الجفري
الذي صدر في عام 2006م يرصد ظاهرة لافتة للنظر هي تكاثر نموذج المرأة القاتلة في
الفنون والآداب الأوروبية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر
للميلاد.
فقد كانت جدران المتاحف
والمعارض الفنية الأوروبية عام 1890م مسرحاً تركض فيه نساء جميلات فاتنات ولكن
قاتلات لا يملك الفنان فكاكاً منهن ويقول المؤلف إن النساء القاتلات كن يظهرن بشكل
قلق ومتكرر في الشعر والمسرح والأوبرا حتى تحولن مع نهاية القرن التاسع عشر إلى
موضة طبعت ذلك الزمان بطابع خاص وتركت بصماتها على القلادات ومنافض السجائر
والمحابر والتذكارات والملابس، سلوك بخمات الفن ويرى المؤلف أن هذا الانشغال
بالمرأة القاتلة الشريرة الشهية هو ظاهرة من أكثر الظواهر إثارة للاهتمام في ثقافة
أواخر القرن التاسع عشر ونجده في أعمال الفنانين على اختلاف مدارسهم ومشاربهم
الفنية من واقعيين وكلاسيكيين ومجددين وهو أمر كان له أبلغ الأثر في الذوق العام
واللاوعي الجماعي للناس في ذلك الزمان وماتلاه.
وفي تلك المرحلة أعلن بعض
الرسامين إضرابهم عن الزواج أمثال ديلاكرو وكورد وكوربية وديجاس وغيرهم ولكن لماذا؟
لأن الزوجة تلتهم الفنان ولاتلهم، لقد خافوا على فنهم من أذى المرأة وتسلطها
وتدخلها في مسيرة إبداعهم لقد سادت يومئذ نظرة مفادها أن المرأة تمتص الطاقة
الإبداعية لدى الفنان فهي عاجزة عن فهم الفن ولكن بغض النظر عن صواب هذا الرأي أو
رداءته يقول كاتب هذه الأسطر علينا الاعتراف بأن المرأة كانت الوحي الذي منح
الفنانين لوحات فنية خالدة فكراهية الفنان للمرأة في ذلك الوقت جعله يخلدها في
أعمال فنية خارقة أو على الأقل يخلد وجهاً معه وجوه حقيقتها فالشر ليس غريباً على
أي قلب سواء عند المرأة أو الرجل تماماً كما الحيز.