الشميري
التفريق بين شخصية شيخ الأزهر وشخصية أخرى كجورج بوش أو جورج جلوي او كرزاي أو بين
هذه الشخصيات مجتمعة وبين نتينياهو او موفاز أو شامير أو رابين أو شمعون بيريس لا
نظن على الإطلاق أن أحداً منا مهما بلغ به العمر لا يمكنه التفريق بين مجرم سفاح
مصاص دماء وبين شخصية إنسان سوية بغض النظر عن جنسيته وديانته وهويته وهذا ما نحسب أن شيخ الأزهر أطال الله في عمره
لا زال على العهد باق ولا نظن على الإطلاق أن السنون قد عصفت بحياة الرجل فتبدل به
الحال وانجرف مع التيار حاشا وكلا فالمنصب الذي يحتله الرجل منصب هام وخطير و كيف
لا يكون ذلك والأزهر وعلى مدى ما يقرب من ألف وأربعمائة عام وهو منوط به تقييم
وتنويرالامة الإسلامية من شرقها إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها ولم يسبق لهذا
المركز الإشعاعي العالمي أن انحرف عن مساره وفي أحلك الظروف واعقدها لكن ما ينبغي
أن يتنبه إليه شيخ الأزهر رعاه الله هو التفريق بين شخصية السيد جورج جلوي وشخصية
جورج بوش فالسنة الماضية عندما قام السيد طنطاوي بمصافحة وعناق شمعون بيريس رئيس
الكيان الصهيوني أثناء انعقاد أحد المؤتمرات الدولية ظننا منه انه الرئيس الفلسطيني
محمود عباس أو كما قال شيخ الأزهر في حينه انه لم يكن يعرف بيريس وإلا ما كان له أن
يقوم بهذا العناق الحار وفق ما جاء على لسانه لاحقاً ولأننا نلتمس لشيخنا العذر من
الانزلاق إلى منحدر لا يليق به وهو في مكانته من يحتل مساحة كبيرة في قلوب الأمة
باعتباره احد أهم علماء السلطة عفواً علماء الأمة. .
لذلك أقول إنني أصبت حقيقة
بالصدمة بعد سماعي ردة فعل الإذاعة العبرية عقب فتوى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر
الشريف والتي أكد فيها الأزهر بأنه من الحقوق الشرعية لمصر أن تضع الحواجز التي
تمنع ضرر الأنفاق المحفورة تحت رفح والتي بحسب زعم البيان تهرب منها المخدرات
وغيرها مما يزعزع أمن مصر إلى آخر ما جاء فيها مع العلم أن من يسكن غزة لا يحتاج
لمخدرات بقدر حاجتهم للغذاء والدواء والكساء وهو ما يدخل ضمن غيرها في نهاية الفتوى
لكن الذي أدهشني وأصابني بالذهول هو إشادة الإذاعة الصهيونية بتلك الفتوى قائلة (ان
هذه الفتوى تعكس الأمن والأمان الذي من المفترض أن يوفره الإسلام للجيران) ولكم
أعزائي القراء أن تتخيلوا مساحة الاستفزاز التي تعتريكم عند قراءة الجملة آنفة
الذكر وأظن أن من ساهم في تلك الفتوى (يتنطط فوق رأسه ألف عفريت) عند سماعه لمثل
هذا الترحيب السخيف ولهذا نقول لقد امتن الله على عبادة بنعمتين من أعظم نعمه
سبحانه وتعالى على خلقه هما نعمة الإطعام ونعمة الأمن حيث قال في محكم كتابه
"فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" "1"وإذا كان الإطعام من
الجوع يحفظ على الإنسان حياته الجسدية المادية؛ فإن الأمن يحفظ كذلك على الإنسان
روحه وحياته من القتل والعدوان كما ان غياب احد العناصر يؤدي بطبيعة الحال الى
اختلال منظومة الامن أو ان تزعزعه نفوس الناس، يعني بداهة حلول الفوضى، وانتشار
اللامبالاة المولدة للأمن العكسي، وهو الأمن من مكر الله،" أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ
اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ "2" ثم أين
علماء الأمة من قوله تعالى "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ
أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" لذلك ينبغي علينا
جميعاً، أن ننظر إلى الحقيقة الأمنية من أوسع أبوابها، وأقرب الطرق الموصلة إليها،
وبعيداً عن أساليب الكيد والكيد المضاد ، وللحديث بقية. .