;

إنحطاط السياسة ومستقبل السيادة الوطنية .."الحلقة «81» 920

2009-12-26 04:15:16

منذ عام
1984 كان المصرف قد دأب في فترة تزيد على العقد من السنين على تقديم بيانات ضريبية
خاطئة ففي عام 1988 فقط كان الخبراء في شؤون الضريبة لدى المصرف قد خفضوا الأرباح
التي يتعين على مصرفهم أن يدفع عنها الضريبة بمقدار 70 مليون مارك وهكذا ضاعت من
وزارة المالية في مجمل هذه السنوات عوائد ضريبية تصل قيمتها إلى نصف مليار
مارك.

وبهذا الحدث المحدد وبأدلة
بينة كشف المفتشون الضريبيون في مقاطعة هنس لأول مرة على الملأ عما يتحدث عنه
المطلعون على خفايا الأمور والموظفون في المكاتب الضريبية منذ سنوات: في ظل تشابكات
العولمة تعمل المشروعات متعدية الجنسية بأسلوب لا يتفق مع روح القوانين الضريبية
أسلوب يؤدي إلى خفض الضريبة على العوائد المتحققة إلى أدنى مستوى ممكن.
وبحملة
التفتيش المثيرة في عاصمة المصارف الألمانية بلغ موظفو الضرائب إلى حين ذروه هجمتهم
المستمرة منذ سنتين ضد ما يقوم به بعض المواطنين والشركات الألمانية من هروب ضريبي
إلى العالم الخارجي.
استنزاف أموال الدولة إن نضوب أموال الدولة بفعل الاقتصاد
العابر الحدود لا ينعكس على جانب الإيرادات فحسب فالأممية الجديدة تستحوذ على حصة
مزايدة من الإنفاق الحكومي أيضاً أن التنافس على دفع أدنى الضرائب يتزامن مع تنافس
على الحصول على أسخى التبرعات والمساعدات وفي هذا السياق يعتبر الحصول على قطع
الأراضي وكل ما هو ضروري من قبيل مد الشوارع والطرق والسكك الحديدة وإيصال الطاقة
الكهربائي والمال بلا ثمن حد أدنى في المستوى الدولي أضف إلى هذا أنه حينما تنوي
مؤسسة ما تشييد مصنع للإنتاج خاصاً بها فإن في وسع الساهرين على احتساب التكاليف أن
يتوقعوا حصول المؤسسة على إعانات ومساعدات بمختلف الصيغ والأسماء.
أضف إلى هذا
أن إفلاس مجموعة مصانع vulkan هذه المجموعة التي كانت قد أنفقت جزءاً معتبراً من
المعونات الحكومية التي حصلت عليها على مصانع ألمانية غريبة منهكة قد جعل تحمل
الدولة لعبء مالي إضافي يبلغ على ما يبدو نصف مليار أمراً لا مناص منه ولكن ومهما
كانت الحال فقد لمست حكومة كول في سياق مساعيها الرامية إلى إصلاح حالة الصناعة
الكيماوية التي ورثتها من ألمانيا الديمقراطية والواقعة حول المدن الصناعية لأول
مرة على نحو بين كيف تؤدي محاولة استقطاب المؤسسات الصناعية العالمية عبر المنح
والمساعدات المالية إلى استنزاف أموال الدولة ففي سياق هذه الإصلاحات وقع كول نفسه
دونما بصيرة في الشرك.
إن الإستراتيجية الضرورية الصائبة واضحة وضوحاً جلياً بلا
مراء : إنها تكمن في التعاون الدولي فالعلماء المهتمون وحماة البيئة والسياسيون
يطالبون منذ أمد طويل بضرورة تشابك السياسات الوطنية عبر كل الحدود الدولية والدول
الصناعية الفنية على وجه الخصوص قامت فعلاً بتكثيف تعاونها في السنوات العشر
الماضية إذ ازداد على نحو كبير عدد المؤتمرات الحكومية الدولية والاتفاقيات عابر
الحدود وذهبت أوروبا الغربية إلى الأبعد من هذا إذ أنشأت في سياق مفعولة على العديد
من الدول.
التوقف عن السير على غير هدى الإفلات من المأزق: إن مجتمعاً يقوم على
أسس ديمقراطي يضمن لنفسه الاستقرار فقط حينما يشعر الناخبون ويلمسون أن حقوق ومصالح
الجميع تراعى وتؤخذ بعين الاعتبار وليس حقوق ومصالح المتفوقين اقتصادياً فقط من هنا
يتعين على السياسيين الديمقراطيين أن يبذلوا قصارى جهدهم لتحقيق التوازن الاجتماعي
والحد من الحرية الفردية إذا ما كان في ذلك مصلحة المجتمع في الوقت ذاته لابد من
توافر الحرية للمشروعات في اقتصاد السوق إذا أريد لها أن تنمو وتزدهر فالتطلع إلى
تحقيق الربح هو المحفز الذي يحرك تلك القوى الضرورية لزيادة الرخاء عن طريق
الابتكارات والاستثمارات.
هل نتقدم عائدين إلى مرحلة الثلاثينيات المنصرمة؟ أن
الشؤم كل الشؤم سينزل علينا فيما لو كان أنصار العولمة محقين في هذه المقارنة فعصر
الثورة الصناعية كان من أشد مراحل التاريخ الأوروبي بشاعة فحينما توحدت صفوف
الإقطاعيين القدامى والرأسماليين الجدد استطاعوا معاً وبما لدى الحكومة من وسائل
عنف غاشمة تقويض القيم الاجتماعية القديمة والقضاء على قواعد النظام العرفي وعلى
الحقوق العرفية التي كانت تضمن للفلاحين حداً أدنى من المعيشة على الأقل.
إن
العرف الذي يقدمه polany بشأن ردود الفعل التي نجمت عن تحرير قوى السوق لا تنطبق
آلياً على اقتصاد التقنية العالية المعولمة السائد اليوم بكل تأكيد إلا أن ما خلص
إليه متحقق فعلاً.
فالتصور الذي عم الحكام المؤمنين بالاقتصاد الليبرالي في
القرن التاسع عشر والذي كان مفاده أن الأفضل لهم ترك مجتمعاتهم تدار من قبل نظام
سوقي دولي الأبعاد ينظم نفسه بنفسه ليس سوى "وهم" خطر يحمل في طياته أسباب فشله
وذلك لأن سياسة دع المرء يعمل بما يخدم مصلحته والبضائع تنتقل عبر الحدود تحقيقاً
لربح أو خسارة تدمر الاستقرار الاجتماعي باستمرار.
ومن ناحية حية أخرى هناك حركة
تهميش للفئات المستضعفة اقتصادياً في المجتمع : فالذين يعيشون على الرعاية
الاجتماعية وكذلك العاطل عن العمل والمعاقون والشبيبة غير المتعلمة لمهنة ما
يلاحظون على نحو متزايد تخلي أولئك الذين لا يزالون ينعمون بالرفاهية عن أسس
التكافل الاجتماعي فلأنهم أنفسهم مهددون بالتدهور والانحطاط لذا يتحول مواطنون
سليمو الهوية إلى شوفينين أثرياء لا يودون الاستمرار في دفع المعونات للخاسرين على
طاولة القمار في السوق العالمية.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد المياحي

2024-09-21 22:40:48

عن سبتمبر

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد