لو أن الزميل العزيز/ سيف الحاضري اعتقل بناء على
أوامر قضائية وبطرق قانونية لرضينا بذلك قسماً وحظاً رغم أنه لا تنعدم الحيلة على
الأجهزة المعنية في إيجاد مسوغ قانوني للسجن تحت أي ذريعة، ولديها أجهزة باسم
القانون تطال القانون. .
على الأقل صورياً كنا قد رضينا مادام وثمة تفنن
في الاعتقال وأساليب فيها قليل من
الحياء. .
لكن أن يُجر عُنوةً إلى السجن وبلا سابق إنذار فذلك أمر محزن للغاية
باعتبار أن هذه الممارسة عودة إلى الحكم الشمولي، يذكرنا هذا الاعتقال بزوار الليل،
بأولئك الذين كانوا يلاحقون الطلاب والعمال والمثقفين بلا ذنب سوى أنهم يريدون
الوطن وطناً. .
وتذكرنا هذه الاعتقالات التعسفية بزمن طالما كان للإنسان قابلاً
لأن يصير مفقوداً بين لحظة وأخرى ولا أحد يعلم كيف ومتى فقد هذا الاعتقال اليومي
للوطن لا نريده حاضراً. .
ولا نريد استحضار الماضي للتخندق ضد
الحرية. .
باعتبار ذلك شحناً لوطن ينهار بالأزمات وكثير من التعب وضيق
الأنفس،وباعتبار أن اعتقال بلا سابق إنذار هو قهر للآخر ودعوة لوليمة مليئة
بالفجائع "الطفل ، الزوجة ، الأب، الأخ ، الأصدقاء" وتتسع الدائرة لتشمل الحارة
والوطن. . . إلخ" متواليات هذه الممارسات الفوضوية لا تتسع لها جنبات الوطن ولا نريدها
نحن "فعلاً" ينحو باتجاه الزنزانة الفردية والجماعية وما يتخللها من أوراق اعترافات
مزورة، على الأقل هذا ما تجود به الذاكرة علينا ونحن نرقب اليومي أكثر ضراوة من ذي
قبل وهو ما يجعلنا نقع في حيرة. .
هل حقاً بات الوطن رهن الاعتقالات؟! هل صارت
كلمة المبدأ الشريفة تقلق أولي الأمر إلى هذا المستوى؟! أم أننا إزاء فعل يتصاعد
نتاج حالة ترنح قابلة للانهيار؟! في تقديري أن صناعة الأزمات تبدأ من الخلط بين
المبدئي واللامبدئي. .
من إدانة الآخر لمجرد أنه يقول كلمه حق من أجل
الوطن.
وصناعة الأزمات يتفنن فيها السجانون جيداً ولكنها سرعان ما تصير كالوباء
في ساحة الوطن، تعود بما هو سلبي على ذات السجان، لابد إذاً أن يدرك صانع الأزمة
أهمية استحضار العقل وتبرير الخديعة في أسوأ الحالات ضراوة وبؤساً.
أما أن يقتاد
مواطن من منزله نهاراً إلى حيث الحلكة من بين أسرته كما هو حال الزميل / سيف
الحاضري، فالأمر ماس بالقيم الديمقراطية وبحقوق وحريات الإنسان.
كيف لنا إذاً أن
نتحدث عن وطن فيه ساحة ديمقراطية وشاهد الحال أن صديقي في السجن؟!.
كيف أخلق
مبررات عن الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي وثمة أسرة لصديقي تعيش قلقاً شديداً
لأن راعيها الأول في السجن؟!.
كيف نتحدث عن سعادة وتنمية وهناك سجون لزملاء
أخذوا عنوة إلى حيث لا نرجوه لأيٍ كان فما بالنا بالأصدقاء؟! ومؤكد أن المرء لا
يستطيع إن كان ثمة قيم يمتلكها ليكون شاهد زور على الوطن بأنه نقي جميل وثمة من
يعبث بأمنه وسلامته واستقراره لا يطالهم القانون ولا يسجنون، بينما يودع أصحاب
الضمائر من الرأي الحر في السجن.
هذه الحالاتية من العبث اللامسؤول في
الانتقائية المؤلمة لعشاق الكلمة، تصيبنا بخيبة أمل كبيرة تجعلنا نتحسس ذواتنا، هل
نحن في عافية حقاً؟! هل ما يحدث يحدث أم أن مسحة خيال نعيشها؟! الذي يجعل هذا
الترصد الدقيق للأنفس يعود بعد أن أوشك على الزوال؟!.
إن لم تكن الارتجالية
والعشوائية والعجز عن التفكير وتغييب النظام، القانون وتصدير الأزمات بلا عناوين
لمزيد من القلق والحمى وكثير من الفكر الذي يوشك أن يكون هوية وطن، لا نرجو له هكذا
اعتقالاً ولا تعسفاً. .
تنعدم الحيلة بيننا ونحن نبحث عن مسوغ بسيط لفهم هذا
الاعتقال وأسبابه فلا نجد، نرتد إلى أحلامنا نناوش فيها ما نتمناه، حتى لا يعكرنا
الواقع وهو مليء بالفوضى، فوضى ارتياد السجون، كما هو حال صديقي.
للسجن بطولات
وتضحيات من روائع ونضالات هذا صحيح، وأنبل معاني التضحية حين يكون السجن ملاذاً من
ارتباك الوطن، هناك تكتب أجمل القصائد وأكثر المقالات قراءةً وأقوى كتب تأثيراً
وفاعلية يصير للزمن معناه بعد أن كان ذابلاً أو يوشك أن يصير بلا معنى.
ولكن
بالمقابل ما الحاجة إلى هذه المكابرة وفي الوطن متسع للجميع وإن كانت المكابرة هنا
لها نكهتها وروح الانتماء؟! أجزم أن لدينا ثمة من الأمل، للجميع أن يتعايش فيها وأن
يقول رأيه، أكان مصيباً أو مخطئاً فهو إنسان مالم يشهر السلاح أو يسعى إلى فتنه أو
يتمركز في طائفية مقيته أو فاسد ماعدا ذلك مشروع لكل ذي رأي أن ينتج ما يراه
مناسباً من أجل الوطن نهوضاً وتقدماً. .
إذاً مالحاجة إلى السجن ليكون محطة
نضال وبمقدور الكل أن يكونوا مناضلين في الوطن؟! يبدو أن خيبة أمل وقع فيها
المعنيون فلم يعد بمقدورهم أن يفرحوا بانتصارات حقيقية، فارتدوا على أدبارهم
يكترثون بالسجون والمزيد من صناعة الأزمات. .
صناعة الأزمة بدايتها اعتقال الحرية
ووأد الكلمة وقهرية الإنسان الخلاق والمبدع، من هنا فقط يتحقق ما يريده الظلامي أن
يكون الوطن خالياً من الحرف النبيل، ومعرضاً للاضطرابات حين تصير الكلمة هي القلق
والخطر الجسيم بدلاً من الفاسد والمرابي ، وصاحب الفتنة والإرهاب.
حين يغدو
الهامش أساسياً ، والأساس هامشاً في الولاء والانتماء.
وحين يكون للسجن أبطاله
من المسجونين بعناوين وطنية وهوية واضحة يريد الآخر أن يلطخها بما يحلو له من
الاتهامات وهي قائمة تنتقل مما يجب عمله ضد الفساد إلى صاحب الرأي والكلمة الشجاعة
الصادقة زميلي / سيف الحاضري، إذاً في هذا النسيج الوطني يرتاد السجن من بوابة
الاعتراف بالوطني حد أفكار الذات لذلك يحتل الأولوية على من أشهروا السلاح وتخندقوا
في الارتهان والعمالات، وصاروا مرجفين في الأرض ومدعوين إلى الحوار.
يحاور
السجان الخارج عن القانون بينما السجن لكلمة المبدأ ، هذه المفارقة التي تجعل الوطن
أكثر ضرراً والتي تعيق الحياة من أن يكون لها معنى نبيلاً.
وهي أيضاَ التي تزيد
المأساة حضوراً وتجعل الإرهاب يختفي بهذه الصناعة والعدو منتشياً بانتكاسة الحرية
وقد صارت توجساً وارتياباً، إذاً كيف لصحفي عشق الحرية وأدمن ضوء الجرف أن يقبل
بمهادنة السجن ولا ينتفض من الداخل لاسقاط التحدي الأرعن والفوز بضرورة نشر المحبة
والألفة واختيار الجميل عنواناً للوطن؟! الواقع أن ثمة استغفال حقيقي للإنسان حين
يراد له أن يكون مدجناً : مثل عصفور في قفص ،هذه ضد سنة الحياة، وضد مشيئة الله في
الأرض. .
لابد للسجان أن يدرك الضرورة والحاجة إلى الحرية قبل أن ترتد عليه
فكراًَ وليس من الضروري أن تبقى الزنزانة شهيتها مفتوحة لمزيد من الألم والفكر
والمعاناة ، وهناك ما يمكن الاشتغال عليه مجتمعياً الحوار والبناء ،وتفهم الآخر
والخروج من دائرة الأشتغال على اعتقال العقل. .
إلى حيث فسحة الأمل والرجاء
وصناعة المستقبل. .
تاريخياً يتأكد لنا أن الزلازل السياسية تبدأ من السجون من
أول يوم تفتح أبوابها لاعتقال الحرية وتكميم الأفواه.
هذه التاريخانية لابد أن
يدركها واقعاً مسؤول الزنزانة ليخرج من وهم التكميم إلى واقعية البناء مدرسة
ومستشفى ورصف شارع ترابي.
نتحدث بصدق وحب لهذا النظام ورغبة في أن يبقى على ذات
المستوى من الانتصارات التي تحققت في 22 مايو 1990م.
وأن لا يتنازل عنها مطلقاً
باعتبار ذلك قيمة تاريخية لا يضارعها شيء في مسار التاريخ الوطني والحفاظ عليها،
إذاً هو حفاظ على الحرية، الولاء، على أن يكون القانون مطبقاً على احترام حقوق
وحريات الإنسان، ما لم يرتكب خيانة أو جريمة أو تآمر أو إرهاباً أو فساداً في الأرض
ثمة محددات تستوجب تطبيق الدستور والقانون لسجن الأعداء الخلص للوطن. .
وليس
هناك مبرر واحد بسيط نقدر أن نفهمه لسجن الرأي وحبس الكلمة، وضبط الحرية متلبسة
بالحرية.
مثل هذا هو جنون وفوضى ودمار يأتي من السجن إلى الوطن ومن الوطن إلى
السجن في علاقة تبادلية يقبلها الأحرار حين لات مناص من هذا القبول.
والوطن غني
بكل تأكيد من أيقع في هذه التبادلية المقلقة التي تدفع باتجاه يرضي طموح أعداء
الوطن وهم مثل كلاب الصيد في الهزيع الأخير من الليل يتربصون متى يكون الوطن مجرد
عظمة تقضم، ويدركون أن أول هذه الاستهلالات تنطلق من السجن حين يحتفى بالظلم وليس
العدل على هذا الأساس سجن الصديق والزميل سيف الحاضري هو مؤشر حقيقي على أن ثمة
اتجاه غير صائب أو بوصلة انحراف يقع فيها الوطني حين لا يقدر على التعامل مع الكلمة
ولا يقبل بتطبيق القانون ، وبدون وضع حتى لائحة اتهامات يدخل على إثرها لقضاء
العقوبة.
لكن أن يأتي الزائر إلى حيث الأسرة ليقل زميلاً إلى المجهول بلا مبرر
أو مسوغ قانوني، حين إذ تنعدم الحرية حقاً يصير الوطن عذابات أخرى وبداية مؤلمة
نقول عنها ظلام وظلم الشاهد هنا هو الاقتياد عنوة إلى السجن "س أوصى" من المواطنين
مجرد ارتكاب هذا الفعل العشوائي يؤكد أننا أمام حالات انفعالية وغفلة حقيقية عما
يجب اتخاذه من أجل الوطن.
نتمنى إذاً أن يكون للنظام والقانون سيادته ونرحب حين
إذ بكل سيأتينا ، لأنه على الأقل يكفينا شر الفوضى والاقتياد إلى المجهول ويمنحنا
الثقة بأن الحرية للجميع باعتبار الجميع شركاء وطن ليس فيه واحد سجان والآخر
سجين.
أوامر قضائية وبطرق قانونية لرضينا بذلك قسماً وحظاً رغم أنه لا تنعدم الحيلة على
الأجهزة المعنية في إيجاد مسوغ قانوني للسجن تحت أي ذريعة، ولديها أجهزة باسم
القانون تطال القانون. .
على الأقل صورياً كنا قد رضينا مادام وثمة تفنن
في الاعتقال وأساليب فيها قليل من
الحياء. .
لكن أن يُجر عُنوةً إلى السجن وبلا سابق إنذار فذلك أمر محزن للغاية
باعتبار أن هذه الممارسة عودة إلى الحكم الشمولي، يذكرنا هذا الاعتقال بزوار الليل،
بأولئك الذين كانوا يلاحقون الطلاب والعمال والمثقفين بلا ذنب سوى أنهم يريدون
الوطن وطناً. .
وتذكرنا هذه الاعتقالات التعسفية بزمن طالما كان للإنسان قابلاً
لأن يصير مفقوداً بين لحظة وأخرى ولا أحد يعلم كيف ومتى فقد هذا الاعتقال اليومي
للوطن لا نريده حاضراً. .
ولا نريد استحضار الماضي للتخندق ضد
الحرية. .
باعتبار ذلك شحناً لوطن ينهار بالأزمات وكثير من التعب وضيق
الأنفس،وباعتبار أن اعتقال بلا سابق إنذار هو قهر للآخر ودعوة لوليمة مليئة
بالفجائع "الطفل ، الزوجة ، الأب، الأخ ، الأصدقاء" وتتسع الدائرة لتشمل الحارة
والوطن. . . إلخ" متواليات هذه الممارسات الفوضوية لا تتسع لها جنبات الوطن ولا نريدها
نحن "فعلاً" ينحو باتجاه الزنزانة الفردية والجماعية وما يتخللها من أوراق اعترافات
مزورة، على الأقل هذا ما تجود به الذاكرة علينا ونحن نرقب اليومي أكثر ضراوة من ذي
قبل وهو ما يجعلنا نقع في حيرة. .
هل حقاً بات الوطن رهن الاعتقالات؟! هل صارت
كلمة المبدأ الشريفة تقلق أولي الأمر إلى هذا المستوى؟! أم أننا إزاء فعل يتصاعد
نتاج حالة ترنح قابلة للانهيار؟! في تقديري أن صناعة الأزمات تبدأ من الخلط بين
المبدئي واللامبدئي. .
من إدانة الآخر لمجرد أنه يقول كلمه حق من أجل
الوطن.
وصناعة الأزمات يتفنن فيها السجانون جيداً ولكنها سرعان ما تصير كالوباء
في ساحة الوطن، تعود بما هو سلبي على ذات السجان، لابد إذاً أن يدرك صانع الأزمة
أهمية استحضار العقل وتبرير الخديعة في أسوأ الحالات ضراوة وبؤساً.
أما أن يقتاد
مواطن من منزله نهاراً إلى حيث الحلكة من بين أسرته كما هو حال الزميل / سيف
الحاضري، فالأمر ماس بالقيم الديمقراطية وبحقوق وحريات الإنسان.
كيف لنا إذاً أن
نتحدث عن وطن فيه ساحة ديمقراطية وشاهد الحال أن صديقي في السجن؟!.
كيف أخلق
مبررات عن الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي وثمة أسرة لصديقي تعيش قلقاً شديداً
لأن راعيها الأول في السجن؟!.
كيف نتحدث عن سعادة وتنمية وهناك سجون لزملاء
أخذوا عنوة إلى حيث لا نرجوه لأيٍ كان فما بالنا بالأصدقاء؟! ومؤكد أن المرء لا
يستطيع إن كان ثمة قيم يمتلكها ليكون شاهد زور على الوطن بأنه نقي جميل وثمة من
يعبث بأمنه وسلامته واستقراره لا يطالهم القانون ولا يسجنون، بينما يودع أصحاب
الضمائر من الرأي الحر في السجن.
هذه الحالاتية من العبث اللامسؤول في
الانتقائية المؤلمة لعشاق الكلمة، تصيبنا بخيبة أمل كبيرة تجعلنا نتحسس ذواتنا، هل
نحن في عافية حقاً؟! هل ما يحدث يحدث أم أن مسحة خيال نعيشها؟! الذي يجعل هذا
الترصد الدقيق للأنفس يعود بعد أن أوشك على الزوال؟!.
إن لم تكن الارتجالية
والعشوائية والعجز عن التفكير وتغييب النظام، القانون وتصدير الأزمات بلا عناوين
لمزيد من القلق والحمى وكثير من الفكر الذي يوشك أن يكون هوية وطن، لا نرجو له هكذا
اعتقالاً ولا تعسفاً. .
تنعدم الحيلة بيننا ونحن نبحث عن مسوغ بسيط لفهم هذا
الاعتقال وأسبابه فلا نجد، نرتد إلى أحلامنا نناوش فيها ما نتمناه، حتى لا يعكرنا
الواقع وهو مليء بالفوضى، فوضى ارتياد السجون، كما هو حال صديقي.
للسجن بطولات
وتضحيات من روائع ونضالات هذا صحيح، وأنبل معاني التضحية حين يكون السجن ملاذاً من
ارتباك الوطن، هناك تكتب أجمل القصائد وأكثر المقالات قراءةً وأقوى كتب تأثيراً
وفاعلية يصير للزمن معناه بعد أن كان ذابلاً أو يوشك أن يصير بلا معنى.
ولكن
بالمقابل ما الحاجة إلى هذه المكابرة وفي الوطن متسع للجميع وإن كانت المكابرة هنا
لها نكهتها وروح الانتماء؟! أجزم أن لدينا ثمة من الأمل، للجميع أن يتعايش فيها وأن
يقول رأيه، أكان مصيباً أو مخطئاً فهو إنسان مالم يشهر السلاح أو يسعى إلى فتنه أو
يتمركز في طائفية مقيته أو فاسد ماعدا ذلك مشروع لكل ذي رأي أن ينتج ما يراه
مناسباً من أجل الوطن نهوضاً وتقدماً. .
إذاً مالحاجة إلى السجن ليكون محطة
نضال وبمقدور الكل أن يكونوا مناضلين في الوطن؟! يبدو أن خيبة أمل وقع فيها
المعنيون فلم يعد بمقدورهم أن يفرحوا بانتصارات حقيقية، فارتدوا على أدبارهم
يكترثون بالسجون والمزيد من صناعة الأزمات. .
صناعة الأزمة بدايتها اعتقال الحرية
ووأد الكلمة وقهرية الإنسان الخلاق والمبدع، من هنا فقط يتحقق ما يريده الظلامي أن
يكون الوطن خالياً من الحرف النبيل، ومعرضاً للاضطرابات حين تصير الكلمة هي القلق
والخطر الجسيم بدلاً من الفاسد والمرابي ، وصاحب الفتنة والإرهاب.
حين يغدو
الهامش أساسياً ، والأساس هامشاً في الولاء والانتماء.
وحين يكون للسجن أبطاله
من المسجونين بعناوين وطنية وهوية واضحة يريد الآخر أن يلطخها بما يحلو له من
الاتهامات وهي قائمة تنتقل مما يجب عمله ضد الفساد إلى صاحب الرأي والكلمة الشجاعة
الصادقة زميلي / سيف الحاضري، إذاً في هذا النسيج الوطني يرتاد السجن من بوابة
الاعتراف بالوطني حد أفكار الذات لذلك يحتل الأولوية على من أشهروا السلاح وتخندقوا
في الارتهان والعمالات، وصاروا مرجفين في الأرض ومدعوين إلى الحوار.
يحاور
السجان الخارج عن القانون بينما السجن لكلمة المبدأ ، هذه المفارقة التي تجعل الوطن
أكثر ضرراً والتي تعيق الحياة من أن يكون لها معنى نبيلاً.
