;

حين تنجب الأسواق صراعات تمزق الأمم .."الحلقة «38» 742

2009-11-04 03:29:23

العولمة
بشكلها الراهن وقواعدها المعاصرة. . مشروع أميركي لا يستثنى من مكاسبه الكثير من
البلدان النامية والغالبية العظمى من دول القارة الأفريقية فحسب، بل ويرمي إلى
العودة بالعالم إلى العصر الاستعماري وترسيخ الهيمنة على خيرات الشعوب، من خلال
السيطرة على الموارد البترولية في العالم والهيمنة على حقوق براءات الاختراع
والملكية الفكرية، والتحكم بوسائل الاتصال الدولة،
واحتكار إنتاج البذور الزراعية المعدلة جينياً، باعتبار أن
احتكارها يمكن الولايات المتحدة الأمريكية من السيطرة على أنتاج المواد الغذائية في
العالم أجمع.
. يتناول هذا الكتاب تحليل قضية العولمة من منظور عقلاني شامل يحيط
بها من مختلف أبعادها ومن منظور إنساني إذ عالج الأبعاد المختلفة للعولمة وما
صاحبها من تدهور مستوى المعيشة وأتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء وتقليص دور
الدولة في مجال الخدمات، كما تتميز بالدفاع عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية
وحقوق الإنسان.
الكتاب الذي ترجمة الدكتور/ عدنان عباس علي والصادر عن المجلس
الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت قدم مؤلفاه "هانس بيتر مارتين
وهارالدشومان " وجهة نظر مختلف عما هو شائع من الأحاديث والأفكار الملتهية حول
العولمة والتي تدور الآن بين المثقفين العرب.
أشرنا في الحلقة الفائتة إلى أنه
عندما لم تعارض الحكومة الإيطالية في عام 1992م تخفيض صرف الليرة لأسباب
بيروقراطية، تهكم العديد من الأساتذة الجامعيين والمضاربين بل كانت قد حمت بذلك ما
يزيد على المليون عائلة كانت قد عملت بنصيحة قدمتها لها المصارف فمولت مساكن سكنها
وشققها بقروض عقارية تحتسب بالإكيو أي بعملة حسابية غير متداولة عملياً، فعندما
أنهار نظام النقد الأوروبي انخفضت مداخيل هذه العائلات بمقدار الثلث مقومة بالإكيو
الأمر الذي كان يعني أن ما بذمة هذه العائلات من قروض عقارية قد أرتفع الآن إلى ما
يزيد على 30% وأن لم ترتفع قيمة مساكنهم حتى بمقدار ليرة واحدة. .
بهذا التطور
كان المضاربون يرمون هذه العائلات في أحضان الأحزاب اليمينية المنضوية تحت راية
"الحلف من أجل الحرية" هذا الحلف الذي كان فرعه المتطرف الفاشستي الجديد قد نصب
نفسه مدافعاً عن مصالح هذه العائلات المتضررة.
كما تسبب أسواق المال خلق صراعات
وتوترات في العلاقات بين الأمم يصعب التحكم فيها على نحو متزايد فسوق العملات
والسندات الذي يريد له الاقتصاديون المؤمنون بجدارة نظام السوق أن يكون محكمة عدل
عالمية فيما يخص شؤون المال يقضي بأحكام غاية في الظلم ولا يعترف بأي قانون وينشر
الفوضى الاقتصادية بدلاً من العدل والإنصاف.
فعلى سبيل المثال يفضل المهرولون
خلف الأرباح عادة الأمم الكبيرة اقتصادياً على الأمم الصغيرة بغض النظر عن الوضع
المالي للحكومة والحالة التي عليها الاقتصاد عامة فبلدان مثل أيرلندا والدنمرك
وتشيلي وتايلاند تدفع أسعار فائدة حقيقية تزيد بمقدار "2 %" لا لشيء إلا أنها بلدان
صغيرة ومن وجهة النظر العملية للسوق هناك ما يبرر هذه الحالة فكلما كان البلد أصغر
حجماً كانت مخاطر اللا تعثر على من يشتري منك السندات عند اندلاع أزمة ما أكبر
ويشرح كلاوس بيتر مورتيز المؤول عن العملات الأجنبية في المصرف الألماني حتى عام
1995 هذه المخاطر على النحو التالي"إن الأمر يشبه ما يحدث في دور السينما عندما
تندلع في إحداها النيران فالكل يحاول المغادرة إلا أن المخارج لا تسع الكل" ولذا
لابد من مكافأة "خطر المخارج هذا " exitrisk " بأسعار فائدة أعلى ولا ريب في أن هذا
المبدأ غير مبرر من وجهة النظر الاقتصادي الكلية لاسيما أنه يزيد من تكاليف
الاستثمار.
من ناحية أخرى فإن خوف الأمم الكبيرة من الأحكام التي تصدرها الأسواق
هو بلا شك أقل بكثير من خوف الأمم الصغيرة وتحتل الولايات المتحدة الأمريكية
المرتبة الأولى من قائمة الأمم المنتفعة من هذا الحقيقة فعلى نحو لا مثيل له في
العالم تمد الولايات المتحدة الأمريكية يدها إلى ما تدخر الأمم الأخرى من رؤوس
أموال فمنذ ما يزيد على عشر سنوات تظهر الإحصائيات الأمريكية عجزاً في ميزان
المدفوعات الأمر الذي يعني أن المستهلكين وقطاع المشروعات والحكومة يقترضون ككل
مبالغ من العالم الخارجي تفوق ما يقدمونه إلى الأسواق العالمية وبلغ هذا العجز منذ
1993 عشرة % من قيمة الناتج القومي الإجمالي بهذا فإن الولايات المتحدة الأمريكية
هي في النظرة النهائية أكبر مدين في العالم قاطبة ومع هذا لا يتعين على قطاع
المشروعات أو المقترضين الأمريكيين لأغراض البناء دفع أسعار فائدة أعلى عقوبة على
العجز في ميزان مدفوعات بلدهم فسعة السوق هناك تكفي بمفردها لأن تجعل الاستثمار
بالدولار يحتل المرتبة الأولى في ما لدى دول العالم من احتياطي بالعملات الأجنبية
فهو يشكل "60%" مما لدى المصارف المركزية من احتياطي بالعملات الأجنبية كما أن ما
يقرب من نصف المجموع الكلي لمدخرات الأهالي هو أساساً بالدولار فالمزارع الصيني
والعاملة الروسية أيضاً يدخران ما يفيض على حاجتهما بالدولار وأن كان الناتج القومي
الأمريكي أقل من خمس الإنتاج العالمي من هنا فإن كل الحكومات الأمريكية على ثقة في
نصف سكان المعمورة سيقف إلى جانبها عندما يتعلق الأمر باستقرار عملتها.
الدولار
سلاحاً ومهما كانت الحال فإن الأمر الذي لاشك فيه هو أن حالة عدم التوازن المثيرة
قد جعلت مصير نواحٍ كثيرة من الاقتصادي العالمي يتوقف على ما ينتاب الاقتصاد
الأمريكي من تطورات فمنذ عام 1990 يلاحظ المتعاملون في الأسواق والاقتصاديون أن
التطورات في منطقة الدولار هي بمفردها التي تقرر في نهاية المطاف تطور أسعار
الفائدة في العالم فعلى سبيل المثال كانت كل المؤشرات تؤكد في ربيع عام 1994 على
تراجع النشاط الاقتصادي الأمر الذي كان يتطلب حسب العرف الاقتصادي وبناء على
تراجع الطلب في القروض تخفيضاً ملموساً في أسعار الفائدة لما لذلك من أهمية
أساسية في تشجيع الاستثمارات إلا أن الاقتصاد الأمريكي كان يعيش حالة نمو متزايد
وكانت أسعار الفائدة هناك قد ارتفعت على نحو انفجاري ومفاجئ وفي الحال أمر ينطوي
على "سم بالنسبة إلى النشاط الاقتصادي" حسب مصطلح كهنة الاقتصاد وعندما هوت ألمانيا
بعد عام ونصف العام في حالة ركود اقتصاد من جديد تكررت المسرحية ذاتها ثانية وفي
وقت كانت فيه المصانع الأمريكية تعمل بأقصى طاقاتها الإنتاجية ولم يجد نفعاً أيضاً
خفض سعر الفائدة القيادي الذي يحدده المصرف المركزي الألماني منذ 10 سنوات إلى أدنى
حد.
حقاً لقد أقرض المصرف المركزي الألماني المصارف التجارية قروضاً بمقدار حطم
الرقم القياسي وتمكنت بذلك المشروعات من الحصول على قروض زادت في عام 1995 بمقدار
"7%" على ما كانت قد اقترضته في العام السابق لذلك العام إلا أن هذه القروض
المتدنية الفائدة سرعان ما وجدت طريقها إلى أسواق أجنبية ذات ربحية أعلى ويقيم
هلموت هسه عضو مجلس إدارة المصرف المركزي الألماني الأمر فيقول بكل واقعية وأسف:
"لقد فقدت المصارف المركزية القدرة على تخفيض الفوائد بصورة مستقلة".
وتمنح
هيمنة منطقة الدولار القائمين على توجيه السياسة المالية والنقدية قوة تجعلهم
ينتهجون على نحو متزايد سياسة تفضي إلى التصادم مع أمم أخرى ومقياس موازين القوى في
الحرب المستترة والدائرة من أجل الهيمنة المالية هي بلا ريب أسعار صرف العملات
فعندما فقد الدولار "20 %" من قيمته إزاء الين والمارك في الأشهر الأربعة الأولى من
عام 1995 تسبب هذا الحدث في نشر الفوضى في الاقتصاد العالمي وفي اندلاع ركود في
أوروبا واليابان من جديد وكان إستراتيجيو المحافظ الاستثماريين قد ذعروا من هذا
التطور فراحوا يتحولون باستثماراتهم صوب المارك والين إثر ذلك لم ينخفض الدولار
أيضاً إزاء الفرنك السويسري والمارك الألماني

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد المياحي

2024-09-21 22:40:48

عن سبتمبر

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد