;

اليمن في المشروع الغربي 938

2010-01-12 04:02:53

سميرة رجب


منذ ثمانينيات القرن الماضي دأب المحللون
السياسيون العرب على ربط ظاهرة الإسلام السياسي بالخيوط المخابراتية الغربية، فكانت
البداية مع الحرب بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي في أفغانستان،
التي أخذت طابع الحرب بين الإسلام والشيوعية، وتلاها الاقتتال الدموي بين الأحزاب
الأفغانية الجهادية، الذي استمر لعدة سنوات دمّر خلالها أفغانستان..
وبينما كان
الاتحاد
السوفييتي يحتضر كانت آثار
وتبعات تلك الحرب والمنظمات الجهادية تلد مئات الأحزاب والتنظيمات الإسلامية على
الأرض الممتدة من أفغانستان حتى المغرب العربي، في وقتٍ كانت أجهزة المخابرات
الغربية تسيطر على هذه الأرض التي كانت الجبهة الأمامية في مواجهة الشبح الشيوعي،
بما يعني ان نشوء تلك الحركات جميعاً كان يُدار عن بعد من خلال اللاعب الغربي
ولمصالحه فقط، فتموت حركة وتظهر أخرى، وتختفي إحداها في منطقة وتعود الى الحياة في
منطقة أخرى، وتظهر حركة شيعية في مكان وسنية في مكان آخر، وكقطع الشطرنج تم إعادة
نشر هذه الحركات في مفاصل المنطقة الإسلامية العربية بحسب تبعيتها لأحد المذهبين
اللذين، على مدى آخر ثلاثة عقود، نما بينهما عداءٌ وصراع لم يكن له وجود على مدار
التاريخ الإسلامي..
وهكذا، حتى صار الإسلام السياسي المذهبي، والصراع بين
المذاهب، هما رأس مال الغرب في المنطقة، ليستثمره بموجب استراتيجيات نظام القطب
الواحد (أو النظام الاستعماري الجديد)، عبر دعاوى الديمقراطية والحرب على الإرهاب
بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، التي جاءت لإيجاد الذريعة الكبرى في ملاحقة العرب،
شعوباً وأنظمة، بتهمة الإرهاب، حيثما تتطلب الاستراتيجيات الغربية
استخدامها.
ومع احتلال أفغانستان والعراق الذي تم بدعم ومساندة كاملة من حركات
الإسلام السياسي المذهبي التي قاتلت مع المحتل واستلمت السلطة في هاذين البلدين
بالمحاصصة المذهبية وبحماية المحتل الغربي، لم يعد ما ذكرناه تحليلاً، بل هو أمر
واقع لا يمكن إنكاره.
واليوم وبعد أن باتت الصورة واضحة حول دور حركات الإسلام
السياسي، المرتبط بالإرادة الغربية من جهة وبإيران من جهة أخرى، في تفتيت العراق في
أولى مراحل استراتيجيات إعادة رسم المنطقة بالصيغة التي تحقق استمرار الهيمنة
الغربية، وبعد كل تلك الأحداث التي عاصرتها المنطقة خلال العقد الأول من القرن
الجديد، ها نحن نعيش مرة أخرى ذات الأكاذيب الغربية والأمريكية لاستهداف اليمن من
خلال حركات وأحزاب الإسلام السياسي المذهبي، الحوثيين في الشمال والقاعدة في
الجنوب..
فيا ترى هل سيمرر العرب السياسات الغربية في اليمن كما مرروها في
العراق؟.
سمعنا عن القاعدة لأول مرة، كحركة سياسية سنية، بعد أحداث 11 سبتمبر
2001، ومنذ ذلك اليوم لا تلبث هذه الحركة تظهر في الإعلام حيثما وحينما تطلبت
السياسات الغربية ظهورها، وترجع الى بياتها بعد أن تحقق تلك المصلحة الغربية في
منطقتنا.
في العراق، لم يكن للقاعدة أي وجود قبل الاحتلال، كما أكدت تقارير
الاستخبارات الأمريكية مراراً قبل الحرب..
ولكن هذه القاعدة (الزرقاوي) نبتت
وانتشرت هناك كالفطر بعد الاحتلال لتصبح قطباً طائفياً في مواجهة أحزاب الطائفة
الأخرى التي جاء بها الاحتلال من إيران (حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة
الإسلامية ومليشياتهما)..
واستباحت هذه الأحزاب، جميعها، مدن العراق وقراها
خطفاً وقتلاً وتنكيلاً وتفجيراً حتى اضطر الشعب العراقي للاستنجاد بالمحتل طلباً
لحمايته من نار الحرب الطائفية التي أكلت الأخضر واليابس، وحوّلت العراق إلى مقبرة
كبيرة تجول فيها عصابات القتل الطائفية.
في لبنان، ومع ازدياد الضغط الشعبي ضد
حزب الله بعد حرب 2006، فجأة ظهرت القاعدة في الشمال باسم حركة جند الإسلام، وبعد
حرب استمرت أكثر من ثلاثة أشهر دمّر خلالها الجيش نصف مدينة طرابلس سكتت المدافع
فجأة من دون أن نعرف نتائج تلك الحرب حتى يومنا هذا، ولكن عرفنا ما حصل عليه حزب
الله من مكتسبات خلال تلك الفترة.
وفي اليمن، على مدار أكثر من ست سنوات، أعلنت
حركة الحوثيين (الطائفية) عن نفسها في ستة حروب، وفي كل مرة، وقبل هزيمة هذه
الحركة، كانت تحصل على دعم خارجي، إما من خلال وساطة عربية في اللحظات الأخيرة، أو
بظهور القوات الأمريكية في ملاحقة مبهمة للقاعدة في وسط وجنوب اليمن (قصف المدن
والمدنيين بالطائرات بدعوى ملاحقة إرهابيي القاعدة)، وفي كل مرة كانت عمليات
الملاحقة هذه توجه الإعلام العالمي نحو إرهاب القاعدة في اليمن فتستقطب جهود
السلطات اليمنية نحو القاعدة لعرقلة القضاء على الحوثيين، ويتم فرض الهدنة على
الجيش اليمني لتلملم تلك الحركة قواها وتظهر في المعركة المقبلة أكثر قوة
وإصراراً..
وها هي تتكرر اللعبة الأنجلوأمريكية في اليمن للمرة السابعة، وقبل أن
ينهي الجيش اليمني حربه التي استمرت لعدة أشهر في جبال صعدة، وفي الوقت الذي بدا
الإنهاك واضحاً على الحوثيين الذين طلبوا الهدنة في مقابل إصرار السلطات اليمنية
على رفضها، إذ بجبهة القاعدة تنفتح على مصراعيها في جنوب ووسط اليمن، ويبدأ الضغط
الغربي لتوجيه القوة اليمنية نحو الجبهة الجديدة وقبول المفاوضات في جبهة
الحوثيين.
وبمعادلة رياضية بسيطة نكتشف مدى قوة العلاقة الخفية بين الحركات
المذهبية المختلفة في منطقتنا..
الحوثية والقاعدة في اليمن، حزب الله والقاعدة
في لبنان، ومليشيات بدر والقاعدة في العراق..
وأيضاً نكتشف مدى انسجام عمل هذه
الحركات المذهبية، جميعها، مع المصالح الغربية والإقليمية في آن واحد.
فهل عرفنا
اللعبة في اليمن، والمنطقة عموماً، أم المسألة بحاجة للمزيد من الدماء والدمار
واحتلال جديد لنكتشف خبايا الاستراتيجيات الغربية في المنطقة؟؟!!.
والسؤال
الأخير هو، أين النظام العربي الرسمي من كل ما يحدث على الأرض العربية؟؟..
وإن
كان لهذا النظام جهد ما في مواجهة المخططات والألاعيب التي تقلق أمن واستقرار
ومستقبل المنطقة، فياترى لماذا ليس لهذا الجهد أي صدى ثقافي أو إعلامي يبعث بشيء من
الأمل والطمأنينة في صفوف الشعب العربي؟؟!!.
sameera@binrajab.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد المياحي

2024-09-21 22:40:48

عن سبتمبر

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد