;

"عــــــودة النذلــــة" 1072

2010-01-02 04:11:44

سعاد محمد
عبدالله


العرب هم أكثر أمم الدنيا حديثاً عن قيم الوفاء
والصدق ..
لكن يبدوا أنهم أقل هذه الأمم عملاً بها.
وأنا أتابع الفلم العربي
"عودة النذلة" حين قام الزوج الفنان عزت أبو عوف بالزج بزوجته الفنانة عبلة كامل في
السجن..

ليقوم بعد ذلك بالاستيلاء
على ثروتها التي جمعتها من السرقة والزواج من امرأة أخرى جاحداً لكل رحلة
الكفاح.
بعد خروج الزوجة من سجنها سعت وقدمت كل التنازلات لتتمكن من العيش في
مسكن الزوج الغادر لتكون قريبة من ابنها الذي تبنته الزوجة الجديدة وكان الزوج قد
قدمها لزوجته وابنه الذي هو ابنها على أنها أخته أي عمة الابن.
متابعتي لفيلم
"عودة النذلة" ذكرتني بسيرة حياة امرأة ارتبطت بعلاقة حب مع شاب ..وحين تقدم الشاب
لأهلها لطلب الزواج بها اعترض الأهل بشدة ورفضوا الفكرة..
لكن المرأة تمسكت
بفكرة الزواج ممن اختارت.
كان ذلك خلال فترة سبعينيات القرن المنصرم..
لم يكن
من الفتاة سوى الهروب من منزل العائلة واللجوء إلى سكن داخلي للفتيات..كان حينها
النظام للشمولي يشجع الفتيات على التمرد على الأهل وكان ذلك السكن قد أعد لمثل تلك
الحالات...ويُسمى ذلك السكن "معسكر المرأة".
لم تقم طويلاً في معسكر المرأة
..تزوجت من الشاب الذي اختارته دون موافقة أهلها وتسببت بفضيحة كبيرة لأهلها بين
أهل القرية، كانت الفتاة قد تحملت قطيعة أهلها لها وتحملت نظرة الازدراء التي كان
ينظر إليها المجتمع.
بعد أن تقدم بها العمر وبعد قطيعة الأهل وبعد أن انجبت سبعة
من الأبناء والبنات ..تحسنت أحوال الزوج المادية وكانت الزوجة دائماً تقوم بفرض
سيطرتها على البيت وكأنها هي الرجل..قرر الزوج الزواج من امرأة أخرى ليتخلص من
سيطرة الزوجة المسترجلة.
مرت سنوات على ذلك الوضع كانت المرأة المغدور بها تتجرع
مرارة الآلام ورأت أنها قد خسرت كل شيء الأهل ، السمعة ، الزوج...
استجدت ظروف
جديدة في حياتها كانت تتطلب أن تلتحم بعائلتها "الزوج والأبناء" فعملت المستحيل
وخالفت الشرع للعودة لزوجها الذي تركها حتى تخرس الألسنة التي بدأت تلوث
سمعتها..
لكنها لم تستطع التخلص من عقدة ما حدث لها ...أصابتها تلك المأساة بما
يشبه الحقد على المجتمع وتحولت إلى امرأة عدوانية تآمرية لا تتوانى في إلحاق الضرر
بمن حولها..تحاول تشويه سمعة الآخرين والدخول في أعراضهم حتى لا يكون "حد أحسن من
حد" من وجهة نظرها..التجربة المريرة التي عاشتها "قطيعة الأهل، غدر الزوج، إزدراء
المجتمع" ..دفعها إلى الانتقام من الكل..لأنها كانت ترى فيهم أعداء..
ما يحز في
النفس أننا في بلد لا يلقي اهتماماً بحالات مثل تلك ولا توجد لدينا مؤسسات أو هيئات
تقوم بمساعدة مثل هؤلاء لإعادة تأهيلهم لتجاوز مآسيهم وعقدهم..
لذلك تجد أن كل
من يرتكبون الجرائم ومن يحيكون الدسائس هم أساساً ضحايا لمثل تلك الظروف واضطرابات
الشخصية تختلف باختلاف تلك الظروف ..فقد صنف العلماء هذه الاضطرابات إلى أنواع
عديدة واضطرابات الشخصية ليست كالفصام أو ما يسميه العامة بالجنون طويل الأمد أو
الوقتي وإنما هي صفات في تكوين الشخصية قد تسبب متاعب للشخص أو لمن حوله..
فهناك
مثلاً اضطراب الشخصية النرجسية وتتميز هذه الشخصية بالإعجاب بالنفس وعدم القدرة على
رؤية احتياجات الآخرين بل النظر لهم على أنهم أسباب الخجل والإحراج..والشخصية
الاعتمادية تتميز بالرغبة في الاعتماد على الآخرين مادياً ونفسياً بشكل
كبير..
والشخصية المضادة للمجتمع تتميز بغياب الوازع الأخلاقي والإحساس بالتعاطف
مما يسهل للفرد ارتكاب جرائم أو استغلال الآخرين ..والشخصية الفصامية تتميز
بالغرابة في التصرف أو اللبس دون أن يكون الشخص مختلاً عقلياً فبعض الفنانين
العالميين يلبسون ويتصرفون بأسلوب يوحي بوجود هذا الاضطراب..والشخصية البارانويا
تتميز بالشك الزائد والظن والإيمان بمؤامرات دون الاعتماد على أدلة ..والشخصية
التآمرية "النذلة" و هي أسوأ أنواع الشخصيات فالمصابون بها هم "أرذل وأنذل"
الشرائح، ماهرون في صنع الفتن والابتزاز..وإذا ما تزامل أو ترافق ثلاثة يتآمر اثنان
على الثالث..
خطورة مثل هذه الحالات تتمثل حين يصل أي من هؤلاء إلى موقع في
السلطة فيحول سلطته إلى وسائل للانتقام وتمكنه من إلحاق الضرر بالمجتمع..
لا
نبالغ إذا قلنا أن مصائبنا في هذه البلاد هي ناتجة عن وصول أشخاص مسكونين بالعقد
إلى مفاصل السلطة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد المياحي

2024-09-21 22:40:48

عن سبتمبر

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد