بقلم :
خيرالله خيرالله
خيرالله خيرالله
مضت سنة على دخول الرئيس باراك اوباما البيت
الأبيض ومباشرة ممارسة مهماته كرئيس للقوة العظمى الوحيدة في العالم.
كانت تلك
السنة كافية ليتأكد اوباما من ان الكلام الجميل والحديث عن سياسة امريكية جديدة
تأخذ في الاعتبار ضرورة الحوار مع الآخر من اجل الوصول الى عالم اكثر عدلا شيء،
فيما الواقع شيء آخر.
بدأ الرئيس
الأمريكي يصطدم بالواقع.
بدأ يكتشف ان عليه ان يتغير في حال كان يريد بالفعل
تغيير العالم.
تلقى باراك أوباما في اقل من سنة سلسلة من الصدمات.
اكتشف
اخيرا ان الأجهزة الأمنية الأمريكية تمتلك قدرات كبيرة من الناحية التكنولوجية، لكن
تنقصها المعلومات المباشرة والقدرة على تحليل هذه المعلومات فضلا عن التنسيق في ما
بينها.
انها بالفعل كارثة كبيرة ان يتمكن شاب نيجيري جندته «القاعدة» في لندن او
غيرها كما زار اليمن أخيرا حيث التقى ارهابيين، هم في حرب مع السلطة المركزية في
صنعاء، من ركوب طائرة في رحلة عادية الى مدينة امريكية.
اكثر من ذلك، استطاع هذا
الشاب الذي وشى به والده الى الأمريكيين شاكيا من افكاره المتطرفة وتصرفاته
الغريبة، ان يستقل الطائرة من مطار اوروبي حاملا كمية من المتفجرات كان يمكن ان
تفجر الطائرة بركابها وافراد طاقمها.
بكلام اوضح، وجد اوباما ان اداء الأجهزة
الأمنية الأمريكية لم يتغير منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001.
لا يزال الأداء
ضعيفا على الرغم من كل الأموال التي صرفت من اجل تحصين الولايات المتحدة في وجه
الارهاب.
كل ما تغير هو عذابات المسافرين في المطارات الأمريكية
والأوروبية.
هؤلاء يدفعون حقا ثمن الحرب الأمريكية على الإرهاب.
بعد ثماني
سنوات على كارثة الحادي عشر من سبتمبر، يجد باراك اوباما ان كل الجهود التي بذلتها
الولايات المتحدة من اجل كسب هذه الحرب ذهبت هباء.
شاب في الثالثة والعشرين من
العمر كان يمكنه ان يفجر طائرة ركاب في رحلة من امستردام الى ديترويت على الرغم من
توافر كل المعلومات اللازمة في شأن توجهاته ومدى خطورته.
كان الأمريكيون يمتلكون
كل الأسباب لمنعه من الصعود الى الطائرة.
لكنهم لم يفعلوا شيئا.
بقية القصة
صارت معروفة.
ما يمكن وصفه بعمل ارهابي ضخم اجهضته الصدفة، اكد لأوباما ان عليه
الانطلاق من نقطة الصفر.
عليه بكل بساطة ان يخوض حربا خاصة به اذا كان يريد
الانتصار على الارهاب.
كل ما فعلته ادارة بوش الابن منذ الحادي عشر من سبتمبر
2001 ساهم في تعزيز الأرهاب وتمكينه من ايجاد مواطئ قدم جديدة له في مناطق مختلفة
من العالم.
لم تستطع الولايات المتحدة الانتهاء من «القاعدة» او «طالبان» في
افغانستان وباكستان.
يتبين كل يوم ان باكستان معضلة حقيقية وان افغانستان خارجة
عن سيطرة الأمريكيين وحلفائهم في حلف شمال الأطلسي.
باختصار شديد، صار العالم
اكثر خطورة مما كان عليه قبل الحادي عشر من سبتمبر 2001.
كان الخطأ القاتل الذي
ارتكبه بوش الابن الذهاب الى العراق قبل الانتهاء من افغانستان والسعي الى معالجة
الوضع في باكستان.
لا يمكن في اي شكل فصل باكستان عن افغانستان.
كان طبيعيا
التركيز على هذين البلدين في لحظة انهيار البرجين في نيويورك في ذلك اليوم
المشؤوم.
على اوباما ان يدفع غاليا ثمن القرار الذي اتخذه بوش الابن والقاضي
بالذهاب الى العراق.
لم تعد «القاعدة» في باكستان وافغانستان.
صارت في العراق
ايضا.
صارت في اندونيسيا وهي تعزز مواقعها في الصومال مع مرور الأيام.
من حق
ادارة اوباما الآن ان تشكو من وجود «القاعدة» في اليمن.
هذا ليس سرا عسكريا،
خصوصا ان «القاعدة» وجهت ضربة قوية الى المدمرة الأمريكية «كول» في ميناء عدن في
اكتوبر من العام 2000 بناء على اوامر خطية واضحة وجهها اسامة بن لادن الى مجموعة
تابعة له.
ولكن من حق اي عربي يقف في وجه الإرهاب ويسعى بالفعل الى محاربته ان
يتساءل ما الذي ساعد «القاعدة» على الانتشار في اليمن؟ هل مشكلة «القاعدة» في اليمن
يمكن فصلها عن مشاكل اخرى يعاني منها هذا البلد المهم ذي الموقع الاستراتيجي
الحساس؟.
لا شك ان ادارة أوباما في وضع لا تحسد عليه، ذلك انه كلما مرّ يوم
يتبين كم تركة بوش الابن ثقيلة.
ما يتبين ايضا ان المشكلة لا تكمن فقط في تركة
بوش الابن وحدها والحربين اللتين انهكتا الجيش الأمريكي وحدتا من قدراته على التدخل
في انحاء مختلفة من العالم.
المشكلة تكمن خصوصا في غياب القدرة لدى الأجهزة
الأمنية الأمريكية على فهم ما يدور في العالم.
ربما اليمن احدث مثال على
ذلك.
عندما يتعلق الأمر باليمن، لا يمكن في اي شكل التركيز على «القاعدة»
وحدها.
«القاعدة» مشكلة حقيقية لأسباب كثيرة.
ولكن ما الذي مكَن «القاعدة» من
ان يكون لها وجود قوي في هذا البلد؟ أليست حرب صعدة المستمرة منذ ما يزيد على خمس
سنوات جزءا من المشكلة التي ساعدت «القاعدة» في النمو والانتشار بعدما كان وجودها
محدودا؟ أليست الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت في السنوات الأخيرة عاملا مساعدا يخدم
«القاعدة» التي تستفيد من البؤس والجهل قبل أي شيء آخر؟ هناك حاجة الى متابعة الحرب
على الارهاب.
لكن ادارة اوباما ستكون في مأزق كبير اذا لم تراجع السياسات
الأمريكية، خصوصا تلك التي اتبعت منذ سبتمبر 2001.
الحرب على الإرهاب تحتاج الى
ذكاء انساني اولا والى أفق واسع ثانيا .
(كاتب لبنانى )
الأبيض ومباشرة ممارسة مهماته كرئيس للقوة العظمى الوحيدة في العالم.
كانت تلك
السنة كافية ليتأكد اوباما من ان الكلام الجميل والحديث عن سياسة امريكية جديدة
تأخذ في الاعتبار ضرورة الحوار مع الآخر من اجل الوصول الى عالم اكثر عدلا شيء،
فيما الواقع شيء آخر.
بدأ الرئيس
الأمريكي يصطدم بالواقع.
بدأ يكتشف ان عليه ان يتغير في حال كان يريد بالفعل
تغيير العالم.
تلقى باراك أوباما في اقل من سنة سلسلة من الصدمات.
اكتشف
اخيرا ان الأجهزة الأمنية الأمريكية تمتلك قدرات كبيرة من الناحية التكنولوجية، لكن
تنقصها المعلومات المباشرة والقدرة على تحليل هذه المعلومات فضلا عن التنسيق في ما
بينها.
انها بالفعل كارثة كبيرة ان يتمكن شاب نيجيري جندته «القاعدة» في لندن او
غيرها كما زار اليمن أخيرا حيث التقى ارهابيين، هم في حرب مع السلطة المركزية في
صنعاء، من ركوب طائرة في رحلة عادية الى مدينة امريكية.
اكثر من ذلك، استطاع هذا
الشاب الذي وشى به والده الى الأمريكيين شاكيا من افكاره المتطرفة وتصرفاته
الغريبة، ان يستقل الطائرة من مطار اوروبي حاملا كمية من المتفجرات كان يمكن ان
تفجر الطائرة بركابها وافراد طاقمها.
بكلام اوضح، وجد اوباما ان اداء الأجهزة
الأمنية الأمريكية لم يتغير منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001.
لا يزال الأداء
ضعيفا على الرغم من كل الأموال التي صرفت من اجل تحصين الولايات المتحدة في وجه
الارهاب.
كل ما تغير هو عذابات المسافرين في المطارات الأمريكية
والأوروبية.
هؤلاء يدفعون حقا ثمن الحرب الأمريكية على الإرهاب.
بعد ثماني
سنوات على كارثة الحادي عشر من سبتمبر، يجد باراك اوباما ان كل الجهود التي بذلتها
الولايات المتحدة من اجل كسب هذه الحرب ذهبت هباء.
شاب في الثالثة والعشرين من
العمر كان يمكنه ان يفجر طائرة ركاب في رحلة من امستردام الى ديترويت على الرغم من
توافر كل المعلومات اللازمة في شأن توجهاته ومدى خطورته.
كان الأمريكيون يمتلكون
كل الأسباب لمنعه من الصعود الى الطائرة.
لكنهم لم يفعلوا شيئا.
بقية القصة
صارت معروفة.
ما يمكن وصفه بعمل ارهابي ضخم اجهضته الصدفة، اكد لأوباما ان عليه
الانطلاق من نقطة الصفر.
عليه بكل بساطة ان يخوض حربا خاصة به اذا كان يريد
الانتصار على الارهاب.
كل ما فعلته ادارة بوش الابن منذ الحادي عشر من سبتمبر
2001 ساهم في تعزيز الأرهاب وتمكينه من ايجاد مواطئ قدم جديدة له في مناطق مختلفة
من العالم.
لم تستطع الولايات المتحدة الانتهاء من «القاعدة» او «طالبان» في
افغانستان وباكستان.
يتبين كل يوم ان باكستان معضلة حقيقية وان افغانستان خارجة
عن سيطرة الأمريكيين وحلفائهم في حلف شمال الأطلسي.
باختصار شديد، صار العالم
اكثر خطورة مما كان عليه قبل الحادي عشر من سبتمبر 2001.
كان الخطأ القاتل الذي
ارتكبه بوش الابن الذهاب الى العراق قبل الانتهاء من افغانستان والسعي الى معالجة
الوضع في باكستان.
لا يمكن في اي شكل فصل باكستان عن افغانستان.
كان طبيعيا
التركيز على هذين البلدين في لحظة انهيار البرجين في نيويورك في ذلك اليوم
المشؤوم.
على اوباما ان يدفع غاليا ثمن القرار الذي اتخذه بوش الابن والقاضي
بالذهاب الى العراق.
لم تعد «القاعدة» في باكستان وافغانستان.
صارت في العراق
ايضا.
صارت في اندونيسيا وهي تعزز مواقعها في الصومال مع مرور الأيام.
من حق
ادارة اوباما الآن ان تشكو من وجود «القاعدة» في اليمن.
هذا ليس سرا عسكريا،
خصوصا ان «القاعدة» وجهت ضربة قوية الى المدمرة الأمريكية «كول» في ميناء عدن في
اكتوبر من العام 2000 بناء على اوامر خطية واضحة وجهها اسامة بن لادن الى مجموعة
تابعة له.
ولكن من حق اي عربي يقف في وجه الإرهاب ويسعى بالفعل الى محاربته ان
يتساءل ما الذي ساعد «القاعدة» على الانتشار في اليمن؟ هل مشكلة «القاعدة» في اليمن
يمكن فصلها عن مشاكل اخرى يعاني منها هذا البلد المهم ذي الموقع الاستراتيجي
الحساس؟.
لا شك ان ادارة أوباما في وضع لا تحسد عليه، ذلك انه كلما مرّ يوم
يتبين كم تركة بوش الابن ثقيلة.
ما يتبين ايضا ان المشكلة لا تكمن فقط في تركة
بوش الابن وحدها والحربين اللتين انهكتا الجيش الأمريكي وحدتا من قدراته على التدخل
في انحاء مختلفة من العالم.
المشكلة تكمن خصوصا في غياب القدرة لدى الأجهزة
الأمنية الأمريكية على فهم ما يدور في العالم.
ربما اليمن احدث مثال على
ذلك.
عندما يتعلق الأمر باليمن، لا يمكن في اي شكل التركيز على «القاعدة»
وحدها.
«القاعدة» مشكلة حقيقية لأسباب كثيرة.
ولكن ما الذي مكَن «القاعدة» من
ان يكون لها وجود قوي في هذا البلد؟ أليست حرب صعدة المستمرة منذ ما يزيد على خمس
سنوات جزءا من المشكلة التي ساعدت «القاعدة» في النمو والانتشار بعدما كان وجودها
محدودا؟ أليست الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت في السنوات الأخيرة عاملا مساعدا يخدم
«القاعدة» التي تستفيد من البؤس والجهل قبل أي شيء آخر؟ هناك حاجة الى متابعة الحرب
على الارهاب.
لكن ادارة اوباما ستكون في مأزق كبير اذا لم تراجع السياسات
الأمريكية، خصوصا تلك التي اتبعت منذ سبتمبر 2001.
الحرب على الإرهاب تحتاج الى
ذكاء انساني اولا والى أفق واسع ثانيا .
(كاتب لبنانى )