علي رشيد
الوطني تحت قبة مجلس الشورى بمناسبة الذكرى الثانية والأربعين للاستقلال الوطني
جهداً جديداً تبذله القيادة السياسية لصالح خلق مناخات جديدة تحاول من خلالها القوى
السياسية العمل على بلورة توافق وطني يؤدي إلى احتواء الأزمات الناشئة في أرجاء
الوطن .
الجديد والمميز في هذه الدعوة اليوم أنها ستكون في ظل إحدى المؤسسات
الدستورية للدولة ، هذه المؤسسة التي
تزخر بالكوادر المجربة الحكيمة من جميع الاتجاهات والقوى السياسية (( مجلس الشورى
)) هذا المجلس الذي نعتقد جازمين انه بحكمة أعضائه وخبرتهم ومهارتهم في الميادين
المختلفة قادرين على لعب دور ريادي يساعد على حلحلة العديد من النقاط محل الخلاف
بين أطراف العملية السياسية في البلد .
وهذا ما كنا ولازلنا كمواطنين نبحث عنه ،
إذ أننا نبحث عن الحكمة المعقولة في الخبرات والتجارب فلا مجال أمامنا اليوم
للاسمرار في المغامرات غير المحسوبة أو تكرار التجارب الفاشلة أو استمرار ضبابية
الرؤى وعدم وضوح المقاصد.
إن ما ندعو القوى المختلفة اليوم إليه هو أن تركز على
مكاسب الحركة الوطنية اليمنية والتي صارت اليوم ملكاً لأبناء هذا الشعب ، فقضية
الوحدة كمنجز استراتيجي أمر مفروع منه ولكن بعد تجربه عشرين سنة ماضية ، لابد من
التفكير و الاستقصاء عن أنجع الوسائل التي تساعدنا كيمنيين على الحفاظ على هذا
المنجز الكبير وتجعل الوحدة جزءاً من أحلامنا التي تحققت ومبادئنا التي ترسخت
وهويتنا التي تجذرت، كما أن التعددية السياسية كانت كبرى إنجازات المشروع الوحدوي ،
فلا بد أن تعطي القوى المتحاورة لهذا الانجاز حقه في إخراج مقبول جماهيري يمّكن
اليمنيين من الاستمرار في المحافظة على وحدتهم ووطنهم كما يمكنهم من معالجات نقاط
الخلل والضعف التي تم تطبيق التعددية السياسية في ظلها.
لابد أن تقضي التعددية
السياسية إلى وفاق سياسي مقبول يسمح بإدارة البلد في أجواء تنموية مستقرة ولا بد أن
ترتقي القوى السياسية المختلفة إلى مستوى رعاية هذا المنجز الاستراتيجي ولا تستمر
في تناحرها ولهثها وراء أوهام لا حقيقة لها.
كما أن حرية التعبير خلال عشرين سنة
ماضية كانت واحداً من الانجازات المهمة التي يشير إليها الجميع بالبنان ولكن دخنها
واضح وتداخلاتها جلية وحوصرت هذه الحرية بين مؤيد ومعارض ولهذا فهي بحاجة إلى وقوف
جاد من قبل المتحاورين لنصل إلى ما يحمي هذه التجربة ويرشدها ويحافظ عليها من
الأخطاء القاتلة، ولن يكون ذلك إلا إذا استشعرنا المسؤولية الوطنية كمسئولية جماعية
لا يحتكرها أحد.
وأما النضال السلمي الذي تم القذف به إلى الشارع فما كان له
ليكون لولا الوحدة المباركة وسعة صدر القيادة السياسية ورغبتها في بلورة واقعية
لجهود الناس دون احتكار ومزايدة.
ورأينا بأم العين كيف يمكن للنضال السلمي أن
يحقق كثيراً من مطالب الناس ولكن عندما تكون التكاليف مقبولة وأما حين تصير الفوضى
والشللية والمناطقية والجنون شعارات هذا النضال فلابد لأصحاب التجارب وأهل الخبرات
من أن يتدارسوا الأمر ويسارعوا في التقارب والتوافق على ما يكفل للوطن والمواطن
أمنه واستقراره، وعلى القوى السياسية الفاعلة أن تعلم أن ضياع مزيد من الفرص لا
يعني إلا مزيداً من التأزم لأوضاع المواطنين وتحميلهم مالا يطيقون ، كما عليها أن
تدرك أن كثرة التفاصيل والاختلافات مؤشر سلبي في ظل أزمات الوطن الكبرى اليوم ، نعم
يدرك الناس أن هناك كثير من المطالب وكثيراً من المظالم وكثيراً من المعاناة ولكن
يجب أن توضع الأسس التي يجب على ضوئها وبتدرج معالجة القضايا ولهذا نؤكد على ضرورة
حماية مكتسباتنا الوطنية وعدم التفريط بها والإمعان في التيه فيما لا طائل
وراءه.
إننا نناشد القوى السياسية بشكل عام وفي مقدمتها الحزب الحاكم- أن يضحوا
من أجل هذا الوطن وأن يتنازلوا لصالح هذا البلد وان يعلموا أن أحلام الناس بسيطة
((تنمية وأمن )) بحدود معقولة فهل ينصت الحكماء والعقلاء والتيارات السياسية
المختلفة ويغتنمونا هذه الفرصة ولا يضيعونها؟.