;

الانفتاح المالي دخول في حلف خداع .."الحلقة «35» 892

2009-11-01 05:29:55

العولمة
بشكلها الراهن وقواعدها المعاصرة. . مشروع أميركي لا يستثنى من مكاسبه الكثير من
البلدان النامية والغالبية العظمى من دول القارة الأفريقية فحسب، بل ويرمي إلى
العودة بالعالم إلى العصر الاستعماري وترسيخ الهيمنة على خيرات الشعوب، من خلال
السيطرة على الموارد البترولية في العالم والهيمنة على حقوق براءات الاختراع
والملكية الفكرية، والتحكم بوسائل الاتصال الدولة،
واحتكار إنتاج البذور الزراعية المعدلة جينياً، باعتبار أن
احتكارها يمكن الولايات المتحدة الأمريكية من السيطرة على أنتاج المواد الغذائية في
العالم أجمع.
. يتناول هذا الكتاب تحليل قضية العولمة من منظور عقلاني شامل يحيط
بها من مختلف أبعادها ومن منظور إنساني إذ عالج الأبعاد المختلفة للعولمة وما
صاحبها من تدهور مستوى المعيشة وأتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء وتقليص دور
الدولة في مجال الخدمات، كما تتميز بالدفاع عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية
وحقوق الإنسان.
الكتاب الذي ترجمة الدكتور/ عدنان عباس علي والصادر عن المجلس
الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت قدم مؤلفاه "هانس بيتر مارتين
وهارالدشومان " وجهة نظر مختلف عما هو شائع من الأحاديث والأفكار الملتهية حول
العولمة والتي تدور الآن بين المثقفين العرب.
تطرقنا في الحلقة السابقة إلى أن
الانفتاح على النظام المالي العالمي يعني بالنسبة إلى الدولة المعنية الدخول في حلف
خداع فهو يفتح أمام الحكومات في بادئ الأمر المنافذ إلى رؤوس الأموال المتاحة في
العالم. .
الأمر الذي يعني أن الاستثمارات الحكومية لن تتوقف على حجم المدخرات
الوطنية فقط بل سيكون بالإمكان تمويلها بالقروض الأجنبية أيضاً.
وفي الحقيقة فإن
في هذا إغراء يصعب على أي حكومة طموحة الصمود في وجهه فالوحدة الألمانية أيضاً ما
كان بالإمكان تمويلها من دون المشتريات الأجنبية للسندات الحكومية فحصة الأجانب
الدين الحكومي الألماني قد فاقت اليوم الثلثان ولكن ومع هذا فإن هذه الدخول إلى
أسواق المال العالمية فادح الثمن إنه يشتري بالخضوع لقانون تدرج معدلات الفائدة
والاستكانة لقوى ليس لدى معظم الناخبين تصور عنها إلا بالكاد وفي بناية تفتقد
العناصر الجمالية وتتكون من أحد عشر طابقاً وتقع في " Churchstreet " رقم 99 في
نيويورك تقيم أكثر هذه الوكالات المجهولة الهوية والعاملة في خدمة القوة العالمية
الجديدة سوق المال تأثيراً ففي ظلال برجي مركز التجارة العالمي يعمل وبرواتب مغرية
"300" محلل لدى أكبر وأكثر وكالات تقييم الاستثمارات رواجاً في العالم وفي أعلى
البوابة ثمة نقش كتب بحروف مذهبية وعلى مساحة تزيد على اثني عشر متراً مربعاً يوضح
أهداف وفلسفة هذه المؤسسة إذ جاء فيه القرض الاستثماري من ابتكارات الحداثة ولا
تستحقه إلا الأمم الذكية والمحكومة بأرشد السبل.
إن القرض هو عصب الحياة بالنسبة
إلى نظام التجارة الحرة الجديدة فمشاركة في زيادة ثروة الأمم فاقت مشاركة مجمل
مناجم "الذهب" في العالم وتتوارى خلف هذا الإعلان العقائدي الحماسي أجواء من القوة
والسرية نادرة المثيل ولربما لم يكن هناك مكان آخر في العالم.
يصون هذا الكم
الهائل من الأسرار عن الكثير من الدول والمشاريع فلا يجوز للزائر مهما كانت منزلته
الدخول إلى مكاتب العاملين فبأدب وتحفظ يطلب من الزوار الانتظار في قاعة الاستقبال
المغطاة بالسجاد أما المقابلات والمفاوضات فلا تجري إلا في صالات الاجتماعات
الأنيقة الواقعة في الطابق الحادي عشر وفي البداية أوضح فينست تروجليا نائب مدير
هذه المؤسسة التي ترجع بداياتها الأولى إلى مطلع القرن ما لا تريد أن تكون مؤسسة
موديز: كلا إننا لا نعطي تقييماً عن أمم برمتها وتعييمنا لا يتضمن جوانب أخلاقية
ولا يفصح عن شيء حول القيمة الحقة لبلد ما، كما أننا بالنظر إلى الواقع الفعلي
تتراوح هذه التأكيدات بين التواضع في التعبير والرياء والنفاق وذلك لأن " Truglia "
هو مدير تصنيف الأمم لدى موديز أي أن الوكالة تقوم بإشرافه هو نفسه بتصنيف دول
العالم بناء على ملاءتها المالية فدرجة " Aaa " لا تحظى بها إلا الطليعة المالية
كالولايات المتحدة الأمريكية واليابان ودول الاتحاد الأوروبي ذات الاقتصادات
المستقرة كألمانيا والنمسا وهكذا تعين على الترويج وهي البلد النفطي الإذعان وقبول
التصنيف الأدنى Aa وذلك لأن الاستثمارات هناك محاطة بمخاطر أكبر في الأمد الطويل
حسب تصنيف موديز.
أما ايطاليا البلد العظيم المديونية فقد توجب عليها الاقتناع
بدرجة " A " فقط وذلك لأنها مهددة بركود في المستقبل، ولم يحصل بولندا إلا على "
Baa " وهو تصنيف رديء في الواقع وهذا ليس بالشيء العجيب ما دامت الوكالة لا تتوقف
للمستثمرين هناك سوى الحصول على ضمانات مالية مناسبة فقط، أما في المجر فإن الحصول
حتى على مثل هذه الضمانات هو أمر "مشكوك فيه" ولذا فإنها لم تمنحها سوى تصنيف من
فئة Ba فحسب.
وفي الواقع فإن لهذا التقويم أهمية كبيرة فالموظفون المكلفون بشراء
الأوراق المالية لصناديق الاستثمار والمصارف سيطالبون وراء للمخاطر بأسعار فائدة
أعلى على سندات الدين الحكومية كلما كان التصنيف أسوأ وموديز هنا هي في وقت واحد
السوق وذاكرته التي لا تنسي أخطاء الحكومات أبداء ولا تغتفر لها هذه الأخطاء إلا
بعد مضي عشرات السنين. .
فالأرجنتين مثلاً لا تزال إلى الآن تئن تحت وطأة درجة
التصنيف "B" وذلك لأنها كانت فيما مضى من الزمن قد عاشت فوضى سياسية مالية جلبت لها
معدلات تضخم من ثلاث خانات وجعلتها غير قادرة على تسديد ما بذمتها من ديون في الوقت
المناسب ولكن مع أن العملة الأرجنتينية قد غدت أكثر العملات استقراراً من أمريكا
الجنوبية اليوم حيث نجح المصرف المركزي من السنوات الخمس الأخيرة في الحفاظ على
ثبات سعر صرف العملة بالنسبة إلى الدولار ومع أن التضخم لم يعد يزيد على ماهو سائد
في الولايات المتحدة الأمريكية ومع أن البلد صار يئن تحت وطأة تحولات هيكلية
اقتصادية بفعل تطبيقه سياسة مالية صارمة نعم مع هذا كله لا تكافئ أسواق المال ما
يتحمله المواطنون من تضحيات من أجل استقرار قيمة العملة إذا لا تزال حكومة بونيس
أيرس تدفع حتى على سندات الدين الصادرة بالمارك الألماني أي بعملة يحظى سعر صرفها
بالاستقرار والثقة سعر فائدة يزيد بمقدار "8 ، 3" في المائة على ما تدفعه ألمانيا
الحائزة تصنيف Aaa. بالنسبة إلى Truglia والعاملين لديه ليس هذا كله سوى نتيجة
للتطبيق الصارم للمعايير الاقتصادية ومن هنا فإذا وجهت وزارة المالية في بلد ما
الدعوة إلى العاملين لدى موديز لزيارة البلد والإطلاع على الوضع المالي الحكومي فإن
موديز تشترط أن يسافر اثنان من عامليها على الأقل تفادياً لمحاولات الرشوة ولعله
تجدر الإشارة هنا إلى أنه يتعين على كل محلل أن يقدم شهرياً كشفاً باستثماراته
الخاصة إذا لا يسمح لأي واحد منهم باستغلال ما بحوزته من معلومات لم تنشر بعد في
مضارباته الخاصة كما أكد ذلك نائب رئيس مؤسسة موديز وبناء على ما تدعيه موديز فإنها
لا تعير أهمية لكل الضغوط الحكومية "إننا لا نراعي سوى مصلحة المستثمرين ولا شأن
لنا بالسياسة"، ومع هذا فإن النتائج ذات طابع سياسي لا مراء فتقويمات الوكالة يمكن
أن تكلف البلدان المعينة فوائد إضافية على القروض قد تصل إلى المليارات كما يمكن
لها أن تؤثر في الانتخابات الحكومية وأن تسيء إلى مشاعر العزة لأمم برمتها فحينما
انخفضت قيمة الدولار "10" الكندي في فبراير 1995 وصار يسمى الأسواق "بالبيزو
الشمالي" حاول رئيس الوزراء جين كرتين التصدي لهروب رؤوس الأموال وذلك من خلال
موازنة حكومية جديدة تضمنت تخفيضها في الإنفاق

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد