منير شفيق
من أهداف الحرب العدوانية على قطاع غزة أن تكون
حاسمة عسكريا ودقيقة سياسيا وإعلاميا، وأكثر حشدا عربيا ودوليا، من أجل استعادة
هيبة الجيش الإسرائيلي من جهة، وتحقيق إخضاع القطاع وتصفية حماس من جهة ثانية إبراز
الانتصار يحمل بعدا إستراتيجيا هاما للغاية بالنسبة إلى القضية الفلسطينية وإلى
الصراع ضد المشروع الصهيوني, وهذا هو
الجديد الذي أكدته كل من المقاومتين في لبنان وفي فلسطين لم يكتمل نصاب القمة
الطارئة التي أصرّت قطر على عقدها فعُقِدَت من دون أن تأخذ طابعا ممثلا لكل الدول
العربية, ومع ذلك كان لها تأثيرها المساند لصمود شعب قطاع غزة وللمقاومة
الفلسطينية، وكان لها أثرها لاحقا في زيادة عزلة العدوان وإضعاف موقفه سنتان ونصف
بين حرب العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو2006 وحرب العدوان على قطاع غزة في
كانون أول/ديسمبر 2008 ناير 2009.
وهي فترة اعتبرت كافية ليستعيد الجيش الصهيوني
"هيبة الجيش الذي لا يُقهر".
لهذا افتُرض بأن الجيش الصهيوني قد عالج النواقص
والأخطاء التي ارتكبها في حربه على لبنان لا سيما من النواحي العسكرية والسياسية
والإعلامية.
وهذه الفرضية لا تحتاج إلى استنتاج، وقد اعترف تقرير فينوغراد فضلاً
عن عدد من منظري الحرب الصهاينة، بارتكاب عدد من الأخطاء العسكرية والسياسية
والإعلامية، مما أدى إلى الفشل الذريع الذي مُني به الجيش لأول مرة بذلك الحجم أمام
قوة مقاومة متواضعة بتسّلحها.
ولكن فاجأته بدفاعها المفكَّر به جيداً، كما بما
ألحقته من إصابات في سلاح الدبابات، وأطلقته من صواريخ، وأظهرته من ذكاء وشجاعة
وثبات بألوان متعدّدة.
علماً أن الفارق بموازين القوى العسكرية من حيث العديد
والآليات والتكنولوجيا والقوة التدميرية كان هائلاً في مصلحة الجيش الصهيوني، كما
من حيث الدول العربية والعالمية التي غطت على عدوانه أو وقفت ضد حزب الله، وقد
حمّلته ظلماً مسؤولية اندلاع الحرب.
ولهذا كان من أهداف الحرب العدوانية على
قطاع غزة أن تكون حاسمة عسكرياً ودقيقة سياسياً وإعلامياً، وأكثر حشداً عربياً
ودولياً، من أجل استعادة هيبة الجيش الذي لا يُهزم من جهة، ومن أجل تحقيق هدف إخضاع
القطاع وتصفية قوة حماس وفصائل المقاومة فيه من جهة ثانية.
هذان الهدفان لا
يستطيع مكابر أن ينكرهما.
وذلك بالرغم من حرص القيادة السياسية الصهيونية
إبقائهما غامضين وغير صريحين وواضحين.
وذلك لتجنب الخطأ الذي ارتكب في حرب لبنان
عندما أعلن أن الهدف هو تصفية المقاومة.
فكانت النتيجة وبالاً حين لم يتحقق
الهدف.
وكان الفشل فاضحاً كذلك.
ومن هنا يلاحظ أن الكيان الصهيوني خاض حرباً
لا تقل اتسّاعاً وشراسة عن حربه في لبنان ولكن مع إبقاء الأهداف غامضة.
لأنه لم
يكن متأكداً من قدرته على الحسم، أو تحسّباً من انفضاحه مرة أخرى بالفشل أمام
مقاومة متواضعة بقدراتها العسكرية حتى قياساً بالمقاومة في لبنان وعمقها
الإستراتيجي السوري.
وذلك عدا مشاركتها من ناحية المعنويات والتصميم على القتال
والتضحية حتى الاستشهاد، وعدا الإعداد الجيد للدفاع عبر أنفاق ومخابئ بقيتا بعيداً
من إحداثيات العدو.
ويمكن أن يضاف لها ميزة تتمثل في قوة الالتفاف الشعبي العربي
والإسلامي والرأي العام العالمي.
لكن، حين يؤخذ في الاعتبار حاجة الجيش الصهيوني
لاستعادة هيبته الردعية، والحاجة إلى التخلص من حماس والمقاومة وإخضاع القطاع
ليتساوى مع الضفة الغربية في الخضوع للسيطرة الأمنية الأميركية-الإسرائيلية...، ثم
حين يؤخذ في الاعتبار الحشد العسكري الجوي والبحري والبري وعديد القوات المؤللة
التي احتشدت حول غزة لاقتحامها وكثافة النيران التي ضربت إحداثيات معدّة سلفاً،
وبطشت في استعراض للقوات الأمنية (تعتبر مدنية في العرف الدولي) فكانت فاتحة الحرب
مجزرة ذهب ضحيتها أكثر من 170 شهيداً، وقد حسب أن تكون قيادة حماس في غزة من
بينها...، عندئذ، لن يكون بمقدور أحد أن يشك في الهدف الإسرائيلي الذي أُريد من
الحرب أن تحققه حتى لو لم يعلن صراحة ومقدّماً خشية الفضيحة في حالة الفشل في
تحقيقه كما حدث فعلاً من حيث الفشل ولكن بقاء من راح يجادل في حدوث الفشل أو في
حدوث الانتصار لقطاع غزة والمقاومة.
وقد نسوا ما معنى قول ليفني لحماس وهي تعلن
الحرب: "كفى...كفى".
بل يجب أن يضاف إلى ما تقدم ليؤخذ في الاعتبار أيضاً
المواقف الدولية وبعض العربية والفلسطينية الرسمية التي انطلقت منذ اللحظة الأولى
تنحو باللوم على حماس، وتحمّلها مسؤولية العدوان، وما سيترتب عليه.
بل وصل الأمر
ببعض الدول إلى حد المعاندة معه طوال فترة الحرب في رفضها، ومعارضتها الشديدة، لعقد
قمة عربية طارئة ترفع الصوت المندّد بالعدوان والمطالِب بوقفه.
ولهذا لم يكتمل
نصاب القمة الطارئة التي أصرّت قطر على عقدها.
فعُقِدَت من دون أن تأخذ طابعاً
ممثلاً لكل الدول العربية.
ومع ذلك كان لها تأثيرها المساند لصمود شعب قطاع غزة
وللمقاومة الفلسطينية، وكان لها أثرها لاحقاً في زيادة عزلة العدوان وإضعاف
موقفه.
وهذا ما عكسه أيضاً الإعلام العالمي وبعض العربي، وإن فقد كل تأثير له
على الرأي العام، أمام هول ما راح العدوان يرتكبه من جرائم حرب، كما أمام عظمة
الصمود الشعبي والمقاومة التي لم تلِن لها قناة طوال 22 يوماً.
هذا يعني أن
العدو حين شن حربه العدوانية على غزة أعدّ عدّتها عسكرياً وسياسياً وإعلامياً
فلسطينياً وعربياً ودولياً، ومع ذلك راح يدور حول نفسه 22 يوماً في المعركة البرية
وهو غير قادر على اقتحام مواقع المقاومة، ومن دون أن يُجدي استخدام القنابل
المحرّمة دولياً مثل الفوسفور الأبيض والدايم واليورانيوم المنضب في كسر إرادة
الصمود الشعبي، أو في فرار قوات المقاومة وتخليهم عن مواقعهم وسلاحهم.
من يستطيع
أن يقول أن العدو كان قادراً على اجتياح القطاع ولكنه أحجم عن ذلك من "كرم أخلاقه"،
أو من أجل تحقيق هدف عبقري لم يعلن عنه حتى الآن.
فإذا كان الهدف قتل المدنيين
لإخضاعهم فقط، فلماذا الهجوم البري؟ وإذا كان الهدف إرعاب المقاومة فقط فلماذا
الهجوم البري كذلك؟ إن استخدام القوات البرية لا معنى له غير الاجتياح والاحتلال
والقتل والأسر وفرض الشروط.
من هنا لا حجة لمن ينكر فشل العدوان على قطاع غزة،
ولا حجة لمن لا يرى في الصمود الشعبي وثبات المقاومة واستمرار إطلاق صواريخها سبباً
لوقف العدوان من جانب واحد مما فرض عليه الانسحاب بلا قيد أو شرط.
ولكن مع عدم
التقليل من أهمية ردود الفعل الشعبية العربية والإسلامية والعالمية كما مواقف الدول
التي تنادت لعقد قمة طارئة عربية في الدوحة من جهة الإسهام في عزل العدوان وفضح
جرائمه، وفي إحراج الدول والقوى التي تواطأت مع العدوان، أو تسترت عليه، أو لم
تتحرك ضده.
إن الوجه الرئيس لحرب العدوان على قطاع غزة كان فشله في تحقيق أهدافه
وكان الانتصار التاريخي والإستراتيجي الذي يجب أن يدخل في حساب صوابية إستراتيجية
المقاومة حيثما كان هناك من عدوان أو احتلال.
أما الوجه الآخر لهذه الحرب
العدوانية فيتمثل في ما ارتكب فيها من جرائم حرب وإبادة ضد البشرية ومن دمار وما
خلفته من شهداء وجرحى ومشردين في العراء.
إن هذا الوجه بالرغم من قوته يجب ألاّ
يطغى على الوجه الأول: انتصار المقاومة والصمود الشعبي في دحر العدوان.
ذلك لأن
إبراز الانتصار يحمل بعداً استراتيجياً هاماً للغاية بالنسبة إلى القضية الفلسطينية
وإلى الصراع ضد المشروع الصهيوني.
وهذا هو الجديد الذي أكدته كل من المقاومتين
في لبنان وفي فلسطين، أما المجازر والضحايا والخسائر المادية فيجب أن تستخدم في ظل
تأكيد ذلك الانتصار، ومن أجل زيادة عزلة العدو ومحاصرته.
بل لولا الانتصار ما
كان من الممكن أن تتحوّل الحملة ضد المجازر والجرائم التي ارتكبها العدو إلى معركة
دائمة وتنتقل إلى المسرح الدولي ولكان مصيرها كمصير أمثال لها أشدّ منها وأوسع
ارتكبها العدو نفسه في نكبة 1948 وفي كل حروبه العدوانية.
فعلى سبيل المثال كان
ضحايا العدوان الصهيوني عام 1982 على لبنان حوالي 19 ألف شهيد، بل في ليلة واحدة
استشهد، في مجزرة صبرا وشاتيلا، أكثر من 2700 إنسان أغلبهم من النساء والأطفال
والمسنين، وقد داست الجرافات المجنزرة فوق بطون الحوامل.
من هنا يجب إبراز ما
حققته المقاومة والصمود الشعبي من انتصار في دحر العدوان.
فقطاع غزة ليس مندبة
بل مفخرة للأمة.
حاسمة عسكريا ودقيقة سياسيا وإعلاميا، وأكثر حشدا عربيا ودوليا، من أجل استعادة
هيبة الجيش الإسرائيلي من جهة، وتحقيق إخضاع القطاع وتصفية حماس من جهة ثانية إبراز
الانتصار يحمل بعدا إستراتيجيا هاما للغاية بالنسبة إلى القضية الفلسطينية وإلى
الصراع ضد المشروع الصهيوني, وهذا هو
الجديد الذي أكدته كل من المقاومتين في لبنان وفي فلسطين لم يكتمل نصاب القمة
الطارئة التي أصرّت قطر على عقدها فعُقِدَت من دون أن تأخذ طابعا ممثلا لكل الدول
العربية, ومع ذلك كان لها تأثيرها المساند لصمود شعب قطاع غزة وللمقاومة
الفلسطينية، وكان لها أثرها لاحقا في زيادة عزلة العدوان وإضعاف موقفه سنتان ونصف
بين حرب العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو2006 وحرب العدوان على قطاع غزة في
كانون أول/ديسمبر 2008 ناير 2009.
وهي فترة اعتبرت كافية ليستعيد الجيش الصهيوني
"هيبة الجيش الذي لا يُقهر".
لهذا افتُرض بأن الجيش الصهيوني قد عالج النواقص
والأخطاء التي ارتكبها في حربه على لبنان لا سيما من النواحي العسكرية والسياسية
والإعلامية.
وهذه الفرضية لا تحتاج إلى استنتاج، وقد اعترف تقرير فينوغراد فضلاً
عن عدد من منظري الحرب الصهاينة، بارتكاب عدد من الأخطاء العسكرية والسياسية
والإعلامية، مما أدى إلى الفشل الذريع الذي مُني به الجيش لأول مرة بذلك الحجم أمام
قوة مقاومة متواضعة بتسّلحها.
ولكن فاجأته بدفاعها المفكَّر به جيداً، كما بما
ألحقته من إصابات في سلاح الدبابات، وأطلقته من صواريخ، وأظهرته من ذكاء وشجاعة
وثبات بألوان متعدّدة.
علماً أن الفارق بموازين القوى العسكرية من حيث العديد
والآليات والتكنولوجيا والقوة التدميرية كان هائلاً في مصلحة الجيش الصهيوني، كما
من حيث الدول العربية والعالمية التي غطت على عدوانه أو وقفت ضد حزب الله، وقد
حمّلته ظلماً مسؤولية اندلاع الحرب.
ولهذا كان من أهداف الحرب العدوانية على
قطاع غزة أن تكون حاسمة عسكرياً ودقيقة سياسياً وإعلامياً، وأكثر حشداً عربياً
ودولياً، من أجل استعادة هيبة الجيش الذي لا يُهزم من جهة، ومن أجل تحقيق هدف إخضاع
القطاع وتصفية قوة حماس وفصائل المقاومة فيه من جهة ثانية.
هذان الهدفان لا
يستطيع مكابر أن ينكرهما.
وذلك بالرغم من حرص القيادة السياسية الصهيونية
إبقائهما غامضين وغير صريحين وواضحين.
وذلك لتجنب الخطأ الذي ارتكب في حرب لبنان
عندما أعلن أن الهدف هو تصفية المقاومة.
فكانت النتيجة وبالاً حين لم يتحقق
الهدف.
وكان الفشل فاضحاً كذلك.
ومن هنا يلاحظ أن الكيان الصهيوني خاض حرباً
لا تقل اتسّاعاً وشراسة عن حربه في لبنان ولكن مع إبقاء الأهداف غامضة.
لأنه لم
يكن متأكداً من قدرته على الحسم، أو تحسّباً من انفضاحه مرة أخرى بالفشل أمام
مقاومة متواضعة بقدراتها العسكرية حتى قياساً بالمقاومة في لبنان وعمقها
الإستراتيجي السوري.
وذلك عدا مشاركتها من ناحية المعنويات والتصميم على القتال
والتضحية حتى الاستشهاد، وعدا الإعداد الجيد للدفاع عبر أنفاق ومخابئ بقيتا بعيداً
من إحداثيات العدو.
ويمكن أن يضاف لها ميزة تتمثل في قوة الالتفاف الشعبي العربي
والإسلامي والرأي العام العالمي.
لكن، حين يؤخذ في الاعتبار حاجة الجيش الصهيوني
لاستعادة هيبته الردعية، والحاجة إلى التخلص من حماس والمقاومة وإخضاع القطاع
ليتساوى مع الضفة الغربية في الخضوع للسيطرة الأمنية الأميركية-الإسرائيلية...، ثم
حين يؤخذ في الاعتبار الحشد العسكري الجوي والبحري والبري وعديد القوات المؤللة
التي احتشدت حول غزة لاقتحامها وكثافة النيران التي ضربت إحداثيات معدّة سلفاً،
وبطشت في استعراض للقوات الأمنية (تعتبر مدنية في العرف الدولي) فكانت فاتحة الحرب
مجزرة ذهب ضحيتها أكثر من 170 شهيداً، وقد حسب أن تكون قيادة حماس في غزة من
بينها...، عندئذ، لن يكون بمقدور أحد أن يشك في الهدف الإسرائيلي الذي أُريد من
الحرب أن تحققه حتى لو لم يعلن صراحة ومقدّماً خشية الفضيحة في حالة الفشل في
تحقيقه كما حدث فعلاً من حيث الفشل ولكن بقاء من راح يجادل في حدوث الفشل أو في
حدوث الانتصار لقطاع غزة والمقاومة.
وقد نسوا ما معنى قول ليفني لحماس وهي تعلن
الحرب: "كفى...كفى".
بل يجب أن يضاف إلى ما تقدم ليؤخذ في الاعتبار أيضاً
المواقف الدولية وبعض العربية والفلسطينية الرسمية التي انطلقت منذ اللحظة الأولى
تنحو باللوم على حماس، وتحمّلها مسؤولية العدوان، وما سيترتب عليه.
بل وصل الأمر
ببعض الدول إلى حد المعاندة معه طوال فترة الحرب في رفضها، ومعارضتها الشديدة، لعقد
قمة عربية طارئة ترفع الصوت المندّد بالعدوان والمطالِب بوقفه.
ولهذا لم يكتمل
نصاب القمة الطارئة التي أصرّت قطر على عقدها.
فعُقِدَت من دون أن تأخذ طابعاً
ممثلاً لكل الدول العربية.
ومع ذلك كان لها تأثيرها المساند لصمود شعب قطاع غزة
وللمقاومة الفلسطينية، وكان لها أثرها لاحقاً في زيادة عزلة العدوان وإضعاف
موقفه.
وهذا ما عكسه أيضاً الإعلام العالمي وبعض العربي، وإن فقد كل تأثير له
على الرأي العام، أمام هول ما راح العدوان يرتكبه من جرائم حرب، كما أمام عظمة
الصمود الشعبي والمقاومة التي لم تلِن لها قناة طوال 22 يوماً.
هذا يعني أن
العدو حين شن حربه العدوانية على غزة أعدّ عدّتها عسكرياً وسياسياً وإعلامياً
فلسطينياً وعربياً ودولياً، ومع ذلك راح يدور حول نفسه 22 يوماً في المعركة البرية
وهو غير قادر على اقتحام مواقع المقاومة، ومن دون أن يُجدي استخدام القنابل
المحرّمة دولياً مثل الفوسفور الأبيض والدايم واليورانيوم المنضب في كسر إرادة
الصمود الشعبي، أو في فرار قوات المقاومة وتخليهم عن مواقعهم وسلاحهم.
من يستطيع
أن يقول أن العدو كان قادراً على اجتياح القطاع ولكنه أحجم عن ذلك من "كرم أخلاقه"،
أو من أجل تحقيق هدف عبقري لم يعلن عنه حتى الآن.
فإذا كان الهدف قتل المدنيين
لإخضاعهم فقط، فلماذا الهجوم البري؟ وإذا كان الهدف إرعاب المقاومة فقط فلماذا
الهجوم البري كذلك؟ إن استخدام القوات البرية لا معنى له غير الاجتياح والاحتلال
والقتل والأسر وفرض الشروط.
من هنا لا حجة لمن ينكر فشل العدوان على قطاع غزة،
ولا حجة لمن لا يرى في الصمود الشعبي وثبات المقاومة واستمرار إطلاق صواريخها سبباً
لوقف العدوان من جانب واحد مما فرض عليه الانسحاب بلا قيد أو شرط.
ولكن مع عدم
التقليل من أهمية ردود الفعل الشعبية العربية والإسلامية والعالمية كما مواقف الدول
التي تنادت لعقد قمة طارئة عربية في الدوحة من جهة الإسهام في عزل العدوان وفضح
جرائمه، وفي إحراج الدول والقوى التي تواطأت مع العدوان، أو تسترت عليه، أو لم
تتحرك ضده.
إن الوجه الرئيس لحرب العدوان على قطاع غزة كان فشله في تحقيق أهدافه
وكان الانتصار التاريخي والإستراتيجي الذي يجب أن يدخل في حساب صوابية إستراتيجية
المقاومة حيثما كان هناك من عدوان أو احتلال.
أما الوجه الآخر لهذه الحرب
العدوانية فيتمثل في ما ارتكب فيها من جرائم حرب وإبادة ضد البشرية ومن دمار وما
خلفته من شهداء وجرحى ومشردين في العراء.
إن هذا الوجه بالرغم من قوته يجب ألاّ
يطغى على الوجه الأول: انتصار المقاومة والصمود الشعبي في دحر العدوان.
ذلك لأن
إبراز الانتصار يحمل بعداً استراتيجياً هاماً للغاية بالنسبة إلى القضية الفلسطينية
وإلى الصراع ضد المشروع الصهيوني.
وهذا هو الجديد الذي أكدته كل من المقاومتين
في لبنان وفي فلسطين، أما المجازر والضحايا والخسائر المادية فيجب أن تستخدم في ظل
تأكيد ذلك الانتصار، ومن أجل زيادة عزلة العدو ومحاصرته.
بل لولا الانتصار ما
كان من الممكن أن تتحوّل الحملة ضد المجازر والجرائم التي ارتكبها العدو إلى معركة
دائمة وتنتقل إلى المسرح الدولي ولكان مصيرها كمصير أمثال لها أشدّ منها وأوسع
ارتكبها العدو نفسه في نكبة 1948 وفي كل حروبه العدوانية.
فعلى سبيل المثال كان
ضحايا العدوان الصهيوني عام 1982 على لبنان حوالي 19 ألف شهيد، بل في ليلة واحدة
استشهد، في مجزرة صبرا وشاتيلا، أكثر من 2700 إنسان أغلبهم من النساء والأطفال
والمسنين، وقد داست الجرافات المجنزرة فوق بطون الحوامل.
من هنا يجب إبراز ما
حققته المقاومة والصمود الشعبي من انتصار في دحر العدوان.
فقطاع غزة ليس مندبة
بل مفخرة للأمة.