
الآن بين المثقفين العرب.
تطرقنا في الحلقة السابقة إلى كيف أسعار الفائدة
الألمانية ظلت على ما كانت عليه، وأرتفع المارك ارتفاعاً حقق ربحاً ما يعادل ضعفي
الخسارة.
ويسمى "SLOUGH " مهنته المدمرة للأعصاب بالمقاومة المدروسة التي تتبع
قواعد صارمة وعلى مستوى عال ولا يرى في نفسه سوى محارب صغير في خضم هذه السوق
المتلاطمة الأمواج، ويؤكد "SLOUGH " على أنه ليس في وسع أكبر المشاركين في اللعبة
حتى إن كان من قبل "سيتي بنك" في نيويورك التأثير بمفرده في أسعار الصرف وذلك لعظمة
هذه السوق.
الواقع أن المتاجر بالعملات في وضع أفضل من زملائه فما يهمه هو الزمن
الحاضر فحسب، أما زملاؤه الآخرون الجالسون معه في الطرف الآخر من الصالة فإنهم
يتعاملون مع المشتقات أي مع المستقبل أو بعبارة أدق مع قيم تتوقع الغالبية العظمى
من المشاركين في سوق الأسهم وسندات الدين والعملات تحققها في ثلاثة أشهر أو اثني
عشر شهراً أو في عام أو في خمسة أعوام وتسمى البضائع التي يتعاملون فيها المبادلات
والسقف والقاعدة المستقبليات والخيارات وغير ذلك من الأدوات المالية التي يزداد
عددها شهراً بعد شهر في الأسواق والقاسم المشترك بين كل هذه الأدوات المالية هو أن
قيمتها ليست سوى قيمة مشتقة أي تقوم على أسعار سترفع اليوم أو في وقت لاحق لقاء
الحصول على الأوراق المالية الفعلية أو العملات الأجنبية.
وإذا كان المرء يراهن
على ازدهار الاقتصاد الألماني فهو لم يعد مجبراً على شراء أسهم الشركات الألمانية
فقد صار بإمكانه الآن المشاركة بعمليات ما يسمى بالمستقبليات والمراهنة على مؤشر
الأسهم الألماني والحصول لقاء دفع مكافأة نقدية على ربح في حالة ارتفاع المؤشر
إلى مستوى أعلى من المستوى المتعاقد عليه ولمواجهة هذه المراهنة يقوم المصرف بدوره
باتخاذ الحيطة إما من خلال إبرامه عقد إمضاء وإما من خلال ما هو موجود في محفظته من
أسهم، وإذا فضل الزبون الحيطة والحذر من تقلبات سعر صرف المارك ففي وسعه الاستعانة
بالخيارات التي يتعين عليه دفعها على ما حصل من قروض طويلة الأجل يدفعها إلى المصرف
الذي منحه القرض أو بالعكس إن الحصيلة المدهشة لهذه العمليات تكمن في أنها قد جردت
الشراء الفعلي للأوراق المالية أو العملات الأجنبية من مخاطر تقلبات أسعار الصرف
والأسهم أو من مخاطر عدم إمكان تسديد الفوائد المرتفعة، لقد صارت المخاطر نفسها
بضاعة متداولة في الأسواق.
جذر القطاعات المنتجة أما في ما مضى من الزمن فلم تكن
هذه العمليات الآجلة والدافعة للخطر والمجازفة سوى نوع من أنواع الحيطة التي تتخذها
القطاعات المنتجة فقد كان في وسع المصدرين مثلاً الاستعانة بهذه العمليات في مواجهة
تقلبات أسعار صرف عملات البلدان التي يتعاملون معها، ولكن ومنذ أن غدت طاقة أجهزة
الحاسوب عملياً دونما حدود استقلت المعاملات بالمشتقات كلية وبدأ "عصر الثورة
المالية كما يقول بحماسة الرئيس الأسبق لبنك التسويات الدولية ألكسندر لامغالوسي"،
فمنذ مدة ليست بالقصيرة أسست كل المدن المالية الكبيرة بورصات مختصة بالمعاملات
الآجلة فقط وفي الفترة الواقعة بين "1989 1995" تضاعفت القيمة الاسمية للمعاملات
كل سنتين تصل على مستوى العالم إلى قيمة خيالية إذا بلغت 410 ألف مليار دولار،
ولاشك في أن هذا الرقم في حد ذاته مؤشر على التطور الهايل في المعاملات النقدية فما
بين الواحد في المائة والثلاثة من المائة من هذه المعاملات فقط الغرض منه درء
المخاطر عن النشاط الصناعي والتجاري مباشرة وبالتالي فإن كل العقود الأخرى ليست سوى
عملية رهان منظمة يقوم بها بهلوانيو السوق فيما بينهم على شاكلة: "أراهنك على مؤشر
Jone Dow سيكون بعد عام أعلى من مستواه الحالي بمقدار مائتين وخمسين نقطة وسأدفع
لك مبلغاً وقدره. . . .
إذا خاب ظني"، ولا مراء في أن المراهنين هناك في وضع أفضل
من أولئك المراهنين في صالات القمار فمن ناحية هم يدفعون في حالة خسارتهم الرهان
المبلغ المتراهن عليه في وقت لاحق أي عندما يحين موعد الإيفاء بالعقد ومن ناحية
أخرى تقوم غالبيتهم بتقليل مخاطر الخسارة من خلال عقود مضادة ولذا فإن القيمة
السوفية للمشتقات ليست سوى نسبة ضئيلة في الواقع من القيمة الاسمية ومع هذا فهي
غيرت على نحو جذري الحركة في الأسواق فتغيرات طفيفة في المحافظ الاستثماري صارت
تؤدي إلى تقلبات كبيرة في أسعار الأوراق المالية إلى أن التوقعات الجماعية
للمتعاملين قد غدت هي ذاتها قوة مادية فعالة.
فبوساطة التعامل بالمشتقات "تحرر
قطاع المال من القطاع الحقيقي كما يقول توماس قشر مدير التجارة في المصرف الألماني
والذي ركب هو نفسه على مدى سنين كثيرة العلاقات الاقتصادية الموضوعية كالعلاقة
بين أسعار الفائدة القيادية وأسعار الأوراق المالية مثلاً قد أخذت تفقد من وزنها
على نحو متزايد فالأمر المهم هو التوقعات بشأن "ما سيفعله الآخرون" وبالتالي لم تعد
ثمة أهمية للسبب الذي يحتم ارتفاع سعر إحدى الأوراق المالية بل صارت الأهمية تكمن
في التعامل الذي يمكن أن يتسبب في ارتفاعه واشتياق الأحداث فتطور قيمة سندات الدين
الحكومي الألمانية مثلاً لم يعد يحدد من قبل المتاجرين بالأوراق المالية لدى
المصارف الألمانية بل أضحى يتحدد مسبقاً وذلك في بورصة لندن للمعاملات الآجلة هذه
البورصة التي تستحوذ على ثلثي العقود المبرمة في إطار المستقبليات المتعلقة بسندات
الدين الحكومي الألمانية وبسبب هذه الآليات على نحو أعنف من السابق ولا مراء في أن
المصارف قد حققت أرباحاً طائلة من خلال المخاطر التي تصاحب هذه التذبذبات التي
يفرزها التعامل بالمشتقات، فالمصرف الألماني بمفرده حقق من خلال المشتقات ما يقارب
مليار مارك وما الأهمية المتزايدة لهذه العمليات في ميزانية هذا المصرف سوى دليل
واحد على التغير الذي طرأ على دور المصارف في عالم المال والمعولم فأهمية الودائع
ومنح القروض هي في تراجع مستمر من ناحية أخرى فإن العديد من المشركات الكبرى لم تعد
في حاجة إلى مصارف فهي نفسها قد صارت على نحو أواخر مصرفاً ولعل شركة "سبمنز" خير
مثال على ذلك فهي تحقق بعملياتها النقدية والمالية أرباحاً تفوق ما تحققه منتجاتها
المعروفة في أرجاء المعمورة وهناك المئات من الشركات الكبرى أضحت تصدر هي نفسها
وعلى مستوى العالم سندات دين تمول بها ما تحتاج إليه من رأس مال.
وباستثناء
عالقة المال في نييورك وطوكيو الناشطين على نحو عالمي فعلاً لم يبق أمام غالبية
بيوت المال إلا دور ا لوسيط في الأسواق كما لم تعد أقسامها المختصة بالشؤون
التجارية سوى مرتزقة جيوش المال الإلكترونية التي بوجهها قادة يقبعون في مراكز
صناديق الاستثمار والمعاشات التقاعدية هذه الصناديق التي صارت في السنوات العشر
الأخيرة بفضل معدلات نمو تتكون من خانتين المستودع الفعلي في العالم لرأس المال
فالصناديق الأمريكية تدير بمفردها مدخرات وأقساطاً تقاعدية بقيمة تزيد على 8 آلاف
مليار دولار الأمر الذي جعل منها أكبر ينبوع لتدفقات رأسمالية لا تنضب ولا تتصف
بالاستقرار.
بشگلها الراهن وقواعدها المعاصرة. . مشروع أميرگي لا يستثنى من مگاسبه الگثير من
البلدان النامية والغالبية العظمى من دول القارة الأفريقية فحسب، بل ويرمي إلى
العودة بالعالم إلى العصر الاستعماري وترسيخ الهيمنة على خيرات الشعوب، من خلال
السيطرة على الموارد البترولية في العالم والهيمنة على حقوق براءات الاختراع
والملگية الفگرية، والتحگم بوسائل الاتصال الدولة، واحتگار إنتاج البذور الزراعية المعدلة جينياً، باعتبار أن احتگارها
يمگن الولايات المتحدة الأمريگية من السيطرة على أنتاج المواد الغذائية في العالم
أجمع.
. يتناول هذا الگتاب تحليل قضية العولمة من منظور عقلاني شامل يحيط بها من
مختلف أبعادها ومن منظور إنساني إذ عالج الأبعاد المختلفة للعولمة وما صاحبها من
تدهور مستوى المعيشة وأتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء وتقليص دور الدولة في مجال
الخدمات، گما تتميز بالدفاع عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق
الإنسان.
الگتاب الذي ترجمة الدگتور/ عدنان عباس علي والصادر عن المجلس الوطني
للثقافة والفنون والآداب بالگويت قدم مؤلفاه "هانس بيتر مارتين وهارالدشومان "
وجهة نظر مختلف عما هو شائع من الأحاديث والأفگار الملتهية حول العولمة والتي تدور
الآن بين المثقفين العرب.
تطرقنا في الحلقة السابقة إلى كيف أسعار الفائدة
الألمانية ظلت على ما كانت عليه، وأرتفع المارك ارتفاعاً حقق ربحاً ما يعادل ضعفي
الخسارة.
ويسمى "SLOUGH " مهنته المدمرة للأعصاب بالمقاومة المدروسة التي تتبع
قواعد صارمة وعلى مستوى عال ولا يرى في نفسه سوى محارب صغير في خضم هذه السوق
المتلاطمة الأمواج، ويؤكد "SLOUGH " على أنه ليس في وسع أكبر المشاركين في اللعبة
حتى إن كان من قبل "سيتي بنك" في نيويورك التأثير بمفرده في أسعار الصرف وذلك لعظمة
هذه السوق.
الواقع أن المتاجر بالعملات في وضع أفضل من زملائه فما يهمه هو الزمن
الحاضر فحسب، أما زملاؤه الآخرون الجالسون معه في الطرف الآخر من الصالة فإنهم
يتعاملون مع المشتقات أي مع المستقبل أو بعبارة أدق مع قيم تتوقع الغالبية العظمى
من المشاركين في سوق الأسهم وسندات الدين والعملات تحققها في ثلاثة أشهر أو اثني
عشر شهراً أو في عام أو في خمسة أعوام وتسمى البضائع التي يتعاملون فيها المبادلات
والسقف والقاعدة المستقبليات والخيارات وغير ذلك من الأدوات المالية التي يزداد
عددها شهراً بعد شهر في الأسواق والقاسم المشترك بين كل هذه الأدوات المالية هو أن
قيمتها ليست سوى قيمة مشتقة أي تقوم على أسعار سترفع اليوم أو في وقت لاحق لقاء
الحصول على الأوراق المالية الفعلية أو العملات الأجنبية.
وإذا كان المرء يراهن
على ازدهار الاقتصاد الألماني فهو لم يعد مجبراً على شراء أسهم الشركات الألمانية
فقد صار بإمكانه الآن المشاركة بعمليات ما يسمى بالمستقبليات والمراهنة على مؤشر
الأسهم الألماني والحصول لقاء دفع مكافأة نقدية على ربح في حالة ارتفاع المؤشر
إلى مستوى أعلى من المستوى المتعاقد عليه ولمواجهة هذه المراهنة يقوم المصرف بدوره
باتخاذ الحيطة إما من خلال إبرامه عقد إمضاء وإما من خلال ما هو موجود في محفظته من
أسهم، وإذا فضل الزبون الحيطة والحذر من تقلبات سعر صرف المارك ففي وسعه الاستعانة
بالخيارات التي يتعين عليه دفعها على ما حصل من قروض طويلة الأجل يدفعها إلى المصرف
الذي منحه القرض أو بالعكس إن الحصيلة المدهشة لهذه العمليات تكمن في أنها قد جردت
الشراء الفعلي للأوراق المالية أو العملات الأجنبية من مخاطر تقلبات أسعار الصرف
والأسهم أو من مخاطر عدم إمكان تسديد الفوائد المرتفعة، لقد صارت المخاطر نفسها
بضاعة متداولة في الأسواق.
جذر القطاعات المنتجة أما في ما مضى من الزمن فلم تكن
هذه العمليات الآجلة والدافعة للخطر والمجازفة سوى نوع من أنواع الحيطة التي تتخذها
القطاعات المنتجة فقد كان في وسع المصدرين مثلاً الاستعانة بهذه العمليات في مواجهة
تقلبات أسعار صرف عملات البلدان التي يتعاملون معها، ولكن ومنذ أن غدت طاقة أجهزة
الحاسوب عملياً دونما حدود استقلت المعاملات بالمشتقات كلية وبدأ "عصر الثورة
المالية كما يقول بحماسة الرئيس الأسبق لبنك التسويات الدولية ألكسندر لامغالوسي"،
فمنذ مدة ليست بالقصيرة أسست كل المدن المالية الكبيرة بورصات مختصة بالمعاملات
الآجلة فقط وفي الفترة الواقعة بين "1989 1995" تضاعفت القيمة الاسمية للمعاملات
كل سنتين تصل على مستوى العالم إلى قيمة خيالية إذا بلغت 410 ألف مليار دولار،
ولاشك في أن هذا الرقم في حد ذاته مؤشر على التطور الهايل في المعاملات النقدية فما
بين الواحد في المائة والثلاثة من المائة من هذه المعاملات فقط الغرض منه درء
المخاطر عن النشاط الصناعي والتجاري مباشرة وبالتالي فإن كل العقود الأخرى ليست سوى
عملية رهان منظمة يقوم بها بهلوانيو السوق فيما بينهم على شاكلة: "أراهنك على مؤشر
Jone Dow سيكون بعد عام أعلى من مستواه الحالي بمقدار مائتين وخمسين نقطة وسأدفع
لك مبلغاً وقدره. . . .
إذا خاب ظني"، ولا مراء في أن المراهنين هناك في وضع أفضل
من أولئك المراهنين في صالات القمار فمن ناحية هم يدفعون في حالة خسارتهم الرهان
المبلغ المتراهن عليه في وقت لاحق أي عندما يحين موعد الإيفاء بالعقد ومن ناحية
أخرى تقوم غالبيتهم بتقليل مخاطر الخسارة من خلال عقود مضادة ولذا فإن القيمة
السوفية للمشتقات ليست سوى نسبة ضئيلة في الواقع من القيمة الاسمية ومع هذا فهي
غيرت على نحو جذري الحركة في الأسواق فتغيرات طفيفة في المحافظ الاستثماري صارت
تؤدي إلى تقلبات كبيرة في أسعار الأوراق المالية إلى أن التوقعات الجماعية
للمتعاملين قد غدت هي ذاتها قوة مادية فعالة.
فبوساطة التعامل بالمشتقات "تحرر
قطاع المال من القطاع الحقيقي كما يقول توماس قشر مدير التجارة في المصرف الألماني
والذي ركب هو نفسه على مدى سنين كثيرة العلاقات الاقتصادية الموضوعية كالعلاقة
بين أسعار الفائدة القيادية وأسعار الأوراق المالية مثلاً قد أخذت تفقد من وزنها
على نحو متزايد فالأمر المهم هو التوقعات بشأن "ما سيفعله الآخرون" وبالتالي لم تعد
ثمة أهمية للسبب الذي يحتم ارتفاع سعر إحدى الأوراق المالية بل صارت الأهمية تكمن
في التعامل الذي يمكن أن يتسبب في ارتفاعه واشتياق الأحداث فتطور قيمة سندات الدين
الحكومي الألمانية مثلاً لم يعد يحدد من قبل المتاجرين بالأوراق المالية لدى
المصارف الألمانية بل أضحى يتحدد مسبقاً وذلك في بورصة لندن للمعاملات الآجلة هذه
البورصة التي تستحوذ على ثلثي العقود المبرمة في إطار المستقبليات المتعلقة بسندات
الدين الحكومي الألمانية وبسبب هذه الآليات على نحو أعنف من السابق ولا مراء في أن
المصارف قد حققت أرباحاً طائلة من خلال المخاطر التي تصاحب هذه التذبذبات التي
يفرزها التعامل بالمشتقات، فالمصرف الألماني بمفرده حقق من خلال المشتقات ما يقارب
مليار مارك وما الأهمية المتزايدة لهذه العمليات في ميزانية هذا المصرف سوى دليل
واحد على التغير الذي طرأ على دور المصارف في عالم المال والمعولم فأهمية الودائع
ومنح القروض هي في تراجع مستمر من ناحية أخرى فإن العديد من المشركات الكبرى لم تعد
في حاجة إلى مصارف فهي نفسها قد صارت على نحو أواخر مصرفاً ولعل شركة "سبمنز" خير
مثال على ذلك فهي تحقق بعملياتها النقدية والمالية أرباحاً تفوق ما تحققه منتجاتها
المعروفة في أرجاء المعمورة وهناك المئات من الشركات الكبرى أضحت تصدر هي نفسها
وعلى مستوى العالم سندات دين تمول بها ما تحتاج إليه من رأس مال.
وباستثناء
عالقة المال في نييورك وطوكيو الناشطين على نحو عالمي فعلاً لم يبق أمام غالبية
بيوت المال إلا دور ا لوسيط في الأسواق كما لم تعد أقسامها المختصة بالشؤون
التجارية سوى مرتزقة جيوش المال الإلكترونية التي بوجهها قادة يقبعون في مراكز
صناديق الاستثمار والمعاشات التقاعدية هذه الصناديق التي صارت في السنوات العشر
الأخيرة بفضل معدلات نمو تتكون من خانتين المستودع الفعلي في العالم لرأس المال
فالصناديق الأمريكية تدير بمفردها مدخرات وأقساطاً تقاعدية بقيمة تزيد على 8 آلاف
مليار دولار الأمر الذي جعل منها أكبر ينبوع لتدفقات رأسمالية لا تنضب ولا تتصف
بالاستقرار.