أشرنا في
الحلقة السابقة إلى أنه في سياق غياب أي ضغوط مضادة ورقابة حكومية أخذ يسود الآن
خطوة بعد خطوة في اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية مبدأ صار يسود المجتمع
الأمريكي برمته وهو أن الرابح يحصل بمفرده على كل الثمار وهي الصيغة التي تعمل
وفقها غالبية المشروعات اليوم.
ومعنى هذا هو أنه قد جرى التخلي من دون إنذار سابق عن عقد اجتماعي كان لمدة
طويلة عرفاً يعتد به فعندما كان النجاح حليف I.B.M أو MOTORS GENERAL أو أي مشروع
آخر كان هذا النجاح فيما مضى من الزمن فوز للمستخدمين أيضاً أما الآن فإنه لم يعد
وجود لهذا فحسب تقديرات وليم ديكنز من مؤسسة بروكنز كانت الغالبية العظمى من
الشركات الأمريكية الكبرى تتقاسم حتى وقت قريب أي حتى مطلع الثمانينيات على وجه
التحديد ما يقرب من 70 % من أرباحها مع العاملين لديها وكانت الشركات الكبرى على
وجه الخصوص تعطى مستخدميها رواتب تفوق ما جرت العادة على دفعه في سوق العمل
الشبيهة.
من ناحية أخرى كانت القاعدة المتبعة هي أن تقوم فروع العمل المربحة
بدعم الفروع الأقل ربحية وبالتالي فما كانت شرطاً أن يحقق كل فرع أعلى معدل ربحية
سائداً المهم هو أن يحقق المشروع ككل ربحاً معقولاً إلا أن ما حدث هو أن الاقتصاد
المالي المتحرر من رقابة الدولة قد حول هذه الميزة الاجتماعية إلى سوء إدارة
فسماسرة المال الحاذقون العاملون لدى مصارف الاستثمار المقيمة في "وول ستريت" كانوا
أول من اكتشفوا الفرصة الذهبية للمضاربين فقد راحوا يشترون بما يقترضون من أموال
شركات مساهمة وذلك لكي يقوموا بتجزئتها إلى شركات صغيرة متحررة من كل عامل يمكن
الاستغناء عنه أو يحصل على أجر مرتفع ومن ثم يبيعونها في السوق بأرباح دسمة وكانت
هذه الاستراتيجية المدمرة لفرص العمل قد نالت شهرة واسعة وحظيت باهتمام "هوليوود"
إذ كانت محور الفيلم السينمائي "وول ستريت" حيث يقوم فيه الوسيط المالي المعدم
الضمير "جو ردون جيكو" بتدمير شركة طيران على حساب العاملين لديها وبالتالي
وتفادياً لمثل هكذا عمليات الشراء المعادية هذه سرعان ما أخذ مديرو الشركات ينفذون
التحولات المطلوبة بأنفسهم دونما رحمة أو رأفة بأحد فعلى سبيل المثال حولت I.B.M
حتى سائقي سيارات المؤسسة إلى أرباب عمل يعملون لحسابهم الخاصة كما أنها خفضت رواتب
مديرات مكاتب المديرين إلى النصف.
من ناحية أخرى عرض على الكثير من العاملين في
الفرق المختلفة ما عرض على الأربعة عشر ألف مستخدما لدى I.B.M في فرنسا إبان أعياد
الميلاد في عام 1994 أيضاً أنه الخيار بين تخفيض الأجر أو التسريح عن العمل في عام
2000م وتفادياً للتسريح ما كان بوسعهم سوى التنازل طواعية عن عشر رواتبهم وبهذا
الأسلوب خفضت I.B.M في الفترة الواقعة بين عام 1991 وعام 1995 تكاليف العمل بمقدار
الثلث وأضاعت على 122 ألفاً من البشر فرص عملهم في الوقت نفسه كافأ مجلس الإدارة
الأعضاء الخمسة المسؤولين في مجلس المديرين عن تنفيذ عملية تقليص فرع العمل
بمدفوعات نقدية تبلغ 5.8 مليون دولار لكل واحد منهم بالإضافة لراتبه والرسالة واضحة
لا لبس فيها سوى لدى I.B.M أو لدى الآخرين حيثما كانوا إن معيار نجاح المشروع هو ما
يجنيه المساهم من أرباح أولاً وأخيراً.
وبالنسبة إلى مؤسسة I.B.M فإن سعر السهم
والربح المدفوع للمساهم قد حطما منذ عام 1995 كل الأرقام القياسية السابقة ويفسر
هذا المنطق السبب الذي يجعل العاملين لدى هذه المشاريع المحققة للأرباح الدسمة
يتوجسون الآن فخامة التسريح عن العمل في كل حين.
الفزع من اللامساواة على هذا
النحو أخذت المشروعات تقلب رأساً على عقب المبدأ الذي أسبغ في الماضي على النظام
الرأسمالي الأمريكي تنوعه ومكنه من أن ينتصر في كل أرجاء المعمورة: أعني الوعد الذي
كان "هنري فورد" قد قطعة على نفسه فحينما رفع الرأسمالي الأمريكي القديم في عام
1914 أجور العمال لديه إلى الضعف وصار يدفع لهم خمسة دولارات واصفة خطوته هذا بأنها
"جريمة اقتصادية" وفي الواقع لم يقدم فورد على هذه الخطوة إلا لأنه كان قد توصل
بنفسه إلى المنطق الذي ساد فيما بعد في الاقتصاد الوطني المتسارع النمو فإذا كان
متناول الجميع فإنه يتعين تمكين الزبائن المحتملين من الحصول على دخول تكفي لاقتناء
السلع الجديدة ولذا فإنه راح يدفع لعماله دخولاً تكفي رواتب ثلاثة شهور منها لشراء
إحدى سياراته من "موديل تي" ولا ريب في أن هذه النسبة لم تعد متحققة اليوم للكثير
من العاملين لدى الشركات المصنعة للسيارات خاصة عندما يعمل هؤلاء في المكسيك أو في
جنوب شرق آسيا أو في الولايات المتحدة الأمريكية الجنوبية فإزالة الحدود الوطنية من
طريق التجارة الدولية وتدمير النقابات العمالية قد "قضى على كل الروادع" كما يقول
شاكيا روبرت رايش الاقتصادي المعروف ووزير العمل السابق في حكومة
كلينتون.
الحلقة السابقة إلى أنه في سياق غياب أي ضغوط مضادة ورقابة حكومية أخذ يسود الآن
خطوة بعد خطوة في اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية مبدأ صار يسود المجتمع
الأمريكي برمته وهو أن الرابح يحصل بمفرده على كل الثمار وهي الصيغة التي تعمل
وفقها غالبية المشروعات اليوم.
ومعنى هذا هو أنه قد جرى التخلي من دون إنذار سابق عن عقد اجتماعي كان لمدة
طويلة عرفاً يعتد به فعندما كان النجاح حليف I.B.M أو MOTORS GENERAL أو أي مشروع
آخر كان هذا النجاح فيما مضى من الزمن فوز للمستخدمين أيضاً أما الآن فإنه لم يعد
وجود لهذا فحسب تقديرات وليم ديكنز من مؤسسة بروكنز كانت الغالبية العظمى من
الشركات الأمريكية الكبرى تتقاسم حتى وقت قريب أي حتى مطلع الثمانينيات على وجه
التحديد ما يقرب من 70 % من أرباحها مع العاملين لديها وكانت الشركات الكبرى على
وجه الخصوص تعطى مستخدميها رواتب تفوق ما جرت العادة على دفعه في سوق العمل
الشبيهة.
من ناحية أخرى كانت القاعدة المتبعة هي أن تقوم فروع العمل المربحة
بدعم الفروع الأقل ربحية وبالتالي فما كانت شرطاً أن يحقق كل فرع أعلى معدل ربحية
سائداً المهم هو أن يحقق المشروع ككل ربحاً معقولاً إلا أن ما حدث هو أن الاقتصاد
المالي المتحرر من رقابة الدولة قد حول هذه الميزة الاجتماعية إلى سوء إدارة
فسماسرة المال الحاذقون العاملون لدى مصارف الاستثمار المقيمة في "وول ستريت" كانوا
أول من اكتشفوا الفرصة الذهبية للمضاربين فقد راحوا يشترون بما يقترضون من أموال
شركات مساهمة وذلك لكي يقوموا بتجزئتها إلى شركات صغيرة متحررة من كل عامل يمكن
الاستغناء عنه أو يحصل على أجر مرتفع ومن ثم يبيعونها في السوق بأرباح دسمة وكانت
هذه الاستراتيجية المدمرة لفرص العمل قد نالت شهرة واسعة وحظيت باهتمام "هوليوود"
إذ كانت محور الفيلم السينمائي "وول ستريت" حيث يقوم فيه الوسيط المالي المعدم
الضمير "جو ردون جيكو" بتدمير شركة طيران على حساب العاملين لديها وبالتالي
وتفادياً لمثل هكذا عمليات الشراء المعادية هذه سرعان ما أخذ مديرو الشركات ينفذون
التحولات المطلوبة بأنفسهم دونما رحمة أو رأفة بأحد فعلى سبيل المثال حولت I.B.M
حتى سائقي سيارات المؤسسة إلى أرباب عمل يعملون لحسابهم الخاصة كما أنها خفضت رواتب
مديرات مكاتب المديرين إلى النصف.
من ناحية أخرى عرض على الكثير من العاملين في
الفرق المختلفة ما عرض على الأربعة عشر ألف مستخدما لدى I.B.M في فرنسا إبان أعياد
الميلاد في عام 1994 أيضاً أنه الخيار بين تخفيض الأجر أو التسريح عن العمل في عام
2000م وتفادياً للتسريح ما كان بوسعهم سوى التنازل طواعية عن عشر رواتبهم وبهذا
الأسلوب خفضت I.B.M في الفترة الواقعة بين عام 1991 وعام 1995 تكاليف العمل بمقدار
الثلث وأضاعت على 122 ألفاً من البشر فرص عملهم في الوقت نفسه كافأ مجلس الإدارة
الأعضاء الخمسة المسؤولين في مجلس المديرين عن تنفيذ عملية تقليص فرع العمل
بمدفوعات نقدية تبلغ 5.8 مليون دولار لكل واحد منهم بالإضافة لراتبه والرسالة واضحة
لا لبس فيها سوى لدى I.B.M أو لدى الآخرين حيثما كانوا إن معيار نجاح المشروع هو ما
يجنيه المساهم من أرباح أولاً وأخيراً.
وبالنسبة إلى مؤسسة I.B.M فإن سعر السهم
والربح المدفوع للمساهم قد حطما منذ عام 1995 كل الأرقام القياسية السابقة ويفسر
هذا المنطق السبب الذي يجعل العاملين لدى هذه المشاريع المحققة للأرباح الدسمة
يتوجسون الآن فخامة التسريح عن العمل في كل حين.
الفزع من اللامساواة على هذا
النحو أخذت المشروعات تقلب رأساً على عقب المبدأ الذي أسبغ في الماضي على النظام
الرأسمالي الأمريكي تنوعه ومكنه من أن ينتصر في كل أرجاء المعمورة: أعني الوعد الذي
كان "هنري فورد" قد قطعة على نفسه فحينما رفع الرأسمالي الأمريكي القديم في عام
1914 أجور العمال لديه إلى الضعف وصار يدفع لهم خمسة دولارات واصفة خطوته هذا بأنها
"جريمة اقتصادية" وفي الواقع لم يقدم فورد على هذه الخطوة إلا لأنه كان قد توصل
بنفسه إلى المنطق الذي ساد فيما بعد في الاقتصاد الوطني المتسارع النمو فإذا كان
متناول الجميع فإنه يتعين تمكين الزبائن المحتملين من الحصول على دخول تكفي لاقتناء
السلع الجديدة ولذا فإنه راح يدفع لعماله دخولاً تكفي رواتب ثلاثة شهور منها لشراء
إحدى سياراته من "موديل تي" ولا ريب في أن هذه النسبة لم تعد متحققة اليوم للكثير
من العاملين لدى الشركات المصنعة للسيارات خاصة عندما يعمل هؤلاء في المكسيك أو في
جنوب شرق آسيا أو في الولايات المتحدة الأمريكية الجنوبية فإزالة الحدود الوطنية من
طريق التجارة الدولية وتدمير النقابات العمالية قد "قضى على كل الروادع" كما يقول
شاكيا روبرت رايش الاقتصادي المعروف ووزير العمل السابق في حكومة
كلينتون.