عام 2006، حيث ان في عنفوان قوته و نفوذه و سطوته السياسية و العس رية، وبديهي ان
هناك أ ثر من عامل او سبب وراء ذلك ل ن السبب الا بر يبقى مرتبطا بتراجع الدور
الايراني رويدا رويدا و تقوقعه الى حد ما ضمن خطوط محددة، هذا التراجع الذي ان له
علاقة قوية بالهبوط المريع في اسعار البترول و الازمة الاقتصادية العالمية و بروز الدور السعودي بش ل ملفت للنظر
على مختلف الاصعدة، وإزدياد الضغوطات الدولية ضد طهران، بالاضافة الى سبب حيوي و
حاسم آخر في خلخلة الاوضاع السياسية و الاقتصادية و الامنية الايرانية يتعلق بتعاظم
حجم و دور قوى المعارضة و التغيير داخل و خارج إيران.
وإذا ما ان السيد حسن
نصرالله لايخفي او يموه على الدعم الايراني (ال بير جدا)المقدم له، فإن المتابع
البسيط للامور السياسية يدرك جيدا بأن علة ضخامة الدعم الايراني يعود لأجندة و
اهداف سياسية أمنية استراتيجية ترتبط بمستقبل و مصير النظام الديني في إيران، وهو
أمر جلي و واضح جدا للشارع الايراني الذي لايخفي أيضا حنقه و سخطه من(سخاوة)الدعم
المقدم لحزب الله اللبناني و يعتبره غبنا و ظلما مرت با من قبل النظام بحق الموارد
الوطنية للبلاد.
والحق، أن حجم الدعم ال بير و غير العادي الذي قدمه النظام
الايراني طوال الاعوام الماضية و الملابسات و التعقيدات و التداعيات التي نجمت عن
ذلك، دفعت طهران ل ي تتمسك بورقة حزب الله احدى الخيارات الاستراتيجية لها، و مامن
شك أن هذه الورقة بقدر ما انها م لفة و مرهقة للخزينة الايرانية، فإنه ليس هناك من
خيار آخر أمام النظام سوى الاستمرار في اللعبة حتى النهاية.
وقد يتصور البعض ان
تراجع الدور الايراني للأسباب التي سردناها آنفا سيرافقه حتما تراجعا في حجم الدعم
المقدم للحزب من جانب طهران، إلا أن اوساطا سياسية و اعلامية مطلعة في بعض من
العواصم الاوربية و الاقليمية لاتوافق على هذا التحليل و ترى بأن حجم الدعم و قياسا
للاوضاع الاقتصادية الايرانية السيئة الى حد ما، مايزال قويا و يحتل اولوية و صدارة
بالنسبة للنظام ومن المؤ د بأن فترة(الليونة و المرونة)السياسية التي مر بها حزب
الله خلال الاعوام القليلة الماضية بعد حرب تموز 2006، لم ت ن سوى مناورة سياسية من
نوع خاص نجح الحزب ومن خلفه النظام الايراني بخداع العالم و التمويه عليه بأن هنالك
تراجع فعلي في حجم الدعم المقدم للحزب وان ماقدم و تم ضخه للحزب من دعم و إمدادات
طوال الاعوام الثلاثة الماضية ت في لتسليح جيش بلد بأ مله تمهيدا لحرب قادمة
بإنتظاره بل وان بعضا من تلك الاوساط الاعلامية و السياسية ترى بأن حجم التسليح ي
في لجيشي دولتين معا.
التصريح الاخير للأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن
نصرالله والذي أ د فيه بأن حربا قادمة فيما لو وقعت بين حزبه و اسرائيل فإنها ستغير
من وجه المنطقة، هو تصريح من النوع"الثقيل جدا"سياسيا و امنيا وليس بالام ان
إعتباره مجرد تصريح عرضي إذ يتضمن بين سطوره و لماته أ ثر من رسالة لأ ثر من طرف
إقليمي و دولي وفي الوقت الذي بالام ان تفسيره وتأويله وفق سياق توجس الحزب من
الحرب و قلقه من خوضها(وهو عين الموقف الايراني)، فإنه في نفس الوقت قد ي ون رسالة
ذات مضمون شمشوني(علي وعلى أعدائي) بحيث أن الحزب يريد ان يخبر الجميع بأنه لن
ينزلق لوحده للهاوية وانما سي ون هناك مصير من هذا النوع او مشابه له لدول و اطراف
اخرى سيما تلك التي تحبذ و تتمنى نهاية غير سعيدة لهذا الحزب.
واغلب الظن انه قد
ي ون قصد السيد نصرالله من وراء تصريحه القوي هذا مبنيا على إحتمال تدخل إيراني غير
منتظر او متوقع في الحرب باسلحة غير تقليدية خصوصا وان نجاح طهران في خداع العالم و
التمويه عليه فيما يتعلق ببرنامجها النووي قد تدفع لثمة قناعة بأنه قد ي ون أنجز
ماقد يفاجأ العالم له وهو امر سبق وان قامت به طهران و نجحت فيه تماما سيما في نطنز
و قم.