بن قبلان السقطري
حول الرحى المنهكة تحت ضباب وأمواج البحار والمحيطات والتي يدور حولها الكثير من
الطعن في لغتها الأصيلة القديمة ناهيك عن الفتن التي تمخر حولها لطمس نسبها وهويتها
العربية فمن هنا نرى خوض الكثير من الكتاب والمؤرخين من فطاحله اللغة وقراء الرمال
وسيلهم الجارف لحقوق اللغة والتاريخ والتراث السقطري العربي الأصيل إلا لندرة
البسيطة والقلة القليلة من أصحاب الأقلام الصرحية والنظيفة.
فإن لغة وتاريخ وتراث سقطرى الأصيل دارت حولها
الظروف والصروف مما شغل بها الشاغل وأذل به السامع مما لاشك ولا غرابة بأننا نسمع
ونقرأ ما كتبته أيدي الرحالة المستشرقين وذوي النفوذ العام وغيرهم من الكتاب
والمؤرخين العرب، اي عرب هؤلاء!! نعم إنهم عرب كتبوا عنها على ظهر غيب ربما مجرد
سماعهم من غيرهم قبل ان يتمخضوا ويتمحصوا ويتحروا الواقع والحقيقة وليس من رأي كمن
سمع، فاللغة لها أرباب وأنا لست أهلاً لها ولكن مؤازرا لهم مما دارت الأدلة
والتواريخ المفعمة بالبراهين اللغوية المشبعة بالحقائق المنبثقة من أصول عربية
قديمة صريحة ناصعة البياض من غير كيف ولا تكييف التي تثبت حقيقة وأصالة سقطرى
ولغتها وتاريخها وتراث أهلها وبما أن موضوعنا هذا يتمحور حول اللغة واصل الهوية
وهذا يتطلب منا النظر إلى جذور اللغة السقطرية وحينما ننظر إلى تلك اللغة (اللهجة)
نجد العجب والعجاب ولكن ركام غبار الجهل والإهمال هما سببان رئيسيان في مد وجزر هذه
اللغة والطعن والطمس للهوية من حيث أصالتها وعمق عروبتها..
فان الكتاب من مختلف
الأطياف والأجناس الذين أرادوا اخراج وسعوا إلى خدش وأبعاد اللغة السقطرية من جوهر
الأصالة العربية ما أرادوا بذلك إلا الطعن والطمس للغة والهوية وان أصل الهوية
للشعب السقطري العربي لهو خير دليل لذلك هي (اللغة).
وقلنا وقد قيل من قبلنا ومن
غيرنا من كتاب ذات العمق الصريح في نظافة القلم وصدق المقال أن اللغة السقطرية تعد
من اللغات أو اللهجات العربية الجنوبية القديمة الثمان حالها حال أخوتها (المهرية،
الحرسوسية، البطحرية، العبرية، الهبيوتية والحميرية..الخ) باعتبارها حي لماضي قديم
وحضارة لهذا الإنسان في جنوب الجزيرة العربية من اللغات واللهجات القديمة كالسبيئة
والمعينية والقتبانية ..الخ، والتي تعود جذور نسبها إلى الآرامية السامية.
وليس
كما نسمع وسمعنا من قبل بأن اللغة السقطرية أصلها من اللغة الحميرية بعد بقر بطون
الكتب والاطلاع أصبح العكس مخالف لما سمع ولهذا كذب المنجمون ولو صدقوا وكذب من قال
إن اللغة السقطرية اصلها لغة هندية او غير ذلك فكل هذه الادعاءات هي عبارة إشاعات
وأمور لا أساس لها من الصحة حيث ان ذهب الكثير بحجتهم بأنها لا تكتب ولا أحرف لها
ولا قواعد ..ولا..ولا..
الخ، وهؤلاء يجافون الحقيقة واخطؤوا مرمى الهدف ولم
يفهموا عين الصواب..
أخي القارئ الكريم لو تأملنا كثيرا وركزنا بعمق الى جذور
هذه اللغة لوجدنا بان فيها الكثير والكثير من المفردات والضمائر والأحرف وتصرف
الأفعال وأدوات الإشارة ومشتقات اللغة..الخ، ونجد فيها أيضاً العمق الأصيل في
إشعارها الغزلية وشعر المدح والسياسة والكياسة والنثر والوصايا والكثير مما لا
نستطيع وصفه في قاموس اللغة السقطرية وجوهر أدبها المتعدد فلماذا نستغرب ويدخل الشك
في أذهاننا عندما نسمع ذلك، وهي نعم لا توجد لديها اليوم قواعد ولا أحرف ولا تكتب
وكما ترون السبب في ذلك الاندثار والانقراض الذي حصل لهذه اللغة وما حصل لها اليوم
هو سبب إهمال جميع حكومة وشعبا فأما الحكومة كباب رئيسي من حيث التشجيع وبذل جهود
الدعم وأما الشعب خاصة من المثقفين من أبناء الجزيرة مع ان هناك الاهتمام البعض
منهم بتلك اللغة وجذورها لكنهم لا توجد لديهم السعة في التراحيل والتجوال وتصبح
المادة عندهم عقبة كنود، وكما يقال (المادة عصب الحياة) فيا من ذهب فكره بأن اللغة
السقطرية ليست بلغة عربية الا تلاحظ بان اللغة العبرية (اليهودية الإسرائيلية)
انقرضت قبل آلاف السنين وأصبحت في إدراج الرياح وبوجود الهمة والمادة من الدولة ومن
أبنائها أصحاب رأس المال والمهتمين الذين لم يسترح لهم بال ولم يغمض لهم جفن ولا
رموش الأعين الا حينما رأوا لغتهم تكتب وتنحلق لها ما عليها وعليها مالها..
نعم
لقد حصل كل هذا بعد ما بذلوا كل الغالي والرخيص من الوقت والمال معا فحق لنا إن
ننظر إلى الواقع اليوم الذي يعيشوه حيث ان لهم جامعات باللغة العبرية ولهم الإذاعة
والتلفاز كذلك بلغتهم اما نلاحظ وتلاحظ معي أخي القارئ الكريم بان لهم مدارس وكتب
لغوية وثقافية دونت كل هذا بعد جهد جهيد.
أكيد بعد ما كانت تلك اللغة ليس لها
اثر في الوجود كما يقول البعض من المهتمين والمؤرخين ولكن بفضل الجهود المكروسة
والأموال المبذولة أصبحت لغة حية منتشرة فيما بينهم وعلى مرأى ومسمع الجميع أبعد
هذا يأتيك العجب!! فلماذا التأويل والتسويف؟؟ ولماذا تضع علامات المستحيل؟ او نجعل
الخفيف ثقيلا والأصيل رديئا وربما العكس او نجهل الماضي ولا نعي له للحاضر بشيء
بحيث لا نجعل بينهما عمق مشترك (ومن لم يكن له ماضي ليس له حاضرا ولا مستقبل) وربما
العكس صحيح فاللغة السقطري اليوم أرادت ان تستأنف في الظهور من جديد وان تبحث عن
واقع ملموس بين أوساط اللغة واللهجات التي حولها وفيما بينها شأنها شأن غيرها
فالسقطرية لغة أصل الأصيل لا يستطيع تجاهلها الا كل جاهل او حاقد دفين الحقد ولهذا
فنحن أحفاد قوم مضى تاريخ بقى..
هذه المقالة قد زدنا سند إليها مقالة قد اشرنا
إليها في السابق في محتوى هذا المقال ومقالة تعزيزا لتلك التي في صددنا اليوم والتي
سبق تحت هذا العنوان نشرت قبل وهي (كلنا عرب يا عرب..
ونحن الأوائل) وتم نشرها
في صحيفة "أخبار اليوم".
وفي الأخير إلا أن نقول تراثنا أجمل وتاريخنا أفضل
ولغتنا أصيلة.