السامرائي
انتقام إيراني من الرئيس علي عبد الله الصالح لإرساله لواء متكاملا من قواته (لواء
العروبة) للقتال إلى جانب القوات العراقية لعدة سنوات خلال حرب السنوات الثماني، أو
لاستضافته عددا كبيرا من النخب العراقية ومن أجبرتهم عمليات التهجير على ترك
ديارهم.
فقد حاولت مقرات تصدير أفكار التخلف الخمينية التأثير على الأمن الخليجي
بدفع جماعات التخريب إلى دوله
مباشرة، ومن خلال الجاليات الإيرانية التي انقلبت عليهم، وبواسطة المخدوعين والسذج،
وعبر الفضائيات المتعددة التي تبث ثقافة الفتنة والتحريض.
وفشلت في إحداث
اختراقات مهمة بسبب انتباه الأجهزة والمؤسسات والقيادات الخليجية.
فدفعها الفشل
إلى البحث عن خيارات ومسالك أخرى للتأثير على الأمن الخليجي تحديدا والإقليمي
عموما، فوجدت في ظروف اليمن وموقعه الاستراتيجي فرصة لإرباك المنطقة.
وحاولت
قيادات زمر الشر التغطية على نياتها وتحركاتها السرية، بزيارة رسمية لرئيس البرلمان
إلى صنعاء في شهر مايو/أيار الماضي ولقائه الرئيس اليمني، وإرسال سفينتين بحريتين
إلى خليج عدن تحت غطاء حماية سفنها التجارية من القراصنة.
وربما كانت مهمتها
تكوين قواعد متحركة لتهريب السلاح إلى المتمردين على شاكلة عمليات القرصنة.
وكان
الأخ رئيس تحرير «الشرق الأوسط» أول من سلط الضوء على ذلك ونبه إلى خطورته بمقاله
(الجنبية يا فخامة الرئيس).
القتال الدائر حاليا شمال اليمن ليس نشاطات عصابات
تقوم بها مجموعات صغيرة هنا وهناك، بل عمليات مجابهة واسعة لم تخف حدتها، كما
يفترض، على مدى ثلاثة أشهر.
ومثل هذه الاستمرارية في شدة العمليات لا يمكن أن
تحصل لولا استناد المتمردين إلى تكديس كبير للسلاح والعتاد، ودعم لوجستي مستمر،
ووجود خبرات تخطيط، وتوافر دعم مالي.
أما ما تقدمه التعقيدات الطبيعية للأرض
فيعتبر عنصرا إضافيا وليس السبب الرئيسي في إطالة أمد المجابهة عندما تكون بهذه
السعة.
ما يجري في اليمن يمكن وصفه بعملية التفاف واسعة تستهدف أمن الخليج
وتكوين قواعد تخريب من المتمردين وتنظيم (القاعدة) للعمل في شرق أفريقيا
والخليج.
فهذه المنطقة أكثر أهمية استراتيجياً من لبنان وغزة وغيرهما، والنجاح
في خلخلة أمن اليمن يشكل مرحلة خطيرة لمصلحة المشاريع التوسعية الإيرانية، التي لم
ينفك المتحجرون المتخلفون عن السعي لتحقيقها.
العارفون بطرق تفكير وممارسات
وأساليب عمل أجهزة التخريب الإيرانية وفي مقدمتها فيلق القدس، ليسوا في حاجة لإضاعة
الوقت لتجميع المزيد من الأدلة، فهذه الأجهزة أصبحت الذراع الأكثر خطرا لتصدير
أفكار الخمينيين بإثارة الاضطراب، خصوصا بعد فشل أجهزة الحرب النفسية في التأثير
على الرأي العام العربي تحديدا والإقليمي عموما.
وما وسائل الدعم التي تقدم باسم
الحوزات للمتمردين والمشاغبين إلا جزء من نشاطات تصدير الفتنة، ومصادرها الرئيسية
هي الأموال والإمكانات الضخمة ذاتها الموضوعة تحت تصرف قائد فيلق القدس.
ويتضح
من سلوك المتمردين والذين يقفون وراء نشاطاتهم وجود مخطط لإظهار صراع ديني مذهبي لا
وجود له إلا في مخيلة الخمينيين.
وكلما مضوا في غايتهم وبقيت الدول المعنية غير
مبالية وعاجزة عن اتخاذ خطوات رادعة تزداد المعطيات تعقيدا باستفحال عناصر
الشر.
وقد جاء الرد السعودي قويا في المكان والزمان بعد أن تجاوز المتمردون على
الشريط الحدودي وقد يكون جزء منهم من القاعدة، وسيكون عنصر حسم قويا تجاه محاولات
توسعة رقعة التخريب.
وكثير من حالات انهيار التخريب تعود إلى تجاوز المحرمات
والأخذ بتوجيهات لها مآرب أخرى، فيقع المنفذون في ورطة تؤدي إلى وضعهم في موقف
الانهيار الحتمي.
الرد على مخططي ومحرضي الشر في مقرات الإرهاب ينبغي أن يكون
شاملا سياسيا واقتصاديا وأمنيا واستخباريا ونفسيا..الخ.
وينبغي عدم التعاطي مع
ذيول الخمينيين، بل مقاطعتهم وتضييق فرص تحركهم أينما كانوا ضمن المحيط العربي
والإقليمي.
وهذا يتطلب وجود خطط متفق عليها من قبل الدول العربية المعنية بتفاهم
مع الغرب، وأن تتخذ الجامعة العربية موقفا صارما حيال التدخلات الإيرانية يرتقي إلى
مستوى مقاطعة نظام الخمينيين وذيوله مقاطعة شاملة.
فخطوة كهذه لن تترك أثرا
إيجابيا فعالا على المستوى العربي فحسب، بل ستعزز الموقف الدولي لمنع حيازة قوى
الفتنة سلاحا نوويا.
ومن الضروري أن تقدم الدول العربية مساعدات مالية عاجلة
سرية أو علنية للمساهمة في إعادة استقرار اليمن وتنميته، ومطلوب من القيادة
اليمنية، التي أثبتت توازنا استراتيجيا واضحا، زيادة حرصها على الشفافية في التعامل
مع توجهات الإصلاح السياسي، وتبني لغة الحوار مع المعتدلين، وتعزيز مراعاة حقوق
الإنسان وحماية المدنيين بأقصى طاقة من آثار النشاطات المسلحة كموقف مبدئي أصيل
ولتفويت الفرصة على دعايات السوء، ويبدو أن الحسم العسكري بات قريبا.