د. حمدي
عبد الرحمن حسن
عبد الرحمن حسن
يراجع هذا التقرير التغلغل الإسرائيلي في إفريقيا
الذي يستخدم العديد من الوسائل لتحقيق أهدافه وعلى رأسها ما يسمى القوة الناعمة،
ويلقي الضوء على الجهود الإسرائيلية خلال المراحل السابقة وما شهدته من مد وجزر
وفقا لرؤية وأهداف صناع القرار الإسرائيليين، مع الوقوف على العلاقات العربية
الإفريقية الآخذة بالتراجع بدلا من التقدم والتطور.
المدخل شهدت العلاقات الإسرائيلية بالدول الإفريقية، ولا سيما
غير العربية منها، تحولات فارقة خلال الخمسين عاما الماضية.
وربما تعزى تلك
التحولات إلى تغير الاهتمامات وترتيب أولويات السياسة الخارجية الإسرائيلية فضلا عن
تطور ديناميات النظام الدولي.
فالعصر الذهبي للتغلغل الإسرائيلي في إفريقيا
والذي شمل عقد الستينيات سرعان ما شهد نهاية حاسمة له بعد حرب أكتوبر 1973 وقيام
الدول الإفريقية بقطع علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل.
وقد حاولت الدبلوماسية
الإسرائيلية إعادة وصل ما انقطع مع إفريقيا خلال فترة الثمانينات وقد تحقق لها ما
أرادت بعد توقيع اتفاقات أوسلو عام 1993.
وعلى الرغم من عودة الروح للعلاقات
الإسرائيلية الإفريقية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة إلا أن مكانة إفريقيا شهدت
تراجعا في أولويات التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي.
بيد أن ظهور بعض التهديدات
الأمنية على الساحة الإفريقية ولا سيما في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر، وحدوث نوع من
التكالب الاستعماري الجديد على موارد وثروات إفريقيا الطبيعية، قد دفع بالقيادة
الإسرائيلية إلى إعادة التوكيد مرة أخرى على محورية إفريقيا في عملية صياغة السياسة
الخارجية الإسرائيلية.
وتشير الأدبيات الصهيونية إلى أن تيودور هرتزل مؤسس
الصهيونية السياسية قد أشار في كتاباته أوائل القرن العشرين إلى المشابهة بين خبرة
الشعب اليهودي والشعب الإفريقي ورغبة كل منهما في الخلاص والتحرر.
يقول هرتزل:
"لقد كنت شاهداً على خلاص شعبي من اليهود وأرغب في تقديم العون للعمل على خلاص
الأفارقة".
وقد حاول قادة الدولة العبرية بعد تأسيسها عام 1948 تحقيق هذه
المثالية السياسية من خلال تقديم إسرائيل باعتبارها نموذجا يحتذى في عملية بناء
الدولة الوطنية الحديثة في إفريقيا.
بيد أن البحث عن شرعية الوجود وتأمين الكيان
الصهيوني بعد تأسيسه دفع بصانع القرار الإسرائيلي إلى أن يلقى هذه المثاليات
السياسية وراء ظهره، ويتجه صوب إقامة علاقات دبلوماسية مع القوى الكبرى في النظام
الدولي مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي.
ففي نوفمبر
1947 حينما عرض قرار تقسيم فلسطين على الأمم المتحدة لم يكن يمثل إفريقيا جنوب
الصحراء سوى دولتين فقط هما ليبريا وأثيوبيا، وفي حين أيدت الأولى القرار امتنعت
أثيوبيا عن التصويت، فكان منطقيا حينها أن تنظر إسرائيل صوب القوى الاستعمارية
الأوروبية وتهمل المستعمرات الإفريقية.
وقد مثل مؤتمر باندونج لدول عدم الانحياز
عام 1955 نقطة تحول كبرى في تطور السياسة الإسرائيلية تجاه إفريقيا، حيث لم توجه
الدعوة إلى إسرائيل لحضور هذا المنتدى الدولي العام، بل وتم تبني سياسة مقاطعة
إسرائيل وإدانة احتلالها للأراضي العربية.
إسرائيل وإفريقيا..
عودة الروح
وهذا كله أي ما سبق يطرح بعض القضايا الإشكالية المتعلقة بالوجود الإسرائيلي في
إفريقيا ويثير كذلك مسألة الثابت والمتغير في الأهداف الإسرائيلية والأدوات
المستخدمة لتنفيذ هذه الأهداف وعلاقة ذلك كله بسؤال الأمن القومي العربي.
في
بداية التسعينيات من القرن الماضي تم إعادة تأسيس العلاقات بين إسرائيل وإفريقيا
مرة أخرى وربما يعزى ذلك إلى ثلاثة عوامل أساسية: 1.
توقيع اتفاقات أوسلو
ومعاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية وهو ما يعني إزالة كافة العقبات التي كانت
تعترض العلاقات الإسرائيلية الإفريقية.
2.
نهاية نظام الفصل العنصري في جنوب
إفريقيا والدور الذي قامت به إسرائيل في مساعدة حكومة الأغلبية السوداء الأمر الذي
أسهم في تجاوز عقبة العلاقة الإسرائيلية مع نظام الفصل العنصري
البغيض.
3.
انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور الولايات المتحدة باعتبارها القوة
العظمى المسيطرة في العالم وهو ما جعل التقرب منها في نظر الأفارقة يكون من خلال
البوابة الإسرائيلية.
ويلاحظ أنه بنهاية عام 1993 كانت سبع دول إفريقية قد أعادت
علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل، وفي العام التالي تبعتها عشرة دول إفريقية أخرى،
وبنهاية عقد التسعينيات وصل عدد الدول الإفريقية التي أعادت علاقاتها أو أسست
علاقات جديدة مع إسرائيل أربعين دولة، وهو ما يتجاوز العدد الذي تحقق في فترة
الستينيات.
والملفت هنا أن دولاً إفريقية جديدة لم يكن لها علاقات من قبل
بالكيان الإسرائيلي قد أضيفت إلى القائمة، ومن ذلك المستعمرات البرتغالية السابقة
(أنجولا وموزمبيق، وغينيا بيساو، وساوتومي وبرنسيب) بالإضافة إلى زيمبابوي ونامبيا
وإريتريا وموريتانيا.
ومن المثير للدهشة أن رد الفعل الإسرائيلي على هذه العودة
الإسرائيلية المتسارعة اتسم بالفتور الشديد وعدم الحماسة.
وارتبطت تلك المرحلة
بإقامة علاقات إسرائيلية مع كل من الهند والصين في آسيا وبحركة تطبيع العلاقات
الدبلوماسية مع العالم العربي.
وعليه أضحت حركة إسرائيل في إفريقيا محكومة
بالاعتبارات والأولويات الإستراتيجية والاقتصادية.
وبصفة عامة قامت إسرائيل
بافتتاح سفارات لها في أحد عشر دولة إفريقية هي أثيوبيا وإريتريا وكينيا وأنجولا
والكاميرون ونيجيريا وكوت ديفوار والسينغال، ومصر وجنوب إفريقيا
وموريتانيا.
ويلاحظ أن إفريقيا في معظم سنوات هذه المرحلة قد عانت من التهميش
وعدم النظر إليها بحسبانها أولوية كبرى في السياسة الخارجية الإسرائيلية وحتى في
التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي، حيث ظهر جيل جديد من الإسرائيليين لا يبالون كثيرا
بواقع الأفارقة وأزماتهم التي يعانون منها.
وقد برز هذا الإهمال الإسرائيلي
واضحا في عدم قدرة الحكومة الإسرائيلية علي التعامل مع بعض قضايا العلاقات
الإفريقية الإسرائيلية ومن ذلك: * نمو عدد العمال الأفارقة العاملين في
إسرائيل.
* انعكاسات هجرة يهود الفلاشا على المجتمع الإسرائيلي.
ولا يعني ذلك
القول بأن إسرائيل تخلت عن أهدافها الثابتة في إفريقيا ولعل ما يؤكد ذلك هو ظهور
مخاوف أمنية وإستراتيجية جديدة في القارة الإفريقية ولا سيما في حقبة ما بعد 11
سبتمبر.
ويمكن القول إن إسرائيل قد حافظت دوما على مراكز نفوذها وتأثيرها في
إفريقيا والتي تتمثل في: منطقة شرق إفريقيا وحوض النيل حيث تحتفظ إسرائيل ببعثات
دبلوماسية كاملة يرأسها سفراء في كل من إرتيريا وأثيوبيا وكينيا.
كما أنها تمثل
ببعثة دبلوماسية في جمهورية الكونغو الديمقراطية ويرأس هذه البعثة سفير مقيم في مقر
وزارة الخارجية الإسرائيلية.
أما باقي دول حوض النيل وهي أوغندة وتنزانيا
ورواندا وبوروندي فإن إسرائيل تعتمد على سفرائها المقيمين في دول الجوار الإفريقية
لرعاية مصالحها في هذه الدول.
وعليه فإنه إذا أخذنا بعين الاعتبار حقيقة
العلاقات المصرية الإسرائيلية الذي تم إقرارها بمقتضى معاهدة السلام بين البلدين
عام 1979 لا تضح أن إسرائيل تحتفظ بعلاقات وثيقة مع دول حوض النيل كافة باستثناء
السودان.
منطقة الحزام الإسلامي في غرب إفريقيا حيث تمتلك إسرائيل بعثات
دبلوماسية كاملة برئاسة سفراء في كل من الكاميرون وكوت ديفوار والسنغال
ونيجيريا.
وفي عام 1999 تم رفع درجة التمثيل الدبلوماسي بينها وبين موريتانيا
إلى مستوى السفارة إلى أن قامت حكومة الجنرال محمد ولد عبد العزيز أوائل عام 2009
بتجميد هذه العلاقات وطرد السفير الإسرائيلي من نواكشوط.
ومن الملاحظ أن إسرائيل
تحتفظ بعلاقات جيدة مع كافة دول غرب الإفريقية الأخرى وإن كانت لا توجد بها سفارات
إسرائيلية كاملة وهو الأمر الذي يعكس الأهمية الجيوسياسية لهذه المنطقة لدى صانع
القرار الإسرائيلي.
منطقة الجنوب الإفريقي إذ توجد علاقات إسرائيلية بدولة جنوب
إفريقيا وهي ترجع إلى مرحلة نظام الفصل العنصري.
ونظراً لوجود جالية يهودية
مؤثرة في جنوب إفريقيا فإن العلاقة بين الدول العبرية وجمهورية جنوب إفريقيا حتى في
مرحلة ما بعد التحول الديمقراطي عام 1994 تتسم بالاستقرار والحيوية.
ومن الملفت
للنظر كذلك أن إسرائيل تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع حكومة أنجولا وذلك منذ عام
1992 وهو ما يسمح لها باختراق منطقة اللوزيفون (أي إفريقيا الجنوبية الناطقة
بالبرتغالية).
مصر وشمال إفريقيا.
استطاعت إسرائيل أن تكسر حدة الحصار العربي
المفروض عليها منذ قيامها عام 1948 بعد توقيع معاهدة السلام مع مصر وتأسيس علاقات
دبلوماسية متكاملة مع القاهرة عام 1980.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد حيث
استطاعت بعد توقيع اتفاقات أوسلو عام 1993 أن تطبع علاقاتها مع بعض الدول العربية
في شمال إفريقيا مثل تونس والمغرب.
الأهداف والعوامل المساعدة يمكن القول إجمالا
إن السياسة الإسرائيلية تجاه إفريقيا قد حكمتها منذ البداية مجموعة من الاعتبارات
والأهداف العامة، لعل من أبرزها: الاعتبار السياسي، حيث تمثل إفريقيا قوة تصويتية
كبرى في المحافل الدولية ولا سيما الأمم المتحدة، وهو ما يعني أن بمقدور الأفارقة
إحداث تغيير هائل في السياسات الرامية لفرض العزلة الدولية على إسرائيل.
بيد أن
ثمة اعتبارات إستراتيجية تمثلت في حاجة إسرائيل إلى كسر حاجز العزلة التي فرضتها
عليها الدول العربية من خلال إقامة شبكة من التحالفات مع دول الجوار غير العربية
ولا سيما في منطقة القرن الإفريقي وشرق إفريقيا.
يقول ديفيد بن جوريون رئيس
الوزراء الإسرائيلي الأسبق في خطاب له أمام الكنيست عام 1960: "إن المساعدات التي
نقدمها للدول الحديثة ليست عملا من أعمال الخير.
إننا بحاجة إلى صداقة هذه الدول
أكثر من حاجتها هي إلى مساعداتنا".
ولم تكن الاعتبارات الاقتصادية ببعيدة عن
تفكير صانع القرار الإسرائيلي فإفريقيا غنية بمواردها وثرواتها الطبيعية، كما أنها
تعد سوقاً محتملة للمنتجات الإسرائيلية.
وفي هذا المجال بدأت إسرائيل علاقاتها
مع النخب السياسية الإفريقية في سنوات مرحلة ما قبل تصفية الاستعمار، ولعل المثال
الأبرز ما تقدمه تجربة غانا، حيث تمت الاتصالات الإسرائيلية بقادة غانا عبر مؤتمرات
الاشتراكية الدولية والكونفدرالية الدولية للنقابات العمالية الحرة.
أفضى ذلك
إلى افتتاح قنصلية إسرائيلية في أكرا عام 1956 أي قبل إعلان استقلال غانا بعدة
أشهر.
وفي مارس 1957 حينما أعلن استقلال غانا بشكل رسمي أسرعت إسرائيل بتحويل
قنصليتها في أكرا إلى السفارة وأصبح أيهود أفريل (Ehud Avriel) أول سفير إسرائيلي
في إفريقيا.
وفي خضم موجة استقلال الدول الإفريقية أسرعت إسرائيل بالاعتراف بهذه
الدول وإقامة العلاقات الدبلوماسية معها.
ففي عام 1959 افتتحت سفارتها في غينيا
كوناكري، وخلال العامين 1960-1961 شملت علاقات إسرائيل الدبلوماسية دول الكونغو
الديمقراطية (زائير آنذاك) ومالي وسيراليون ومدغشقر ونيجيريا.
وقد وصل عدد
السفارات الإسرائيلية في إفريقيا مع نهاية عام 1962 إلى 22 سفارة، وفي عام 1972
كانت إسرائيل قد أقامت علاقات دبلوماسية كاملة مع (32) دولة إفريقية.
ومن المثير
للانتباه أن بعض الدول الإفريقية قد سعت لفتح سفارات لها في إسرائيل، بل أنها لم
تمانع في أن يكون مقر هذه السفارات هو مدينة القدس.
وقد اعتبرت إسرائيل القرار
الإفريقي باعتبار القدس عاصمة لها هو نوع من التقدير والاعتراف بدولة
إسرائيل.
وثمة مجموعة من المتغيرات الدولية والإقليمية تفسر لنا أسباب الهجمة
الدبلوماسية الإسرائيلية على إفريقيا ومن ذلك: - موجة استقلال الدول الإفريقية في
الستينيات وهو ما يعنى زيادة قدرتها التصويتية في الأمم المتحدة حيث كان الصراع
العربي الإسرائيلي من أبرز القضايا التي تطرح دوماً للتصويت.
- إنشاء منظمة
الوحدة الإفريقية عام 1963 وهو ما يمثل تحدياً أمام إسرائيل حيث أنها لا تتمتع
بالعضوية في هذا التجمع الأفروعربي.
- عضوية مصر ودول عربية أخرى في كل من جامعة
الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية أسهم في إقامة تحالفات عربية أفريقية، ولا
سيما مع بعض القادة الراديكاليين أمثال نكروما وسيكوتوري.
وفي أعقاب حرب أكتوبر
1973 قامت الدول الإفريقية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل تأييداً للموقف
المصري، وإن كان البعض يرى أنه كان مدفوعاً كذلك بالرغبة في الحصول على المساعدات
العربية ولا سيما من قبل الدول النفطية.
وإذا كان قطع العلاقات الدبلوماسية لم
يؤثر على استمرار الاتصالات بين إسرائيل وإفريقيا فإنه أحدث تحولاً كبيراً في
مدركات صانع القرار الإسرائيلي كما أنه أدى إلى تغيير في السياسات الإسرائيلية
المتبعة.
ويبدو أن إسرائيل قد حاولت الرد على هذا الموقف الأفريقي من خلال أمرين
هامين: أولهما دعم العلاقة الإسرائيلية بنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا في
أوائل عام 1974.
وثانياً رفض المطالب الإفريقية الخاصة بالمساعدات
الفنية.
حيث قامت إسرائيل بتوجيه هذه الموارد إلى مناطق أخرى من العالم ولا سيما
آسيا.
ومن الواضح أن إسرائيل قد عانت عزلة دولية واضحة نتيجة هذا الموقف
الإفريقي وقد تجلى ذلك بوضوح في عام 1975 حينما تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة
قرارا يساوي بين الصهيونية والعنصرية.
على أن إرهاصات مرحلة عودة التغلغل
الإسرائيلي بدأت تدريجياً إلى إفريقيا في منتصف السبعينيات حينما اجتمع رئيس
الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين مع كل من ليوبولد سيدار سنغور رئيس السنغال، وفيلكس
هوفوت بوانيه رئيس كوت ديفوار.
بيد أن توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية
عام 1979 كان يعني في أحد أبعاده نهاية لسنوات المقاطعة الإفريقية لإسرائيل.
ومع
ذلك نستطيع أن نشير إلى عاملين أساسين أسهما في أن تعيد إفريقيا النظر في علاقتها
مع إسرائيل: - أولاً: إحباط الدول الإفريقية من عدم فعالية حركة التعاون العربي
الأفريقي بعد النتائج الهزيلة التي أفرزتها القمة الأفروعربية عام 1977.
كما عبر
الأفارقة عن استيائهم من الصراعات العربية/العربية ولا سيما بعد توقيع اتفاقات كامب
ديفيد ومحاولة نقلها إلى منظمة الوحدة الإفريقية.
وقد دفع ذلك ببعض المحاولات
الإفريقية للتفكير في إقامة منظمة أفريقية زنجية تقصر عضويتها على الأفارقة دون
العرب.
الذي يستخدم العديد من الوسائل لتحقيق أهدافه وعلى رأسها ما يسمى القوة الناعمة،
ويلقي الضوء على الجهود الإسرائيلية خلال المراحل السابقة وما شهدته من مد وجزر
وفقا لرؤية وأهداف صناع القرار الإسرائيليين، مع الوقوف على العلاقات العربية
الإفريقية الآخذة بالتراجع بدلا من التقدم والتطور.
المدخل شهدت العلاقات الإسرائيلية بالدول الإفريقية، ولا سيما
غير العربية منها، تحولات فارقة خلال الخمسين عاما الماضية.
وربما تعزى تلك
التحولات إلى تغير الاهتمامات وترتيب أولويات السياسة الخارجية الإسرائيلية فضلا عن
تطور ديناميات النظام الدولي.
فالعصر الذهبي للتغلغل الإسرائيلي في إفريقيا
والذي شمل عقد الستينيات سرعان ما شهد نهاية حاسمة له بعد حرب أكتوبر 1973 وقيام
الدول الإفريقية بقطع علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل.
وقد حاولت الدبلوماسية
الإسرائيلية إعادة وصل ما انقطع مع إفريقيا خلال فترة الثمانينات وقد تحقق لها ما
أرادت بعد توقيع اتفاقات أوسلو عام 1993.
وعلى الرغم من عودة الروح للعلاقات
الإسرائيلية الإفريقية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة إلا أن مكانة إفريقيا شهدت
تراجعا في أولويات التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي.
بيد أن ظهور بعض التهديدات
الأمنية على الساحة الإفريقية ولا سيما في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر، وحدوث نوع من
التكالب الاستعماري الجديد على موارد وثروات إفريقيا الطبيعية، قد دفع بالقيادة
الإسرائيلية إلى إعادة التوكيد مرة أخرى على محورية إفريقيا في عملية صياغة السياسة
الخارجية الإسرائيلية.
وتشير الأدبيات الصهيونية إلى أن تيودور هرتزل مؤسس
الصهيونية السياسية قد أشار في كتاباته أوائل القرن العشرين إلى المشابهة بين خبرة
الشعب اليهودي والشعب الإفريقي ورغبة كل منهما في الخلاص والتحرر.
يقول هرتزل:
"لقد كنت شاهداً على خلاص شعبي من اليهود وأرغب في تقديم العون للعمل على خلاص
الأفارقة".
وقد حاول قادة الدولة العبرية بعد تأسيسها عام 1948 تحقيق هذه
المثالية السياسية من خلال تقديم إسرائيل باعتبارها نموذجا يحتذى في عملية بناء
الدولة الوطنية الحديثة في إفريقيا.
بيد أن البحث عن شرعية الوجود وتأمين الكيان
الصهيوني بعد تأسيسه دفع بصانع القرار الإسرائيلي إلى أن يلقى هذه المثاليات
السياسية وراء ظهره، ويتجه صوب إقامة علاقات دبلوماسية مع القوى الكبرى في النظام
الدولي مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي.
ففي نوفمبر
1947 حينما عرض قرار تقسيم فلسطين على الأمم المتحدة لم يكن يمثل إفريقيا جنوب
الصحراء سوى دولتين فقط هما ليبريا وأثيوبيا، وفي حين أيدت الأولى القرار امتنعت
أثيوبيا عن التصويت، فكان منطقيا حينها أن تنظر إسرائيل صوب القوى الاستعمارية
الأوروبية وتهمل المستعمرات الإفريقية.
وقد مثل مؤتمر باندونج لدول عدم الانحياز
عام 1955 نقطة تحول كبرى في تطور السياسة الإسرائيلية تجاه إفريقيا، حيث لم توجه
الدعوة إلى إسرائيل لحضور هذا المنتدى الدولي العام، بل وتم تبني سياسة مقاطعة
إسرائيل وإدانة احتلالها للأراضي العربية.
إسرائيل وإفريقيا..
عودة الروح
وهذا كله أي ما سبق يطرح بعض القضايا الإشكالية المتعلقة بالوجود الإسرائيلي في
إفريقيا ويثير كذلك مسألة الثابت والمتغير في الأهداف الإسرائيلية والأدوات
المستخدمة لتنفيذ هذه الأهداف وعلاقة ذلك كله بسؤال الأمن القومي العربي.
في
بداية التسعينيات من القرن الماضي تم إعادة تأسيس العلاقات بين إسرائيل وإفريقيا
مرة أخرى وربما يعزى ذلك إلى ثلاثة عوامل أساسية: 1.
توقيع اتفاقات أوسلو
ومعاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية وهو ما يعني إزالة كافة العقبات التي كانت
تعترض العلاقات الإسرائيلية الإفريقية.
2.
نهاية نظام الفصل العنصري في جنوب
إفريقيا والدور الذي قامت به إسرائيل في مساعدة حكومة الأغلبية السوداء الأمر الذي
أسهم في تجاوز عقبة العلاقة الإسرائيلية مع نظام الفصل العنصري
البغيض.
3.
انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور الولايات المتحدة باعتبارها القوة
العظمى المسيطرة في العالم وهو ما جعل التقرب منها في نظر الأفارقة يكون من خلال
البوابة الإسرائيلية.
ويلاحظ أنه بنهاية عام 1993 كانت سبع دول إفريقية قد أعادت
علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل، وفي العام التالي تبعتها عشرة دول إفريقية أخرى،
وبنهاية عقد التسعينيات وصل عدد الدول الإفريقية التي أعادت علاقاتها أو أسست
علاقات جديدة مع إسرائيل أربعين دولة، وهو ما يتجاوز العدد الذي تحقق في فترة
الستينيات.
والملفت هنا أن دولاً إفريقية جديدة لم يكن لها علاقات من قبل
بالكيان الإسرائيلي قد أضيفت إلى القائمة، ومن ذلك المستعمرات البرتغالية السابقة
(أنجولا وموزمبيق، وغينيا بيساو، وساوتومي وبرنسيب) بالإضافة إلى زيمبابوي ونامبيا
وإريتريا وموريتانيا.
ومن المثير للدهشة أن رد الفعل الإسرائيلي على هذه العودة
الإسرائيلية المتسارعة اتسم بالفتور الشديد وعدم الحماسة.
وارتبطت تلك المرحلة
بإقامة علاقات إسرائيلية مع كل من الهند والصين في آسيا وبحركة تطبيع العلاقات
الدبلوماسية مع العالم العربي.
وعليه أضحت حركة إسرائيل في إفريقيا محكومة
بالاعتبارات والأولويات الإستراتيجية والاقتصادية.
وبصفة عامة قامت إسرائيل
بافتتاح سفارات لها في أحد عشر دولة إفريقية هي أثيوبيا وإريتريا وكينيا وأنجولا
والكاميرون ونيجيريا وكوت ديفوار والسينغال، ومصر وجنوب إفريقيا
وموريتانيا.
ويلاحظ أن إفريقيا في معظم سنوات هذه المرحلة قد عانت من التهميش
وعدم النظر إليها بحسبانها أولوية كبرى في السياسة الخارجية الإسرائيلية وحتى في
التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي، حيث ظهر جيل جديد من الإسرائيليين لا يبالون كثيرا
بواقع الأفارقة وأزماتهم التي يعانون منها.
وقد برز هذا الإهمال الإسرائيلي
واضحا في عدم قدرة الحكومة الإسرائيلية علي التعامل مع بعض قضايا العلاقات
الإفريقية الإسرائيلية ومن ذلك: * نمو عدد العمال الأفارقة العاملين في
إسرائيل.
* انعكاسات هجرة يهود الفلاشا على المجتمع الإسرائيلي.
ولا يعني ذلك
القول بأن إسرائيل تخلت عن أهدافها الثابتة في إفريقيا ولعل ما يؤكد ذلك هو ظهور
مخاوف أمنية وإستراتيجية جديدة في القارة الإفريقية ولا سيما في حقبة ما بعد 11
سبتمبر.
ويمكن القول إن إسرائيل قد حافظت دوما على مراكز نفوذها وتأثيرها في
إفريقيا والتي تتمثل في: منطقة شرق إفريقيا وحوض النيل حيث تحتفظ إسرائيل ببعثات
دبلوماسية كاملة يرأسها سفراء في كل من إرتيريا وأثيوبيا وكينيا.
كما أنها تمثل
ببعثة دبلوماسية في جمهورية الكونغو الديمقراطية ويرأس هذه البعثة سفير مقيم في مقر
وزارة الخارجية الإسرائيلية.
أما باقي دول حوض النيل وهي أوغندة وتنزانيا
ورواندا وبوروندي فإن إسرائيل تعتمد على سفرائها المقيمين في دول الجوار الإفريقية
لرعاية مصالحها في هذه الدول.
وعليه فإنه إذا أخذنا بعين الاعتبار حقيقة
العلاقات المصرية الإسرائيلية الذي تم إقرارها بمقتضى معاهدة السلام بين البلدين
عام 1979 لا تضح أن إسرائيل تحتفظ بعلاقات وثيقة مع دول حوض النيل كافة باستثناء
السودان.
منطقة الحزام الإسلامي في غرب إفريقيا حيث تمتلك إسرائيل بعثات
دبلوماسية كاملة برئاسة سفراء في كل من الكاميرون وكوت ديفوار والسنغال
ونيجيريا.
وفي عام 1999 تم رفع درجة التمثيل الدبلوماسي بينها وبين موريتانيا
إلى مستوى السفارة إلى أن قامت حكومة الجنرال محمد ولد عبد العزيز أوائل عام 2009
بتجميد هذه العلاقات وطرد السفير الإسرائيلي من نواكشوط.
ومن الملاحظ أن إسرائيل
تحتفظ بعلاقات جيدة مع كافة دول غرب الإفريقية الأخرى وإن كانت لا توجد بها سفارات
إسرائيلية كاملة وهو الأمر الذي يعكس الأهمية الجيوسياسية لهذه المنطقة لدى صانع
القرار الإسرائيلي.
منطقة الجنوب الإفريقي إذ توجد علاقات إسرائيلية بدولة جنوب
إفريقيا وهي ترجع إلى مرحلة نظام الفصل العنصري.
ونظراً لوجود جالية يهودية
مؤثرة في جنوب إفريقيا فإن العلاقة بين الدول العبرية وجمهورية جنوب إفريقيا حتى في
مرحلة ما بعد التحول الديمقراطي عام 1994 تتسم بالاستقرار والحيوية.
ومن الملفت
للنظر كذلك أن إسرائيل تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع حكومة أنجولا وذلك منذ عام
1992 وهو ما يسمح لها باختراق منطقة اللوزيفون (أي إفريقيا الجنوبية الناطقة
بالبرتغالية).
مصر وشمال إفريقيا.
استطاعت إسرائيل أن تكسر حدة الحصار العربي
المفروض عليها منذ قيامها عام 1948 بعد توقيع معاهدة السلام مع مصر وتأسيس علاقات
دبلوماسية متكاملة مع القاهرة عام 1980.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد حيث
استطاعت بعد توقيع اتفاقات أوسلو عام 1993 أن تطبع علاقاتها مع بعض الدول العربية
في شمال إفريقيا مثل تونس والمغرب.
الأهداف والعوامل المساعدة يمكن القول إجمالا
إن السياسة الإسرائيلية تجاه إفريقيا قد حكمتها منذ البداية مجموعة من الاعتبارات
والأهداف العامة، لعل من أبرزها: الاعتبار السياسي، حيث تمثل إفريقيا قوة تصويتية
كبرى في المحافل الدولية ولا سيما الأمم المتحدة، وهو ما يعني أن بمقدور الأفارقة
إحداث تغيير هائل في السياسات الرامية لفرض العزلة الدولية على إسرائيل.
بيد أن
ثمة اعتبارات إستراتيجية تمثلت في حاجة إسرائيل إلى كسر حاجز العزلة التي فرضتها
عليها الدول العربية من خلال إقامة شبكة من التحالفات مع دول الجوار غير العربية
ولا سيما في منطقة القرن الإفريقي وشرق إفريقيا.
يقول ديفيد بن جوريون رئيس
الوزراء الإسرائيلي الأسبق في خطاب له أمام الكنيست عام 1960: "إن المساعدات التي
نقدمها للدول الحديثة ليست عملا من أعمال الخير.
إننا بحاجة إلى صداقة هذه الدول
أكثر من حاجتها هي إلى مساعداتنا".
ولم تكن الاعتبارات الاقتصادية ببعيدة عن
تفكير صانع القرار الإسرائيلي فإفريقيا غنية بمواردها وثرواتها الطبيعية، كما أنها
تعد سوقاً محتملة للمنتجات الإسرائيلية.
وفي هذا المجال بدأت إسرائيل علاقاتها
مع النخب السياسية الإفريقية في سنوات مرحلة ما قبل تصفية الاستعمار، ولعل المثال
الأبرز ما تقدمه تجربة غانا، حيث تمت الاتصالات الإسرائيلية بقادة غانا عبر مؤتمرات
الاشتراكية الدولية والكونفدرالية الدولية للنقابات العمالية الحرة.
أفضى ذلك
إلى افتتاح قنصلية إسرائيلية في أكرا عام 1956 أي قبل إعلان استقلال غانا بعدة
أشهر.
وفي مارس 1957 حينما أعلن استقلال غانا بشكل رسمي أسرعت إسرائيل بتحويل
قنصليتها في أكرا إلى السفارة وأصبح أيهود أفريل (Ehud Avriel) أول سفير إسرائيلي
في إفريقيا.
وفي خضم موجة استقلال الدول الإفريقية أسرعت إسرائيل بالاعتراف بهذه
الدول وإقامة العلاقات الدبلوماسية معها.
ففي عام 1959 افتتحت سفارتها في غينيا
كوناكري، وخلال العامين 1960-1961 شملت علاقات إسرائيل الدبلوماسية دول الكونغو
الديمقراطية (زائير آنذاك) ومالي وسيراليون ومدغشقر ونيجيريا.
وقد وصل عدد
السفارات الإسرائيلية في إفريقيا مع نهاية عام 1962 إلى 22 سفارة، وفي عام 1972
كانت إسرائيل قد أقامت علاقات دبلوماسية كاملة مع (32) دولة إفريقية.
ومن المثير
للانتباه أن بعض الدول الإفريقية قد سعت لفتح سفارات لها في إسرائيل، بل أنها لم
تمانع في أن يكون مقر هذه السفارات هو مدينة القدس.
وقد اعتبرت إسرائيل القرار
الإفريقي باعتبار القدس عاصمة لها هو نوع من التقدير والاعتراف بدولة
إسرائيل.
وثمة مجموعة من المتغيرات الدولية والإقليمية تفسر لنا أسباب الهجمة
الدبلوماسية الإسرائيلية على إفريقيا ومن ذلك: - موجة استقلال الدول الإفريقية في
الستينيات وهو ما يعنى زيادة قدرتها التصويتية في الأمم المتحدة حيث كان الصراع
العربي الإسرائيلي من أبرز القضايا التي تطرح دوماً للتصويت.
- إنشاء منظمة
الوحدة الإفريقية عام 1963 وهو ما يمثل تحدياً أمام إسرائيل حيث أنها لا تتمتع
بالعضوية في هذا التجمع الأفروعربي.
- عضوية مصر ودول عربية أخرى في كل من جامعة
الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية أسهم في إقامة تحالفات عربية أفريقية، ولا
سيما مع بعض القادة الراديكاليين أمثال نكروما وسيكوتوري.
وفي أعقاب حرب أكتوبر
1973 قامت الدول الإفريقية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل تأييداً للموقف
المصري، وإن كان البعض يرى أنه كان مدفوعاً كذلك بالرغبة في الحصول على المساعدات
العربية ولا سيما من قبل الدول النفطية.
وإذا كان قطع العلاقات الدبلوماسية لم
يؤثر على استمرار الاتصالات بين إسرائيل وإفريقيا فإنه أحدث تحولاً كبيراً في
مدركات صانع القرار الإسرائيلي كما أنه أدى إلى تغيير في السياسات الإسرائيلية
المتبعة.
ويبدو أن إسرائيل قد حاولت الرد على هذا الموقف الأفريقي من خلال أمرين
هامين: أولهما دعم العلاقة الإسرائيلية بنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا في
أوائل عام 1974.
وثانياً رفض المطالب الإفريقية الخاصة بالمساعدات
الفنية.
حيث قامت إسرائيل بتوجيه هذه الموارد إلى مناطق أخرى من العالم ولا سيما
آسيا.
ومن الواضح أن إسرائيل قد عانت عزلة دولية واضحة نتيجة هذا الموقف
الإفريقي وقد تجلى ذلك بوضوح في عام 1975 حينما تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة
قرارا يساوي بين الصهيونية والعنصرية.
على أن إرهاصات مرحلة عودة التغلغل
الإسرائيلي بدأت تدريجياً إلى إفريقيا في منتصف السبعينيات حينما اجتمع رئيس
الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين مع كل من ليوبولد سيدار سنغور رئيس السنغال، وفيلكس
هوفوت بوانيه رئيس كوت ديفوار.
بيد أن توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية
عام 1979 كان يعني في أحد أبعاده نهاية لسنوات المقاطعة الإفريقية لإسرائيل.
ومع
ذلك نستطيع أن نشير إلى عاملين أساسين أسهما في أن تعيد إفريقيا النظر في علاقتها
مع إسرائيل: - أولاً: إحباط الدول الإفريقية من عدم فعالية حركة التعاون العربي
الأفريقي بعد النتائج الهزيلة التي أفرزتها القمة الأفروعربية عام 1977.
كما عبر
الأفارقة عن استيائهم من الصراعات العربية/العربية ولا سيما بعد توقيع اتفاقات كامب
ديفيد ومحاولة نقلها إلى منظمة الوحدة الإفريقية.
وقد دفع ذلك ببعض المحاولات
الإفريقية للتفكير في إقامة منظمة أفريقية زنجية تقصر عضويتها على الأفارقة دون
العرب.