مقراط
الحوادث المختلفة مثل جرائم القتل والتقطع والنهب والاختطاف والتفجيرات والاعتداءات
على المصالح العامة والخاصة التي تحدث هنا وهناك بالنادر ويظل الشارع يتحدث عنها
وتتناولها الصحافة بتسليط الأضواء عنها بالخبر والتحليل وردود الأفعال لفترة أطول
لأنها كما قلنا نادرة ومحدودة كون الأمن فارضاً سيطرته الكاملة والدولة باسطة
هيبتها والناس يذعنون للنظام والقانون ..
لكن للأسف المشهد اليوم تغير 180 درجة
في مسرح الأحداث والحوادث المفجعة
وصار الناس في بعض المحافظات يصحون بشكل يكاد يومي لاستقبال الأخبار السيئة مثل
جرائم القتل وتفجير المباني والمنشآت الحكومية واقتحامها ونهب ممتلكاتها وكذا
اختطاف وسرقة السيارات وأعمال التقطع والحرابة وقطع الطرقات العامة أمام المسافرين
وزاد مؤخراً ظهور مسلحين يقومون باقتحام مباني الدولة بقوة السلاح وتحويلها إلى
مساكن خاصة مثلما هو حاصل في عاصمة محافظة أبين زنجبار وجعار والأرجح أن مباني
وكالة سبأ للأنباء ومعهد الأوراس وبعض الإدارات بمديرية جعار تروي آخر فصول المشهد
القاتم في الوقت الراهن الذي ينذر بمؤشرات خطيرة جداً.
وأمام هذه التراجيديا
الصعبة وتفاقم الأوضاع يوماً بعد يوم وارتفاع أرقام الجرائم المهولة فإن المتابع
لما تنشره وسائل الإعلام الخارجية والصحافة المحلية من أخبار يومية عن تزايد
الحوادث وتحديداً في محافظات أبين ولحج والضالع وشبوة وزاد حضرموت قد يندهش إذا عرف
أن ما تبرزه الصحافة من عناوين ومانشيتات وباللون الأحمر في معظمها كل يوم ومنها
صحيفة "أخبار اليوم" ما هو إلا قليل وما خفي كان أعظم ..
لكن على الأرجح أن هناك
من الأخبار غير صحيحة ومبالغ فيها وبعض الصحف لا تستقي معلوماتها من مصادر مسؤولة
وموثوقة ولفة انتباهي ما نشر في صحيفة "أخبار اليوم" بالأمس عن خلاف شديد بين محافظ
أبين م.
أحمد الميسري وأعضاء الهيئة الإدارية لمحلي المحافظة حول مناقصات مشاريع
حيث نفت أعضاء الهيئة الإدارية حدوث شيئ من ذلك القبيل..
شخصياً أعرف أن هناك
خروقات وفساداً عشعش لم يسبق له مثيل في أبين ولوبي الفساد كشر عن أنيابه بضراوة
مستغلاً هذه المرحلة الحرجة التي تعيشها المحافظة وانشغال المحافظ في قضايا
كبرى.
وبالعودة إلى الانفلات الأمني وتفجير المشاكل واستهداف الوحدة من عناصر
الحراك التي فرخت عصابات مسلحة عاثت في الأرض فساداً بالمحافظات الجنوبية وأركز على
أبين كونني قريباً من مرارة الواقع الكارثي الذي نمر به فإننا في الوقت الذي نحمل
أجهزة الأمن المسؤولية عن هذا التدهور المريع والغياب التدريجي لهيبة الدولة حتى
وصل ذروته فإننا في الوقت نفسه لا نعفي المجتمع في سلبيته وعدم مؤازرة الدولة
لحماية قوانينها ورمزيتها التي تمرغت بها العصابات الهمجية الخارجة عن النظام
والقانون التي وجدت الفسحة والفراغ لتقوم بجرائمها القذرة متجاوزة القيم الدينية
والإنسانية.
حقيقة أنني أشعر بمرارة وأنا أرى أمامي المباني الحكومية في مدينة
جعار قد طالتها أيادي التخريب والتدمير وحولت بعضها إلى حطام و ما زالت تواصل مسلسل
تفجيراتها للإجهاز على ما تبقى من المباني العامة في هذه المدينة التي أصبحت منكوبة
تماماً وحتى الحملة الأمنية التي قادها وزير الدفاع لم تحقق كل أهدافها ولم يستطع
مدير المديرية أحمد الرهوي الذي عاد من المحويت لتحمل قيادة خنفر السيطرة في حدها
الأدنى على الأوضاع الأمنية كونه جاء على جهاز أمني غير مهني وإمكانيات ضعيفة
والواقع الاجتماعي الذي عايشه وعرفة قبل "9" سنوات قد تغير ألف مرة..
لكن
بإمكانه فعل شيء إذا وجد الدعم لتثبيت الأمن وإعادة تعمير المباني المخربة وتفرق
وركز على الجانب الأمني كأساس للتنمية وتخلى عن الجزئيات وألتف حول الخيرين
..
ختاماً إن بإمكان الدولة الإسراع في تلافي الأوضاع في أبين وغيرها إذا وجدت
الإرادة القوية والنوايا الصادقة كون النية تسبق العمل، وإلى تناولة أخرى حول هذا
المشهد المتلاطم نسأل الله أن يجنب الوطن ووحدته كل شر وينتصر على الخونة والعملاء
والمنافقين والأفاكين والفاسدين المارقين.
والله الموفق.