العولمة
بشگلها الراهن وقواعدها المعاصرة. . مشروع أميرگي لا يستثنى من مگاسبه الگثير من
البلدان النامية والغالبية العظمى من دول القارة الأفريقية فحسب، بل ويرمي إلى
العودة بالعالم إلى العصر الاستعماري وترسيخ الهيمنة على خيرات الشعوب، من خلال
السيطرة على الموارد البترولية في العالم والهيمنة على حقوق براءات الاختراع
والملگية الفگرية، والتحگم بوسائل الاتصال الدولة، واحتگار إنتاج البذور الزراعية المعدلة جينياً، باعتبار أن احتگارها
يمگن الولايات المتحدة الأمريگية من السيطرة على أنتاج المواد الغذائية في العالم
أجمع.
. يتناول هذا الگتاب تحليل قضية العولمة من منظور عقلاني شامل يحيط بها من
مختلف أبعادها ومن منظور إنساني إذ عالج الأبعاد المختلفة للعولمة وما صاحبها من
تدهور مستوى المعيشة وأتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء وتقليص دور الدولة في مجال
الخدمات، گما تتميز بالدفاع عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق
الإنسان.
الگتاب الذي ترجمة الدگتور/ عدنان عباس علي والصادر عن المجلس الوطني
للثقافة والفنون والآداب بالگويت قدم مؤلفاه "هانس بيتر مارتين وهارالدشومان "
وجهة نظر مختلف عما هو شائع من الأحاديث والأفگار الملتهية حول العولمة والتي تدور
الآن بين المثقفين العرب.
تطرقنا في الحلقة السابقة إلى إعلان بون وباريس
امتلاكهما الإرادة السياسية للحفاظ على سعري الصرف السائدين للفرنك والمارك، وعزمها
على إنقاذ نظام النقد الأوروبي حتى وإن انسحبت منه بريطانيا وإيطاليا وكيف كان هذا
الإعلان بمفردة كافياً لإثارة موجات جديدة من المضاربة، وعلى مدى أشهر عديدة ظل
المصرف المركزي في باريس يقارع محاولات المضاربين فيشتري منهم الفرنك في فرانكفورت
بتخفيض أسعار الفائدة من أجل تخفيف الضغط عن نظام النقد الأوروبي.
عندما لم يسفر
اجتماع مجلس إدارة المصرف المركزي الألماني عن استجابة لهذا الطلب كانت موجات
المضاربة قد تحولت لتصبح سيلاً جارفاً وفي جلسة ضمت مسؤولين ألمانيين وفرنسيين عقدت
في اليوم التالي بسرعة وعلى عجل في وزارة المالية في باريس طالب محافظ المصرف
المركزي الفرنسي جاك دولاروسييد زملاءه في فرانكفورت بضرورة تقديم عون غير محدود
وفي الوقت الذي كان فيه الوافدان لا يزالان يتداولان وصل إلى سمعهما أن نظام
النقد الأوروبي قد أنهار عملياً وفي الواقع كان رقم واحد يكفي للدلالة على جبروت
المضاربة قد بلغت الذروة إذ كان المصرف المركزي في باريس يفقد في بعض الأحيان مائة
مليون دولار في الدقيقة الواحدة وإلى حين انتهاء ساعات العمل الرسمي في البورصة كان
العاملون لدى لاروسيير قد أنفقوا خمسين مليار دولار وصاروا مدينين بما يزيد على نصف
هذا المبلغ.
