;

الحـــــــوار أو الدمــــــــار 1161

2010-01-02 04:11:37

الشيخ
عمار العريقي


تنادى الأخ رئيس الجمهورية والمعارضة السياسية إلى
(الحوار) في وقت تشهد فيه اليمن أزمات سياسية خطيرة يخشى العقلاء أن تقوض الأمن
الداخلي والسلم الاجتماعي.
لقيت الدعوة إلى الحوار هذه قبولاً جماهير كبيراً من
لدن عامة الشعب والمثقفين ويأمل الشعب أن تحظى هذه الدعوة بالجدية والمصداقية
والشفافية ولابد طلباً للصلح والإصلاح من التوافق فيها على
الثوابت الدينية والوطنية كالمحافظة على مكسب الوحدة
والمحاربة لكافة صور الفساد وضمان تجسيد ذلك عملياً وتنازل أطراف الحوار لما فيه
مصلحة البلاد والناس وعدم التلويح باللجوء إلى الأجنبي أو لغة الحرب والدمار بدلاً
من لغة السلم والحوار ولابد من التزام آداب وأخلاق الحوار كالتجرد والموضوعية
والتواضع والصبر والهدوء والاحترام للآخر وحسن الاستماع وحسن النية والوضوح (أدع
إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).
فالحوار هو
الاستخدام الأمثل لسلاح الكلمة الطيبة والعلم والحجة لإيصال الرسالة النبيلة
والدفاع عنها ويغلب عليه الهدوء والبعد عن الخصومة والتعصب قال تعالى عن اليهود
(أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون)
ولابد من إتصاف أطراف الحوار بالعدالة والأمانة والقوة في الحق بعيدين عن طلب
المصالح الشخصية والحزبية أو التبعية لأطراف معادية خارجية (متى يستقيم الظل والعود
أعوج) وفاقد الشيء لا يعطيه ولا يجوز القول بأن الحوار لا يصلح مع المخالف للثوابت
أو المكابر المعاند ونحوه فإن هذا من المزايدات المرفوضة شرعاً وعقلاً وحسبناً في
هذا محاورة الله تعالى لعدوه وعدو المؤمنين إبليس اللعين في قضية السجود لآدم
ومجادلة الأنبياء لأقوامهم الكافرين المكذبين المعاندين حتى قال قوم نوح عليه
السلام له "قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا" وحاور إبراهيم عليه السلام قومه
وأباه آزر والنمرود ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله
الملك".
وحاور نبي الله موسى عليه السلام فرعون مع ادعائه الإلوهية "فقولا له
قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى" وحتى مع احتدام القتال حين يصير القتال ضرورة لابد
منها فإن لغة الحوار مع السلاح أيضاً لا غنى عنها طلباً لإيقاف نزيف الدماء وكسب
الأعداء توحيد الكلمة وإقامة للحجة وإزالة للشبهة وإحقاقاً للحق وتفنيداً للباطل
والوصول إلى الحق ولا أقل من تضييق هوة الخلاف أو تقريب وجهات النظر.
وسيبقى
الخلاف قبل ذلك وأثناءه وبعده طبيعة بشرية وسنة إلهية كونية قال تعالى "ولا يزالون
مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم" وفي الحديث "فانه من يعش منكم بعدي فسيرى
اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الحلفاء الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها
بالنواجذ" وفيه بيان مرجعية المختلفين وهي مقتضى الشريعة والعقل والمصلحة العامة
أيضاً.
كما أن من فوائد الحوار إبراء الذمة وأمل الإقناع والإصلاح والصلح خير
"قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون" ومع توفر التجرد والصدق والقصد الحسن والتخلي
عن القناعات المسبقة حتى يحقق أهدافاً "إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما"
والانتصار للحق وحده "ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم ولاتكن للخائنين خصيما"
وكذا المزاوجة بين المثالية والواقعية ومراعاة قواعد جلب المصالح ودفع المفاسد ما
أمكن وإلا فبتوفير القدر الأعلى من المصالح ودفع القدر الأكبر من المفاسد عند
التعارض فكل عاقل يطمح أن يصل الحوار بالبلاد والعباد إلى قدر أكبر من حفظ الحقوق
والمصالح الدينية والدنيوية في الحفاظ على مكسب الوحدة ومحاربة كافة صور الفساد
المالي والإداري لأنه مالا يدرك جله لا يدرك كله كما هو معلوم ولا يعالج الفساد
والعلوم الموجود بفساد الفوضى وحكم شريعة الغاب والتفرق والاقتتال.
وكثيرا ما
أدى الحوار إلى حسم فتن كبيرة وكانت آثاره حاسمة وكبيرة ولقد انتهى الحوار الذي دار
في سقيفة بني ساعدة إلى مبايعة أبي بكر الصديق الخليفة الأول ثم الخليفة الثالث
عثمان بعد مشاورات أجراها عبدالرحمن بن عوف في انتخابات واسعة بالمدينة المنورة
واسلم عمر بعد حوار أجراه مع أخته فاطمة فالحوار قاده إلى قراءة أوائل سورة طه ورجع
ألفان من الخوارج بعد مناظرتهم لابن عباس وحوار الإمام احمد في قضية خلق القرآن
معروفة وقال الشافعي "ما حاورت أحداً على الغلبة وما حاورت أحداً فأجابني إلا هبته
وأضمرت مودته وما حاورت أحداً إلا أحببت "إن يظهر الله الحق على لسانه" وكانت دروس
الإمام أبي حنيفة محاورات لتلاميذه وهو منهج تربوي خير من الإملاء والتلقي وكم من
كافر بالحوار أسلم واهتدى إلى الله وعاص ومبتدع تاب عن معصيته وبدعته وضلالته وكم
جمع الحوار بين قلوبٍ متنافرة من أصحاب وأزواج وعلى مستوى الدول والقبائل وغيرها
فالخلاف سنة كونية إلهية وطبيعة بشرية إلا انه عند حسن إدارته وترشيده يحصل الإثراء
والتنوع والتكامل ونحن المسلمين واليمنيين خاصة - أولى من غيرنا - من أهل الغرب حيث
استطاعوا بالحوار أن يقيموا التحالفات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية
ومنعوا به وجوه الاقتتالات والنزاعات مما ساهم في استقرارهم وتقدمهم.
اللهم أرنا
الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون
القول فيتبعون أحسنه.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد المياحي

2024-09-21 22:40:48

عن سبتمبر

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد