الجفري
البطلمية اليونانية قد وصلت إلى الحضيض وكانت على وشك أن تتهاوى وتتلاشى ولقد أثبتت
الأحداث فعلا إن الازدهار الذي حدث في عهد كليوباترا كان بمثابة وهج الشمس أو الشفق
الذي يزداد بريقا ورونقا كلما اقتربت لحظة الغروب.
لقد امتد سلطان كليوباترا إلى رقعة فاقت مملكات البطالمة
السابقين بل ضمت أقاليم لم يحلم بها احد من الملوك الثلاثة الأوائل مؤسسي
الإمبراطورية البطلمية بقوة سواعدهم فها هي حفيدتهم كليوباترا تقيم صرح إمبراطورية
بطلمية جديدة.
وعلينا أن نتذكر هنا أن كراهية الرومان وخوفهم لم يولد مع قصة حب
انطونيوس وكليوباترا ولكن ظهر للوجود عندما استولت كليوباترا من قبل على قلب يوليوس
قيصر لأن كليوباترا عندما ذهبت لتقيم في روما ايطاليا بالقرب من يوليوس قيصر ثارت
موجة عارمة من الاستياء في الأوساط الرومانية ففي ذلك الحين وعلى وجه التحديد عام
46 قبل الميلاد قاد يوليوس قيصر موكب انتصاره حيث سبقت فيه أخت كليوباترا الصغرى
ارسنبوي الأميرة العنيدة في حرب الإسكندرية عام 45 قبل الميلاد.
ولما وقع
انطونيوس في بحر الحب الذي سبح فيه من قبل يوليوس قيصر وهب كليوباترا هدايا
وألقاباً ضاعفت من ذعر الرومانيين وفي الوقت نفسه شاع أن الشرق سيتفوق يوما على
الغرب وان منقذاً سيظهر من بين أبناء الشرق سيأتي على يديه نهاية الغطرسة الرومانية
فلما حصلت كليوباترا على ما حصلت عليه من مكاسب بوسعية وشهرة عالمية تحولت هذه
الإشاعة إليها على أنها هي الملكة المنقذة التي ستعيد للشرق أمجاده وكانت بمثابة
الزعيمة التي تسعى إلى هذا الهدف إنما على أسس إنسانية من الحب والتآخي بين بني
البشر جميعا.