الزعتري
1963م كانت فقط سلطة السياسة هي من تحكم وعبر رجالها من الحكام الائمة والسلاطين
وعلى أساس اعتماد نظام الحكم الملكي الوراثي و دون أن يكون لسلطة المال وعبر رجاله
الحق في الاشتراك في الحكم ...
وبعد قيام ثورتي26 سبتمبر1962م و ثورة 14أكتوبر 1963م جاء الحكم في شمال الوطن اليمني
بسلطة السياسة وعبر رجال من أفراد القوات المسلحة (عسكريين واعتمد نظام الحكم
الجمهوري علي حكم (الخليط ) مصادره الفكر التقليدي القبلي والفكر الديني المحافظ
والفكر السياسي متنوع المشارب والفكر العسكري وطوق هذا الخليط بحكم الفرد ( أولا )
وفقط الاستعانة بمن أراد من ( الخليط ) ولحماية الفرد لحكمه سعى نظام الحكم حينها
إلي الاعتماد علي القبيلة وجاء تقسيم المجتمع اليمني علي أساس مناطقي وعنصري والي
فئات وتجمعات قبلية و سعى حكم الفرد إلي تفريخ المشائخ ليهيمنوا كلا علي (مجتمعه
الصغير القبيلة ) وكان هذا جليا في مناطق شمال الشمال اليمني وتم دعم المشائخ
بالمال والسلاح من قبل نظام الحكم الفرد وأيضا من دول خليجية مجاورة لتكون القبيلة
مهيمنة والذي أدي إلي مشاركتها في حكم الدولة عبر المشائخ .
وفي بداية
الثمانينات من القرن الماضي تبدل رجال الحكم وجاءوا جدد عمن سابقوا ووجدوا أنفسهم
رجال الحكم الجدد مطوقين بأصحاب الفكر التقليدي القبلي المدعوم من دول جوار عربيه
وعليه لم يكن أمامهم أفراد الحكم الجدد حينها إلا التعايش مع الوضع القائم
وبدبلوماسية للسير بسلام مع القبيلة فهادنها لدرجة انه تم تعميق إشراك القبيلة في
الحكم وإدارة شئون دولة شمال اليمن من ناحية لتجنب شرها (القبيلة ومشائخها ) ومن
ناحية أخري بهدف كسبها لمساندة في ترسيخ هيمنة رجال الحكم الجدد ولضمان استمراريتهم
في الحكم فأصبح بذلك حكم الأفراد مدعوما من رجال القبيلة و يعتمد العسكرة في أسلوب
الإدارة للدولة وتحت مظلة نظام الحكم الجمهوري ظاهريا فقط وحين امن كلا للآخر (رجال
حكم جدد ورجال القبيلة ) جعل أفراد الحكم الجدد حينذاك أن زادوا من دعم سطوة
القبيلة لتكون ذات قوة وتأثير لدرجة أنهم سمحوا لها العسكرة بتجييش جيش شعبي قبلي
وذلك لتامين ظهر أفراد الحكم الجدد ولامتلاك قوة تأثيرا اجتماعي وأيضا لكي يصطفون
وراء أشخاص الحكم الجدد ويقولون بقولهم وينفذون ما يريدونه منهم عند الحاجة فيسهموا
في استمرارية أشخاص الحكم الجدد في حكم دولة شمال اليمن وكان هذا بمسانده وتوجيه
قوة نفوذ (خارجية )...
أما في جنوب الوطن اليمني وبعد قيام ثورة 14 أكتوبر 1963م
حكم حزب واحد تم إيجاده بان جمع في بوتقته كل القوي السياسية الحزبية ليكونوا تحت
مظلة حزب واحد وارتمى هذا الحزب كليا في أحضان فكر يساري وأيدلوجية اشتراكية وحكم
بها الجنوب وتقوقع في أيدلوجية اشتراكية دون مراعاة ظروف وخصائص مجتمعه اليمني في
جنوب اليمن فكان الحكم في يد سلطة رجال السياسة حكموا بنظام ديكتاتورية الحزب
الواحد (فقط) وفي كلا الشطرين لم يكن لرأس المال وأصحابه سلطة كما ولم يكن مسموحا
لهم أن يتدخلوا في الحكم بل امتد في جنوب اليمن بان تم محاصرة أصحاب رأس المال وأهل
التجارة إلي أن تم الوصول بهم إلي النزوح والهروب إلي خارج دولة جنوب اليمن ونظام
حكمها الاشتراكي.
وهكذا حكم كلا فريق (أفراد نظام الحكم ) جزء من الوطن اليمني
وساكنيه ...
وبعد تحقيق الوحدة اليمنية وبصفة خاصة بعد حرب 1994م غلب في إدارة
الدولة حكم الأفراد علي حكم المؤسسات إذ أن الأفراد هيمنوا علي سلطة السياسة
وبالتالي سلطة الإدارة للدولة الموحدة وكذا غلب هيمنة الزعامات الاجتماعية (المشائخ
) وقبائلهم وعاد ما كان معتمدا قبل تحقيق الوحدة اليمنية في دولة شمال اليمن في
طريقة إدارة وحكم اليمن الموحد وقد أسهم في نجاح هذا تضامن أصحاب الفكر التقليدي
القبلي وأصحاب الفكر الديني المحافظ مع رجال سلطة السياسة بعد أن تغلبوا علي أصحاب
الفكر الاشتراكي اليساري المشارك في تحقيق الوحدة اليمنية بل أن أصحاب الفكر الديني
المحافظ وضعوا أنفسهم ليكون تابعين لأصحاب الفكر التقليدي القبلي وفي قبضة يد رجال
سياسة الحكم الفردي وتزايد هذا الارتهان إلي أن جاءت أحداث تدمير مبني التجارة
العالمية في نيويورك في 11 سبتمبر 2001 م وعلي اثر هذه الأحداث تم توجيه الهجمة
الشرسة علي التنظيمات السياسة الإسلامية المتواجدة في جميع دول العالم من قبل
أمريكا إلا أن رجال سلطة سياسة الحكم الفردي شعورا بعبئ العلاقة بينهم ومع أصحاب
الفكر الديني المحافظ لعدم القبول بالثاني من قبل القوي الدولية العظمي (أمريكا
ودول أوروبا الغربية المتحالفة معها ضد ما سمي بالإرهاب ) كما أن رجال سلطة سياسة
الحكم الفردي رأوا بعدم الحاجة لاستمرار علاقات الروابط بهذا الفريق الثاني وأيضا
لتحاشي هجوم القوة العظمي عليهم لاستمرار هذه العلاقة المرفوضة وأيضا تفاديا من
استخدام القوة العظمي(أمريكا ودول أوروبا الغربية المتحالفة ) أصحاب الفكر
الاشتراكي والذين اخرجوا من الحكم بعد حرب 1994م كورقة ضغط بمساندتهم أو لإعادتهم
إلي الحكم بعد إزاحتهم ..
ولهذا رأي رجال سلطة سياسة الحكم الفردي بالجمهورية
اليمنية الضرورة في تغيير أطراف اللعبة السياسية بأن رأوا ان رأس المال أصبح مطلوب
بعد حرب 1994م بان يتكاتف مع رجال سلطة سياسة الحكم الفردي وبحيث تكون سلطة المال
مسانده لسلطة السياسة في مرحلة قادمة ما بعد (1997م ) بإن تم ظهور توافق ضمني غير
منسق له و غير المعلن عنه وإنما بأمر رجال الحكم الفردي والذي قام علي أساس المصالح
المتبادلة بين (رجال الحكم ورجال المال ) وظهر جليا التعاون بينهما بالمساندة التي
قدمها رجال المال في انتخابات ( 2003م ) لعضوية مجلس النواب (أعضاء السلطة
التشريعية ) وأيضا في انتخابات الرئاسة عام 2006م وظهرت هذه المعاضدة والمساندة
بالدعم اللوجستي بالمال والرجال .
وان عدنا لماضي قريب لتحليل مجرياته نجد ما
ويشير لنا بأنه خطط منذ ما بعد السبعينات من القرن الماضي وبداء أن نفذوا وتم السير
علية من رجال سلطة و سياسة الحكم الفردي نحو صنع رجال مال اثريا من خلال إيجاد
وتراكم ثروات بيد أشخاص ليكونوا أصحاب رؤوس أموال إذ انه تم إنشاؤهم من العدم كرجال
مال وأعمال وقد عمل رجال سلطة سياسة الحكم الفردي علي إثراءهم بان تم توزيع عليهم
نسبه كبيرة من ثروة المجتمع اليمني ومن خلال إسناد لهم الكثير من المشاريع العامة
للدولة وتمكينهم لتلبية الكثير من الصفقات التجارية ولمشتريات أجهزة الدولة
ومؤسساتها سواء كان ممثلا بسلع أو خدمات والتي كان كثيرا ما يتم المزايدة في
أسعارها سواء عند البيع لمؤسسات الدولة أو عند التنفيذ لمشاريع عامة للدولة وذلك
للتسريع في عجلة الإثراء السريع لهؤلاء أصحاب رؤوس الأموال الجدد و سمح لكثير أن
يتخذوا ضمن متاجرتهم كل ما يؤدي إلى تسريع إثرائهم متمثلين مبدءا مضمونه ( لا ضرر
في انتقاص جودة ما يباع أو ينفذ من مشاريع للدولة لتحقيق اكبر ربح ممكن ) ولأجل
التسريع أكثر امتد إلي التغاضي عن كثير من رجال المال والإعمال الجدد عندما خاضوا
المتاجرة عبر (التهريب ) وهذا كان هدفه من ناحية للإثراء السريع لأنفسهم ومن ناحية
أخري إفقار منافسيهم من رجال مال وأعمال تعملقوا في السوق اليمني منذ القدم والذين
يتخذون الطرق الرسمية والنظامية لممارسة تجارتهم ويؤدون ما عليهم من رسوم حكومية
وضرائب وفق القوانين المشرعة وذلك عبر إدخال بضائع منافسة لبضائعهم وعبر طرق
التهريب لتباع بالأسواق اليمنية بأسعار اقل لما يبيع به رجال مال وأعمال قدماء
فيكون لها القبول الاستهلاكي ويجمد فئة التجار الأصليين رجال مال وأعمال قدماء وذلك
لتقليص نمو ثرائهم أو حتى إفلاس من أمكن منهم كما تم التغاضي عن كثر من رجال المال
والأعمال الجدد والمستحدثين عند تهربهم من دفع الضرائب ورسوم حكومية أخري مفروضة
وبقوانين جباية لصالح الدولة تسريع عجلة الإثراء وذلك لإحداث انسياب لرأس
المال..
الخ وعلية تم إيجاد أصحاب رؤوس الأموال الجدد ودفع بهم ليخوضوا في حلبة
الأعمال التجارية والاقتصاد وعبر شركات أسسوها وجمعوا من خلالها المال أبيديهم
وبشكل مخطط له بان مكنوا من الإثراء ليكونوا بين أبناء المجتمع اليمني أصحاب رؤوس
أموال وأعمال ولأجل دور مستقبلي يعدون له والذي بدأ يظهر في انتخابات 2003 م
وانتخابات 2006م ويظهر ويبرز دورهم أكثر فأكثر ويوما بعد يوم ولهذا اليوم يلوح في
الأفق بأن سلطة المال وعبر رجاله الأثرياء الجدد والمستحدثين بدأ مشاركتهم لسلطة
السياسة في الحكم ورجاله وإدارة شئون الدولة وان كان ما زال بتخفي وباستحياء
..
ونتوقع بالمستقبل وبمرحلة قادمة أن تكون سلطة المال ممثلة بأصحاب رؤوس
الأموال والأعمال الجدد والمستحدثين والذين تم إعدادهم وتجهيزهم وغالبتهم هم من
أبناء رجال سلطة سياسة الحكم الفردي ممن حكموا بالأمس وما زالوا يحكمون اليوم اليمن
الموحد إذ يخطط أن يكون هؤلاء الأبناء هم من يحكم ويدير شئون الدولة في مرحلة قادمة
وان لم يكن ظاهريا فسيكون حكمهم بالباطن (علي غرار ما يفعل ويحكم به اللوبي
الصهيوني القابضين علي الاقتصاد والإعلام في أمريكا ودول أوروبا الغربية الصناعية)
..
فأمام هذا فأن صح علي ارض الواقع تحليلي وفق ما أراه من مؤشرات ويخطط له بأن
يراد لرجال رأس المال المستحدث أن يحكم في المرحلة القادمة باليمن فان حدث هذا فاني
أتسأل : كيف سيكون حال الجمهورية اليمنية وشعبها عندما يجتمع الحكم والمال في قبضة
يد واحده ويكون في إدارة شئون الدولة والشعب اليمني قائم علي حكم السلطتين (سلطة
السياسية وسلطة المال معا ) وليس فقط علي حكم سلطة واحدة (سلطة السياسة) كما كان
عليه في الماضي منذ ما قبل قيام الثورتين وما قبل حرب 1994م وحتى اليوم ..
؟ فان
حدث هذا في المستقبل القريب فاني أجيب لك عزيزي القاري علي هذا السؤال الذي يثيره
ذهني بالقول : بان الحكم في المستقبل بالطبع سيكون أسوء والاستغلال للوطن
والاستنزاف لثروة المجتمع والنهب لمقدرات البلاد اكبر وبشكل أوسع ولصالح فئة
الأغنياء الجدد والذين سيكونون هم في ذات الوقت من الحكام الجدد ي ان لم يمن ظاهريا
فالباطن ومن خلف الأسوار وعبر رجالهم ممن يصعدونهم ليحكموا نيابة عنهم .
وعليه
فإن الفساد والإفساد سيتسع وقد يكون حينها بلا حدود ولا عائق وبلا لجام يلجمه لأنه
حينها سيكون من يخططون لشئون الدولة والشعب هم أنفسهم أهل الثراء والمال الجدد ممن
يمتلكون سلطة المال ويمتلكون الشركات وهم أنفسهم من ينفذون خططهم لشئون البلاد وهم
أنفسهم أهل السياسة وحكم الوطن وهم أنفسهم من يلبون ويبيعون للدولة والشعب اليمني
احتياجاتهما من المشاريع العامة والخدمات والسلع وسيظهر حينها لوبي يمني بيده كل
شئون البلاد السياسية والاقتصادية والإعلامية .
وحتى الثقافية وبناء الفكر
البشري اليمني وفق لأهدافهم ..
الخ ) وعليه سيكون المزيد والمزيد لنمو ثروتهم
وسيسخرون جزء منها لصالح استمرار إدارتهم للدولة وحكمها وقد يتاح الفتات لمن يقف
عونا لهم وهنا سيكون الخطر علي البلاد والعباد في اليمن وحكم المستقبل للدولة
اليمنية الموحدة .
ما لم يتم الفصل بين السياسة والحكم وبين المال والأعمال
التجارية (الاقتصادية ) وبقوانين وإجراءات نافذة وتطبيق العقاب الصارم علي
المخالفين ومنذ الوقت الحاضر وللمستقبل.