;

حتى لا يكون اليمن أفغانستان أخرى ..الدعم العربي والحوار الوطني.. بوابة الحل 1107

2010-01-02 04:11:42

العرب
أونلاين


هناك محاولات مبطّنة تقودها أطراف إقليمية ودولية
تريد أن تدفع الأوضاع في اليمن باتجاه التوتير والأزمة المفتوحة حتى تنجح في تمرير
مشاريعها وأجنداتها وخططها الاستراتيجية بخلق حالة من "الفوضى الخلاقة" في المنطقة
وارتهان تطورها ووقف جهودها نحو بناء نماذج تنموية مستقلة تفك ارتباطها
بالاقتصاديات الكبرى.

ما يجري في
اليمن من تسريبات حول دور أمريكي مفترض أو مرتقب في المعارك التي تقودها صنعاء ضد
"القاعدة"، ومن تضخيم إعلامي هدفه استغلال الوضعية الأمنية والاقتصادية الصعبة التي
تعيشها الدولة اليمنية لجر صنعاء إلى أن تقبل رغما عنها بأن تكون طرفا في ما يسمى
ب" الحرب العالمية" على الإرهاب.
ولا يمكن أن يكون الحضور الأمريكي الافتراضي
هذا بمنأى عن الدور الإيراني الداعم للحوثيين في الخروج على الدولة واستهداف
مؤسساتها بغاية الانفصال وتكوين كانتون قزمي ذي اتجاه مذهبي يكون يدا لها في
المنطقة.
والحقيقة أن التنسيق الأمريكي الإيراني ضد الأمة ليس أمرا طارئا، فقد
سبق لهما أن تآمرا على العراق وأطاحا بالدولة العراقية التي كانت تمثل نموذجا
متقدما على مستوى الدولة القومية التي يحلم العرب بأن تقودهم إلى مستقبل يكونون فيه
شركاء مع العالم في الاختراع والاكتشاف والتأثير، وهذا التنسيق ما يزال قائما إلى
الآن برغم ما يبدو في الصورة من تناقض ظاهري لا يعدو أن يكون تناقضا ثانويا أمام
التوافق الاستراتيجي بالسيطرة الأمنية والاقتصادية على الأمة ومحاصرتها.
إن
التوتير الأمني الذي يجري الآن على قدم وساق في اليمن، والذي يتغذى من الأزمات
العصية على الحل في بلد لم تتوفق فيه الدولة إلى استيعاب العناصر الميالة إلى
الانفصال وتحويلها إلى قوة دفع وتطوير في دولة الوحدة لا يستهدف اليمن وحده، بل
الغاية هي تطويق السعودية كمركز ثقل عربي إسلامي وخنقها والتحكم في ثروتها النفطية
والأمر نفسه بالنسبة إلى الدول الخليجية الخمس الأخرى.
وهو الأمر نفسه الذي
تتنزل فيه الحرب على العراق، فليس صدام من كان مقصودا لوحده، بل نفط العراق وموقعه
الاستراتيجي، وخاصة نية التحكم في مسار خطوط النفط والغاز السعودية والكويتية
والقطرية والإماراتية والعُمانية.
الحوثيون ليسوا أكثر من وقود معركة إيران في
اقتسام الكعكة العربية مع الأمريكيين، ونفهم هنا سر التصريح المثير الذي أطلقه
الرئيس الإيراني منذ أيام بكون بلاده الأهم في العالم حاليا ما دفع بالولايات
المتحدة الأمريكية إلى الحوار معها وقراءة ألف حساب لها في المنطقة التي تخوض فيها
معاركها الاستراتيجية للسيطرة على العالم، ونعني الشرق الأوسط "بما في ذلك باكستان
وأفغانستان التي يعترف المسؤولون الإيرانيون ب"فضلهم" الكبير في تسهيل سقوطها أمام
الأمريكيين".
نقول هذا الكلام ليس عداء لإيران، وليس لتعويم طبيعة صراع العرب مع
الإمبراطورية الأمريكية، ولا للتغطية على الأسباب الداخلية التي تتحكم في الأزمة
اليمنية، فمازلنا نؤمن وندافع عن قناعتنا في صحيفة "العرب" بأن إيران عدو ثانوي
يمكن تحييده أو كسبه في معركتنا الاستراتيجية التي تقودها الإدارة الأمريكية ضد
الأمة موظفة إيران وأتباع المذهب الشيعي، وإسرائيل والمتدينين اليهود، وسذاجة بعض
الحكام "المعتدلين" العرب وبعض "المعارضات" التي ترهن مصيرها في يد أعداء أمتها
بزعم النضال لتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
ونريد أن نشير هنا إلى أن
قرار أطراف داخل "الحراك الجنوبي" برفع السلاح في وجه الدولة كما يفعل الحوثيون
وأتباع "القاعدة" هو خطوة خطرة ستقطع الطريق أمام الأمل في الحل الداخلي عن طريق
الحوار والتنازلات الهادئة من الدولة و"الحراك" و"المشترك" ومختلف ألوان الطيف
السياسي اليمني، وواهمون جماعة "الحراك" إذا تصوروا أنهم سيلقون الدعم السياسي
والإعلامي الغربي مجانا ودون فاتورة بالعمالة يدفعونها، ويكفي التذكير بأن بعض
قياداتهم يتنقلون من عاصمة إلى أخرى وقد فُرض عليهم الصمت القسري ولم يؤذن لهم
بالحديث إلا الآن حتى يكونوا حطبا لمعركة خفية لا مصلحة فيها لليمن ولا لحكومته ولا
لمعارضته يمينها و"يسارها" ووسطها ولا لمثقفيه وشيوخه وقبائله.
لكن ما الحل
والأمة تغرق في المؤامرات يمينا وشمالا وبعض أبنائها يعملون على إنجاح هذه
المؤامرات دون وعي بخطورتها وأهدافها الحقيقية؟ أولا: أيا كان حجم الأحداث التي
تجري في اليمن ومبرراتها والمستفيدون منها، فإن الطريق السالك أمام هذا البلد هو
الحفاظ على وحدته أولا، ثم البحث عن الأسباب الحقيقية التي أعاقت الاندماج، ثم
التوافق حول حلول سريعة لها.
هناك حل سريع وضروري للأزمة اليمنية يكمن في وضع
السلاح والكف عن إطلاق النار من الجميع وأولهم الحكومة وخصومها، فالدم اليمني خط
أحمر، مهما كانت مشروعية المطالب والمواقف، بالإضافة إلى ركون جميع أبناء اليمن إلى
الحوار مقدمة ضرورية لخلق أرضية إيجابية لتحقيق الشراكة السياسية التي وعد بها
الرئيس علي عبد الله صالح منذ أشهر.
ثانيا: لا بد من تدخل خليجي سريع ماليا
واستثماريا لامتصاص أسباب الأزمة في اليمن وسد أبواب الفتنة التي إن توسعت فلن
يوقفها شيء، ونظرة على ما يجري في أفغانستان وباكستان تكشف أن استعمال القوة يؤدي
آليا إلى الفتنة الواسعة التي تسقط معها كل المحاذير والضوابط ويغيب فيها العقل
ويصبح دور الدولة مناقضا لطبيعتها، فبدل أن تبني وتؤسس وتخدم مواطنيها تأخذ في هدم
ما بنت وتوجّه سلاحها إلى صدور أبنائها.
إن دول الخليج، وهي تسعى لإنقاذ اليمن
إنما تنقذ نفسها وتحمي أمنها وتحول دون الانتشار الواسع للفكر المتشدد الذي يهدد
بتفتيتها وتكوين دويلات صغيرة في قلبها، دويلات تكون مدخلا للقوى الإقليمية
والدولية لمزيد إحكام سيطرتها على الأمة.
كان على السعودية التي دُفعت إلى معركة
عسكرية مع مجموعات بدائية التسليح والثقافة أن تدعم استقرار اليمن بالمال والمشاريع
وفتح الباب أمام العمالة اليمنية كي تكون العمالة الأولى فيها بدل البنغال والهنود
والسريلانكيين، لأن الاستقرار الاقتصادي يسمح للدولة اليمنية أن تحارب الفكر
الانفصالي بالحجة والإعلام والفكر والثقافة وفي يدها أوراق ونجاحات.
قد يكون
للخليجيين محاذير واحترازات ونقد لأسلوب اليمن في التعاطي مع الملفات الداخلية
والخارجية أو في رفض التحاقه بعضوية مجلس التعاون، وهذا من حقهم كدول تريد ضخ
الأموال والاستثمار ونجاح مشاريعها وتطالب بخطوات عملية وجذرية لتطوير الإدارة
اليمنية ومحاربة الفساد وإصلاح التعليم اليمني بما يجعله قادرا على تخريج الكفاءات
واليد العاملة المختصة التي تكون ضمانة رئيسية لإنجاح الجهد الخليجي، لكن المحاذير
والاحترازات يمكن أن نصل فيها إلى حل ولو بعد حين، أما استقرار المنطقة فلا يتحمل
مصيره التأخير والانتظار.
وهكذا، فالحل في اليمن لن يتحقق إلا بالدعم العربي
الفاعل والبعيد عن الوعود، وبالحوار الوطني الجاد الذي يصل إلى نتائج تقدر على
مواجهة الأسباب العميقة لأزمات اليمن.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد