;

قمة مجلس التعاون والنار المجاورة 929

2009-12-15 03:56:02

غسان شربل


كأنما كتب على مجلس التعاون الخليجي أن يتعايش مع
نار قريبة أو مقتربة، فهو ولد بعد عام من اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية التي
كانت حرباً كبرى بمقاييس المنطقة، أضطر لاحقاً إلى التصدي للنار التي تسربت إلى
حرمه حين ارتكب نظام صدام حسين خطيئة اجتياح الكويت، ولم يكن بمقدور دول المجلس أن
تتساهل أو تتهاون فاتخذت قرارات صعبة، بل مؤلمة، ساهمت في استعادة الكويت التي
تُعقد القمة الخليجية اليوم على أراضيها.

كان على مجلس التعاون الخليجي أن يتعايش أيضاً مع الخطيئة التي ارتكبتها
إدارة جورج بوش يوم اقتلعت نظام صدام حسين، وليس سراً أن دولاً خليجية عدة بذلت،
علانية أو سراً، جهوداً كبيرة لتجنيب العراق ويلات الاحتلال ومخاطر التفكك، ويمكن
القول إن أميركا التي أدمتها هجمات 11 أيلول (سبتمبر) رفضت الإصغاء الى الأصوات
الخليجية العاقلة التي استشرفت أبعاد الكارثة المقتربة.
بعدها كان على دول
المجلس أن تتعايش مع الخلل الفاضح الذي ضرب موازين القوى بفعل شطب الضلع العراقي من
المثلث الإيراني - العراقي - التركي، فغياب الضلع العربي من ذلك المثلث أطلق شهيات
كانت كامنة وأحلاماً كان الجدار العراقي يحول دون تدفقها في الإقليم، وها هي دول
المجلس تحاول التعايش مع الأزمة الناجمة عن البرنامج النووي الإيراني وشكوك الغرب
في طابعه السلمي، وليس سراً أن دول المنطقة تعارض امتلاك إيران سلاحاً نووياً،
خصوصاً إذا استمرت طهران في برنامجها الهادف الى الإمساك بأوراق داخل عدد من هذه
الدول.
كأنما كتب على دول مجلس التعاون الخليجي أن تتعايش مع نار مجاورة تنذر
بزعزعة الاستقرار وتخطي الحدود الدولية، النار المندلعة في اليمن تثير القلق،
استهداف وحدة اليمن ينذر بإطلاق أخطار لا تقل عن الإشعاعات الخطيرة التي انطلقت من
العراق يوم وقع في إسار الفتنة.
ويبدو واضحاً أن هناك من يسعى الى أفغنة اليمن،
بحيث تقوم على أرضه دويلات متباينة الولاءات والمرجعيات تكون مهمتها تصدير النار
إلى المنطقة، وبديهي أن يتضامن قادة المجلس مع المملكة العربية السعودية في تصديها
الحازم لمحاولات التسلل الى أراضيها وانتهاك سيادتها.
نُسجت سيناريوهات كثيرة
حين ولد مجلس التعاون الخليجي مستفيداً من التجانس في تركيبة الدول الأعضاء، ثمة من
اعتبر ان «نادي الأغنياء» اختار شكلاً من أشكال العزلة والابتعاد عن الهموم العربية
والإسلامية، أظهرت التجربة خطأ هذه الحسابات، وظَّفت دول المجلس ثقلها الاقتصادي
والسياسي والعربي والإسلامي والدولي في دعم القضية الفلسطينية كما وظَّفته في جهود
ترميم الاستقرار في أكثر من دولة عربية وإسلامية.
نادراً ما نجحت أشكال التعاون
الإقليمي في ضمان الاستمرار على رغم دوي الانفجارات القريبة والنار المجاورة، وفي
مؤازاة مهمة حصر النار والسعي إلى إطفائها تقدم مجلس التعاون على طريق مشاريع الربط
الكهربائي والسكك الحديدية والعملة الموحدة وتعميق التعاون الاقتصادي بين
أعضائه.
قدر مجلس التعاون الخليجي أن يكون قوة استقرار في منطقة حفلت عقودها
الماضية بدوي الانفجارات والحرائق المتنقلة، والحاجة إلى المجلس فاعلاً توازي اليوم
لحظة ولادته أو تزيد.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد المياحي

2024-09-21 22:40:48

عن سبتمبر

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد