;

المسلم .. والمئذنة 779

2009-12-06 06:02:51

أحمد عمرو


تناولت العديد من وكالات الأنباء خبر نتيجة
الاستفتاء العام الذي أُجري في سويسرا الأحد 29/11/2009 حول حذر بناء المآذن، حيث
أيد تلك المبادرة 57. 4% من إجمالي المصوتين السوسريين.
وتدعو المبادرة إلى إضافة
جملة إلى البند 72 من الدستور السويسري تقضي "بمنع بناء المآذن".
وشهدت قضية
بناء مساجد ذات مآذن في سويسرا كثيرًا من الجدل سواء في الداخل السويسري أو

في العالم الإسلامي، وتطرق للحديث
عنها كثير من العلماء والدعاة.
وتعكس نتيجة هذا الاستفتاء مدى تخوفات المجتمع
السويسري من الدور الذي يقوم به المسجد، كما تشير إلى حالة عدم تقبل أو قل الرفض
لكل ما يشير للإسلام.
ومع أن الكثير من المتابعين سيتخذ من تلك النتيجة دليلاً
على عداء الغرب وكرهه للإسلام، إلا إن هناك عددًا من القضايا نحن بحاجة لرؤيتها من
قريب.
أولاً: ما الذي يحمله بناء مئذنة للمسجد من منظور شرعي؟ بداية لايمكننا أن
ننكر أهمية المئذنة كرمز تاريخي يدل على وجود المسلمين، فالمئذنة تشكل جزءًا من
التاريخ الإسلامي يصل إلى حدود القرن الثامن الميلادي وهي تعبر عن انتصار المسلمين
وأماكن تواجدهم كما انها علامة عزة وثبات، ومنارة للدعوة للصلاة في بلاد تقل فيها
المساجد وتترامى فيها اطراف المساحات السكنية، مما قد يدعو بعض العلماء لاعتبارها
من مصالح المسلمين المرسلة النافعة لهم والمرشدة للمساجد والصلاة.
يقول الأستاذ
رشيد بن زين: (ومع أننا نجهل تاريخ بناء أول مسجد؛ إلا أن بعض الدلائل تشير إلى أن
أول مبنى يستحق أن يحمل اسم مئذنة بُني في عام 665 ميلادية في سوريا.
البعض
الآخر يرى أن المآذن الأولى ظهرت أول مرة في مسجد دمشق سنة 705 ميلادية في عهد
الخليفة الأموي الوليد الأول.
ووجدت الآثار الأكثر قدمًا الدالة على وجود مبنى
بهذا الوصف فعلاً في "بصرة"، حوالي 145 كم جنوب دمشق.
وفي كل الحالات، يرتبط
ظهور المئذنة بالعهد الأموي؛ وقبل أن يتم تعميمها فعليًا بشكل أكبر خلال القرون
التالية من حكم العباسيين).
لكن أيًا ما يكن من أمر، فمن الناحية الشرعية لا
تمثل المئذنة واجبًا إسلاميًا، أو ضرورة دينية، انما هي كما ذكرنا طراز معماري
إسلامي ظهر في العهد الأموي أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه
الراشدين، ولها بعض الفوائد والمصالح للمسلمين، إذن فالقضية تختلف كثيرًا عن قضية
الحجاب الذي تستحق ما يُبذل من جهد ومعارضة، لما يمثله الحجاب من فرضية إسلامية
مهمة.
من هنا فقد يكون ما أثير حولها من جدل وزوبعة أدى في رأي بعض المحللين إلى
نتائج عكسية، فقد أظهرت آخر نتائج الاستطلاعات التي أجريت قبل يوم الاستفتاء أن 53%
من السويسريين سيرفضون المبادرة فيما سيقبلها حوالي 37%، ما يعني أن تحولا حدث
أثناء فترة التصويت، هذا التحول كان نتاجًا طبيعيًا لحملات التشهير والتخويف التي
قامت بها الأحزاب اليمينية المتطرفة، فقد أعطى الزخم حول تلك القضية الفرصة سانحة "
وخلص الخبير السويسري باشكيم أيسني"، الباحث في الشأن الإسلامي بجامعة لوزان، في
تصريحات ل"إسلام أون لاين. نت"إلى أن "نتائج الاستفتاء وانتصار مبادرة اليمين
المتطرف فتحت الباب لأول مرة لتسييس الإسلام السويسري، وجعلت من رموز الإسلام
الثقافية مثل المآذن قضية سياسية".
وأضاف إيسني: "انتصار اليمين المتطرف في جمع
كل هذه الأصوات في نظري يعود إلى كونه حول وجهة النقاش والجدل من مجرد جدل حول
المآذن إلى مشكلة الإسلام والمسلمين، ونقل الصور التي تجري في العالم الإسلامي وصور
الإرهاب إلى مخيلة الرأي العام السويسري".
ويضيف إبرام: "لا يتعلق الأمر بمجرد
مبادرة شعبية من أجل حظر بناء المآذن، هذه المبادرة تكشف أن هناك خللا في عملنا
كمنظمات وأقلية مسلمة في أن نوصل الخطاب الإسلامي وأن نقوم بالعمل الدعوي بما يتيح
لنا التواصل مع المجتمع السويسري".
لقد تحول المسجد في سويسرا إلى نقطة تمركز
للخطاب المعادي للإسلام.
وكان من نتائج تلك إثارة تلك القضية أيضًا تعرض المساجد
والمراكز الإسلامية إلى انتهاكات عنصرية ما دعا الدكتور عبد الله بن عبد المحسن
التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بالحكومة السويسرية للعمل على منع
الهجمات على مقر المؤسسة الثقافة الإسلامية وعلى المسجد.
وهو الأمر الذي دعا
إمام مسجد المؤسسة الثقافية الإسلامية إلى قوله: "من الواضح أننا أمام عملية تخويف
منظمة تستغل الأجواء الإسلاموفوبية الحالية التي أحدثها كل هذا الجدل حول
المآذن".
أيهما أولى المسلم أم المئذنة؟: منذ ثلاثين سنة تقريبًا والإسلام ينتشر
في سويسرا بطريقة مستمرة وبنسبة كبيرة، فقد بلغ عدد المسلمين حوالي 17 ألفًا في سنة
1970 ثم 56 ألفًا في سنة 1980، و152 ألفًا في سنة 1990، ويتجاوز عددهم 300 ألف مسلم
طبقا للتعداد السكاني سنة 2000.
وتتكون الجالية المسلمة في سويسرا من مهاجرين
وفدوا إليها بحثًا عن العمل، وأول روافد هذه الهجرة كانوا من الأتراك ثم تلاهم
العرب، وفي أول استطلاع رأي نشرته جريدة(Sonntagsblick ) الأسبوعية حول النظرة
السويسرية للمسلمين في سويسرا يوم 28 نوفمبر 2004 نجد أن 76% من السكان السويسريين
غير المسلمين لا يعتبرون المسلمين خطرا، و53% ليسوا ضد ارتداء الحجاب في ساحة العمل
ويقول يوسف إبرام أحد أئمة المساجد في سويسرا: "في كل أسبوع تقريبًا هناك سويسري
ينطق الشهادتين في مسجدنا، طبعًا هذا لا يتعلق بالإحصائيات التي تشمل المساجد
الأخرى".
وهو ما يعني أن هناك إقبالا كبيرًا على دخول الإسلام في سويسرا وهناك
أيضًا تقبلا شعبيًا، ويجب أن تستغل مثل هذه البيئة للاهتمام بالدعوة داخل المجتمع
السويسري والتركيز على كسب معتنقين للإسلام جدد، إن مسلمًا جديدًا يشهد أن لا إله
إلا الله أولى من ألف مئذنة وأهم، لقد نجح البعض في جر المسلمين إلى قضية جديدة
سعيًا منهم لإفساد البيئة التي كانت في مجملها غير مناهضة للمسلمين ولا للإسلام،
وكانت كل يوم تكسب مسلمين جدد.
قفة الثالثة والهامة وهي مع الإعلام، خاصة ما
يمكن أن يطلق عليه إعلام إسلامي، ففي الوقت الذي يصب الإعلام العلماني تركيزه على
القضايا ذات البريق الإعلامي بصرف النظر عن أهميتها وقيمتها، فلم أجد فيما طالعت من
مواقع إخبارية إسلامية أي تحليل رزين عن واقع المسلمين في سويسرا وما هي أهم
مشكلاتهم وما هي تطلعاتهم واهتماماتهم وكيف يمكن أن يساهم العالم الإسلامي في إزالة
تلك المعوقات؟، كل ما يمكن أن يقال: إن وسائلنا الإعلامية ستتباري في تناول القضية
من وجهة نظر عاطفية لتولد ردود فعل عاطفية أيضًا لفترة من الوقت ثم يهدأ الأمر
وينسى الجميع.
نقلاً عن مفكرة الإسلام

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد