;

حرب غزة وتبادل الأدوار بين إسرائيل والعرب 761

2009-12-30 04:18:51

صالح النعامي

في الوقت الذي يُحيِي الفلسطينيون في هذه الأيام الذكرى الأولى للحرب الإجرامية التي شنَّتها إسرائيل على غزة، فإنه من الأهمية بمكان إعادة قراءة أهداف الكيان الصهيوني من هذه الحرب، فلم يكن الغزو الإسرائيلي لغزة فقط مجرد عملية عسكرية لوقف إطلاق الصواريخ وتهريب الوسائل القتالية، أو محاولة لترميم الردع الإسرائيلي، ولم يكن فقط مجرد محاولة أخرى لفرض النظام لدى الآخرين وإسقاط حكومة حماس المنتخبة، صحيح إن إسرائيل حاولت تحقيق كل هذه الأهداف، لكن الحرب في كل الأحوال مثلت في الأساس استراتيجية تقوم على العمل على شطب الزمان والمكان الفلسطيني، ومحاولة لصياغة الواقع الفلسطيني بما يتناسب مع المصالح العليا للكيان الصهيوني.

ومن الأهمية الاستماع للمفكر الإسرائيلي أورن يفتاحيل الذي يؤكد أن جميع المستويات والنخب في إسرائيل تحمَّست شاركت في الحرب على الفلسطينيين، حيث إنه إلى جانب العسكريين والسياسيين، فقد شارك بحماس منقطع النظير الفنانون والإعلاميون.

لقد شنت إسرائيل عدوانها على غزة لأن صعود حركة حماس أحبط إمكانية تمرير حلّ الدولتين، حيث حاولت إسرائيل المزج بين الحصار والقصف والقتل كوسائل متبعة لإحباط هذا الهدف، فبالنسبة للنخب الحاكمة في إسرائيل فقد مثَّل صعود حماس مصدر قلق كبير، حيث إنه كان يعني تهديد تنفيذ فكرة حل الدولتين، على اعتبار أن هذه الفكرة تعتبر مثالية بالنسبة لإسرائيل؛ لأن هذه الفكرة تعني مواصلة إسرائيل مشروعها الاستيطاني الإحلالي بشكل لا نهائي.

وكما هو الحال في كل مراحل تاريخها، فبدلًا من مواجهة الواقع بكل تعقيداته لجأت إسرائيل إلى إرهاب الدولة، وهي لا تدرك أن مزيدًا من أطنان من الرصاص والمتفجرات ومزيدًا من قتل الأطفال وإحراق مدن القطاع لن ينجح في إسكات صوت الفلسطينيين، ومما لا شك فيه أن إسرائيل انطلقت من منطلقات عنصرية قبل مشاركتها في الحرب، وكما يقول المؤرخ الإسرائيلي توم سيغف فإن أحد أهم أهداف الحرب على غزة كان "تطبيق مبدأ أصيل في الفكر الإسرائيلي المؤدلج بالصهيونية يقوم على ضرورة تسديد الضربات إلى الفلسطينيين من أجل تلقينهم درسًا، وهذه هي إحدى الفرضيات الأساسية، التي ترافق المشروع الصهيوني منذ بدايته". ويرى سيغف أن المنطق الذي يسوّغ هذا السلوك يقول: "نحن - اليهود- ممثلو التقدّم والحضارة، الحنكة العقلانية والأخلاق، والعرب هم رعاع بدائيون ذوو نزعات عنيفة وهوجاء، جهلة لا بُدّ من تربيتهم وتعليمهم الفهم الصحيح بطريقة العصا والجزرة"، على حد تعبيره.

لقد افترضت إسرائيل أن تؤدي الحرب إلى انهيار سلطة حماس "وفقًا لفرضية أخرى ترافق الحركة الصهيونية منذ تأسيسها، وبموجبها أنه في وسع إسرائيل أن تفرض على الفلسطينيين قيادة وفق القياسات الإسرائيلية، تتنازل عن تطلعاتهم القومية، فمرة أخرى تعيد إسرائيل إنتاج الفرضيات والمنطلقات التي بلورتها، والتي ثبت بطلانها مرارًا وتكرارًا، لقد كان العدوان الإسرائيلي على غزة يمثل مولد عقيدة دفاعية جديدة في إسرائيل، وفحوى هذه العقيدة أن تتصرف إسرائيل باعتبارها دولة هوجاء في مقابل حركات مقاومة تتبنى استراتيجية الاستنزاف، إن ما تقدم يصلح لتفسير المعطيات الصادمة التي انتهت إليها الحرب على قطاع غزة، فقد كانت إسرائيل في هذه الحرب تنطلق من افتراض مفادُه أنه يتوجب حسم المواجهة مع الشعب الفلسطيني بغض النظر عن الخسائر في صفوف المدنيين.

 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد