أشرنا في
الحلقة السابقة إلى أن فرصة العمل لمواطن ألماني راغب في العمل لدى "كلينورت
بانسون" أو مارجن جرينفيل" الذين شارك في ملكيتهما مصرفان ألمانيان فرصة ضئيلة جداً
حتى إن كان هذا المواطن مستخدماً في المصرف الألماني المالك نفسه، فأرباب العمل
هناك يفضلون استخدام المواطنين الأنجلو سكسونيين، وأن ملايين البهلونات في سوق
العمل العالمية المستخدمة لأحدث
تقنيات إلكترونية، فخمسة من بيوت المال الألمانية اشترت في لندن حصصاً في بعض مصارف
الاستثمار بغية تركيز عملياتها الكبرى هناك، إلا أن فرصة النجاح تلك لمواطن ألماني
ضئيلة.
وفي واشنطن ونيويورك يسخر المتخصصون بشؤون المال ا لأمريكيون من النظام
المصرفي في أوروبا فهو باعتقادهم نظام بال يفتقر إلى الجدارة ولا يحقق الأرباح
المرجوة على وجه الخصوص ويشرح مدير أحد الصناديق العاملة في وول ستريت ذلك فيقول:"
إن العناصر القيادية في إدارة المبالغ الكبيرة في سويسرا ترعرعوا في عالم آخر لكن
مصيرهم جميعاً سيكون الغرق حينما يحصل المستثمرون لدينا على معدلات ربحية تصل إلى
الثلاثين بالمائة في السنة مقابل اثنين أو ثلاثة بالمائة تدفعها لهم المصارف
السويسرية".
وهناك الكثير من كبار المضاربين الأمريكيين على ثقة من أنهم سيغرون
أيضاً المدخرين الحذرين من الألمان والسويسريين والنمساويين على أن يستثمروا في
صناديقهم الجريئة مبالغ تصل إلى المليارات ويؤكد هؤلاء أن الزبائن السويسريين
سيكونون متشككين وحذرين في بادئ الأمر إلا أن الحال لن تدوم طويلاً كما يوضح أحد
المخططين العارفين ببواطن الأمور على نحو بليغ إذ يقول:" حينما يرى الحال الجريء
الذي استثمر أمواله لدينا يسوق سيارة بورس اقتناها من الأرباح التي حققها من هذا
الاستثمار فإن الحال ستتغير فوراً بلا مراء".
إن النتائج ستكون قاسية ومريرة بكل
تأكيد ويتنبأ عضو مجلس إدارة المصرف الألماني أوليش كارتليري بذلك فيقول:" إن ما
واجه صناعة الصلب سيواجه المصارف في التسعينات" ولا ينطوي هذا التنبؤ على مبالغة
كما يرى خبراء الأسواق العاملون لدى المؤسسة الاستشارية.
ففي دراسة حول الخطط
التي يزمع تنفيذها خمسون من أكبر المصارف في العالم توصل هؤلاء إلى تنبؤ مفاده أن
نصف العاملين في المؤسسات النقدية سيفقد فرصة العمل في السنوات العشر القادمة وإذا
طبقنا هذه النسبة على القطاع المالي الألماني فإن معنى هذا هو ضياع نصف مليون فرصة
عمل كانت تحقق راتباً معتبراً.
ثلاثة هنود بدلاً من سويسري واحد وما هو في
بداياته الأولى بالنسبة للمصارف وشركات التأمين أصبح منذ فترة ليست بالقصيرة حقيقة
واقعية في قطاع كان يظن أن مستقبله زاهر مشرق أعني صناعة برامج الكمبيوتر فمع أنه
لا يزال هناك ما يزيد على 30 ألف شاب يدرسون على الحاسوب في الجامعات الألمانية في
فصل الخريف من عام 1996 إلا أنه يمكن القول الآن أن جزءاً كبيراً من هؤلاء الطلبة
المتخصيين في الكمبيوتر سيواجه في سوق العمل صعوبات كبيرة جداً للحصول على فرصة عمل
دائمة أما عن السرعة التي ستلبي بها المعارف التي اكتسبوها فإن المبرمجين في وادي
السيليكون Valley في كاليفورنيا خير من يعرف ذلك منذ حين من الزمن، فالمسؤول عن
التطور لدى مؤسسات من قبيل هفلت باكارد أو موتورلا Motorola و "آي.
بي
.
م" كانوا قد بدؤوا منذ عقد من السنين باستخدام خبراء جدد من الهند بأدنى
الأجور فكانوا يستأجرون في بعض الأحيان طائرات برمتها لنقل هؤلاء العاملين وكانوا
يسمون مشروعاً يهم هذه المقتصدة للكلفة ب Brain shop ping "شراء العقول" وفي بادئ
الأمر قاوم خبراء البرمجة المحليون المنافسين الزهيدي الأجور وكانت الحكومة قد وقفت
إلى جانبهم ولذا فلم تمنح سمة الدخول لخبراء الكمبيوتر الهنود إلا في حالات
استثنائية فقط.
إلا أن هذا الإجراء لم يجد نفعاً بالنسبة إلى المهندسين
الأمريكيين المختصين ببرامج الكمبيوتر فالكثير من الشركات نقلت أجزاء مهمة مما
لديها من نظام معلومات إلى الهند مباشرة وقدمت لهم حكومة نيودلهي في عشر مناطق
أنشئت لهم خصيصاً كل الهياكل التحتية الضرورية ابتداء من المختبر الكبير المكيف
وانتهاء بشبكة الاتصال عبر الأقمار الصناعية بلا ثمن تقريباً وفي سنوات وجيزة تطورت
المدينة الإلكترونية إلى حي الصناعات الإلكترونية الكائن في مدينة "بنجالورا"
الواقعة في مركز الهضبة الهندية على نحو جلب لها شهرة عالمية فكل اللاعبين الدوليين
في صناعة الكمبيوتر من قبيل سيمنز وكومباك وتكساس أنسترومنت وتوشيبا وميكروسوفت
ولوتس تتوافر لهم فروع هناك أو أخذوا يعهدون إلى شركات ثانوية هندية بإدخال التطوير
على برامجه ويبلغ عدد العاملين في صناعة إنتاج برامج الكمبيوتر في شبه القارة
الهندية اليوم "120" ألفاً من خريجي جامعات ومدارس نيودلهي وبومباي ووصلت قيمة
المبيعات التي حققوها لمشاريعهم في عام 1995 إلى 2 مليار دولار علماً بأن ثلثي هذه
المبيعات قد تحقق من خلال تصدير ما قدموه من خدمات ولكن وبما أن الازدهار في
بنجالورا قد ضاعف عدد السيارات وتسبب في تلوث الهواء على نحو لا يطاق ولأن الغالبية
العظمى من السكان ظلت تعيش في حالة بؤس وشقاء ترهق الوجدان لذا فقد هوت المدينة في
تخلفها مجدداً فغادرتها ورش صناعة برامج الكمبيوتر مفضلة "بونا" عليها.
ومع أن
استيراد المستخدمين الهنود إلى كاليفورنيا لم يكن ذا بال إلا أن الحال قد تغيرت بعد
عشر سنوات منه في المواقع الأم لهذه الصناعة أعني في الولايات المتحدة الأمريكية
وأوروبا الغربية واليابان فلم تعد الأمور كما كانت في السابق ففي ألمانيا ألغى
عمالقة صناعة الكمبيوتر "أي ، بي ، إم" وديجتال أكويبمنت وسيمنز نيكس دورف ما
يزيد على عشرة آلاف فرصة عمل منذ عام 1991 م حقاً لم تكن منافسه بنجالوراهي المسبب
الرئيسي لهذا التطور إلا أن الأمر الذي لا شك فيه هو أن توافر هذه المؤسسات على
فروع لها هناك كان عاملاً مساعداً على التطور.
الحلقة السابقة إلى أن فرصة العمل لمواطن ألماني راغب في العمل لدى "كلينورت
بانسون" أو مارجن جرينفيل" الذين شارك في ملكيتهما مصرفان ألمانيان فرصة ضئيلة جداً
حتى إن كان هذا المواطن مستخدماً في المصرف الألماني المالك نفسه، فأرباب العمل
هناك يفضلون استخدام المواطنين الأنجلو سكسونيين، وأن ملايين البهلونات في سوق
العمل العالمية المستخدمة لأحدث
تقنيات إلكترونية، فخمسة من بيوت المال الألمانية اشترت في لندن حصصاً في بعض مصارف
الاستثمار بغية تركيز عملياتها الكبرى هناك، إلا أن فرصة النجاح تلك لمواطن ألماني
ضئيلة.
وفي واشنطن ونيويورك يسخر المتخصصون بشؤون المال ا لأمريكيون من النظام
المصرفي في أوروبا فهو باعتقادهم نظام بال يفتقر إلى الجدارة ولا يحقق الأرباح
المرجوة على وجه الخصوص ويشرح مدير أحد الصناديق العاملة في وول ستريت ذلك فيقول:"
إن العناصر القيادية في إدارة المبالغ الكبيرة في سويسرا ترعرعوا في عالم آخر لكن
مصيرهم جميعاً سيكون الغرق حينما يحصل المستثمرون لدينا على معدلات ربحية تصل إلى
الثلاثين بالمائة في السنة مقابل اثنين أو ثلاثة بالمائة تدفعها لهم المصارف
السويسرية".
وهناك الكثير من كبار المضاربين الأمريكيين على ثقة من أنهم سيغرون
أيضاً المدخرين الحذرين من الألمان والسويسريين والنمساويين على أن يستثمروا في
صناديقهم الجريئة مبالغ تصل إلى المليارات ويؤكد هؤلاء أن الزبائن السويسريين
سيكونون متشككين وحذرين في بادئ الأمر إلا أن الحال لن تدوم طويلاً كما يوضح أحد
المخططين العارفين ببواطن الأمور على نحو بليغ إذ يقول:" حينما يرى الحال الجريء
الذي استثمر أمواله لدينا يسوق سيارة بورس اقتناها من الأرباح التي حققها من هذا
الاستثمار فإن الحال ستتغير فوراً بلا مراء".
إن النتائج ستكون قاسية ومريرة بكل
تأكيد ويتنبأ عضو مجلس إدارة المصرف الألماني أوليش كارتليري بذلك فيقول:" إن ما
واجه صناعة الصلب سيواجه المصارف في التسعينات" ولا ينطوي هذا التنبؤ على مبالغة
كما يرى خبراء الأسواق العاملون لدى المؤسسة الاستشارية.
ففي دراسة حول الخطط
التي يزمع تنفيذها خمسون من أكبر المصارف في العالم توصل هؤلاء إلى تنبؤ مفاده أن
نصف العاملين في المؤسسات النقدية سيفقد فرصة العمل في السنوات العشر القادمة وإذا
طبقنا هذه النسبة على القطاع المالي الألماني فإن معنى هذا هو ضياع نصف مليون فرصة
عمل كانت تحقق راتباً معتبراً.
ثلاثة هنود بدلاً من سويسري واحد وما هو في
بداياته الأولى بالنسبة للمصارف وشركات التأمين أصبح منذ فترة ليست بالقصيرة حقيقة
واقعية في قطاع كان يظن أن مستقبله زاهر مشرق أعني صناعة برامج الكمبيوتر فمع أنه
لا يزال هناك ما يزيد على 30 ألف شاب يدرسون على الحاسوب في الجامعات الألمانية في
فصل الخريف من عام 1996 إلا أنه يمكن القول الآن أن جزءاً كبيراً من هؤلاء الطلبة
المتخصيين في الكمبيوتر سيواجه في سوق العمل صعوبات كبيرة جداً للحصول على فرصة عمل
دائمة أما عن السرعة التي ستلبي بها المعارف التي اكتسبوها فإن المبرمجين في وادي
السيليكون Valley في كاليفورنيا خير من يعرف ذلك منذ حين من الزمن، فالمسؤول عن
التطور لدى مؤسسات من قبيل هفلت باكارد أو موتورلا Motorola و "آي.
