;

هيبة الدولة ..ضمان قوتها وتقدمها واستقرارها 1034

2009-12-17 04:38:27

الشيخ
عمار بن ناشر العريقي


تتهدد بلادنا اليمن جملة فتن وأزمات وتحديات
داخلية حركة التمرد الحوثي في شماله ، والحراك الانفصالي في جنوبه والفساد الإداري
والمالي في عموم أرجائه.
كما لا تخفى أصابع المكر الخارجية التي تحرك هذه الفتن
وتدير هذه الأزمات بغية ابتزاز أطراف الصراع وتثبيت أساطيلها بذريعة مكافحة الإرهاب
الدولي و القرصنة البحرية وحفظ أمنها القومي
مع ما لا يخفى أنها صاحبة مشروع "الفوضى الخلاقة"و "الشرق الأوسط الجديد
والكبير" لإثارة النزاعات وتقسيم البلاد العربية إلى دويلات هزيلة ضعيفة متنافرة
ومتناحرة حتى تسد هي الفراغ وتفرض الإملاءات ولا يخفى أثر هذه الأزمات في تكريس
إضعاف الدولة وإسقاط هيبتها وإفقادها الثقة والمصداقية الأمر الذي زايد من إثارة
الشعب والشغب والفتن والتذمر العام مما يهدد البلاد في أمنها واستقرارها ووحدتها
وقوتها وعموم مصالحها وما قد يتبع ذلك من استباحة الدماء والأعراض والأموال وإعطاء
الذريعة لتدخل الأعداء فقديماً أسهمت الخلافات السياسية والمذهبية والعصبيات
القومية في سقوط الدول والتمهيد لزحف الأعداء والفتن حتى تقضي على مقوماتها فتسلم
لهم زمامها كما هو الحال والسيناريو العام في سقوط دول بني أمية والعباسية
والأندلسية والخلافة العثمانية الإسلامية.
كما أسهم الإغراق في الترف والفجور
واليأس والاستبداد في التمهيد للهجمات الصليبية البربرية التي استمرت قرنين من
الزمان وتواكبت مع الهجمات التتارية المغولية أواخر الدولة العباسية والتي فاقت في
قسوتها ووحشيتها هجمات الصليبيين ثم كانت على أنقاض هؤلاء وأولئك غزوات الاستعمار
الحديث للبلاد العربية متستراً خلف المصالح الاقتصادية أو رعاية الأقليات المضطهدة
..إلخ وحين تكون الدولة مهيبة في قوتها واقتصادها وقوانينها، متماسكة في قيمها
وأخلاقها وبين حكوماتها وشعوبها تحر الظلم وتقيم الحق والشرع والعدل وتنتصر
للمظلومين، تجهز الجيوش وتسد الثغور وتقيم الحدود وتحفظ الحقوق وتدفع أضرار الفتن و
الفوضى وتأخذ على أيدي المفسدين يحرص الجميع على كسب رضاها واحترام وحدتها وحقوقها
وقراراتها ولهذا فلا عجب أن نجد العالم مع أمريكا ما بين عالم عربي ضعيف خائف وغربي
متواطئ متحالف فيبررون جرائمها ويقدمون كافة التنازلات ويباركون مواقفها مهما بلغت
في الغطرسة والعدوان .
وكلنا سمع "مارجريت تاتشر" رئيسة وزراء بريطانيا حين شرعت
في حرب مع الأرجنتين واستردت منها جزر "الفوكلاند" المتنازل عليها بينهما حين سئلت
: لم لا تشتكي إلى الأمم المتحدة فقالت: إننا لسنا عرباً!.
ولولا امتلاك "كوريا
الشمالية" للصواريخ النووية لما استطاعت أن تحد من ضغط جارتها الجنوبية واليابان
والولايات المتحدة .
ولولا امتلاك "باكستان " لقوة الردع "القنبلة النووية
الإسلامية" لما استطاعت أن تحد من اندفاع وأطماع جارتها الهندية المدعومة بالمعونة
العسكرية الإسرائيلية والأمريكية.
ولولا استرداد "روسيا" لبعض هيبتها الاقتصادية
والعسكرية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك دوله لما استطاعت بعد تحالفها مع
الصين أن تقنع أمريكا برفع "الدرع الصاروخية "المنصوبة على حدودها أو تقنعها
بالاكتفاء بالمشاهدة لما يجري لحليفتها الجورجية من قصف ودمار على يد آلة الحرب
الروسية.
ولولا استرداد "تركيا" لهذه الهيبة وقيام دولة القانون والنظام
والمؤسسات التي دفعت بعجلة الحريات والاقتصاد لما استطاعت تحت قبة البرلمان
الديمقراطي أن تمنع بالأغلبية دخول القوات الأميركية لعبور العراق واحتلاله ،رغم
الإغراءات الأمريكية المذهلة ولما استطاعت أن تمنع المناورة الجوية مع إسرائيل وفتح
أجوائها لذلك، وتقدم قادة الانقلاب العسكريين العلمانيين للمحاكمة ويقف رئيس
وزرائها "أردوغان" بصلابة في وجه "بيرز" مديناً له حربه الغاشمة لغزة.
إنها حقاً
حكومة "العدالة والتنمية" كل هذا بعد انهيار الخلافة العثمانية بسبب الإغراق في
الترف والفجور والاستبداد والفساد وانحرف الجيش عن هدفه في حماية الملة وإقامة
العدل وغلبت عليها الخرافة والتدين المغشوش وتآمر عليها حلفاؤها العرب طبعاً في
إغراء ثعالب أوروبا لها بالاستقلال وعرفت بالرجل المريض بعد أن كانت تسمى بالذراع
الحديدية وانقسمت إلى "53" دولة ودخل الاستعمار الحديث لنهب الثروات والبسط على
المقدرات وتغيير أنماط الأخلاق والثقافة والحياة بعد أن كانت الخلافة رغم السوء
تحمي البيضة وتلم شتات المسلمين.
واليوم ورغم ما يحظى به الغرب من هيبة وغلبة
وقوة مادية إلا أنهم يحرصون على تكريسها بعقد التحالفات الاقتصادية "صندوق النقد
والبنك الدولي" والعسكرية "مجلس الأمن ، تحالف الأطلس ووارسو" والسياسية "الأمم
المتحدة، الاتحاد الأوروبي" وعملته الاقتصادية "اليورو" والأمنية لمحاربة الإرهاب
واستعباد الشعوب وكلاً ضد من؟ "تفرق جمعهم إلا علينا * فصرنا كالفريسة للذئاب"،
وأما الأخلاق العربية فهزيلة بهزال إرادات حكوماتها وانقسامها "الجامعة العربية"
ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ودول مجلس التعاون الخليجي ..إلخ.
"مما يزهدني في أرض
أندلس * ألقاب معتمد فيها ومعتضد القلب مملكة في غير موضعها * كالهر يحكي انتفاخاً
صولة الأسد وخير دليل على ذلك هو الواقع المرير الذي تعيشه الأمة اليوم حيث ما فتئ
أعداؤها ينخرون في جنباتها حتى قوضوها وتكالبوا عليها ونهبوا خيراتها "النفط
والغاز" وصادروا حقوقها وإرادتها.
ثم لم يطمئنوا حتى غزوها عسكرياً وثقافيا
وصرفوها عن دينها مصدر قوتها وعزتها وهيبتها وعن أخلاقها مصدر أمنها ورخائها
وجعلوها في ذيل الأمم ومؤخرة التاريخ.
إنه ليس في مصلحة عاقل ينطلق من ثوابت
دينية أو وطنية سقوط هيبة الدولة وانهيار مقوماتها ومؤسساتها حتى يعم الهرج والمرج
والتنازل والقتل كما هو حال العراق والصومال مثلاً.
وإن المسؤولية في حفظ هيبة
الدولة وأمنها ووحدتها تقع على عاتق الجهات الرسمية المسؤولية أولاً ثم على عاتق
أحزاب المعارضة واللقاء المشترك وعاتق العلماء وعموم المثقفين و الشعب "كلكم راع
وكلكم مسؤول عن رعيته"، في قيام الكل بواجبه في الحفاظ على مكسب الوحدة ونعمة الأمن
ومطلب الرخاء والتقدم ومحاربة كافة صور الفساد المالي والإداري والقضائي والأخلاقي
وإقرار دولة النظام والقانون المستلهم كل ذلك من شريعة الإسلام السمحة وقواعده
ومقاصده الكريمة، ومحاربة دعوات التمرد الطائفي والانفصال وترشيد عملية الإصلاح
وواجب التغيير.
وصدق الله "وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون " إن
الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "إنها مهمة تحتاج لخطوات جادة ومخلصة
وجريئة من الجميع قبل أن تغرق السفينة ويبتلعها الطوفان.


الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد