;

وترضى المدن أخيراً بالإفلاس ؟؟"الحلقة «46» 822

2009-11-14 04:53:38

العولمة
بشكلها الراهن وقواعدها المعاصرة. . مشروع أميركي لا يستثنى من مكاسبه الكثير من
البلدان النامية والغالبية العظمى من دول القارة الأفريقية فحسب، بل ويرمي إلى
العودة بالعالم إلى العصر الاستعماري وترسيخ الهيمنة على خيرات الشعوب، من خلال
السيطرة على الموارد البترولية في العالم والهيمنة على حقوق براءات الاختراع
والملكية الفكرية، والتحكم بوسائل الاتصال الدولة،
واحتكار إنتاج البذور الزراعية المعدلة جينياً، باعتبار أن
احتكارها يمكن الولايات المتحدة الأمريكية من السيطرة على أنتاج المواد الغذائية في
العالم أجمع.
. يتناول هذا الكتاب تحليل قضية العولمة من منظور عقلاني شامل يحيط
بها من مختلف أبعادها ومن منظور إنساني إذ عالج الأبعاد المختلفة للعولمة وما
صاحبها من تدهور مستوى المعيشة وأتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء وتقليص دور
الدولة في مجال الخدمات، كما تتميز بالدفاع عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية
وحقوق الإنسان.
الكتاب الذي ترجمة الدكتور/ عدنان عباس علي والصادر عن المجلس
الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت قدم مؤلفاه "هانس بيتر مارتين
وهارالدشومان " وجهة نظر مختلف عما هو شائع من الأحاديث والأفكار الملتهية حول
العولمة والتي تدور الآن بين المثقفين العرب.
تطرقنا في الحلقة السابقة إلى أن
إحدى مدن ولاية "كاليفورنيا" تعين عليها إشهار الإفلاس حيث أضحت خزينتها التي كانت
ممتلئة بالمال تعاني نقصاً يبلغ ثلاثة مليارات دولار. .
لقد نزف القطاع المالي
على المستوى العالمي وتبددت أموال زبائنه، فالخسارة في قيمة استثماراته الطويلة
الأجل كانت قد فاقت الخسائر السنوية التي كانت قد تكبدتها منذ نهاية الحرب العالمية
الثانية فهناك ما يزيد على ثلاثة آلاف مليار دولار كانت قد ذهبت أدراج الرياح ولم
يبق لها أي أثر والأمر العجيب هو أنه لم يكن هناك أحد يدري بما حدث أصلاً.
وفي
المركز الرئيسي للمصرف المركزي الأمريكي في نيويورك الكائن شارع Liberty عقدت
مجموعة من الاقتصاديين العزم على تتبع أثر المليارات المتوارية عن البصر، لقد
قادتهم تحرياتهم لدى المتعاملين بالمال إلى اكتشاف لم يكن يخطر على البال: أن أصل
الفزع العظيم الذي عم سوق السندات الحكومية Bonds يكمن في التعامل بالقروض
العقارية.
فخلافاً لما هو سائد في ألمانيا في مستطاع المواطن في الولايات
المتحدة الأمريكية الذي بذمته قرض عقاري فسخ العقد متى يشاء إذا رأى أن السوق بمنحه
هذا القرض بأسعار فائدة أدنى من أسعار الفائدة المتعاقد عليها مع المصارف العقارية
ولمواجهة هذا الخطر تحتاج المصارف العقارية التي تمول عملياتها بمادة من خلال إصدار
سندات دين تبيعها في أسواق المال بأن تقوم ببيع أورقة مالية ثابتة الفائدة في أسواق
المال ألآجلة، أي أنها تقوم بالتعاقد على بيع هذه الأوراق المالية في يوم يتحدد
الآن، ويحين أوانه في المستقبل فإذا انخفض سعر الفائدة وقام المقترضون بفسخ العقد
مع المصارف العقارية والاقتراض من طرف آخر يطلب سعر فائدة أدنى فستعوض عندئذ
الزيادة الحاصلة في أسعار الأوراق المالية المتفق على بيعها في المستقبل الأرباح
التي خسرها المصرف العقاري من جراء فسخ القروض العقارية وكانت المعاملات الناجمة عن
فسخ القروض العقارية والتحول إلى جهات إقراض أخرى قد بلغت حجما عظيماً في السنوات
التي انخفضت فيها الفوائد فقد كانت القروض المستدانه من المصارف العقارية قد أوضحت
قصيرة الأجل فقط، الأمر الذي دفع المصارف العقارية إلى أخذ الحيطة وذلك من خلال
الدخول في عمليات بيع مستقبلي للأوراق المالية قصيرة الأجل أيضاً، أي أنها صارت
تتعاقد على خيارات قصيرة الأجل فقط وكانت الأسواق قد انهارت بعد ما أعلن المصرف
المركزي الأمريكي الزيادة الطفيفة في سعر الفائدة القيادي، فعلى نحو مفاجئ راح
المسيرون لسوق القروض العقارية العظيمة الحجم في الولايات المتحدة الأمريكية يبيعون
في السوق ألآجلة وعلى نحو واسع جداً سندات دين حكومي طويلة الأجل أي سندات يحين
موعد استحقاقها بعد خمس سنوات أو أكثر وكان هذا التطور أمراً لم يخطر على بال
المصرف المركزي الأمريكي ولا على بال المصارف التجارية فحتى ذلك الحين لم يكن يعرف
عن العلاقات بين التعامل بالقروض العقارية وسندات الدين النزر اليسير ومهما كانت
الحال.
فقد تسببت هذه الزاوية الخفيفة في السوق باندلاع حركة بيع للسندات نجم
عنها انخفاض متسارع في أسعار هذه السندات وكان هذا التطور قد عم الآخرين أيضاً، في
خلال ساعات وجيزة كان قد ظهر على شاشات الكمبيوتر في صالات البورصات العبارة
المرعبة Signal Loss Stop التي تعني أنه قد تعين الآن على المستثمرين الآخرين
أن يبيعوا ما بحوزتهم من سندات وذلك لأن السعر السائد قد بلغ أدنى سعر يطالبون به
أو قد صار أدنى منه وهكذا تعين على هؤلاء أيضاً أن يبيعوا ما في حوزتهم وعلى هذا
النحو أخذ التيار يجرف الجميع وصار يقوي ويستفحل من جراء ما لحقه من نمو وتعميق، إذ
كانت قد اندلعت موجة بيع شملت العالم من دون مقدمة على هذا النحو تسبب فرع من فروع
التيار العظيم في سوق رأس المال لم يكن في الحسبان حتى ذلك الحين في انطلاق سيل
عارم من عقاله فهاهي خطوة بسيطة يتخذها المصرف المركزي الأمريكي تؤدي إلى ما يكاد
يكون انهياراً كلياً وتبين الأزمة التي عصفت بالسندات في عام 1994 على نحو لا مثيل
له في السابق المخاطر المحيطة بالقطاع المالي من جراء أحداث وردود فعل لا يمكن
التنبؤ بها أبداً ويعود عدم اليقين السائد في عالم المال المستخدم للتقنية العالمية
" Tech High " إلى التعامل بالمشتقات بالدرجة الأولى فإذا كان تحرير تنقل رأس
المال قد أدى في الثمانينيات إلى إزالة الحدود بين الأسواق الوطنية فإن التعامل
بالمشتقات في التسعينات قد ذهب بإزالة الحدود هذه إلى حد أبعد.
"فالمشتقات" كما
يؤكد رئيس المصرف الألماني/ Deutsche Bank هيلمار كوبر بكل فرح وسرور "تجعل كل
أسواق رأس المال نظائر يمكن استبدال بعضها بالبعض الآخر كما أنها تحول القروض
الطويلة إلى قروض قصيرة الأجل والقروض القصيرة الأجل إلى قروض طويلة الأجل إنها
تحقق ما كنا نحلم به فقط في الماضي، ولكن أيعني هذا التطور تحقق الأحلام الوردية
فعلاً أم تحقق الكابوس الذي كان يرعبنا في أثناء النوم؟ لا مراء في أن أسواق المال
قد ترابطت كما لو كانت شبكة مياه في مدينة ما، لكن الحقيقة التي لا شك فيها أيضاً
هي أن قياس هذه الترابطات والعلاقات قد صار من يوم إلى آخر أكثر صعوبة وتعقيداً
فتجارب الأمس يمكن إلا يكون منها جدوى في الغد كما لم يعد أبداً في مقدور
المتعاملين أنفسهم احتساب قيمة صفقاتها فلكي يكون في استطاعتهم المتاجرة بأدواتهم
المالي المتنوعة أضحى بهلوانين المال في حاجة إلى برامج كمبيوتر يثقون بها ثقة
عمياء في احتساب ما تنطوي عليه معاملاتهم من مخاطر.
أن جودة هذه البرامج هي التي
تقرب ما تنطوي عليه المعاملات من أرباح وخسائر تبلغ المليارات وكما يؤكد المسؤول عن
المشتقات في مصرف ألماني خاص تحتوي محفظته على آلاف من الاتفاقيات المحتملة التي
بإمكانه التعاقد على إحداها تبعاً لما يفرزه المستقبل وبتفاخر واعتزاز يشيد
ببرنامجه الذي يظهر له في كل حين القيمة الكلية لمجمل عقوده فمن دون انقطاع يحتسب
الكمبيوتر التغيرات التي تطرأ على هذه القيمة إثر المعلومات الجديدة التي تصله من
عشرات الأسواق "فههنا" هكذا قال وهو يومئ بسبابته إلى أحد السطور المائة التي تظهر
على شاشة الكمبيوتر "أرى ما إذا كنا نربح الآن أم لا ففي كل يوم لا تتغير فيه
الفوائد نخسر ألف مارك وانخفاض في أسعار الفائدة لا يزيد على نقطة مئوية واحدة:
يحقق لنا ربحاً قدره "70" ألف مارك ولا ريب في أن الشرط الأساسي لهذا كله هو أن
يعثر كل ما هو قابل للبيع نظرياً على مشترٍ في السوق.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد المياحي

2024-09-21 22:40:48

عن سبتمبر

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد