مقراط
الاستقلال الوطني الذي تحقق في 30 نوفمبر 1967م بعد خروج آخر جندي بريطاني في ذلك
اليوم المجيد الأغر الذي كان ثمرة نضالات وكفاح وتضحيات ودماء زكية قدمها شعبنا
اليمني بعد قيام ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر الخالدتين.
وجاء رحيل المستعمر البريطاني من الجزء الجنوبي من الوطن بعد
129 عاماً من الاحتلال عانى من ويلاتها أبناء شعبنا اليمني.
والثابت أن الوصول
إلى إعلان الاستقلال في 30 نوفمبر 67م لم يكن سهلاً أو طريقاً مفروشاً بالورود فقد
شهد جنوب اليمن المحتل سلسلة انتفاضات شعبية ثم بتوافر الظروف الموضوعية بالجنوب
والمنطقة أصبح الكفاح المسلح هو النهج السليم بانطلاق الثورة من جبال ردفان الشماء
وتوحد منطلقات الثورة وأرتبط الكفاح المسلح في جبهات القتال في الريف مع نضال
الفدائيين في عدن وتمكنت الجهة القومية ومعها قطاعات الشعب من السيطرة على الوضع في
عدن وسائر المناطق وكان ذلك هو الاستقلال الفعلي حسب شهادة المناضل الكبير خالد
عبدالعزيز عضو الوفد إلى مفاوضات الاستقلال في جنيف 21 29 نوفمبر 67م.
طريق
المفاوضات إلى جنيف خاطبت الجبهة القومية حكومة بريطانيا بمنطق الثائر المنتصر
واقترحت أماكن للمفاوضات من أجل الاستقلال القانوني وتضمنت برقية الجبهة القومية
إلى وزير الخارجية بريطانيا مايلي: الجبة القومية هي السلطة الشعبية المسيطرة على
كل أجزاء جنوب اليمن وهي الممثلة الشرعية لشعب هذه المنطقة كان ذلك في 11 نوفمبر
67م شكلت الجبهة القومية وفداً لمفاوضة حكومتكم حول تسلمه السلطة السياسية والجبهة
القومية في انتظار إعلانكم تشكيل وفدكم خلال 38 ساعة ومستعدة لمقابلته.
ثم جاءت
المفاوضات في جنيف إذ تشكل وفد من القيادة التاريخية لثورة 14 أكتوبر وذهب إلى جنيف
لتحقيق الاستقلال القانوني لأن الاستقلال الواقعي كان قد تحقق بنفوذ الثوار في عدن
والأرياف وكان لابد من الحصول على الاعتراف الدولي بالنظام الجديد وذلك عبر
المفاوضات مع الجانب البريطاني الذي كسرت شوكته وبات يبحث عن مخرج
بالمفاوضات.
بريطانيا تبنت خيار التفاوض وعرضت استقلال جنوب اليمن على منظمة
الأمم المتحدة وطلبت دعم الدول الأخرى للمفاوضات أما الاعتراف الدولي باستقلال دولة
جديدة لا يتحقق إلا إذا دخلت الأسرة الدولية.
إذعان بريطانيا لإرادة الثوار لقد
أذعنت بريطانيا لإرادة الثوار وخضعت لشروط الوفد المفاوض في جنيف حيث يؤكد عضو
الوفد المفاوض المناضل القدير خالد عبدالعزيز : كنت أحد أعضاء الوفد المفاوض في
جنيف والذي انتزع الاستقلال القانوني بشروطه وأعترف بذلك المجتمع الدولي وذلك رغم
ما كان في عملية إنهاء الاستعمار في بعض الدول باتفاق بين الدولة الكبرى المستعمرة
والدولة التي تتخلص من الاحتلال، فمصر مثلاً ومعها ليبيا ولبنان استطاع الاستعمار
إبقاء قواعد له فيها فبقيت لبريطانيا قاعدة عسكرية في السويس ولكن ورغم إغراءات
قدمتها بريطانيا للجبهة القومية للاحتفاظ بقواعد بريطانية في جنوب اليمن إلا أنها
لم تتمكن من ذلك وعاد الوفد بوثيقة الاستقلال من جنيف وبعد نقاش نقاط وموضوعات حدود
الدولة الجديدة البرية والبحرية والجوية وموضع التعويضات وغيرها ورفض الوفد أي مظهر
من مظاهر الاستقلال المنقوص لأنه جاء إلى جنيف معبراً عن ثورة شعبية حولت الأرض
جحيماً تحت أقدام الاحتلال وجنوده وأعوانه.