بي
.
م" كانوا قد بدؤوا منذ عقد من السنين باستخدام خبراء جدد من الهند بأدنى
الأجور فكانوا يستأجرون في بعض الأحيان طائرات برمتها لنقل هؤلاء العاملين وكانوا
يسمون مشروعاً يهم هذه المقتصدة للكلفة ب Brain shop ping "شراء العقول" وفي بادئ
الأمر قاوم خبراء البرمجة المحليون المنافسين الزهيدي الأجور وكانت الحكومة قد وقفت
إلى جانبهم ولذا فلم تمنح سمة الدخول لخبراء الكمبيوتر الهنود إلا في حالات
استثنائية فقط.
إلا أن هذا الإجراء لم يجد نفعاً بالنسبة إلى المهندسين
الأمريكيين المختصين ببرامج الكمبيوتر فالكثير من الشركات نقلت أجزاء مهمة مما
لديها من نظام معلومات إلى الهند مباشرة وقدمت لهم حكومة نيودلهي في عشر مناطق
أنشئت لهم خصيصاً كل الهياكل التحتية الضرورية ابتداء من المختبر الكبير المكيف
وانتهاء بشبكة الاتصال عبر الأقمار الصناعية بلا ثمن تقريباً وفي سنوات وجيزة تطورت
المدينة الإلكترونية إلى حي الصناعات الإلكترونية الكائن في مدينة "بنجالورا"
الواقعة في مركز الهضبة الهندية على نحو جلب لها شهرة عالمية فكل اللاعبين الدوليين
في صناعة الكمبيوتر من قبيل سيمنز وكومباك وتكساس أنسترومنت وتوشيبا وميكروسوفت
ولوتس تتوافر لهم فروع هناك أو أخذوا يعهدون إلى شركات ثانوية هندية بإدخال التطوير
على برامجه ويبلغ عدد العاملين في صناعة إنتاج برامج الكمبيوتر في شبه القارة
الهندية اليوم "120" ألفاً من خريجي جامعات ومدارس نيودلهي وبومباي ووصلت قيمة
المبيعات التي حققوها لمشاريعهم في عام 1995 إلى 2 مليار دولار علماً بأن ثلثي هذه
المبيعات قد تحقق من خلال تصدير ما قدموه من خدمات ولكن وبما أن الازدهار في
بنجالورا قد ضاعف عدد السيارات وتسبب في تلوث الهواء على نحو لا يطاق ولأن الغالبية
العظمى من السكان ظلت تعيش في حالة بؤس وشقاء ترهق الوجدان لذا فقد هوت المدينة في
تخلفها مجدداً فغادرتها ورش صناعة برامج الكمبيوتر مفضلة "بونا" عليها.
ومع أن
استيراد المستخدمين الهنود إلى كاليفورنيا لم يكن ذا بال إلا أن الحال قد تغيرت بعد
عشر سنوات منه في المواقع الأم لهذه الصناعة أعني في الولايات المتحدة الأمريكية
وأوروبا الغربية واليابان فلم تعد الأمور كما كانت في السابق ففي ألمانيا ألغى
عمالقة صناعة الكمبيوتر "أي ، بي ، إم" وديجتال أكويبمنت وسيمنز نيكس دورف ما
يزيد على عشرة آلاف فرصة عمل منذ عام 1991 م حقاً لم تكن منافسه بنجالوراهي المسبب
الرئيسي لهذا التطور إلا أن الأمر الذي لا شك فيه هو أن توافر هذه المؤسسات على
فروع لها هناك كان عاملاً مساعداً على التطور.