الشرجبي
نادرة في مجتمعاتنا العربية ولكنها ظاهرة مغلقة ومقلقة ويلفها الصمت والحذر
والكتمان، لأنها تصدمنا جميعاً حين ندرك أن بنات صغيرات وأطفالاً صغاراً "لا حول
لهم ولا قوة" ممكن أن يتعرضوا للأذى من قبل البالغين.
ولعل الكثير منا يستبعد هذا أو يعتقدوا أن أبنائهم بعيدون
عنها لذلك قد يمنع الآباء من الاقتراب من مثل هذه الموضوعات والمسميات "ثقيلة
الوقع" مع الأبناء لكن على كل حال فتلك الكلمة رغم ثقل وقعها، إلا أنها تفرض نفسها
في واقعنا مما يستلزم منا وقفة جادة لإعداد العدة لحماية أبنائنا من ذلك
الخطر.
هل تصدق عزيزي القارئ أن هناك دراسات أثبتت أن نسبة كبيرة من المعتدين
على الأطفال هم من الأهل ويسمى ذلك "سفاح القربي"، وأيضاً من الجيران أو أصدقاء
الأسرة والعاملين في المنزل هذا ما يسهل للمعتدي التقرب من الطفل أو الطفلة
وإيذائهما والنسب الأقل من حالات الإيذاء تحدث مع الغرباء.
أنا أعلم أننا في
مجتمع شرقي متحفظ جداً إزاء هذه الأمور ولكن للضرورة أحكام وأصبح من الضروري جداً
نشر نوع من الثقافة لهذه المواضيع الحساسة وتكون تتناسب مع عمر الطفل أو حتى الفتى
وطبعاً هذه الأمور عندما تكون من الأم يكون أفضل، لأن الأم هي التي تهتم بالأطفال
حتى من الناحية الجسدية وسيكون الشرح عن طريقها أسهل بكثير من الأب ولأن الموضوع مع
الأم سيكون تلقائياً ويمكن أن تساق الحوارات للطفل على النحو التالي: فالأم ممكن أن
تقول لطفلها أو طفلتها بأنه الآن كبير وعليه أن لا يبقى "بدون ملابس داخلية" حتى
على مستوى البيت لأن هناك أماكن من الجسم ممكن الناس كلها تشوفها مثل العين والأنف
لأنها ظاهرة، أما باقي الجسم فيجب ألا يراه أحد أبداً.
وهكذا بشكل بسيط وسلس
تستطيع الأم توصيل كافة المعلومات المطلوبة وبشكل حوارات أو حتى على شكل قصص تحكيها
لأطفالها فهي تستطيع أن توصل المعلومة المطلوبة بالطريقة التي تراها مناسبة، وهنا
نكون قد وعينا أولادنا وبشكل محترم وبطريقة مؤدبة.
وأنا ما كتبت هذا المقال إلا
عندما قرأت وعرفت أن هناك العديد من أطفالنا يتعرضون للأذى ويتم السكوت من قبل
الأهالي وأنا أقول عندهم حق لما يسببه هذا الأمر من إحراج للأهالي وفي نفس الوقت
أرى أنه من الواجب تسليط الأضواء عليه حتى لا يتم التكتم والتعتيم على مثل هذه
الجرائم بحق أطفالنا لأن السكوت يساعد المجرم على الإفلات من قبضة العدالة وربما
يكرر فعلته مع آخرين، ولذلك يجب الإبلاغ عن المجرم حتى ينال عقابه.
وأنا أرى
ضرورة طرح موضوعات الإيذاء ومشكلاته إعلامياً وتربوياً وضرورة الحديث عن هذه الأمور
المؤلمة دون إخفاء أو تستر عليها مما يساهم في رفع مستوى الوعي العام الأسري
والتربوي والنفسي في المجتمع حتى عند الأطفال أنفسهم ضمن إطار يسعى للوقاية والعلاج
ويسعى إلى الحد من هذه المشكلات دون مبالغة أو إهمال، والله من وراء القصد.