أشرنا في
الحلقة السابقة إلى أن في الاتحاد الأوروبي في السنوات القادمة أن البطالة ستهدد
الملايين من العمال بصفتهم عاطلين عن العمل.
في ألمانياً فقط هناك ما يزيد عن
أربعة ملايين فرصة مهددة بالضياع على نحو شديد، الأمر الذي يعني احتمال ارتفاع معدل
البطالة إلى ما يزيد عن ضعف المعدل السائد الآن، أي على وجه التحديد أن يرتفع من "9. 7" إلى "21%".
أما في النمسا
فإنه يمكن أن يرتفع من المعدل السائد الآن وهو 7. 3 إلى 18% ومع أن ثمة توقعاً بأن
الحال لن تكون على هذه الفظاعة وذلك لأن هناك احتمالاً أن يجري تعويض الضياع الحاصل
في فرص العمل المرتكزة على عقود نظامية بفرص عمل مؤقتة من حيث ساعات العمل أو من
حيث هذا العقد إلا أن الدخول في عالم العمل الجديد الذي سيترك ملايين العاملين بين
الحين والحين يتنقلون من فرصة عمل مؤقته إلى فرصة أخرى مؤقتة.
نعم أن الدخول في
هذا العالم الجديد ستكون أدنى بكثير من المستوى الذي يضمنه نظام الأجور السائد حتى
الآن وهكذا أخذ مجتمع العشرين إلى الثمانين يقترب أكثر فأكثر.
إن كل واحد يشعر
بآثار التحول حتى أولئك الذين لا تزال فرص عملهم تبدو آمنة حتى الآن وأخذ الخوف من
المستقبل وعدم الوثوق بما يضمره ينتشران خلالهما أكثر فأكثر كما أخذ البناء
الاجتماعي ينهار ويتحطم ومع هذا يرفض غالبية المسؤولين تحمل المسؤولية فتتظاهر
الحكومات ومجالس إدارات المؤسسات بالحيرة مدعين أنه لا ذنب لهم فيما يحدث مؤكدين
لنا خيبهم ومستخدميهم أن الضياع الهائل في فرص العمل هذا الضياع الذي ما كان
بالإمكان تصوره حتى وقت قريب ليس سوى نتيجة لا مناص منها" للتحولات الهيكلية" فها
هو المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية مارتن بانجمان على سبيل المثال يدعي أن
الإنتاج الواسع لم يعدله مستقبل في أوروبا الغربية في ظل الأجور المرتفعة وأن الصين
وفيتنام تقفان على الباب بصفتهما منافسين لا قدره على منافستهما من حيث تدني أجر
العمل لديهما إلا بصعوبة " أما الصحيفة الناطقة بلسان لا تعرف الرحمة وتؤدي إلى خلق
سوق عمل دولية وبالتالي فليست ثمة فرصة عمل آمنة.
ولاشك في أن المنتفعين من
الاقتصاد الذي تنتهي فيه الحدود الدولية يودون السمو بالأزمة إلى مصاف الأحداث
الناجمة بفعل قوانين الطبيعية ويندرج في هذا السياق التحذير الذي أطلقه في عام 1993
الرئيس الأسبق لمؤسسة "دايملربنز إدزارد رويتر، حينما راح يقول: أن المنافسة في
القرية المعولمة تشبه الزوبعة لا أحد يستطيع البقاء بمنأى عنها، وبعد مرور ثلاث
سنوات وضياع مليون فرصة عمل أخرى راح رئيس مؤسسة "سيمنز هينرش فون بيرد " يكرران
التحذير نفسه بدأت الكلمات تقريباً إذا قال:" لقد تحولت رياح المنافسة إلى زوبعة
وصار الإعصار الصحيح يقف على الأبواب إلا أن التكامل الاقتصادي المتخطي لكل الحدود
الدولية لا ينجم أبداً بفعل قانون طبيعي أو تقدم تكنولوجي مستقيم المسار وذي صيغة
واحدة ولا بديل لها بل هو في الواقع النتيجة الحتمية لتلك السياسة التي انتهجتها
الحكومات في البلدان الصناعية الغربية منذ عقد من الزمن ولا تزال تطبقها حتى هذا
اليوم.
من كينز إلى هايك "حرب تحرير لرأس المال" وكانت المسيرة صوب العلاقات
الاقتصادية المعولمة قد بدأت حينما كانت أوروبا لا تزال تصارع الآثار التي خلفتها
الحرب العالمية الثانية ففي عام 1948 توصلت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا
الغربية إلى "الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة" المسماة اختصاراً ب"الجات"
وذلك رغبته من هذه الدول في خلق نظام مشترك للتجارة الدولية لأول مرة في التاريخ
وفي جولات دولية وصل عددها إلى الثمانية حتى الآن واستغرقت كل واحدة منها عدة سنوات
اتفقت الدول المشاركة في "الجات" على تخفيض مستمر لتعريفاتها الجمركية في عقود
السنين التالية ومن هنا فلم تبق هناك أهمية تذكر للضرائب الجمركية بالنسبة إلى
التجارة السائدة بين الدول المتقدمة وهكذا ومنذ تأسيس "منظمة التجارة العالمية"
المسماة اختصاراً على القيود ومقرها في جنيف كبديل للجات.
لم تعد الحكومات
تتفاوض على القيود الجمركية بل صارت تركز جهودها على العوائق الأخرى التي تحد من
حرية التجارة بين الدول كاحتكار الدول لبعض المجالات الاقتصادية أو كالقيود الفنية
التي تتخذها وكانت النتائج التي أفرزها التحرير المتزايد للتجارة عظيمة بلا مراء
فنمو قيمة التجارة يفوق نمو قيمة الناتج الإجمالي بمقدار الضعف.
وفي عام 1995
بلغ حجم التجارة العابرة للحدود خمس مجموع السلع والخدمات المحتسب إنتاجها
إحصائياً.
الحلقة السابقة إلى أن في الاتحاد الأوروبي في السنوات القادمة أن البطالة ستهدد
الملايين من العمال بصفتهم عاطلين عن العمل.
في ألمانياً فقط هناك ما يزيد عن
أربعة ملايين فرصة مهددة بالضياع على نحو شديد، الأمر الذي يعني احتمال ارتفاع معدل
البطالة إلى ما يزيد عن ضعف المعدل السائد الآن، أي على وجه التحديد أن يرتفع من "9. 7" إلى "21%".
أما في النمسا
فإنه يمكن أن يرتفع من المعدل السائد الآن وهو 7. 3 إلى 18% ومع أن ثمة توقعاً بأن
الحال لن تكون على هذه الفظاعة وذلك لأن هناك احتمالاً أن يجري تعويض الضياع الحاصل
في فرص العمل المرتكزة على عقود نظامية بفرص عمل مؤقتة من حيث ساعات العمل أو من
حيث هذا العقد إلا أن الدخول في عالم العمل الجديد الذي سيترك ملايين العاملين بين
الحين والحين يتنقلون من فرصة عمل مؤقته إلى فرصة أخرى مؤقتة.
نعم أن الدخول في
هذا العالم الجديد ستكون أدنى بكثير من المستوى الذي يضمنه نظام الأجور السائد حتى
الآن وهكذا أخذ مجتمع العشرين إلى الثمانين يقترب أكثر فأكثر.
إن كل واحد يشعر
بآثار التحول حتى أولئك الذين لا تزال فرص عملهم تبدو آمنة حتى الآن وأخذ الخوف من
المستقبل وعدم الوثوق بما يضمره ينتشران خلالهما أكثر فأكثر كما أخذ البناء
الاجتماعي ينهار ويتحطم ومع هذا يرفض غالبية المسؤولين تحمل المسؤولية فتتظاهر
الحكومات ومجالس إدارات المؤسسات بالحيرة مدعين أنه لا ذنب لهم فيما يحدث مؤكدين
لنا خيبهم ومستخدميهم أن الضياع الهائل في فرص العمل هذا الضياع الذي ما كان
بالإمكان تصوره حتى وقت قريب ليس سوى نتيجة لا مناص منها" للتحولات الهيكلية" فها
هو المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية مارتن بانجمان على سبيل المثال يدعي أن
الإنتاج الواسع لم يعدله مستقبل في أوروبا الغربية في ظل الأجور المرتفعة وأن الصين
وفيتنام تقفان على الباب بصفتهما منافسين لا قدره على منافستهما من حيث تدني أجر
العمل لديهما إلا بصعوبة " أما الصحيفة الناطقة بلسان لا تعرف الرحمة وتؤدي إلى خلق
سوق عمل دولية وبالتالي فليست ثمة فرصة عمل آمنة.
ولاشك في أن المنتفعين من
الاقتصاد الذي تنتهي فيه الحدود الدولية يودون السمو بالأزمة إلى مصاف الأحداث
الناجمة بفعل قوانين الطبيعية ويندرج في هذا السياق التحذير الذي أطلقه في عام 1993
الرئيس الأسبق لمؤسسة "دايملربنز إدزارد رويتر، حينما راح يقول: أن المنافسة في
القرية المعولمة تشبه الزوبعة لا أحد يستطيع البقاء بمنأى عنها، وبعد مرور ثلاث
سنوات وضياع مليون فرصة عمل أخرى راح رئيس مؤسسة "سيمنز هينرش فون بيرد " يكرران
التحذير نفسه بدأت الكلمات تقريباً إذا قال:" لقد تحولت رياح المنافسة إلى زوبعة
وصار الإعصار الصحيح يقف على الأبواب إلا أن التكامل الاقتصادي المتخطي لكل الحدود
الدولية لا ينجم أبداً بفعل قانون طبيعي أو تقدم تكنولوجي مستقيم المسار وذي صيغة
واحدة ولا بديل لها بل هو في الواقع النتيجة الحتمية لتلك السياسة التي انتهجتها
الحكومات في البلدان الصناعية الغربية منذ عقد من الزمن ولا تزال تطبقها حتى هذا
اليوم.
من كينز إلى هايك "حرب تحرير لرأس المال" وكانت المسيرة صوب العلاقات
الاقتصادية المعولمة قد بدأت حينما كانت أوروبا لا تزال تصارع الآثار التي خلفتها
الحرب العالمية الثانية ففي عام 1948 توصلت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا
الغربية إلى "الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة" المسماة اختصاراً ب"الجات"
وذلك رغبته من هذه الدول في خلق نظام مشترك للتجارة الدولية لأول مرة في التاريخ
وفي جولات دولية وصل عددها إلى الثمانية حتى الآن واستغرقت كل واحدة منها عدة سنوات
اتفقت الدول المشاركة في "الجات" على تخفيض مستمر لتعريفاتها الجمركية في عقود
السنين التالية ومن هنا فلم تبق هناك أهمية تذكر للضرائب الجمركية بالنسبة إلى
التجارة السائدة بين الدول المتقدمة وهكذا ومنذ تأسيس "منظمة التجارة العالمية"
المسماة اختصاراً على القيود ومقرها في جنيف كبديل للجات.
لم تعد الحكومات
تتفاوض على القيود الجمركية بل صارت تركز جهودها على العوائق الأخرى التي تحد من
حرية التجارة بين الدول كاحتكار الدول لبعض المجالات الاقتصادية أو كالقيود الفنية
التي تتخذها وكانت النتائج التي أفرزها التحرير المتزايد للتجارة عظيمة بلا مراء
فنمو قيمة التجارة يفوق نمو قيمة الناتج الإجمالي بمقدار الضعف.
وفي عام 1995
بلغ حجم التجارة العابرة للحدود خمس مجموع السلع والخدمات المحتسب إنتاجها
إحصائياً.