دولة في العالم، تحترم نفسها وتسمح لأحد بالتدخل في شؤونها الداخلية، ولا توجد دولة
أي دولة تقبل أن يهددها أحد بالعبث في سياساتها، أو بالتلويح لها بأي نوع من
التهديد، فما بالنا وأن العبث يطال العقائد، ويحاول استخدامها لتحقيق مصالح شخصية
أو جلب الأضواء ودغدغة مشاعر البسطاء.
ولهذا، كان موقف المملكة بالأمس واضحاً ولا لبس فيه، ويتلخص في عدم السماح
لأي جهة كانت بتعكير صفو الحج، أو العبث بأمن الحجيج ومحاولة شق الصف الإسلامي، أو
انتهاز فرصة التواجد في المشاعر المقدسة لأداء ركن مقدس من أركان الإسلام، لتسييس
المناسبة.
هذه الرسالة، التي تعي جيداً مقاصد الدين وغايات فريضة الحج الشرعية،
تشير بما لا لبس فيه، إلى هؤلاء الذين لا يتورعون عن خدمة أهدافهم وأطماعهم، بأي
شكل من الأشكال، دون مراعاة لقدسية فريضة، أو لحرمة مكان، وذلك للتغطية على فشل
داخلي ذريع، وللتعمية على حرج سياسي عاشوه في الأشهر الأخيرة، إضافة أيضاً إلى سوء
علاقات وإشكاليات مع العديد من دول العالم.
محاولة تصدير «المشاكل» تلك، ليست
إلا هروباً باسم الدين، يحلو للبعض ممن ينتسبون للإسلام، ممارسته، وهي محاولات لا
تختلف كثيراً عمّا تطبقه دولة عدوانية كإسرائيل، تنزع باستمرار لجعل أي معركة في
غير أرضها، صحيح هناك فارق بين السياستين، لكن النتيجة لا تختلف كثيراً، فالحاخامات
الذين يبحثون طرد فيروس أنفلونزا الخنازير عبر حلقات دعاء في طائرات تجوب سماء
الدولة العبرية، لهم من يماثلهم على الأرض، من أولئك الساعين لاختلاق مواقف، أو
لتأزيم علاقات شعوب، وتوتيرها عبر ذرائع بعيدة تماماً عن صحيح الدين.
مقابل ذلك،
لسنا في حاجة للتأكيد، بأننا قادرون على فرض ما تمليه مصلحتنا باعتبارنا أصحاب
السيادة التي لا تقبل نقاشاً، وباعتبارنا المؤتمنين على المكان وقدسيته، وباعتبارنا
لا نخضع في أحكامنا لأهواء انتخابية، أو احتجاجات شعبية، ولا يعنينا على الإطلاق،
ما يقولون وما يرجفون، ولأننا نتعامل بإجماع الأمة الإسلامية لا من خلال نزغات
طائفية أو عنصرية.
نحن نؤمن بأن الحج فرصة لتآلف القلوب، وأنه على المسلمين في
هذا الزمان والمكان، أن يبحثوا عما يجمعهم، ويؤلف بينهم، لا يستمعون لأي دعاوى
باطلة ورخيصة، تحاول تسييس الحج، وتحويل ما هو شرعي لخدمة ما يخضع للهوى، وهذا ما
نرفضه تماماً، ولا يمكن أن يتحقق على هذه الأرض المباركة، لن نقبل لأن تكون
مقدساتنا محطة تجارب لمن فشلوا في إدارة أنفسهم، ولن نسمح أبداً لأي كائنٍ. .
من
كان بالعبث في عقيدتنا أو اللعب بالنار. .
وحدهم سيتحملون ثمن الفتنة، لعن الله
من أيقظها!.