أشرنا في
الحلقة السابقة إلى أن صناعة الآثاث والمنسوجات والأحذية والساعات اليدوية ولعب
الأطفال أضحت مجدية في أوربا الغربية والولايات المتحدة فقط، في حالة أجراء واسعة
من الإنتاج أي الإنتاج الآلي وإلى العالم الخارجي، من ناحية أخرى كانت اليابان قد
إنضمت بصفتها دولة صناعية جديدة إلى صف الرواد القدماء في السوق
العالمي.
راحت تضغظ بالأسعار
المتدنية لصادراتها على باقي الصناعات الأخرى وتمثل رد العالم العربي في بادئ الأمر
بفرض ضرائب جمركيه جمائية وبإجبار اليابان دونما طائل على أن تقدم التعهد بأنها
ستقوم طواعية بالحد من صادراتها إلى هذه البلدان وفي ذات الوقت ظلت الكلمة الأولى
سياسياً وأيديولوجياً في أيدي مناصري حرية التجارة الذين استطاعوا بزعمهم أن أساليب
حمائية من هذا القبيل تقف حجر عثرة في طريق التقدم التكنولوجي- أن يظفروا بأن تطبق
الغالبية.
العظمى من وسائل الحماية لفترة مؤقتة لا غير.
إن التخلي عن الإنتاج
الواسع للسلع الكثيفة العمل البشري والتحول صوب الإنتاج المعتمد على التقنية
العالية وصوب المجتمع الخدمي أصبح هو التطور الذي كان يراد منه تضميد الجراح التي
سببتها المنافسة الدولية والإنتاج الآلي وفي الحقيقة لم يتحقق هذا الأمل
أبدا.
فالبرغم من النمو الدائم لم يجد باستثناء اليابان عدد متزايد من السكان في
كل دول منظمة التنمية والتعاون الإقتصادي فرص عمل بأجر مناسب .
الرفاهية من خلال
التجارة الحرة : الوعد الكاذب وفقاً للنظريات الإقتصادية السائدة ما كان يمكن أن
تفضي الحلل إلى ما عليه سوق العمل أبداً فالتبادل الحر للسلع عبر الحدود الدولية
يؤدي حسب ما يقوله دعاة التجارة الحرة حتى هذا اليوم إلى زيادة الرفاهية لدى كل
الأمم المشاركة ولتبرير هذا الإدعاء يستشهد الجميع سواء كانوا اساتذة جامعيين أم
سياسيين دائماً وأبداً بنظرية " التكاليف النسبية" التي صاغها الإقتصادي البريطاني
ديفيد ريكاردو في القرن التاسع عشر وكان ريكاردو قد حاول آنذاك أن يوضح أن التجارة
الدولية ستحقق الخير لتلك البلدان أيضاً.
التي هي أدنى إنتاجية مقارنة بشركائها
في التجارة وللدلالة على هذا انطلق ريكاردو من هناك إلى إنتاج النبيذ والنسيج في كل
من بريطانيا والبرتغال وفي حين أن كلاً من البلدين كانا قادرين على إنتاج السلعتين
إلا أن بريطانيا كانت تحتاج آنذاك إلى بذل كمية عمل أكثر أي أنها كانت أدنى إنتاجية
وبالتالي فإن الأمر يبدو كما لو كانت بريطانيا غير قادرة على تصدير شيء من هذه
السلع إلى البرتغال وذلك لأن ثمنها أعلى ومع هذا فإن من فضل للبرتغال أن تتخصص في
إنتاج النبيذ وتصديره إلى بريطانيا أيضاً ربحاً إذا ما تخصصت في إنتاج النسيج
وصدرته إلى البرتغال لتدفع بعائده ثمن النبيذ الذي تستورده من البرتغال وكان تفسير
هذا يكمن في نسبة سعري كلتا البضاعتين في البلد المعني ففي بريطانيا - بناء على
حسابات ريكاردو - تنتج ساعة العمل الواحدة المبذولة في إنتاج النسيج قيمة لا تتحقق
في إنتاج النبيذ إلا ببذل 1.2 ساعة عمل أما في البرتغال فإن الحال عكس ذلك.
إن
قيمة النبيذ في البرتغال نسبياً- أي مقارنة بالنسيج- أدنى من قيمته في بريطانيا من
هنا فإن لكل بلد من هذين البلدين تفوقاً نسبياً أي تفوقاً من حيث التكاليف المقارنة
في إنتاج واحدة من السلعتين وبالتالي فمن مصلحة البرتغال الكف عن إنتاج النسيج
وتشغيل ما لديها من أيدٍ عاملة في إنتاج النبيذ أما بريطانيا فمن الأفضل لها أن
تتخصص في إنتاج النسيج والكف عن إنتاج النبيذ والكف عن إنتاج النبيذ ولو تحقق هذا
فستمنح التجارة كلا الشعبين القدرة على استهلاك كمية أكبر من النبيذ والنسيج من دون
الحاجة إلى بذل عمل أكثر ولا ريب في أن نظرية ريكاردو بسيطة وذكية في آن واحد فهي
تفسر سبب إزدهار المتاجرة العالمية بتلك السلع أيضاً التي بإمكان كلا الطرفين
المتاجرين إنتاجها ولكن ومع هذا كله لا قيمة كبيرة لهذه النظرية بالنسبة للعالم
المعاصر وسبب ذلك يكمن في أن نظرية ريكاردو الرائعة تقوم على فرضية لم تعد متحققة
منذ أمد طويل إن التفوق النسبي من حيث التكاليف يشجع على المتاجرة فقط ما دامت رؤوس
الأموال والمشروعات غير قادرة على الإنتقال إلى الخارج ولا ريب في هذا
الشرط.
كان أمراً مفروغاً منه بالنسبة إلى ريكاردو إذ كان قد كتب قائلاً: " إن
تجارب الماضي تبين أن عدم توافر الأمان وكذلك كراهية كل إنسان بمغادرة مسقط رأسه
والعيش في ظل حكومة أجنبية يعيقان تنقل رأس المال...." وبعد مضي قرن ونصف القرن أكل
الدهر وشرب على فرضية ريكاردو الأساسية فاليوم لا شيء قادر على التنقل بالسرعة التي
ينتقل بها رأس المال فمن ناحية توجه الإستثمارات الدولية تدفق التجارة .
ومن
ناحية أخرى تحدد المليارات المتنقلة بسرعة الضوء أسعار الصرف الأجنبي وكذلك القوة
الشرائية للبلد المعني ولعملته إزاء باقي بلدان العالم.
الحلقة السابقة إلى أن صناعة الآثاث والمنسوجات والأحذية والساعات اليدوية ولعب
الأطفال أضحت مجدية في أوربا الغربية والولايات المتحدة فقط، في حالة أجراء واسعة
من الإنتاج أي الإنتاج الآلي وإلى العالم الخارجي، من ناحية أخرى كانت اليابان قد
إنضمت بصفتها دولة صناعية جديدة إلى صف الرواد القدماء في السوق
العالمي.
راحت تضغظ بالأسعار
المتدنية لصادراتها على باقي الصناعات الأخرى وتمثل رد العالم العربي في بادئ الأمر
بفرض ضرائب جمركيه جمائية وبإجبار اليابان دونما طائل على أن تقدم التعهد بأنها
ستقوم طواعية بالحد من صادراتها إلى هذه البلدان وفي ذات الوقت ظلت الكلمة الأولى
سياسياً وأيديولوجياً في أيدي مناصري حرية التجارة الذين استطاعوا بزعمهم أن أساليب
حمائية من هذا القبيل تقف حجر عثرة في طريق التقدم التكنولوجي- أن يظفروا بأن تطبق
الغالبية.
العظمى من وسائل الحماية لفترة مؤقتة لا غير.
إن التخلي عن الإنتاج
الواسع للسلع الكثيفة العمل البشري والتحول صوب الإنتاج المعتمد على التقنية
العالية وصوب المجتمع الخدمي أصبح هو التطور الذي كان يراد منه تضميد الجراح التي
سببتها المنافسة الدولية والإنتاج الآلي وفي الحقيقة لم يتحقق هذا الأمل
أبدا.
فالبرغم من النمو الدائم لم يجد باستثناء اليابان عدد متزايد من السكان في
كل دول منظمة التنمية والتعاون الإقتصادي فرص عمل بأجر مناسب .
الرفاهية من خلال
التجارة الحرة : الوعد الكاذب وفقاً للنظريات الإقتصادية السائدة ما كان يمكن أن
تفضي الحلل إلى ما عليه سوق العمل أبداً فالتبادل الحر للسلع عبر الحدود الدولية
يؤدي حسب ما يقوله دعاة التجارة الحرة حتى هذا اليوم إلى زيادة الرفاهية لدى كل
الأمم المشاركة ولتبرير هذا الإدعاء يستشهد الجميع سواء كانوا اساتذة جامعيين أم
سياسيين دائماً وأبداً بنظرية " التكاليف النسبية" التي صاغها الإقتصادي البريطاني
ديفيد ريكاردو في القرن التاسع عشر وكان ريكاردو قد حاول آنذاك أن يوضح أن التجارة
الدولية ستحقق الخير لتلك البلدان أيضاً.
التي هي أدنى إنتاجية مقارنة بشركائها
في التجارة وللدلالة على هذا انطلق ريكاردو من هناك إلى إنتاج النبيذ والنسيج في كل
من بريطانيا والبرتغال وفي حين أن كلاً من البلدين كانا قادرين على إنتاج السلعتين
إلا أن بريطانيا كانت تحتاج آنذاك إلى بذل كمية عمل أكثر أي أنها كانت أدنى إنتاجية
وبالتالي فإن الأمر يبدو كما لو كانت بريطانيا غير قادرة على تصدير شيء من هذه
السلع إلى البرتغال وذلك لأن ثمنها أعلى ومع هذا فإن من فضل للبرتغال أن تتخصص في
إنتاج النبيذ وتصديره إلى بريطانيا أيضاً ربحاً إذا ما تخصصت في إنتاج النسيج
وصدرته إلى البرتغال لتدفع بعائده ثمن النبيذ الذي تستورده من البرتغال وكان تفسير
هذا يكمن في نسبة سعري كلتا البضاعتين في البلد المعني ففي بريطانيا - بناء على
حسابات ريكاردو - تنتج ساعة العمل الواحدة المبذولة في إنتاج النسيج قيمة لا تتحقق
في إنتاج النبيذ إلا ببذل 1.2 ساعة عمل أما في البرتغال فإن الحال عكس ذلك.
إن
قيمة النبيذ في البرتغال نسبياً- أي مقارنة بالنسيج- أدنى من قيمته في بريطانيا من
هنا فإن لكل بلد من هذين البلدين تفوقاً نسبياً أي تفوقاً من حيث التكاليف المقارنة
في إنتاج واحدة من السلعتين وبالتالي فمن مصلحة البرتغال الكف عن إنتاج النسيج
وتشغيل ما لديها من أيدٍ عاملة في إنتاج النبيذ أما بريطانيا فمن الأفضل لها أن
تتخصص في إنتاج النسيج والكف عن إنتاج النبيذ والكف عن إنتاج النبيذ ولو تحقق هذا
فستمنح التجارة كلا الشعبين القدرة على استهلاك كمية أكبر من النبيذ والنسيج من دون
الحاجة إلى بذل عمل أكثر ولا ريب في أن نظرية ريكاردو بسيطة وذكية في آن واحد فهي
تفسر سبب إزدهار المتاجرة العالمية بتلك السلع أيضاً التي بإمكان كلا الطرفين
المتاجرين إنتاجها ولكن ومع هذا كله لا قيمة كبيرة لهذه النظرية بالنسبة للعالم
المعاصر وسبب ذلك يكمن في أن نظرية ريكاردو الرائعة تقوم على فرضية لم تعد متحققة
منذ أمد طويل إن التفوق النسبي من حيث التكاليف يشجع على المتاجرة فقط ما دامت رؤوس
الأموال والمشروعات غير قادرة على الإنتقال إلى الخارج ولا ريب في هذا
الشرط.
كان أمراً مفروغاً منه بالنسبة إلى ريكاردو إذ كان قد كتب قائلاً: " إن
تجارب الماضي تبين أن عدم توافر الأمان وكذلك كراهية كل إنسان بمغادرة مسقط رأسه
والعيش في ظل حكومة أجنبية يعيقان تنقل رأس المال...." وبعد مضي قرن ونصف القرن أكل
الدهر وشرب على فرضية ريكاردو الأساسية فاليوم لا شيء قادر على التنقل بالسرعة التي
ينتقل بها رأس المال فمن ناحية توجه الإستثمارات الدولية تدفق التجارة .
ومن
ناحية أخرى تحدد المليارات المتنقلة بسرعة الضوء أسعار الصرف الأجنبي وكذلك القوة
الشرائية للبلد المعني ولعملته إزاء باقي بلدان العالم.