;

مطلوب إنقاذ اليمن من براثن الإرهاب.. والتدخل الأجنبي .. لماذا "اجتماع لندن" وليس الرياض أو القاهرة..؟ 1116

2010-01-28 04:07:39

العرب
أونلاين


مرة أخرى يرضى العرب رغم ما يمتلكونه من مقدرات
وإمكانيات أن يلعبوا دور المكمل، وربما المموّل، للحلول لما يقترحه غيرهم ويسطره
لقضايا تعنيهم هم أولا، ولمشاكل تتفاعل على أرضهم وتؤثر على حاضر شعوبهم
ومستقبلهم.
ومرة أخرى يرتضون أن تعبر قضاياهم إلى الضفة الأخرى
لتعود "حلولها" مفصلة على مقاس من يقترحها ومعدلة
على مصالحه.
وهي في الغالب "حلول" تحمل بذور مشاكل أكبر وأشد تعقيدا، وتفتح
المزيد من البوابات للتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول العربية.
وينطبق
هذا على "اجتماع لندن" الذي ينعقد اليوم بالعاصمة البريطانية للنظر في الوضع باليمن
والذي قد يكون الجزء الأهم فيه ما سيقر خلاله من مساعدات مالية وتقنية للبلد الذي
يكاد بحكم وضعه الداخلي وأيضا بحكم الظروف الإقليمية والدولية أن يتحول إلى مرتع
للإرهاب.
ولا عيب في أن يتلقى اليمن مساعدات هو اليوم في أمسّ الحاجة إليها،
ولكن المأخذ على مصدر المساعدات وما يترتب عليها.
فرغم أن مكافحة الإرهاب مصلحة
عالمية تهم العرب كما تهم الغرب، إلا أن الأخير لم يتحول بعد إلى جمعية خيرية ودأْب
دوله أن تأخذ على قدر ما تعطي وأكثر.
وبوضوح أشد فإن مع المساعدات تمرر السياسات
وتفرض الإملاءات.
وفي هذا الإطار تحديدا كانت تصب حملة التشهير المتعمد باليمن
قبل "اجتماع لندن"، قصد الضغط عليه.
فليس من المعقول أن يكتشف الغرب بسياسييه
وإعلامييه فجأة وقبل الاجتماع المذكور بفترة وجيزة كل "عيوب" اليمن دفعة
واحدة.
ولقد كانت الطبقة السياسية في اليمن على بيّنة من هذا الأمر وحاولت أن
تؤكد من خلال ما صدر عن مسؤولين يمنيين من مواقف وتصريحات جاء أغلبها قبيل "اجتماع
لندن" أن سيادة البلد خط أحمر وأن معاركه ضد الإرهاب وعناصر التمرد ودعاة الانفصال
هي في المقام الأول معارك يمنية تدار وفق ظروف اليمن ومصالحه التي من الطبيعي أن
تلتقي مع مصالح دول أخرى عربية وأقليمية وأجنبية.
وقد أجمل وزير خارجية اليمن
أبو بكر القربي ذلك في تصريح سبق اجتماع لندن بيومين، حين قال إن بلاده تطلب
المعونة في ما يتعلق بالقاعدة وفي ما يتعلق بالتنمية "لكن في القضايا الداخلية نحن
ننظر الى معالجتها كقضايا داخلية".
وبالطبع لا يعيب اليمن -كما سبق وأشرنا- أن
يطلب مساعدات تنموية ولوجستية هو في أمسّ الحاجة إليها، ولكن العيب كل العيب أن
يطلبها من الغرب، وهو جزء من محيط عربي حبا الله بعض دوله بثروات طائلة يمكن أن
يستثمر جزء منها في تنمية بلدان عربية أقل ثراء، منها اليمن، وفي ذلك مصلحة كبرى
للجميع لأن في التنمية الأساس الأول لمحاربة التطرف ومقاومة الإرهاب والتصدي لنزعات
الانفصال والتمرد الذي بيّنت الوقائع والأحداث أن شرارته مهيأة دائما لعبور الحدود،
وليس أوضح دليلا على ذلك مما يحدث على الحدود بين اليمن والسعودية.
قد يجادل أحد
بأن اليمن هو المسؤول الأول عن وضعه التنموي، وحالته السياسية وهذا صحيح إلى حد
ما.
ولكن الصحيح أيضا أن البلد الذي لم تحبه الطبيعة بما حبت به بعض أشقائه من
ثروات طبيعية طائلة كان ضحية تركيبته القبلية الموروثة عن فترات سابقة، كما كان
ضحية الوضع العربي غير المستقر.
وحتى بذرة الإرهاب التي تبدو اليوم مستحكمة
بتربة بعض مناطقه كانت نتاج سياسات دولية وأخطاء قوى إقليمية وعالمية.
وبمنتهى
الصراحة نقول إن الجوار العربي لليمن طبّق حياله سياسات إقصائية على خلفية خلافات
معه في المواقف والرؤى، ولا أدل على ذلك من استثنائه من تجمّع بلدان مجلس التعاون
الخليجي، وكان استيعابه داخله سيفيده كثيرا، وخصوصا في ظل ما لهذا الهيكل من
اهتمامات أمنية فضلا عن اهتماماته الاقتصادية والتنموية والسياسية.
وأخشى ما
نخشاه أن يكون مصدر صمت بعض الدول العربية اليوم حيال ما يجري باليمن نوعا من
"الشماتة" تجاه ما طبقه البلد من سياسات وما اتخذه من مواقف.
لقد شهدنا خلال
الأسابيع الماضية اهتماما دوليا منقطع النظير باليمن وتسليطا لأضواء كثيفة على
أوضاعه الأمنية والسياسية والاقتصادية.
وتعالت أصوات غربية تحذّر من ترك اليوم
وشأنه، وتدعو إلى مساعدته تقنيا وتنمويا.
ولكنا لم نشهد بالمقابل ما يعادل ذات
الاهتمام من جانب العرب دولا ومنظمات على رأسها الجامعة العربية.
فهل من المعقول
أن يتفطن الغرب إلى خطورة أن يسقط اليمن فريسة للإرهاب على الأمن العالمي، بينما
يغمض العرب العيون ويصمون الآذان عن الحريق وهو على حدودهم؟..
إن ما يستطيع أن
يقدمه العرب لليمن لتجاوز محنته الراهنة أكثر كثيرا مما يستطيع الغرب أن
يقدمه.
وحتى بالمنطق المادي البسيط فإن من الدول العربية من يمتلك من الأموال ما
يستطيع معه أن يساعد لا اليمن وحده، ولكن ما يستطيع أن يساعد به حتى الغرب ذاته على
تجاوز أزمته الاقتصادية الطاحنة التي يتخبط فيها.
وقد حدث ذلك فعلا.
وعلى
صعيد تقني ولوجستي لا تعوز بعض العرب الخبرة ولا التجربة ولا المعلومات اللازمة
لمكافحة الإرهاب بشهادة الولايات المتحدة ذاتها.
كما أن دولا عربية لا يعوزها
السلاح وقد ظلت لعقود تصرف على شرائه أموالا طائلة.
وإذا كان من المستحيل أن
يوجه السلاح العربي اليوم ضد أعداء وغزاة خارجيين، فما المانع من أن يوجه لمقاومة
الإرهاب ومحاربة نزعات التمرد والانفصال خدمة لاستقرار المنطقة العربية الذي هو شرط
ضروري لأي عمل تنموي؟.
لقد اعتدنا من كثير من العرب أن ينشدوا خلاصهم الذاتي في
معارك عديدة.
لكن معركة الإرهاب والتطرف هي من المعارك التي لا يمكن إلا أن
ينتصر فيها الجميع أو ينهزموا معا، لأن الإرهاب لا يعترف بحدود.
ومن ثم فإن ما
يتعرض له اليمن اليوم من مخاطر يتهدد العرب جميعا وفي مقدمتهم جواره المباشر.
إن
اليمن الذي يمكن أن ينجو من مخاطر الارهاب والانفصال عبر المساعدات الدولية التي قد
يرصد قسم منها اليوم في اجتماع لندن، يبقى بنفس الدرجة معرضا للتضحية بجزء من
سيادته واستقلاله ثمنا لتلك المساعدات، وهو الأمر الذي جهد اليمن على مدار الأسابيع
الماضية لعدم الوقوع فيه، وكان يمكن تجنب حتى مجرد طرحه لو حزم العرب أمرهم وبحثوا
عن حلّ عربي لما يحدث باليمن في اجتماع خاص بهم كان يمكن أن يسمى "اجتماع الرياض"
أو القاهرة أو عمّان أو سواها..

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد