الحلقة السابقة إلى احتمال وقوع أكبر كارثة في النظام المالي في نيويورك وقد لوحظت
الطاقة القاتلة الكامنة في إتلاف أدوات مالية جديدة مع أحدث أساليب التقنية العالية
في التعامل..
فهذه كلها يمكن أن تساعد على اندلاع ردود فعل مدمرة،فالمخاطر التي
تنطوي عليها أسواق المال العالمية أضحت اليوم أشد خطراً على الاستقرار من الأسلحة
النووية.
نائب رئيس مكتب الرقابة
الاتحادية لشؤون القروض أكد أن ما حل بمصرف "بارينجز" ليس سوى حدث بسيط وأن الطاقة
الكبرى ستحل فيما لو عصفت الكارثة بأحد اللاعبين الدوليين.
وبالتالي فإن إنهيار
واحدة من هذه الحلقات المركزية" يمكن أن يسبب على نحو مفاجئ محنة عظيمة للشبكة
المالية برمتها" من هنا فإن المطلوب تحقيقه بناء على ما يقوله SANIO هو "مكتب رئيسي
للإفصاح يتعين إبلاغة بمعاملات المشتقات الكبيرة اقتداء بالنهج المتبع على المستوى
القطري فيما يخص القروض الكبيرة فهذه الطريقة فقط يمكن التعرف في الوقت المناسب على
ما يتراكم في الأسواق من مخاطر عظيمة ويواصل SANIO حديثه: مشيراً إلى أن التحرك في
هذا الاتجاه قد صار أمراً حتمياً ويطلب السرعة في العمل وحتى عملاق المال GEORGE
SOTOS نفسه يدعو إلى الحيطة واتخاذ الحذر وقد كان هو ذاته واحداً من أكبر الرابحين
في المعاملات المالية المتسارعة والعابرة للحدود فقد أكد في يناير من عام 1995
وأمام حشد اشتمل على ثلاثة آلاف مستمع من كبار ذوي الشأن في عالم المال والصناعة
والسياسة الدولية ضمهم المنتدى الاقتصادي العالمي على أن النظام المالي لا تتوافر
له مقومات الوقوف في وجه أزمات كبيرة وأنه سيكون معرضاً للإنهيار فيما لو عصفت به
أزمة جديدة ويا للعجب فعلى الرغم من كل هذه التحذيرات لم يحدث تغيير يستحق الذكر
إلا بصعوبة، ففكرة إنشاء مكتب رئيسي للإفصاح اختفت من النقاشات لاختفاء فكرة سن
قوانين أكثر صرامة بدلاً من هذا راحت سلطات الرقابة على المصارف في أسواق المال
الكبيرة تتنازع عبر مالديها من هيئة تنسيق حول بنك التوصيات التي يتعين بها احتساب
مخاطر المعاملات وفي نهاية المطاف انتهى النزاع في ديسمبر من عام 1995 وذلك
بالاتفاق على تعليمات غير ملزمة تترك للمصارف الحرية لأن تقدر بنفسها حجم المخاطر
مع الرجاء بأن تأخذ نتيجه تقديراتها وتضربه في ثلاثة لتعلم من ثم مقدار رأسماله
الخاص الذي ينبغي لها أن تواجه به هذه المخاطر.
ولا ريب في أن هذه التوصية التي
يراد بها أن تكون قانوناً نافذاً بعد ثلاث سنوات قد هدأت الخواطر لحين من الزمن إلا
أنها وبكل تأكيد ليست وسيلة فعاله فقط ويعترف بهذه الحقيقة حتى EDGER MEISTET نفسه
المدير المسؤول في قسم الرقابة على المصارف لدى المصرف المركزي الألماني ففي محاضرة
له ألقاها في "الحلقة الأوروبية المستديرة حول إدارة المخاطر".
عقدت في منطقة
مرتفعات TAUNUS في يناير 1996 راح يكشف للخبراء المختصين بشؤون المخاطر في القطاع
المالي العشرات من عيوب حساباتهم في تقييم المخاطر فالكثير من الطرق المتبعة تشمل
"على فرضيات جد مبسطة" ولا تأخذ بالحسبان "التغيرات الكبيرة" التي تطرأ على أسعار
الصرف وترتكب خطأ رؤية المستقبل بمنظور الماضي" وتكاد تهمل مشكلة الاختناقات في
السيولة على الرغم من أهمية هذه المشكلة كما أثبتت الحالة التي عصفت بمصرف BARINGS
وشركة METALLGESE بعبارة أخرى يفشل التقييم الذاتي للمخاطر هناك على وجه الخصوص حيث
يكون المرء في أمس الحاجة إليه في التغيرات المفاجئة والكبيرة ويؤكد على هذه
الحقيقة THOMAS FISCHER أيضاً الذي كان حتى صيف عام 1995 هو المسؤول عن التعامل
بالمشتقات لدى المصرف الألماني فحسب ما يقوله هذا التاجر الذي حنكته التجربة "فإن
العاقبة تشتد سواء حينما لا يكون في مستطاع أحد سبرغور حقيقة ما يحدث".
وذلك لأن
الجميع سيفضلون البيع ومن ثم قلة قليلة فقط سترغب في الشراء، الأمر الذي يؤدي إلى
أن تصبح السوق معسرة لا تتوافر على السيولة "في مثل هذه الحالات لا تجدي نفعاً كل
الحسابات ففي ثلاث ثوان لا غير يصل المتعاملون إلى أعلى حد للخسارة الممكن لهم
تحملها ويتوقف التعامل كلياً".
ويتعمق خطر الانهيار في سوق المال من خلال عامل
ضعف جم المخاطر بالنسبة إلى النظام عامل غالباً ما يجري الحرص على التستر عليه: إن
التقنية الإلكترونية العالية التي تستخدمها السوق ليست في الكمال المطلوب أبداً
فإتمام المعاملات لا يجري في الواقع بالسرعة نفسها التي تتم بها الصفقات على مكاتب
المتعاملين وفي قاعات البورصات فالإجراءات القانونية التي تمنح الصفقة صفة الإلزام
القانونية وتسديد الحسابات المتعلقة بهذه الصفقات والنقل الفعلي" الدفتري" لملكية
الأوراق المالي إلى مشتريها الجدد نعم أن هذا كله لا يجريه الجمهور الغفير العامل
فيما يسمى "المكاتب الخلفية" إلا في وقت لاحق مستخدما أنظمةً تعمل خلافاً للأنظمة
التي يستخدمها المتاجرون بسرعة بطيئة لا تتناسب مع متطلبات قطاع في وسعه أن يدفع في
ساعات وجيزة العالم كله إلى هاوية الإفلاس.
وأهم وسيلة لدى هؤلاء العاملين هي
"الهيئة العالمية للإتصالات المالية بين المصارف" وتتوافر لهذه المنظمة أجدر شبكة
معلومات خاصة في العالم وزاد عدد المصارف المنظمة تحت لوائها على خمسة آلاف وتنظم
SWIFT عبر العشرات من فروع الاتصالات الإقليمية وحاسوبين كبيرين منصوبين في مناطق
سرية بالقرب من أمستردام وواشنطن نقل تحويلات يزيد عددها على خمسمائة مليون في
العام الواحد، الآن وههنا وباستخدام شفرة محكمة تضاهي المتطلبات العسكرية تتبادل
المصارف فيما بينها وبينها وبين زبائنها العقود الملزمة.