يصعب التكهن بمدى خطرها الآن فسواء تعلق الأمر بإنتاج السيارات أو أجهزة الكمبيوتر
أو بصناعة المواد الكيماوية أو الأجهزة الإلكترونية أو بشبكة الاتصالات أو
بالاقتصاد المالي، نعم سواء تعلق الأمر بهذه أو بتلك فأن الحال واحدت وهي أنه حيثما
تجري المتاجرة بالبضائع والخدمات عبر الحدود الدولية بكل حرية تعصف بالعمال بلا
هوادة على ما يبدو زوبعة هوجاء تتمثل
في فقدان العمل البشري لقيمته وفي ترشيد يقضي على فرص العمل ففي الشطر الغربي من
ألمانيا ضاع في القطاع الصناعي في الفترة الواقعة بين عام 1991م وعام 1994 أي في
ثلاث سنوات فقط ما يزيد على مليون فرصة عمل علماً بأن ألمانيا في وضع لا بأس به
مقارنة بالعديد من الدول الأخرى ففي البلدان الأخرى المنضوية تحت راية "منظمة
التنمية والتعاون الاقتصادي OECD "هذه المنظمة التي تجمع بين 23 دولة صناعية
غنية وخمسة بلدان جوار فقيرة تقلص عدد فرص العمل ذات الأجر الجيد على نحو أسرع في
عام 19960 زاد عدد السكان الذين يبحثون عن فرصة عمل من عير جدوى في بلدان منظمة
التنمية والتعاون الاقتصادي على "40" مليون مواطن ومن الولايات المتحدة الأمريكية
شمالاً وحتى استراليا جنوباً ومن بريطانيا العظمى غرباً وحتى اليابان شرقاً ينخفض
على نحو سريع المستوى المعيشي الذي تتمتع به الجمهور العام في الأمم الرائدة في
الاقتصاد العالمي وحتى تلك الصناعة التي ينبغي لها أن تكتب وتصف هذا التدهور والتي
ترى في ال"BADNEWS" الأخبار السيئة، دائماً أخبار جيدة هذه الصناعة نفسها قد صارت
تعاني التغيرات التي طرأت.
فالصحافيون والمثقفون والمحررون هؤلاء أيضاً باتوا
يئنون تحت وطأة عالم ال TITTYTAINMENT المتزايد الانتشار.
وإعلاميون يتناقص
عددهم باستمرار يكتبون مواضيع أكثر وعلى نحو أسرع من ناحية أخرى لم يعد بوسع الجيل
الصاعد من الصحافيين ولا حتى الحلم بعقود العمل الدائمة وميزانية النشريات المعتبرة
التي كانت سائدة في وسائل الإعلام المطبوعة وفي محطات التلفزيون الحكومية فما كان
مستوى دارج لدى مجلة SPIEGEL أو STERN لدى محطة إذاعة WBR أو محطة BR أصحى اليوم
امتيازاً يتمتع به قدماء العاملين وقلة النجوم الصاعدة أما المستجدون في المهنة
فإنه يتعين عليهم أن يكتشفوا بعقود غير آمنة ومكافأت تتركز على عدد ما يكتبون من
سطور وحتى ناشرو الكتب وصناع الأفلام التلفزيونية والسينمائية قد أخذوا يشغلون أيد
عاملة جديدة وذلك خشية مما يضمره المستقبل لهذه الصناعة التي أخذت تئن من وطأة
أسعار الورق المتزايدة وعدد القراء المتناقص وكذلك الحال بالنسبة إلى تلك القطاعات
التي كانت حتى وقت قريب تعطي العاملين لديها الوعود بأن فرص عملهم آمنة ومضمونة على
مدى الحياة وبغض النظر عما ينتاب العالم من ازدهار أو تدهور اقتصاديين فهذه
القطاعات أيضاً أضحت على عتبة شطب عدد عظيم من فرص العمل فتقليص فرص العمل لم يعد
يهدد العاملين في المصارف وشركات التأمين فقط بل أخذ يعم أيضاً العاملين في شركات
الاتصالات الهاتفية وشركات الخطوط الجوية وفي الإدارات الحكومية وإذا أخذ المرء
بجدارة القطاعات المعينة الرائدة على المستوى العالمي كمعيار وقدر بناء عليه
الخسارة المستقبلية في فرص العمل لدى المشروعات الألمانية أو الأوروبية فسيبدو في
الأفق تسريح لجماهير غفيرة من العاملين كما يتضح من التقديرات الواردة في الصفحات
التالية إن ألمانيا والاتحاد الأوروبي أضحيا فريسة دسمة للذئاب الجائعة من حلبة
المنافسة الشمولية.
العاصفة الهوجاء فرص العمل المهددة بالضياع لدى أهم المؤسسات
الخدمية المصارف العاملون الذين سيقضون على الحاجة في الفروع الداخلية والخارجية في
1995 لدى المصرف الأمريكي العملاق CITICOTP "الربح الإجمالي مقسماً على عدد
العاملين = 68769 دولاراً أمريكياً".
في ألمانيا فقط هناك ما يزيد على أربعة
ملايين فرصة مهددة بالضياع على نحو شديد الأمر الذي يعني احتمال ارتفاع معدل
البطالة إلى ما يزيد على ضعف المعدل السائد الآن وعلى وجه التحديد أن يرتفع من 9. 7
إلى 21%.
وبما أن فرنسا تتوافر لها مؤسسات تقدم الخدمات المصرفية وخدمات التأمين
في آن واحد لذا فإن حاجتها إلى مستخدمين يسهرون على بيع وثائق التأمين وإدارة
الاستثمار المالي بالقطاع الأهلي أقل بكثير من حاجة القطاعات المشابهة في باقي
البلدان الأوروبية الأخرى التي يعتقد أنها ستحذو حذو فرنسا في المستقبل ولا تلوح في
الأفق نهاية لضياع فرص العمل بل العكس فبعد تحليل الدراسات التي قام بها البنك
الدولي ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي والفريق البحثي لدى المؤسسة الاستشارية
الرائدة على المستوى العالمي أعني: MCKINSEY GLOBAL IMSTIITUTE ، وغير ذلك من
التقارير الصادرة عن القطاعات والمشاريع المختلفة توصل المؤلفان لهذا الكتاب إلى
اعتقاد مفاده أن البطالة ستهدد خمسة عشر مليون عامل ومستخدم آخرين في الاتحاد
الأوروبي في السنوات القادمة أي أنها ستهدد عدداً يكاد يساوي عدد المسجلين في صيف
عام 1996 بصفتهم عاطلين عن العمل.