;

النمو السكـاني والتطرف والإرهاب في اليمن 896

2009-12-02 04:01:12

عبدالعزيز
حمد العويشق


عندما يتحدث المسؤولون اليمنيون وخبراء التنمية عن
التحديات التي يواجهها اليمن، يأتي في طليعتها "الانفجار السكاني"، أي النمو
السكاني الذي يفوق قدرة الاقتصاد على النمو.
وعندما نستعرض إحصائيات السكان
والبطالة تتضح أبعاد هذا التحدي، الذي يربط الكثيرون بينه وبين ظاهرتي التشدد
والإرهاب، حيث توفر أعداد العاطلين عن العمل والمحرومين من الفرص الاقتصادية

مجالاً خصباً للتجنيد لحركات التطرف
والتمرد.
ويبلغ عدد السكان في اليمن حوالي 23 مليوناً، بمعدل نمو 3% سنوياً، وهو
أحد أعلى مستويات النمو في العالم.
ويُتوقع أن يصل عدد السكان إلى 30 مليوناً
خلال السنوات القليلة القادمة.
أما على المدى البعيد، فإن دراسة أعدتها وزارة
التخطيط والتعاون الدولي، بالتعاون مع المجلس الوطني للسكان وأحد بيوت الخبرة
الدولية، توقعت أن يصل عددهم في عام 2033 إلى ما يتراوح بين 50 و60 مليوناً، حسب
سيناريوهات مختلفة.
فإذا تذكرنا أن ذلك يحدث في ظل تناقص مثير للقلق للموارد
الطبيعية والدخل الحكومي، فإن الوضع ينذر بكارثة ذات أبعاد داخلية وخارجية يجب أن
تقلق جيران اليمن كما هي مقلقة لليمن نفسه.
ومع أن الدستور اليمني يضمن للمواطن
حق العمل إلا أن الاقتصاد لا يستطيع تقديم سوى عدد محدود من الوظائف لاستيعاب
الأعداد المتزايدة من الباحثين عن عمل.
فوفقاً للتقديرات الرسمية، يبلغ عدد
المشتغلين فعلاً في عام 2009 حوالي 4 ملايين فقط، أو ما نسبته 33% من أصل 12
مليوناً هم القوى البشرية في اليمن أي إجمالي السكان في سن العمل، وهي نسبة متدنية
بالمقاييس العالمية، حيث تتجاوز النسبة 60% عادة.
ماذا يعني أن ثلث من هم في سن
العمل يعملون بالفعل؟ يتجاوز حجم القوى البشرية في اليمن 12 مليوناً هم من يمكن أن
ينخرطوا في العمل المنتج، ولكن نسبة محدودة منهم 4 ملايين أو 33% تعمل، أما الباقون
(8 ملايين) فلا يعملون، ويشكلون طاقة إنتاجية كامنة ولكنها مهدرة.
وبنسبة عدد
المشتغلين إلى إجمالي السكان الإجمالي، فإن واحداً فقط من كل خمسة مواطنين يعمل
فعلاً، أي أن 19 مليوناً من المواطنين، أو 82% من إجمالي السكان، لا
يعملون.
فإذا تذكرنا أن الشباب يشكلون النسبة العظمى من المحرومين والعاطلين عن
العمل، إذ يبلغ عدد من هم في الفترة العمرية الحرجة (15-25) حوالي خمسة ملايين شخص
حالياً، وأن سوق العمل ومقاعد الدراسة لا تستطيع استيعاب سوى نسبة محدودة منهم، فإن
الصورة تنذر بالخطر من انجراف بعضهم إلى الأعمال غير الشرعية.
ويدرك الكثير من
المسؤولين اليمنيين أبعاد هذه المشكلة والاحتمالات الممكنة لتداعياتها وإفرازاتها،
ويصفونها بالكارثية، ففي مؤتمر خصصته الحكومة للقضية السكانية، وحضره عدد من
المسؤولين الوزراء ليستمعوا إلى توقعات الخبراء الدوليين والمختصين اليمنيين حول
هذه القنبلة الموقوتة، حذر أحد الوزراء صراحة من أن تزايد أعداد السكان وعدم توفر
الفرص التعليمية والعملية للشباب قد "يقود إلى تحولهم فريسة للتطرف والإرهاب
والغلو، والأعمال غير الشرعية، ناهيكم عن الفقر والبطالة." ما هي الحلول؟ من الواضح
أن الحل الأساسي لمشكلة بطالة الشباب يتلخص في أمرين هما تحفيز قدرة الاقتصاد
اليمني على خلق وظائف جديدة، وتأهيل العمالة اليمنية للعمل في وظائف ذات مردود مالي
وقيمة مضافة في اليمن أو خارجه.
ولكن هذا الحل يحتاج إلى وقت وموارد قد لا تكون
متوفرة لدى الحكومة اليمنية حالياً، فعلى الرغم من وجود بعض برامج التدريب
والتأهيل، إلا أن التراجع المستمر في موارد الدولة يعني عدم القدرة على معالجة
الظاهرة بالسرعة الكافية، ومن هنا فإن توجه عدد من الدول المانحة - مثل المملكة
العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وهولندا وبريطانيا - إلى بناء المعاهد
الفنية ومراكز التدريب المهني وتعزيز برامج التدريب والتعليم في اليمن خطوة في
الاتجاه الصحيح، ولكنها خطوة ستأخذ وقتاً لتأتي أُكُلها.
وإلى أن يتحقق ذلك، فإن
من المتوقع أن تستفحل تداعيات هذا المزيج بين نمو اقتصادي متباطئ، ومعدل نمو سكاني
هو أحد أعلى المعدلات في العالم، ومعدل مشاركة للمواطنين في العمل المنتج هو أحد
أدنى النسب في العالم أيضاً.
وسيظل هذا الجيش المتنامي من العاطلين عن العمل
والمهمشين اقتصادياً مصدر قلق وتوجس.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد