;

إعداد الخطأ في التسابق العالمي على الأرباح .."الحلقة «49» 711

2009-11-19 10:45:23

تطرقنا في
الحلقة الفائتة إلى أن ليس بالإمكان مواجهة الاختناقات المحتملة في السيولة وليس
بوسع الخبراء الأمنيين الساهرين على تشغيل ماكينة المال العالمي تفادي الرعب على
تشغيل النظم التقنية العملاقة. . إن الخطأ في التسابق العالمي على جني الأرباح مرض
معد.

فحينما يتصرف وكلاء مصارف
وصناديق ذات شهرة واسعة في هذا القطاع فسرعان ما تسود غريزة أقتفى خطى الجمهور إذ
سيطفو الطمع على العقلانية ليس عند واحد فقط بل سيشمل الآلاف كما سيتجاهل
الإستراتيجيون المعروفون بدقة حساباتهم وتقديراتهم بشكلٍ كبير كل قواعد الأمان
والحذر.
وفي الواقع لم يكن هناك شيء آخر غير هذا.
كان قد تسبب في اندلاع
"الأزمة الكبيرة الأولى في عالمنا الجديد عالم الأسواق المعولمة التي راح رئيس
صندوق النقد الدولي كامديسو ومعه الحكومة الأمريكية يصارعونها في يناير عام 1995
فحينما خفضت الحكومة المكسيكية في بادئ الأمر سعر صرف البيزو وصارت بعد فترة وجيزة
من ذلك غير قادرة على الدفع راح العديد من رجالات المال الأمريكيين يشكون من أنهم
قد خدعوا بشأن العجز في احتياطي المكسيك من الدولارات وأن المكسيك قد حجبت عنهم
ولمدة طويلة البيانات الحقيقية وبالتالي فإنهم دفعوا إلى ضخ ملياراتهم في هذا البلد
النامي الذي كان يبشر حتى ذلك الحين بالخير ولا ريب في أن مزاعم من هذا القبيل ليست
سوى دليل على الخداع الذاتي الجماعي في أفضل الحالات أو أنها أكاذيب مكشوفة، فموديز
وغيرها من مؤسسات تقييم مخاطر الائتمان كانت تعرف كل البيانات وكانت قد صنفت
الثانية الاستثمارات في سندات الدين الحكومية المكسيكية طيلة عام 1994 على أنها
عظيمة الخطر إلا أنه حتى القائمين على إدارة أكبر الصناديق ما كانوا يصغون إلى ما
يوحى به لهم حدسهم وكان أحد المشاركين قد أعترف قائلاً: لقد كان الإغراء عظيماً
فوزارة المالية المكسيكية كانت قد أعطت قبل اندلاع الأزمة بمدة طويلة على ال
(Tesobonos) أي سندات الدين الحكومي المصدرة بالدولار والتي لم تكن مهددة باحتمال
تخفيض سعر الصرف أسعار فائدة تصل إلى الخانتين الأمر الذي مكنها من أن تستقطب من
المستثمرين الأمريكيين مليار دولار وكان على وجه الخصوص الذي هو أكبر صندوق جماهيري
في العام والذي يدير أموال ملايين المدخرين الأمريكيين قد غدا إلى حين من الزمن
أكبر دائن للمكسيك وبالتالي لا عجب أن يصاب القطاع المالي الأمريكي بالذعر حينما
أتضح في العاصمة المكسيكية عجز الحكومة عن الإيفاء بما في ذمتها من ديون.
وعلى
نحو مفاجئ تبدد التذمر من التدخل الحكومي ومن في الموازنة الحكومية المسببة للتضخم
فبدلاً من التذكر الذي كانوا قد دأبوا عليه حتى ذلك الحين راح المتحدثون باسم
الأسواق المختلفة يوضحون لأعضاء الكونجرس الأمريكي ويشرحون عبر قنوات الاتصال لرئيس
صندوق النقد الدولي النتائج العظيمة التي ستفرزها ردود الفعل العالمية على النظام
برمته مطالبين بالمساعدة بتلك المليارات التي استقطعها في جنح الظلام كامديسو ووزير
المالية روبين من أموال دافعي الضرائب في نهاية المطاف ولم تكشف أزمة البيزو ضعف
موقف الدول إزاء المضاربة غير الخاضعة للرقابة فحسب بل أماطت اللثام أيضاً عن
أنفسهم من مناحي الضعف وكانت المواقف الفوضوية أعني المعادية للتدخل الحكومي التي
يتبناها موجهوا تدفق رأس المال تنقلب رأساً على عقب حال ظهور الحاجة إلى إصلاح
حالات العطل التي سببوها هم أنفسهم الأمر الذي يعني أن السيادة ينبغي أن تكون
للأسواق ولكن يصفه دكتاتور بمسؤولية محددة وأن مجموعة دول العالم تظل هي المسؤولة
عن التعامل مع الأزمات ولكن كم من مكسيكي يتعين على مجموعة دول العالم تحمل عبئها؟
فمنذ أمد ليس بالقصير تتناقل الأفواه إشاعة تتحدث عن سيناريو لانهيار آخر فهاهو
المصرف المركزي الياباني يغرق منذ مطلع عام 1995 العام بفروض بالين تكاد تكون بلا
فائدة محققاً بذلك لبعض المستثمرين الأذكياء الجنة التي يحلمون بها وذلك رغبة منه
في إصلاح قطاعه المالي المتعب ومن هنا فلا عجب أن تقدم صناديق استثمار ومصارف من كل
أنحاء العالم على اقتراض مليارات من الين الزهيد الكلفة ليحولوها من ثم إلى الدولار
محققين بذلك أرباحاً عظيمة من خلال فارق أسعار الفائدة الذي قد يصل إلى ست نقاط
مئوية فهناك "300" مليار دولار من أصل ياباني أنفقت على شراء سندات الدين الأمريكية
بمفردها ورغم الخوف من سوء العاقبة فإن أرباحاً عظيمة بلا مراء ستتحقق فبأي طريقة
ستخفض هذه المبالغ العظيمة؟ وماذا سيحدث إذا ما استعاد الاقتصاد الياباني ازدهاره
ورفع المصرف المركزي سعر الفائدة من جديد؟ حتى أغسطس 1996م ظل سعر الفائدة الياباني
عند مستواه يمعن المحللون ورجالات المصارف المركزية التفكير حول ما إذ اكانت هناك
هزة أرضية محتملة ستضرب بالقريب أسواق السندات شبيهة بهزة عام 1994 مع فارق واحد
وهو أن مركزها سيكون في هذه المرة طوكيو وليس واشنطن.
كذلك بنشر الحالة السائدة
في بورصات البرازيل الذعر في الأسواق وكان الاقتصادي الأمريكي روديجر دورنبوش قد
حذر في يونيو 1996م من أن البرازيل مهددة بأن تكون المكسيك الثانية ففي البرازيل
أيضاً تتمسك الحكومة بسعر صرف غير واقعي لعملتها "ريال" مقابل الدولار وتستقطب من
خلال الفوائد المرتفعة الكثير من رأس المال الأجنبي الذي يملك روح المضاربة وكان
(Dormbusch) قد سخر من ذلك قائلاً بأن البرازيل "تسوق عربتها في الجانب الخطأ من
الشارع متوقعة أنها لن تواجه أبداً بحركة مرور معاكسة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد المياحي

2024-09-21 22:40:48

عن سبتمبر

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد