;

أمـــــــــــة واحـــــــــــدة 887

2009-11-24 03:56:25

عمار بن
ناشر العريقي


دعت الشريعة الإسلامية في نصوصها وقواعدها
ومقاصدها إلى مبدأ "لزوم الجماعة ونبذ الفرقة" أعم في مفهومه ومضمونه من مجرد وحدة
بلاد معنية كاليمن مثلاً، بل يشمل الدعوة إلى المحافظة على مكسب الوحدة اليمنية
والعربية والإسلامية لينتمي المسلم إلى أمة واحدة يبلغ تعدادها "ملياراً وثلاثمائة
مليون نسمة" وهو أقرب إلى تحصيل مقصد الوحدة في تحقيق القوة والعزة والعظمة

والرحمة والبركة كما جاء في الأحاديث
الصحيحة "إن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار" ، "وإنما يأكل الذئب من الغنم
القاصية"، "الجماعة رحمة والفرقة عذاب، ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم
الجماعة".
وكما قررت هذه المعاني والمقاصد الأدلة النقلية الشرعية فقد قررته
الأدلة العقلية والفطرة الإنسانية وأدلة الحس والواقع والتاريخ.
وكما قررته
الأدلة الشرعية نظرياً فقد قررته عملياً في تشريع الاجتماع على كثير من العبادات
والتكاليف الشرعية ك"الصلاة والصيام والحج والجهاد وحتى فريضة الزكاة" وما تتضمنه
من تحقيق معنى التراحم والتآلف والتكافل الاجتماعي ظاهر جداً.
وحذر تعالى من خلق
التنازع والفرقة وبين أنه سبيل فتنة وهزيمة "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " ،
"حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم".
كما بين أن من أخلاق الكفار
والمنافقين "تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعلمون" ،" ولا تكونوا
كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب أليم".
وذكر
تعالى أن من أبرز أسباب التفرقة هو البغي بما يشمله من معاني الظلم والعدوان والحسد
والحقد وحب الصدارة والرئاسة "وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم"
والواقع كما التاريخ يشهد على أن البغي والتفرق هو أبرز أسباب سقوط الدولة وهلاك
الأمم مما أغرى فيها أعداءها وأطماعه في احتلال أرضها ونهب ثرواتها والبسط على
مقدراتها والسعي إلى محاولة محاربة دينها وتغيير أنماط حياتها وأخلاقها.
ومن هنا
جاءت دعوة الإسلام إلى فريضة الاتحاد والاجتماع والاعتصام ونبذ التفرقة والتنازع
وروح العصبية الجاهلية والتنابز بالألقاب وما يدخل تحتها اليوم من العصبية القبلية
والحزبية السياسية والمذهبية الفقهية والطائفية الدينية والمناطقية "من قاتل تحت
راية عصبية يدعو لعصبية وينصر عصبية فقتل فقتلته جاهلية" وقال تعالى "وجعلناكم
شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم"، وأمر القرآن بتحقيق المولاة
العامة والأخوة الإيمانية والأمة الواحدة "إنما المؤمنون إخوة" "إن هذه أمتكم أمة
واحدة".
فقدر هذه الأمة أن تكون أمة واحدة مهما تفرقت واختلفت ولا مكانة لها ولا
كرامة إلا بذلك كما أن خاصة أهل الإسلام إنما هم أهل السنة والجماعة فلا سنة بلا
جماعة ولا عكس، هذا قدرها وشرعها لكن الواقع على العكس ولا أدل على هذا المعنى من
أمر الشرع بالصلاة والقتال خلف كل إمام براً كان أو فاجراً إذ فجوره عليه ومصلحة
الاجتماع عليه عامة إلا أن يرى منه الكفر البواح فلا يخرج عليه إلا إن خرج هذا على
أمته بذلك.
كونوا جميعاً يا بنَّي إذا أعترى خطب ولا تتفرقوا أفراداً، تأبى
العصي إذا اجتمعن تكسراً * فإذا افترقن تكسرت آحادا.
2 والأمر بلزوم الجماعة
والاعتصام بالحق والاجتماع على إمام الحق كما في قوله صلى الله عليه وسلم "تلزم
جماعة المسلمين وإمامهم" كما في حديث حذيفة الوارد في المخرج من الفتنة وقوله
تعالى" واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" لا يلزم فيه أن يكون المسلمون كلهم
تحت حكومة واحدة بل يكفي فيه وهو الممكن اليوم أن تكون هذه الدول والحكومات
والقيادات مجتمعة في مواقفها العامة وقراراتها لا سيما المصيرية "سياسياً وعسكرياً
واقتصادياً. . . إلخ"، كما هو شأن الاتحاد الأوروبي مثلاً "إذ العبرة بالمضمون
والمعنى إلا بالشكل والمبنى" وهو أمر يسير وممكن إذا عرفنا أنه لا يشترط فيه سوى
الاجتماع على أصول الملة والأحكام والأخلاق وهو ما عليه واقع جماهير الأمة ولا مانع
من اختلافهم في فروع العقائد والأحكام والمناهج ونحوها إذا كان بمثابة" تعدد تنوع
لا تضاد وتعدد تكامل لا تآكل"، وهو الموافق للسنة الكونية الإلهية والطبيعة
الإنسانية والفطرة البشرية وهو مجال حرية واسعة ومرونة ظاهرة، ولا يعارض مفهوم
"الخلافة الإسلامية" أن توجد "أحزاب سياسية" ولو معارضة أو "مذاهب فقهية" ولو
مختلفة إذا أحسن استثمار الاختلاف بمراعاة ضوابطه وشروطه وآدابه بل هو عامل تنوع
وإثراء وترشيد للسلطات وإصلاح وتصحيح ومعلوم أن الخلاف بين المسلمين من قديم لمن
يمنع وحدتهم وألفتهم أو يعرقل مشروع مواجهتهم زحف أعدائهم.
3 إن ما تمر به
الأمة العربية والإسلامية الآن من أزمات عظيمة وتحديات جسيمة تهددا في وجودها
ومصالحها ومصيرها كان لها أثرها المشكور في يقظة ونهضة الأمة وتداعي العقلاء إلى
ضرورة الاجتماع والوحدة وظهور "فقه المراجعات" في كثير من مسائل الاجتهاد الفكرية
والفقهية والسياسية وغيرها وكان للفجوة الإسلامية "علماء ودعاة ومثقفون اصحاب الفضل
الكبير في نشر منهج الوسطية والاعتدا والحفاظ على المصالح الشرعية والوطنية والأثر
الكبير فيما تشهده الساحة من تقارب على طريقة قول الشاعر "إن المصائب يجمعن
المصابين".
وحتى صرنا نشهد مؤتمرات إسلامية قومية تتفق في كون الإسلام عقيدة
وشريعة وأن العقيدة عامل شحذ للشعوب في المقاومة وتحقيق العدالة ولا تكاد الرؤى
تختلف في الدعوة إلى وحدة الدول والشعوب ومناهضة الفساد ومقاومة المشروع الغربي
ونبذ المناهج المتأثرة بالغرب أو المائلة إلى العنف غير المشروع المخالف لمصالح
الدين والبلاد.
كل ذلك أسهم في إفشال المشاريع الغربية والصهيونية في المنطقة
حتى صرنا نشهد تراجعاً في الإستراتيجية الغربية بعد هزيمتهم في العراق والصومال
وفلسطين وأفغانستان، وتغير الرأي العام العالمي إلى حد كبير لا سيما بعد أكذوبة
أسلحة الدمار الشامل في العراق وهزيمتهم فيها وبعد حرب غزة وتقرير
"جولدستون".
وأنكشف زيف الشعارات الرافضية الإيرانية بعد ظهور تعاونهم مع أمريكا
في إسقاط نظام العراق وطالبان ودعم حركة التمرد الحوثي ونحوها.
4 أن بلادنا
الحبيبة "اليمن" تقع على قائمة مشاريع التآمر والأطماع الغربية ولا تخفى أصابع
أمريكا وبريطانيا وإيران في دعم حركات التمرد والانفصال بغية تهديد الأمن والوحدة
والاستقرار ونشر الأساطيل وفرض القرارات وجر البلاد إلى فتن تشبه وضع الصومال
والعراق وتقسيم البلاد إلى دويلات صغيرة هزيلة متنافرة ومتناحرة ليسد الغرب الفراغ
وتزدهر شركات بيع السلاح على طريقة مشروع "الفوضى الخلاقة" و"الشرق الأوسط الكبير"
ويعطي الذرائع للتدخل الأجنبي والخارجي بحجة الحفاظ على مصالحهم القومية.
5 أن
إصرار العلماء والعقلاء على المحافظة على مطلب ومكسب "الوحدة اليمنية" يصب في مصلحة
الدين والبلاد قبل كل شيء وليس تبريراً لنظام أو حاكم، وهي دعوة متلازمة مع فريق
"مكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين" ووجه التلازم بينهما أن الدعوة إلى الانفصال
تكريس وتعميد للفساد في أعظم وأخطر صوره ومظاهره العامة سياسياً واقتصادياً وغيرها
الأمر الذي يستبعد إراق الدماء وضياع الأموال وانتهاك الأعراض وضعف البلاد
والأمة. .
وهيمنة الأعداء. .
كما أن "السكوت عن الفساد وأهله" مما يهدد وحدة
البلاد وقديماً هدمت سد مأرب باليمن "فأرة" والعدل أساس الحكم والملك والظلم من
أبرز أسباب سقوط الدول وهلاك الأمة "وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم
موعدا".
كما أنه يعطي الذرائع والمبررات لأهل الفتن في الداخل والخارج لإثارة
النعرات والقلاقل والحروب.
أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق ولاة الأمر من
الحكام أولاً والعلماء والمثقفين ثانياً.
وقبيح ما نشهده من اختلافات وصراعات
سياسية وإعلامية وعلى مستوى سفراء الدول الثلاث "مصر والجزائر والسودان" وإصابة
وجرح العشرات من المشجعين لأجل مباراة كرة القدم وكأنها حرب "دامس والغبراء" والتي
التي كان سببها "ناقة" واليوم"كرة" للتأهل لمنديال كأس العالم وكأن مباراة مصر
والجزائر معركة فاصلة لاستعادة القدس والأقصى، إن هذا يكشف عن ضعف الأمة وغفلتها عن
أولياتها "حكومات وشعوباً" ويؤكد ما نحن بصدده من ضرورة التركيز على الشريعة في
تحقيق الوحدة ونبذ الفرقة طريقاً لتحقيق العرة والحفاظ على المصالح الدينية
والوطنية وإفشال مشاريع أعدائها في زمان لا يعرف منطق الضعف ولا مكان فيه للضعفاء
زمن التحالفات ونسيان ما أمكن من الخلافات.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد