الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، مصرا على أن يبقى حزبه معزولا عن الوطن
اللبناني، أو بمعنى آخر، شوكة في ظهر هذا الوطن، الذي انتظر طويلا إقرار الوثيقة
السياسية الجديدة له، وهى الوثيقة التي اعتقد اللبنانيون، أنها ستأتي لتؤسس مرحلة
جديدة للحزب، تجعله أقرب إلى مفهوم الحزب السياسي، منه إلى مفهوم الميليشيا
العسكرية، الذي أضر بالمجتمع اللبناني كثيرا، بإبقائه على وضع "العسكرة"، بما يجعل
الشعب اللبناني يعيش في أجواء "الحرب الأهلية".
كان بوسع قادة حزب الله، أن يقودوا نقلة نوعية في المجتمع
اللبناني، أو بالأحرى ثورة ديمقراطية، بطرحها لوثيقة سياسية جديدة تحترم سيادة
الدولة، ولا تعاديها، لكن اختار قادة الحزب الالتصاق بملالي إيران، الذين فرضوا على
المؤتمر العام للحزب اختياراته في مجلس شورى الحزب.
ربما لا يكون منصفا، توجيه
اللوم إلى حزب الله في التصاقه بإيران، فالحزب يعرف جيدا أن الأموال التي تأتيه
مباشرة من الحرس الثوري الإيراني، ليست "لوجه الله"، فهناك ثمن يجب أن يتم دفعه،
مقابل كل "دولار" يحصل عليه الحزب، ليمول صفقات التسلح الخاصة به، ورواتب عناصره
وقادته، لذلك لم يكن غريبا أن تأتي الوثيقة السياسية الجديدة للحزب، لتحفظ لإيران
سطوتها ونفوذها داخل الحزب، وهو النفوذ الذي وصل إلى حد دخول فيلق القدس التابع
للحرس الثوري الإيراني، طرفا رئيسيا في الصراع الداخلي على اختيار خليفة "عماد
مغنية"، وزير دفاع الحزب الذي اغتيل في دمشق.
ولقد جاءت الوثيقة السياسية
الجديدة للحزب، غير مقنعة للشارع اللبناني، أو بالأحرى مخيبة لآماله، وحتى قوى
الرابع عشر من آذار نفسها، التي تمثل الأغلبية في الائتلاف الحكومي، الذي يشارك فيه
الحزب، لم تجد جديداً في الوثيقة السياسية الثانية للحزب، بعد أن كانت تأمل في أن
يحدث انضمام الحزب إلى حكومة الحريري تغيرا نوعيا في سلوكياته داخل لبنان، خاصة
فيما يتعلق بملف "سلاح الحزب"، الذي لم تبد الوثيقة أي لين في معالجته، وهو ما
يبقيه ملفا ساخنا على المائدة السياسية للبنانيين، وربما يبقى "قنبلة" قابلة
للانفجارفي أية لحظة، إذا وجدت من يفجرها، وما أكثرهم في بلد مثل لبنان.