أحمد الزهري
علمية تقوم على الحجة والبرهان لا على القوة والسلاح لأن مفاسد الحرب أقوى من مفاسد
السلم ولا ينبغي اللجوء إلى القوة إلا حينما لم يعد منها بد.
المعركة الفكرية دائماً تحسم لصالح الحق لأن حجة
الباطل واهية يقول الله تعالى :"الم تر أن الله يقذف بالحق على الباطل فيدفعه فإذا
هو زاهق" والحق منظومة متكاملة كالعقد انتظمت حياته والبناء اتقد بنائه فإذا ما
انفرط العقد وسقطت أول حياته تسارعت بقية الحياة في التساقط والبناء إذا ما تهدم
جزء منه أسرع التهدم إلى بقية أجزائه وهذا يفسره قول النبي - صل الله عليه وآله
وسلم - "لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة وكلما سقطت عروة تمسك الناس بالتي تليها
أولهن تقضاً الحكم وأخرهن الصلاة" ولأن الحكم هو الذي يمشي حياة الناس جميعاً وهو
الذي يحمي حدود الدين فإن سقوطه سرعان ما يؤثر على كل جوانب المنظومة الإسلامية
يقول أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه :"إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع
بالقرآن " وهذا وضح لماذا ينصر الله الدولة العادلة الكافرة على الدولة المسلمة
الظالمة.
الله تعالى يأمر رسوله بأن يجادل بالحسنى "وجادلهم بالتي هي أحسن" وقد
كانت معركة الرسول الأساسية هي معركة الحجة والبرهان قال تعالى:"أدعُ إلى سبيل ربك
بالحكمة والموعظة الحسنة " وقال :"قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن
اتبعني" وهي معركة فكرية خاضها مع المشركين وخاضها مع اليهود وخاضها مع المنافقين
وخاضها مع المخطئين أو الجاهلين، وخاضها الصحابة لحسم مسألة الخلافة في سقيفة بني
ساعده وفي حكم قتال المرتدين وخاضها عثمان مع المعترضين وخاضها علي مع أصحاب الجمل
ومع الخوارج وخاضها الخلفاء والأمويون أو العباسيون مع مخالفيهم وقد اشتهر من
المناظرات بين الخلفاء والعلماء كما عرف عن الخليفة المأمون - كما اشتهر في ذلك شيخ
الإسلام بن تيمية الذي ناظره اليهود والنصارى والزنادقة والفلاسفة والمبتدعة، وقد
دخل صلاح الدين مصر بعد حكم الباطنية لها مائتين وتسع سنين فلم يعمل فيها السيف أو
القتل إنما أسدى المدارس والمكتبات وشجع العلم والعلماء وألغى تدريس المذهب الاثنى
عشري من الأزهر فلم يبق في مصر شيعي واحد، وكذلك فعل الأيوبيون حينما دخلوا اليمن
بعد حكم ثلاث دول باطنية هي "القرمطية ، الصليحية ، الزريقية" فلم يبق شيعي إسماعيل
أو قرمطي أو أثنى عشري، ويتضح اليوم أهمية المعركة الفكرية من أي وقت مضى، بسبب
وجود الآلة الإعلامية الضخمة القادرة على إعادة صياغة وتوجيه المجتمعات وتوليها
الدول والمجتمعات أهمية كبيرة لتقوم بخدمة أهداف المجتمع والحفاظ على شخصيته
ومواجهة مشكلاته إنما في التأثير على المجتمعات الأخرى فيما يعرف بالعولمة التي
صارت خطراً يهدد الخصوصيات الثقافية والاجتماعية وقد وصف الرئيس الأميركي الأسبق
جورج بوش الابن بأن ثلثي حربنا إعلامية ، لكننا في اليمن نجد الفتن العنصرية
الطائفية المذهبية والعنصرية المناطقية تنبعث هنا وهناك بينما إعلامنا يعيش في واد
آخر فالإعلام المقروء مشغول بالقضايا الهامشية وأخبار الفنانين والفنانات
والرياضيين و الرياضيات وأخبار كوبا وفنزيولا والكونغو بينما يهمل أخبار الفتنة
المذهبية في صعدة وحرف سفيان والفتنة المناطقية في المحافظات الجنوبية وكأنها ليست
في اليمن، مما يجعل المتابع يرى بوضوح فشل الإعلام في إدارة أزمات اليمن، مما
يستوجب على القيادة السياسية للبلاد إقالة القيادات الإعلامية الفاشلة وإعادة النظر
في أهداف وآليات وخطط وبرامج المؤسسات الإعلامية حتى نراها تخدم معركة اليمن
وأهدافه وقيمه وعقيدته وأخلاقه وقضاياه ، لا تحترم الأهداف الأميركية والصهيونية
والإيرانية فنروج لكل شاذ ومنحرف يستفز الشعب اليمني والقضاء على ثوابته الثقافية
والاجتماعية والله الموفق.