مصطفى
الحضور إلى المقهى لنطمئن على بعض ويشوف كل واحد الآخر ونناقش أي مشاكل تواجه أي
واحد منا ونتعاون على إيجاد الحل لها.
ذلك مثل الفترة الماضية التي سبقت
انقطاعنا عن الحضور إلى المقهى بسبب مشاغلنا الشخصية والتي كنا فيها أبرز رواد
للمقهى أنا والحاج سالم والأستاذ/ توفيق والوالد حسن والأخ/ أبو عمر وجميعنا من المتقاعدين ، المهم التقينا جميعنا يوم
الجمعة قبل صالة بالمقهى وجلسنا كالعادة نشرب الشاهي ونتبادل الأحاديث وندردش فيما
بيننا وخلال هذه اللحظات من الزمن مر من أمامنا في الشارع واحد من أصدقائنا القدامى
وهو الشيخ أبو مازن وهو كان تاجر بسيط وكان يحضر معنا في المقهى أحياناً عندما يكون
لديه وقت فراع وهو مجتهد ومكافح ورجل مؤمن وأخلاقه عاليه وقد فتح الله عليه وتوسعت
تجارته فأصبح أغلب وقته مشغولاً بها وتغيب عن المقهى ولكننا نتابع أخباره السارة
دائماً عن طريق الوالد حسن لأنه جارة.
خلاصة القول الوالد حسن لم يصبر قام وصرخ
باسم أبو مازن ولكنه لم يسمعه فصرخ مرة أخرى فسمع الشيخ أو مازن والتفت نحونا فقام
بتحيتنا من بعيد وهو متوجها إلينا فردينا التحية بأحسن منها ودعيناه لتناول الشاهي
معنا فجلس بيننا وقال والله أنتم سعداء لديكم وقت تحضروا المقهى وتلتقوا وترفهوا عن
أنفسكم أما أنا مشغول طوال الوقت بمشالك تجارتي وزاد الطين بله انشغالي بمشكلة
أبني.
هنا أصابنا الاستغراب وسألناه خيراً إن شاء الله فأنت غير مقصر معه وتلبى
كل طلباته، فقال نعم وواصل حتى أنه خالي من أي مسؤولية ولكنه دائماً حزين مكتئب
يتوهم أحيانا أنه مريض رغم أن الأطباء قالوا إنه صحيح مائة في المائة.
عموماً
يقول إنه ليس سعيداً ولا أدري كيف أوفر له السعادة وواصل حديثة موجه إلينا أرجوكم
ساعدونا أريد أوفر له السعادة حتى ولو تطلب الأمر سأشتريها بفلوسي، هنا قال الحاج
سالم يوجد قميص للسعادة من يلبسه يصبح سعيد ، هنا قفز الشيخ أبو مازن قائلاً دلني
أين يوجد سأشتريه! هنا قال الحاج سالم هذا القميص وهم ولكن علاج أبنك عندي في هذا
القصة التي سأقولها فأسمع هنا صمت الجميع وبدأ الحاج سالم القصة قائلاً : كان لرجل
غني ولد وحيد رباه على الترف والدلال وكان الولد يقضي أيامه حزيناً عليلاً فخاف
عليه والده وأستدعى أحسن الأطباء لمعالجته غير أنهم عجزوا عن ذلك وفي يوم مر بالغني
أحد أصدقائه وسأله عن حال والده فروى له الوالد القصة فقال الصديق بلهجة العالم
العارف بخفايا الأمور أن دواء أبنك يمكن في قميص يلبسه رجل سعيد، فإذا استطعت
الحصول عليه وألبسته ولدك شفي حالاً من مرضه!.
خرج الوالد يبحث عن هذا الدواء
يطوف المدن والقرى سعياً وراء القميص وصاحبه الرجل السعيد وحدث أن التقى بجمال يسوق
بعيراً فسأله عن حاله فقال الجمال كان عندي حماراً أركبه فمات وها أنا أقضي النهار
مشياً وراء الجمل ولو كان حماري موجود لكنت سعيداً، فأنصرف الغني عنه والتقى صياداً
في الطريق فقاله له كيف حالك فقال الصياد لي عشر سنين صابراً أنتظر صيد سمكة فيها
لؤلؤ وسأصير سعيد يوم أصطاد فتركه الغني وذهب.
وفي ذات أمسية رأى بيت بسيط
متواضع فذهب إليه ووجد عند بابه رجالاً مفتول الساعدين فسأله عن حاله فقال الرجل
أحمد الله على نعمة المجزية فامرأتي وسلوك أولادي حسن وصحتنا جيدة وأحصل على قوت
عائلتي وأؤخر منه للزمن لهذا أنا سعيد، وهنا قص قص الغني قصته للرجل وقال آه أرجوك
بيعني قميصك! هنا كشف الرجل عن صدره وقال أنا لا ألبس قميصاً عد إلى والدك وعلمه
حرفه ودعه يعمل فالعمل هو خير دواء للهم والحزن وهو السر الذي تكمن فيه السعادة
التي تنشدها والله من وراء القصد.