ولم يشأ شليز فيجر ولا خليفته المرشح هانس تيتماير تحمل وزر هذه
الخسارة ووزر المضاربة المتوقع استمرارها ورأيا أن من الأفضل للفرنسيين أن يستسلموا
لأوامر الواقع وكان هؤلاء بدورهم قد حملوا الأملان مسؤولية ما حدث مؤكدين أن
ألمانيا هي ا لتي تسببت في اندلاع الأزمة ولذا فقد استمر لاروسبيير وحكومته حتى
ليلة الأحد/ الاثنين بالضغط على الألمان ولكن دونما جدوى وفي الساعة الواحدة من
صبيحة يوم الاثنين أي قبل فترة وجيزة فقط من بدء العمل في بورصات شرق آسيا أعلن من
تبقى مشاركاً بنظام النقد الأوروبي، قرارهم بترك أسعار صرف عملاتهم تتذبذب بنسبة 15
في المائة ارتفاعاً وانخفاضاً في المستقبل على هذا النحو وبعد أربعة عشر عاماً
انتهى التحالف الأوروبي الغربي بشأن الاستقرار الاقتصادي مخلفاً وراءه حطام درزن من
معارك خاسرة كلفت المصارف المركزية الأوروبية ودافعي الضرائب في نهاية المطاف حوالي
مائة مليار مارك ألماني حسب أدنى التخمينات ومع هذا لا ير ى أنصار السوق العالمية
الحرة في هذا كله أمراً باطلاً ورئيس المصرف المركزي الألماني الدكتور/ هانس
تيتماير نفسه هو واحد من أكثر دعاة هذه الحرية تأثيراً في ألمانيا فحسب ما يقوله
هذا المسؤول الأول عن حماية قيمة المارك الألماني فإن المنافسة بين العملات هي ركن
من أركان اقتصاد السوق الحرة هذه السوق التي تتنافس في إطارها جميع الأمم وأن "حرية
انسياب رأس المال تساعد هنا على تحقيق التصحيحات الاقتصادية الضرورية"، وأن هذا هو
ما حدث إبان انهيار نظام النقد الأوروبي إذ ثبت أن أسعار المصرف الثابتة السائدة في
الأسواق كانت تفتقد "المصداقية" وهكذا وفي كل الحالات التي يكتنفها الشك ولا يتوافر
بشأنها الدليل القاطع فإن المسؤولين عن الخطأ هم دائما ً وأبداً حسب رأي رئيس
المصرف المركزي الألماني ومن سواه من المؤمنين بجدارة السوق القائمون على شؤون
السياسة فالمشكلة تكمن بناء على ما صرح به تيتماير في فبراير من عام 1996م أمام
المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أولاً وأخيراً في "أن غالبية السياسيين لا
يزالون غير مدركين أنهم قد صاروا الآن يخضعون لرقابة أسواق المال لا بل أنهم قد
صاروا يخضعون لسيطرتها وهيمنتها.
أن هذا أمر صارخ بالتأكيد ولكنه على رغم هذا
يتفق مع نظرية الاقتصادي الأمريكي وحامل جائزة نوبل مليتون فريدمان هذه النظرية
التي تحظى الآن باهتمام العالم وتكاد تكون سياسة مطبقة على المستوى العالمي وفي
الواقع فإن فكرة المروجين الكثيرين لهذه النظرية المسماة بالنظرية ا لنقدية هي في
غاية البساطة فبناء على ما يقولون فإن حرية انتقال رأس المال عبر جميع الحدود
الدولية هي التي ستحقق استخدامه الأمثل وكلمتهم السحرية هنا هي الجدارة فانطلاقاً
من الرغبة في تحقيق أعلى الأرباح ينبغي للأموال المدخرة في العالم أن تنتقل دوماً
إلى تلك المجالات التي تحقق لها أفضل استخدام ومن منظور النقديين فإن هذه المجالات
هي طبعاً ذلك الاستثمار الذي يحقق أعلى عائد وبهذا فستنتقل الأموال من البلدان
الغنية برأس المال إلى المناطق الغنية بالفرص الاستثمارية الأمر الذي يحقق للمدخرين
أكبر ما يمكن جنيه من عائد والعكس بالنسبة إلى المقترضين وإذ سيكون في وسعهم
المقارنة بين مقدمي القروض في أرجاء المعمورة واختيار أدنى الفوائد وليس الخضوع
للاحتكارات المصرفية الوطنية أو دفع فوائد عالية لا لشيء إلا لقلة الادخار في البلد
الذي يريدون الاستثمار فيه وفي المحصلة النهائية ستكسب نظرياً على أدنى تقدير
كل الأمم وذلك لأن انتهاج هذه السبيل هو الطريقة التي ستضمن أفضل استثمار وأعلى
معدلات نمو.
الأسواق تحد من سلطات الدول بناء على هذا يرى النقديون أن ما يحدث
في أسواق المال ليس إلا سمة من سمات العقلانية الحقة فالمتعاملون في هذه الأسواق
ليسوا سوى "محكمين يعاقبون أخطاء السياسة بخفض سعر الصرف وبفرض أسعار فائدة أعلى
"حسب ما يقوله جيرد هويزلر زميل تيتماير في مجلس إدارة المصرف المركزي الألماني
سابقاً وعضو مجلس إدارة المصرف حالياً وكانت لمجلة البريطانية قد كتبت بكل ثقة
وإصرار: "لقد صارت أسواق المال الحكام والمحلفين لكل سياسة اقتصادية" وأن خسارة
الدول لبعض من سلطتها أمر مستحسن فبهذا ضاعت على الحكومات فرصة سوء استخدام سلطتها
التمادي في رفع الضرائب وفي التوسع بالاقتراض المسبب للتضخم وإجبارها على إتباع
"النهج الصحيح" لكن أيمكن للمرء فعلاً أن يرى في سوق المال العابرة للحدود ينبوعاً
عالمياً للرفاهية وحارساً للعقلانية الاقتصادية الدولية؟ إن هذا الأمل ليس مضللاً
فحسب بل هو خطر أيضاً فثرثرة من هذا القبيل تحجب النظر عما ينطوي عليه هذا الأمل من
مخاطر سياسية فكلما كانت الدول أكثر خضوعاً لإدارة المستثمرين تعين أكثر على
الحكومات ودونما هوادة ومبالاة ومحاباة فئة تتمتع بالامتيازات أساساً أعني الفئة
المالكة للثروات المالية فحيثما تكون صرف عملاتها مستقرة والمعدلات الضريبية على
عوائدها من الفوائد في أدنى مستوياتها ويعتقد المؤمنون بجدارة السوق ضمنياً أن هذه
الأهداف تنسجم كلياً مع المصلحة العاملة
بشگلها الراهن وقواعدها المعاصرة. . مشروع أميرگي لا يستثنى من مگاسبه الگثير من
البلدان النامية والغالبية العظمى من دول القارة الأفريقية فحسب، بل ويرمي إلى
العودة بالعالم إلى العصر الاستعماري وترسيخ الهيمنة على خيرات الشعوب، من خلال
السيطرة على الموارد البترولية في العالم والهيمنة على حقوق براءات الاختراع
والملگية الفگرية، والتحگم بوسائل الاتصال الدولة، واحتگار إنتاج البذور الزراعية المعدلة جينياً، باعتبار أن احتگارها
يمگن الولايات المتحدة الأمريگية من السيطرة على أنتاج المواد الغذائية في العالم
أجمع.
. يتناول هذا الگتاب تحليل قضية العولمة من منظور عقلاني شامل يحيط بها من
مختلف أبعادها ومن منظور إنساني إذ عالج الأبعاد المختلفة للعولمة وما صاحبها من
تدهور مستوى المعيشة وأتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء وتقليص دور الدولة في مجال
الخدمات، گما تتميز بالدفاع عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق
الإنسان.
الگتاب الذي ترجمة الدگتور/ عدنان عباس علي والصادر عن المجلس الوطني
للثقافة والفنون والآداب بالگويت قدم مؤلفاه "هانس بيتر مارتين وهارالدشومان "
وجهة نظر مختلف عما هو شائع من الأحاديث والأفگار الملتهية حول العولمة والتي تدور
الآن بين المثقفين العرب.
تطرقنا في الحلقة السابقة إلى إعلان بون وباريس
امتلاكهما الإرادة السياسية للحفاظ على سعري الصرف السائدين للفرنك والمارك، وعزمها
على إنقاذ نظام النقد الأوروبي حتى وإن انسحبت منه بريطانيا وإيطاليا وكيف كان هذا
الإعلان بمفردة كافياً لإثارة موجات جديدة من المضاربة، وعلى مدى أشهر عديدة ظل
المصرف المركزي في باريس يقارع محاولات المضاربين فيشتري منهم الفرنك في فرانكفورت
بتخفيض أسعار الفائدة من أجل تخفيف الضغط عن نظام النقد الأوروبي.
عندما لم يسفر
اجتماع مجلس إدارة المصرف المركزي الألماني عن استجابة لهذا الطلب كانت موجات
المضاربة قد تحولت لتصبح سيلاً جارفاً وفي جلسة ضمت مسؤولين ألمانيين وفرنسيين عقدت
في اليوم التالي بسرعة وعلى عجل في وزارة المالية في باريس طالب محافظ المصرف
المركزي الفرنسي جاك دولاروسييد زملاءه في فرانكفورت بضرورة تقديم عون غير محدود
وفي الوقت الذي كان فيه الوافدان لا يزالان يتداولان وصل إلى سمعهما أن نظام
النقد الأوروبي قد أنهار عملياً وفي الواقع كان رقم واحد يكفي للدلالة على جبروت
المضاربة قد بلغت الذروة إذ كان المصرف المركزي في باريس يفقد في بعض الأحيان مائة
مليون دولار في الدقيقة الواحدة وإلى حين انتهاء ساعات العمل الرسمي في البورصة كان
العاملون لدى لاروسيير قد أنفقوا خمسين مليار دولار وصاروا مدينين بما يزيد على نصف
هذا المبلغ.
ولم يشأ شليز فيجر ولا خليفته المرشح هانس تيتماير تحمل وزر هذه
الخسارة ووزر المضاربة المتوقع استمرارها ورأيا أن من الأفضل للفرنسيين أن يستسلموا
لأوامر الواقع وكان هؤلاء بدورهم قد حملوا الأملان مسؤولية ما حدث مؤكدين أن
ألمانيا هي ا لتي تسببت في اندلاع الأزمة ولذا فقد استمر لاروسبيير وحكومته حتى
ليلة الأحد/ الاثنين بالضغط على الألمان ولكن دونما جدوى وفي الساعة الواحدة من
صبيحة يوم الاثنين أي قبل فترة وجيزة فقط من بدء العمل في بورصات شرق آسيا أعلن من
تبقى مشاركاً بنظام النقد الأوروبي، قرارهم بترك أسعار صرف عملاتهم تتذبذب بنسبة 15
في المائة ارتفاعاً وانخفاضاً في المستقبل على هذا النحو وبعد أربعة عشر عاماً
انتهى التحالف الأوروبي الغربي بشأن الاستقرار الاقتصادي مخلفاً وراءه حطام درزن من
معارك خاسرة كلفت المصارف المركزية الأوروبية ودافعي الضرائب في نهاية المطاف حوالي
مائة مليار مارك ألماني حسب أدنى التخمينات ومع هذا لا ير ى أنصار السوق العالمية
الحرة في هذا كله أمراً باطلاً ورئيس المصرف المركزي الألماني الدكتور/ هانس
تيتماير نفسه هو واحد من أكثر دعاة هذه الحرية تأثيراً في ألمانيا فحسب ما يقوله
هذا المسؤول الأول عن حماية قيمة المارك الألماني فإن المنافسة بين العملات هي ركن
من أركان اقتصاد السوق الحرة هذه السوق التي تتنافس في إطارها جميع الأمم وأن "حرية
انسياب رأس المال تساعد هنا على تحقيق التصحيحات الاقتصادية الضرورية"، وأن هذا هو
ما حدث إبان انهيار نظام النقد الأوروبي إذ ثبت أن أسعار المصرف الثابتة السائدة في
الأسواق كانت تفتقد "المصداقية" وهكذا وفي كل الحالات التي يكتنفها الشك ولا يتوافر
بشأنها الدليل القاطع فإن المسؤولين عن الخطأ هم دائما ً وأبداً حسب رأي رئيس
المصرف المركزي الألماني ومن سواه من المؤمنين بجدارة السوق القائمون على شؤون
السياسة فالمشكلة تكمن بناء على ما صرح به تيتماير في فبراير من عام 1996م أمام
المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أولاً وأخيراً في "أن غالبية السياسيين لا
يزالون غير مدركين أنهم قد صاروا الآن يخضعون لرقابة أسواق المال لا بل أنهم قد
صاروا يخضعون لسيطرتها وهيمنتها.
أن هذا أمر صارخ بالتأكيد ولكنه على رغم هذا
يتفق مع نظرية الاقتصادي الأمريكي وحامل جائزة نوبل مليتون فريدمان هذه النظرية
التي تحظى الآن باهتمام العالم وتكاد تكون سياسة مطبقة على المستوى العالمي وفي
الواقع فإن فكرة المروجين الكثيرين لهذه النظرية المسماة بالنظرية ا لنقدية هي في
غاية البساطة فبناء على ما يقولون فإن حرية انتقال رأس المال عبر جميع الحدود
الدولية هي التي ستحقق استخدامه الأمثل وكلمتهم السحرية هنا هي الجدارة فانطلاقاً
من الرغبة في تحقيق أعلى الأرباح ينبغي للأموال المدخرة في العالم أن تنتقل دوماً
إلى تلك المجالات التي تحقق لها أفضل استخدام ومن منظور النقديين فإن هذه المجالات
هي طبعاً ذلك الاستثمار الذي يحقق أعلى عائد وبهذا فستنتقل الأموال من البلدان
الغنية برأس المال إلى المناطق الغنية بالفرص الاستثمارية الأمر الذي يحقق للمدخرين
أكبر ما يمكن جنيه من عائد والعكس بالنسبة إلى المقترضين وإذ سيكون في وسعهم
المقارنة بين مقدمي القروض في أرجاء المعمورة واختيار أدنى الفوائد وليس الخضوع
للاحتكارات المصرفية الوطنية أو دفع فوائد عالية لا لشيء إلا لقلة الادخار في البلد
الذي يريدون الاستثمار فيه وفي المحصلة النهائية ستكسب نظرياً على أدنى تقدير
كل الأمم وذلك لأن انتهاج هذه السبيل هو الطريقة التي ستضمن أفضل استثمار وأعلى
معدلات نمو.
الأسواق تحد من سلطات الدول بناء على هذا يرى النقديون أن ما يحدث
في أسواق المال ليس إلا سمة من سمات العقلانية الحقة فالمتعاملون في هذه الأسواق
ليسوا سوى "محكمين يعاقبون أخطاء السياسة بخفض سعر الصرف وبفرض أسعار فائدة أعلى
"حسب ما يقوله جيرد هويزلر زميل تيتماير في مجلس إدارة المصرف المركزي الألماني
سابقاً وعضو مجلس إدارة المصرف حالياً وكانت لمجلة البريطانية قد كتبت بكل ثقة
وإصرار: "لقد صارت أسواق المال الحكام والمحلفين لكل سياسة اقتصادية" وأن خسارة
الدول لبعض من سلطتها أمر مستحسن فبهذا ضاعت على الحكومات فرصة سوء استخدام سلطتها
التمادي في رفع الضرائب وفي التوسع بالاقتراض المسبب للتضخم وإجبارها على إتباع
"النهج الصحيح" لكن أيمكن للمرء فعلاً أن يرى في سوق المال العابرة للحدود ينبوعاً
عالمياً للرفاهية وحارساً للعقلانية الاقتصادية الدولية؟ إن هذا الأمل ليس مضللاً
فحسب بل هو خطر أيضاً فثرثرة من هذا القبيل تحجب النظر عما ينطوي عليه هذا الأمل من
مخاطر سياسية فكلما كانت الدول أكثر خضوعاً لإدارة المستثمرين تعين أكثر على
الحكومات ودونما هوادة ومبالاة ومحاباة فئة تتمتع بالامتيازات أساساً أعني الفئة
المالكة للثروات المالية فحيثما تكون صرف عملاتها مستقرة والمعدلات الضريبية على
عوائدها من الفوائد في أدنى مستوياتها ويعتقد المؤمنون بجدارة السوق ضمنياً أن هذه
الأهداف تنسجم كلياً مع المصلحة العاملة