الهاشمي
إستقراره وتهديد وحدته الوطنية ونشر الفوضى والفتنة الطائفية وصولا إلى إعادة
تقسيمه.
ولعل أخطر التحديات التي تواجه اليمن على صعيد الأمن القومي هما فتنتان:
الأولى: فتنة إحياء النزعات الإنفصالية وإعادة شطر اليمن الموحد إلى يمَنين
متناحرين.
والأخرى: فتنة التمرد
الحوثي المدعوم صراحة من ملالي إيران وأعوانهم في العراق ولبنان.
التصريحات
الأخيرة التي أدلى بها المسؤول الثاني في المجلس الأعلى الأسلامي في العراق
(والتابع لأيران) المدعو همام حمودي "وهو نائب في مجلس النواب العراقي ومسؤول لجنة
العلاقات الخارجية فيه" والتي دعا فيها إلى (فتح مقر لجماعة التمرد الحوثي في
العراق، مبررا دعوته الآثمة هذه بأنها رد على موقف النظام اليمني بإحتضانه عددا من
العراقيين من أعضاء قيادات حزب البعث ممن إعتبرهم حمودي "أزلاما" للنظام السابق،
والذين يسعون، وفق مصدر مقرب من حمودي، الى "تشكيل تنظيم معارض ينتهج سياسة العنف
ضد الحكومة العراقية والعملية السياسية القائمة منذ أبريل عام 2003".
ورغم أن
المتحدث بإسم مجلس النواب العراقي، حاول إضفاء الصفة الشخصية على تصريحات حمودي،
متناسيا أن همام حمودي هو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، كما أنه
الشخصية الثانية في الأئتلاف العراقي الشيعي الحاكم، وهو الشخص الثاني في "المجلس
الأعلى" الموالي كليا لأيران، ورئيس لجنة كتابة الدستور المسخ.
وإن تصريحات همام
حمودي، تضاف إلى تصرفات أخرى للنظام الأيراني في دعم التمرد الحوثي منذ بداياته،
وانكشاف أدوار خطيرة للسفارة الايرانية في صنعاء في دعم الحوثيين من خلال واجهتها
الرسمية (السفارة) او من خلال واجهاتها المصطنعة الأخرى هناك مثل "المركز الاعلامي
الايراني" و"المركز التجاري الايراني" و"المستشفى الايراني فرع الهلال الأحمر
الإيراني"، وغيرها من الواجهات المعروفة والتي تكاثرت بشكل مقصود في اليمن.
ومن
المعلوم للجميع أن التحقيقات اليمنية الامنية واعترافات المقبوض عليهم في التمرد
كشفت عن "دور ايراني واضح" في الدعم المالي وفي التسليح، فضلا عن الدعم المعنوي
والإعلامي، بل أن السفير الأيراني لا يتردد من أن يجعل طريقه لأداء مناسك العمرة أو
الحج عبر الطريق البري متقصداً المرور بمعقل الحوثيين (صعدة) ولكي يوصل اليهم الدعم
بالأموال شخصياً! وهذا ثابت في التحقيقات الأمنية.
كما يتجسد الدعم الايراني من
خلال إستدراج ايران للمئات من الطلبة اليمنيين (الشيعة وغير الشيعة) للدراسة
الدينية على نفقة الحكومة الايرانية في قم ومشهد، ومن ثم حشو اذهانهم وعقولهم
بالخزعبلات التفريقية وتجنيدهم لخدمة المصالح الايرانية في اليمن.
وقد ثبت أن
إيران تتحرك نحو المبتعثين اليمنيين للدراسة في العواصم العربية من أجل حثهم على
الدراسة مجانا في قم ومشهد، وتزودهم بوثائق سفر لكي لا يتم استخدام جوازاتهم
اليمنية ولا تعرف بهم السلطات اليمنية، ويعودوا بعد سنتين محشوين بالفكر المتطرف،
وعناصر جاهزة لتلقي أوامر المرجع في صعدة.
وسبق لرئيس البرلمان اليمني ان كشف
لوسائل الاعلام عن نشر مجاميع تكفيرية إيرانية أفكار مضللة قائمة على التطرف، فضلا
عن تغذية ودعم أعمال العنف.
وقال الأحمر في تصريحٍ :"إن هناك جماعات لها تواصل
مع الحوثيين وتسعى الى نشر أفكارها، الأمر الذي يشكل خطرًا على اليمن".
وكان
الرئيس اليمني علي عبد الله صالح قد أعلن أن "جماعة الحوثي" المتمردة تحصل على دعم
من "حزب الله" اللبناني.
وأضاف: "إن الحوثيين تلقوا خبرات في صنع القنابل
والألغام والذخائر من بعض الخبراء وبعض العناصر الذين ينتمون إلى "حزب الله" وأن
بعض عناصر الحوثية يذهبون إلى لبنان للتدرب وتلقي الدروس".
كما ثبت أيضا للأجهزة
الأمنية اليمنية وجود تحريض إيراني لعناصر من الجنوب لدعم حركة تمرد
انفصالية.
لقد كانت إيران ومازالت اللاعب الرئيس في نشر الفتنة في العراق، وكانت
الداعم الأكبر لأحتلاله، إذ صرح مسؤولون إيرانيون عن دور ايراني في اسناد غزو
العراق وتأمين متطلبات نجاحه، وها هو العراق اليوم يسبح في برك الدماء بسبب الحروب
الاهلية والطائفية الهوجاء واعمال العنف الأرهابية المدعومة من قبل ايران واعوانها
في العراق، واصبح العراق يعيش على بحر من الدماء بسبب العنف الطائفي الممول
والمدعوم ايرانيا.
اليوم يتكرر المشهد العراقي ذاته في اليمن، ومثلما قدمت
الولايات المتحدة العراق على طبق من ذهب الى ملالي إيران، ها هي اليوم تفعل الأمر
ذاته في اليمن من خلال غضها الطرف عن التآمر الأيراني على اليمن، وسعي ايران لتفكيك
وتقسيم اليمن، كما فعلت في العراق، من خلال استغلال الورقة الطائفية، وتنمية
المشاعر المذهبية والعرقية على حساب مشاعر الانتماء الوطني.
كما أن الدور
الأميركي واضح في إسناد التمرد الحوثي من خلال ماورد في تقرير حالة الحريات الدينية
في العالم الذي تصدره سنويا وزارة الخارجية الأميركية وتطرقت فيه بصراحة الى ما
وصفته "بأن السلطات الحكومية في اليمن تفرض شروطا على الشيعة لمنعهم من ممارسة
شعائرهم وطقوسهم المذهبية، واضطهادهم"! إذن من خلال ما ذكرنا يتضح لنا جليا أن هناك
مخططا تم إعداده بدقة من طرف إيران، مما يدلل على أن القضية لها إبعاد إقليمية
وأطراف خارجية تغذي هذا الصراع، على رأسها إيران التي تسعى جاهدة إلى إعادة مجدها
الفارسي في العالمين العربي والإسلامي، لكن هذه المرة ممثلاً في "إمبراطورية
طائفية" فهي تُسير مشروعها بالتحالف مع أميركا باستغلال الورقة الشيعية التي
استعملت ولاتزال تستعمل دائما كورقة للضغط على الأنظمة العربية والإسلامية لتمرير
مشروعهم، قضية الحوثيين ما هي إلا جزء من مخطط كبير يستهدف المنطقة ككل وتفكيكها
قطعة قطعة من اجل أحلام أميركية وأوهام صفوية.
وواهم من يعتقد أن الولايات
المتحدة الأميركية تختلف في أهدافها مع إيران وخصوصا أن أميركا اليوم باتت في حاجة
إلى إيران لانتشالها من المستنقع العراقي، وإيران في حاجة إلى الولايات المتحدة من
اجل تسهيل تحركها ليصبح الشيطان الأكبر اليوم صديقاً حميماً للشيطان الأصغر! إن
غاية الستراتيجية الإيرانية في اليمن ليس اسقاط النظام الس ياسي، بس بب قاعدته
الاجتماعية ومتانة مشروعيته السياسية، بل الهدف الرئيس يتمثل في تحقيق أمرين:
الأول: اس تخدام الأق ليات كوقود حرب تستنزف طاقة الجيش اليمني، والآخر: توفير فتيل
لفتنة مماثلة في بعض أجزاء المملكة العربية السعودية حماها الله من شر الفتن.
أن
مبدأ تصدير الثورة الإيرانية يقف وراء الحركة الحوثية، إضافة إلى العلاقة القوية
التي تربط ملالي طهران وقم، مع العائلة الحوثية في اليمن، والتي زادت بقوة بعد
الإقامة القسرية للعلامة بدر الدين الحوثي في طهران وقم، والتي هاجر إليها بعد خلاف
له مع عدد من علماء المذهب الزيدي.
ولم يعد إلى اليمن إلا بعد قيام الوحدة
اليمنية بعد وساطة عدد من علماء الزيدية لدى الرئيس علي عبد الله صالح.
إن
المطلوب من العرب أن يقفوا مع اليمن الواحد، لا أقصد دعم نظام الحكم، بل أقصد دعم
وحدة اليمن ومنع تجزأته وشرذمته، ويجب الوقوف بقوة ضد أطماع إيران ومؤامراتها، وإذا
ما تركت إيران تنفذ مخططاتها في اليمن فإن القادم أخطر وسيشمل الجميع، ولكي لا
تكرروا الحزن والتباكي على عراق ضيعتموه بالأمس وقدمتموه لقمة سائغة بيد ملالي
طهران، ويمن تسكتون على تضييعه اليوم.