د/ محمد
أحمد الزهيري
أحمد الزهيري
الخروج المسلح من قبل أفراد أو جماعات ضد الدولة
ومؤسساتها محكوم عليه بالفشل لأسباب كثيرة ، لأنه مهما ذكُر من مبررات كالجور
والفساد وعدم الأحقية فإن هذه المفاسد لا تعد شيئاً إلى جانب مفاسد الحرب التي
تتعرض فيها الضروريات الخمس "الدين النفس العرض العقل المال" التي جاءت كل
الشرائع للحفاظ عليها للخطر.
ومن يتتبع نتائج الخارجين على الدولة في ظل سلطان قائم لا يجد سوى الفشل
الذريع والهزيمة المحققة ومآسٍ ومفاسد يجلبونها على أنفسهم ومجتمعهم، وهذا قد حدث
في "الجمل وصفين والنهروان وحرب الخوارج لمدة مائة سنة وكربلاء وثورة المختار
الثقفي وابن الزبير ومعركة ابن الأشعث مع الحجاج في دير الحمام وثورة زيد بن علي
ومحمد النفس الزكية وابنه يحيى وحادثة جهيمان في الحرم وأحداث حماة والجهاديين في
مصر وتونس والجزائر وأخيراً حركة نمور التاميل" وهو المصير الذي ينتظر الثلاثي
اليمني "الحوثي الحراك القاعدة" ولا حجة بمقتل عثمان ابن عفان "رضي الله عنه"
لأنها عملية اغتيال غادرة ولا بثورة معاوية فقد كان يمثل امتداداً للشرعية
الإسلامية التي انتهكت بالتعازي على الخليفة الثالث، كما يمثل الولي الشرعي لدم
عثمان الذي قتل مظلوماً مما جعل ابن عباس رضي الله عنهما وهو وزير علي وعامله
على البصرة يحلف أن الأمر سيؤول لمعاوية مستدلاً بقول الله تعالى "ومن قتل مظلوماً
فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل"، كما أنه كان حاكماً شرعياً على بلاد
الشام لمدة طويلة لم يدخل في سلطان الشرعية الجديدة للخليفة الرابع فلا حجة أو دليل
للثلاثي اليمني، ومع ذلك فقد كاد أن ينهزم ويخسر المعركة مما ألجأه إلى التحكيم،
ومثلها الثورة العباسية التي انطلقت من أرض مستقلة عن سلطان الخليفة الأموي وهذا
عنصر النجاح لكل ثائر وقد صرح بذلك حبر الأمة عبدالله ابن العباس للحسين لما بلغه
نية خروجه للعراق فقال له: أعيذك بالله من ذلك، خبرني رحمك الله أتسير إلى قوم
قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم ونفوا عدوهم، فإن كانوا فعلوا ذلك فسر إليهم، وإن كانوا
دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر لهم وعماله يجبون بلادهم فإنما دعوك إلى الحرب ولا
آمن عليك أن يضروك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك ويستنفروا إليك فيكونوا أشد الناس
عليك"، وهذا الكلام نفسه قاله "للحسين" عمرو بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام حيث
قال له: "بلغني أنك تريد العراق وإني مشفق عليك أن تأتي بلداً فيه عماله وأمراؤه
ومعهم بيوت الأموال، وإنما الناس عبد الدرهم والدينار فلا آمن عليك أن يقاتلك من
وعدك نصره ومن أمنته أحب إليه ممن يقاتلك".
الثلاثي اليمني "الحوثيون الحراك
القاعدة " بنوا أعمالهم المسلحة على أسس غير صحيحة منها عدم شرعية النظام الحاكم
عند الجميع لعلل مختلفة هي أنه ليس من البطنين عند الحوثيين ولأنه خرج عن شرعية
الوحدة اليمنية فانقلب عليها وأنه كافر طاغوتي لا يطبق الشرعية ويتعاون مع
الأمريكان، وإن تستر بعضهم بدعاوى ثقافية مذهبية أو حقوقية والتعليلات الثلاث
تعليلات واهية يرفضها جمهور الشعب الذي يرى أنها لا تستند على شرعية دينية ولا
تاريخية ولا اجتماعية إنما جاءت نتيجة تأثيرات خارجية طائفية غالية أثبتت فشلها
التاريخي وأنها تقوم على أوهام أو نتيجة تأثير تيارات أيديولوجية عالمية تجاوزها
العصر ورماها إلى مزبلة التاريخ أو نتيجة نقل تجربة مجتمع آخر تعرض الإسلام ودعاته
إلى حرب بشعة ألجأت بعض الشباب المتحمس إلى تكفيره ومقاتلته ووصفه بالطاغوتية، وهذه
التأثيرات قد تتسرب كلها أو بعضها إلى بعض الشباب لأسباب تاريخية أو ثقافية أو
مظالم، لكنها بعد أن يصحوا المجتمع وتبدأ ردة الفعل تعرف أنها زرعت في أرض لا تناسب
طبيعتها ولا تقبل بزراعتها فتموت.
وتذبل هذه الدعوات الثلاث، قد أغراها ضعف
النظام وفساد مؤسساته وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية وحماس الجماهير الغاضبة،
فتجرأت على الخروج المسلح والتعرض لأبناء المؤسسة العسكرية والمتعاونين مع الدولة
كما هاجمت مؤسسات الدولة الأخرى، معتقدة أن الجماهير الغفيرة في المهرجانات
والمظاهرات ستتبعها في الحرب أيضاً وأن الأمن الضعيف سينهار، ولو قرأت حركات
التاريخ والواقع المعاصر لعرفت أن هذه الجماهير غوغائية حماسية تتجمع وقت السلم
والأمن بحماس سرعان ما ينطفئ، فإذا ما رأت الخطر الذي يعرض سلامتها وأمنها وحقوقها
للخطر فضلاً عن وعود وأماني الترغيب أنفضت انفضاضاً سريعاً على موطن الخطر الذي
جرت إليه وقد تنقلب إلى صف السلطة المقابل تقاتل رفاق الأمس بشراسة غير متوقعة، فقد
بايع مسلم بن عقيل رسول "الحسين" إلى الكوفة ثمانية عشرة ألف رجل فلما وصل عبيدالله
بن زياد وليس معه إلا ثلاثون فرداً وعرَّض بالترغيب والترهيب أنفض الناس عن مسلم
حتى أنه لم يجد من يدله على الطريق فأخذه إبن زياد وقتله وخرج من أهل الكوفة أربعة
آلاف لمقاتلة "الحسين" فقتلوه، وفي مصر في بداية الثورة كان عدد الإخوان "مليون
تنظيمي" ولما أقيل محمد نجيب، حاصروا قصر "عابدين" فلما بدأت الاعتقالات
والاغتيالات لم يثبت إلا القلة، وحركة "أحمد الثلايا" بدأت بدعم من الجيش والشعب
فلما قدُم للإعدام طالبوا بإعدامه.
* وهاهو الحراك بعد حادثة حبيل جبر الإجرامية
ضعف وتلاشى وظهرت التشققات والخلافات، وحركة الحوثي اليوم بعد أن حملت السلاح أنقلب
عليها الكثير من قياداتها وأفرادها وفقدت شعبيتها ويخصها خطأ فادح أنها اغترت
بنجاحات شيعة العراق وحزب الله ولم تدرك الفروق الواضحة التي جاءت بحزب الله تمثلت
في إخراج الجيش الإسرائيلي في العام 1982م المقاومة الفلسطينية والسنية من الجنوب
وبيروت وإحلاله حزب الله محلها في ظل الاحتلال السوري الذي أكمل إخراج المقاومة
الفلسطينية والسنية المتحالفة معها من البقاع والشمال وقيامه بدعم حزب الله وإيصال
الدعم الإيراني له، وأن الشيعة في العراق قد دخلوا على ظهر الدبابات الأمريكية التي
سلمتهم العراق كما أنهم يحادون إيران الداعمة لهم ويملكون قاعدة شعبية كبيرة في
العراق بينما كل ذلك يختلف في اليمن فلا عدو خارجي يمكنهم ولا يدعمهم ولا قاعدة
جماهيرية كبيرة مما يحكم عليها الخناق الحكومي والسعودي الموت المحتم.
وأمر أخير
اعتمدت عليه القوى الثلاث وهو "ضعف أجهزة الأمن" وهي علة رددتها الكثير من الحركات
في سوريا ومصر وغيرها، لكن هذا الضعف نتيجة المواجهة وسرعان ما يتحول نتيجة
الإحتكاك والخبرة إلى قوة وهذا يبدوا واضحاً في المواجهة الأخيرة للجيش والأمن
اليمني ضد الحوثيين وفي التحرك الواسع لمنع الدعم اللوجستي من الوصول إلى الحوثيين
وفي التوعية الإعلامية للجيش والشعب وكل مستقرئ للتطورات في اليمن يجد أن الاتجاهات
الثلاثة تتجه إلى نهاية محتومة هي "الهزيمة والفشل" وإن غداً لناظره قريب، والله
الموفق.
ومؤسساتها محكوم عليه بالفشل لأسباب كثيرة ، لأنه مهما ذكُر من مبررات كالجور
والفساد وعدم الأحقية فإن هذه المفاسد لا تعد شيئاً إلى جانب مفاسد الحرب التي
تتعرض فيها الضروريات الخمس "الدين النفس العرض العقل المال" التي جاءت كل
الشرائع للحفاظ عليها للخطر.
ومن يتتبع نتائج الخارجين على الدولة في ظل سلطان قائم لا يجد سوى الفشل
الذريع والهزيمة المحققة ومآسٍ ومفاسد يجلبونها على أنفسهم ومجتمعهم، وهذا قد حدث
في "الجمل وصفين والنهروان وحرب الخوارج لمدة مائة سنة وكربلاء وثورة المختار
الثقفي وابن الزبير ومعركة ابن الأشعث مع الحجاج في دير الحمام وثورة زيد بن علي
ومحمد النفس الزكية وابنه يحيى وحادثة جهيمان في الحرم وأحداث حماة والجهاديين في
مصر وتونس والجزائر وأخيراً حركة نمور التاميل" وهو المصير الذي ينتظر الثلاثي
اليمني "الحوثي الحراك القاعدة" ولا حجة بمقتل عثمان ابن عفان "رضي الله عنه"
لأنها عملية اغتيال غادرة ولا بثورة معاوية فقد كان يمثل امتداداً للشرعية
الإسلامية التي انتهكت بالتعازي على الخليفة الثالث، كما يمثل الولي الشرعي لدم
عثمان الذي قتل مظلوماً مما جعل ابن عباس رضي الله عنهما وهو وزير علي وعامله
على البصرة يحلف أن الأمر سيؤول لمعاوية مستدلاً بقول الله تعالى "ومن قتل مظلوماً
فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل"، كما أنه كان حاكماً شرعياً على بلاد
الشام لمدة طويلة لم يدخل في سلطان الشرعية الجديدة للخليفة الرابع فلا حجة أو دليل
للثلاثي اليمني، ومع ذلك فقد كاد أن ينهزم ويخسر المعركة مما ألجأه إلى التحكيم،
ومثلها الثورة العباسية التي انطلقت من أرض مستقلة عن سلطان الخليفة الأموي وهذا
عنصر النجاح لكل ثائر وقد صرح بذلك حبر الأمة عبدالله ابن العباس للحسين لما بلغه
نية خروجه للعراق فقال له: أعيذك بالله من ذلك، خبرني رحمك الله أتسير إلى قوم
قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم ونفوا عدوهم، فإن كانوا فعلوا ذلك فسر إليهم، وإن كانوا
دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر لهم وعماله يجبون بلادهم فإنما دعوك إلى الحرب ولا
آمن عليك أن يضروك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك ويستنفروا إليك فيكونوا أشد الناس
عليك"، وهذا الكلام نفسه قاله "للحسين" عمرو بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام حيث
قال له: "بلغني أنك تريد العراق وإني مشفق عليك أن تأتي بلداً فيه عماله وأمراؤه
ومعهم بيوت الأموال، وإنما الناس عبد الدرهم والدينار فلا آمن عليك أن يقاتلك من
وعدك نصره ومن أمنته أحب إليه ممن يقاتلك".
الثلاثي اليمني "الحوثيون الحراك
القاعدة " بنوا أعمالهم المسلحة على أسس غير صحيحة منها عدم شرعية النظام الحاكم
عند الجميع لعلل مختلفة هي أنه ليس من البطنين عند الحوثيين ولأنه خرج عن شرعية
الوحدة اليمنية فانقلب عليها وأنه كافر طاغوتي لا يطبق الشرعية ويتعاون مع
الأمريكان، وإن تستر بعضهم بدعاوى ثقافية مذهبية أو حقوقية والتعليلات الثلاث
تعليلات واهية يرفضها جمهور الشعب الذي يرى أنها لا تستند على شرعية دينية ولا
تاريخية ولا اجتماعية إنما جاءت نتيجة تأثيرات خارجية طائفية غالية أثبتت فشلها
التاريخي وأنها تقوم على أوهام أو نتيجة تأثير تيارات أيديولوجية عالمية تجاوزها
العصر ورماها إلى مزبلة التاريخ أو نتيجة نقل تجربة مجتمع آخر تعرض الإسلام ودعاته
إلى حرب بشعة ألجأت بعض الشباب المتحمس إلى تكفيره ومقاتلته ووصفه بالطاغوتية، وهذه
التأثيرات قد تتسرب كلها أو بعضها إلى بعض الشباب لأسباب تاريخية أو ثقافية أو
مظالم، لكنها بعد أن يصحوا المجتمع وتبدأ ردة الفعل تعرف أنها زرعت في أرض لا تناسب
طبيعتها ولا تقبل بزراعتها فتموت.
وتذبل هذه الدعوات الثلاث، قد أغراها ضعف
النظام وفساد مؤسساته وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية وحماس الجماهير الغاضبة،
فتجرأت على الخروج المسلح والتعرض لأبناء المؤسسة العسكرية والمتعاونين مع الدولة
كما هاجمت مؤسسات الدولة الأخرى، معتقدة أن الجماهير الغفيرة في المهرجانات
والمظاهرات ستتبعها في الحرب أيضاً وأن الأمن الضعيف سينهار، ولو قرأت حركات
التاريخ والواقع المعاصر لعرفت أن هذه الجماهير غوغائية حماسية تتجمع وقت السلم
والأمن بحماس سرعان ما ينطفئ، فإذا ما رأت الخطر الذي يعرض سلامتها وأمنها وحقوقها
للخطر فضلاً عن وعود وأماني الترغيب أنفضت انفضاضاً سريعاً على موطن الخطر الذي
جرت إليه وقد تنقلب إلى صف السلطة المقابل تقاتل رفاق الأمس بشراسة غير متوقعة، فقد
بايع مسلم بن عقيل رسول "الحسين" إلى الكوفة ثمانية عشرة ألف رجل فلما وصل عبيدالله
بن زياد وليس معه إلا ثلاثون فرداً وعرَّض بالترغيب والترهيب أنفض الناس عن مسلم
حتى أنه لم يجد من يدله على الطريق فأخذه إبن زياد وقتله وخرج من أهل الكوفة أربعة
آلاف لمقاتلة "الحسين" فقتلوه، وفي مصر في بداية الثورة كان عدد الإخوان "مليون
تنظيمي" ولما أقيل محمد نجيب، حاصروا قصر "عابدين" فلما بدأت الاعتقالات
والاغتيالات لم يثبت إلا القلة، وحركة "أحمد الثلايا" بدأت بدعم من الجيش والشعب
فلما قدُم للإعدام طالبوا بإعدامه.
* وهاهو الحراك بعد حادثة حبيل جبر الإجرامية
ضعف وتلاشى وظهرت التشققات والخلافات، وحركة الحوثي اليوم بعد أن حملت السلاح أنقلب
عليها الكثير من قياداتها وأفرادها وفقدت شعبيتها ويخصها خطأ فادح أنها اغترت
بنجاحات شيعة العراق وحزب الله ولم تدرك الفروق الواضحة التي جاءت بحزب الله تمثلت
في إخراج الجيش الإسرائيلي في العام 1982م المقاومة الفلسطينية والسنية من الجنوب
وبيروت وإحلاله حزب الله محلها في ظل الاحتلال السوري الذي أكمل إخراج المقاومة
الفلسطينية والسنية المتحالفة معها من البقاع والشمال وقيامه بدعم حزب الله وإيصال
الدعم الإيراني له، وأن الشيعة في العراق قد دخلوا على ظهر الدبابات الأمريكية التي
سلمتهم العراق كما أنهم يحادون إيران الداعمة لهم ويملكون قاعدة شعبية كبيرة في
العراق بينما كل ذلك يختلف في اليمن فلا عدو خارجي يمكنهم ولا يدعمهم ولا قاعدة
جماهيرية كبيرة مما يحكم عليها الخناق الحكومي والسعودي الموت المحتم.
وأمر أخير
اعتمدت عليه القوى الثلاث وهو "ضعف أجهزة الأمن" وهي علة رددتها الكثير من الحركات
في سوريا ومصر وغيرها، لكن هذا الضعف نتيجة المواجهة وسرعان ما يتحول نتيجة
الإحتكاك والخبرة إلى قوة وهذا يبدوا واضحاً في المواجهة الأخيرة للجيش والأمن
اليمني ضد الحوثيين وفي التحرك الواسع لمنع الدعم اللوجستي من الوصول إلى الحوثيين
وفي التوعية الإعلامية للجيش والشعب وكل مستقرئ للتطورات في اليمن يجد أن الاتجاهات
الثلاثة تتجه إلى نهاية محتومة هي "الهزيمة والفشل" وإن غداً لناظره قريب، والله
الموفق.