الداهية
وأزمانها وأيضاً فئاتها،ورغم هذه الاختلافات إلا أنها تظل في الأول والأخير مأساة
أو كارثة، تعلمنا أن الحروب تنتج الدمار والخراب والأوبئة وكذلك الفقر والذي بدوره
ينتج الجريمة بمختلف أقسامها الأخلاقية والثقافية والفكرية، إلى أن تصل إلى التطرف
والإرهاب، وهذا ما جعلته حكومات العالم وبالتحديد الحكومات العربية نصب أعينها
متجاهلة الدوافع والأسباب والمسببات التي تؤدي إلى ما تخشاه هذه الحكومات ، بعيداً
عن آثار الحرب الفعلية التي لا ننكر أن أثرها وصل أرجاء الوطن
اقتصادياً.
لكن هذا الأثر لا يبرر
مأساة أطفال أبرياء في عمر الزهور اعتدنا أن نرى مأساتهم ومعاناتهم منذ سنين ،
الأطفال المشردون، أطفال الشوارع، المتسولون ، والباعة المتجولون هؤلاء الأطفال
الذين وللأسف الشديد يزدريهم مجتمعنا وينظر إليهم بعين التهميش واللامبالاة حتى
أصبح المصطلح الرسمي والقانوني لهؤلاء الأطفال "المهمشون" أطفال لم تتجاوز أعمارهم
السادسة يبحثون بين وحوش هذا الزمن عن ما يسدون به رمقهم فتجدهم يجثمون أمام
المطاعم يراقبون بحرص إنتهاء زبائن هذه المطاعم من أكلهم وإشباع بطونهم لينقضوا على
ما تبقى من لقيمات تكرها زبائن هذه الأماكن، فتجد تلك الشراسة الفطرية التي تأتي
بدافع الجوع مصحوبة ببراءة أطفال تخلت عنهم أسرهم الفقيرة وتركتهم يتحملون مسؤولية
إشباع جوعهم طوال اليوم، هؤلاء الأطفال بالآلاف وفي كل مكان فإذا ما جئت لترى عن
كثب أسرة أحد هؤلاء الأطفال المهمشين فبمجرد أن تزور المكان الذي يأوي هذه الأسرة
تصعق وتتمنى لو كنت نسياً منسياً ، فقر مدقع، أب عاجز أو مريض أو مهاجر وأم تسكنها
أمراض عدة وفوق ذلك تحاول أن تساعد صغارها المتسولين في البحث عن ما تسد به رمقها
ورمق زوجها إذا كان متواجداً ويشكو مرضاً أو عجزاً فتفرض على صغارها مسؤولية
كوخهم.
أطفال آخرون يعيشون نفس الظروف بل أشد من ذلك فيتحملون مسؤولية سد رمق
أسرهم وآبائهم العاجزين هذا إن لم يكونوا مفقودين أو مهاجرين في بلاد المجهول،
مأساة الأطفال المهمشين لا نهاية لها وتحتاج إلى مجلدات من الكتب للتحدث عنها
ولكننا هنا نناشد حكومتنا ونحملها أمانة ما ذكرناه، وأيضا نقول لحقوق الإنسان وحقوق
الطفل، والجمعيات الخيرية التي باسم هؤلاء المساكين ، الذين يعيشون خارج إطار
الزمن، إن لم تعملوا بإخلاص على إنهاء هذه المأساة فساء ما صنعتم وما تصنعون وما
ستصنعون وليبشر كل من يتحمل مسؤولية هؤلاء ولم يكن عند المسؤولية والأمانة بالكارثة
التاريخية التي ستنتج عن هذه المأساة وعندها سيدرك الجميع كيف يأتي الإرهاب وتدمر
الأوطان.