وهي أيضاَ التي تزيد
المأساة حضوراً وتجعل الإرهاب يختفي بهذه الصناعة والعدو منتشياً بانتكاسة الحرية
وقد صارت توجساً وارتياباً، إذاً كيف لصحفي عشق الحرية وأدمن ضوء الجرف أن يقبل
بمهادنة السجن ولا ينتفض من الداخل لاسقاط التحدي الأرعن والفوز بضرورة نشر المحبة
والألفة واختيار الجميل عنواناً للوطن؟! الواقع أن ثمة استغفال حقيقي للإنسان حين
يراد له أن يكون مدجناً : مثل عصفور في قفص ،هذه ضد سنة الحياة، وضد مشيئة الله في
الأرض. .
لابد للسجان أن يدرك الضرورة والحاجة إلى الحرية قبل أن ترتد عليه
فكراًَ وليس من الضروري أن تبقى الزنزانة شهيتها مفتوحة لمزيد من الألم والفكر
والمعاناة ، وهناك ما يمكن الاشتغال عليه مجتمعياً الحوار والبناء ،وتفهم الآخر
والخروج من دائرة الأشتغال على اعتقال العقل. .
إلى حيث فسحة الأمل والرجاء
وصناعة المستقبل. .
تاريخياً يتأكد لنا أن الزلازل السياسية تبدأ من السجون من
أول يوم تفتح أبوابها لاعتقال الحرية وتكميم الأفواه.
هذه التاريخانية لابد أن
يدركها واقعاً مسؤول الزنزانة ليخرج من وهم التكميم إلى واقعية البناء مدرسة
ومستشفى ورصف شارع ترابي.
نتحدث بصدق وحب لهذا النظام ورغبة في أن يبقى على ذات
المستوى من الانتصارات التي تحققت في 22 مايو 1990م.
وأن لا يتنازل عنها مطلقاً
باعتبار ذلك قيمة تاريخية لا يضارعها شيء في مسار التاريخ الوطني والحفاظ عليها،
إذاً هو حفاظ على الحرية، الولاء، على أن يكون القانون مطبقاً على احترام حقوق
وحريات الإنسان، ما لم يرتكب خيانة أو جريمة أو تآمر أو إرهاباً أو فساداً في الأرض
ثمة محددات تستوجب تطبيق الدستور والقانون لسجن الأعداء الخلص للوطن. .
وليس
هناك مبرر واحد بسيط نقدر أن نفهمه لسجن الرأي وحبس الكلمة، وضبط الحرية متلبسة
بالحرية.
مثل هذا هو جنون وفوضى ودمار يأتي من السجن إلى الوطن ومن الوطن إلى
السجن في علاقة تبادلية يقبلها الأحرار حين لات مناص من هذا القبول.
والوطن غني
بكل تأكيد من أيقع في هذه التبادلية المقلقة التي تدفع باتجاه يرضي طموح أعداء
الوطن وهم مثل كلاب الصيد في الهزيع الأخير من الليل يتربصون متى يكون الوطن مجرد
عظمة تقضم، ويدركون أن أول هذه الاستهلالات تنطلق من السجن حين يحتفى بالظلم وليس
العدل على هذا الأساس سجن الصديق والزميل سيف الحاضري هو مؤشر حقيقي على أن ثمة
اتجاه غير صائب أو بوصلة انحراف يقع فيها الوطني حين لا يقدر على التعامل مع الكلمة
ولا يقبل بتطبيق القانون ، وبدون وضع حتى لائحة اتهامات يدخل على إثرها لقضاء
العقوبة.
لكن أن يأتي الزائر إلى حيث الأسرة ليقل زميلاً إلى المجهول بلا مبرر
أو مسوغ قانوني، حين إذ تنعدم الحرية حقاً يصير الوطن عذابات أخرى وبداية مؤلمة
نقول عنها ظلام وظلم الشاهد هنا هو الاقتياد عنوة إلى السجن "س أوصى" من المواطنين
مجرد ارتكاب هذا الفعل العشوائي يؤكد أننا أمام حالات انفعالية وغفلة حقيقية عما
يجب اتخاذه من أجل الوطن.
نتمنى إذاً أن يكون للنظام والقانون سيادته ونرحب حين
إذ بكل سيأتينا ، لأنه على الأقل يكفينا شر الفوضى والاقتياد إلى المجهول ويمنحنا
الثقة بأن الحرية للجميع باعتبار الجميع شركاء وطن ليس فيه واحد سجان والآخر
سجين.