محسن
العلمية والاجتماعية العالية أن لم يكن جلهم يفضلون السعي للظفر بوظيفة في الجامعة
على أن يظلوا في أي مرفق أو مؤسسة أخرى؟ فمعظم الكوادر الطبية التخصصية يعزفون عن
العمل في المستشفيات ويفضلون العمل في الجامعة بدلاً عنها، حتى مع فشل كل الجهود
والمحاولات فان البعض يظل مشدودا إلى الجامعة على أمل ترقب الفرصة المناسبة لإعادة المحاولة، والى أن يتم ذلك أو لم
يتم فانه يظل متذمرا نفسيا، طوال تلك الفترة، الأمر الذي يؤثر على مستوى أدائه
ونشاطه ويظل إخلاصه في العيادات الخاصة أكثر منه في المستشفى العام.
كذلك هو حال
الاختصاصات الأخرى من القانونيين والمهندسين وبقية التخصصات الاجتماعية الأخرى
نجدهم يتذمرون من أعمالهم في بقية المرافق ويسعون بكل جهدهم للانضمام إلى هيئة
التدريس في الجامعة.
إن التفاوت في الدخل وعدم المساواة والعدالة في المرتبات
والأجور وجملة الامتيازات الأخرى هي السبب في ذلك والحقيقة أن الحق كل الحق معهم في
مسعاهم ذلك وإلا كيف نتصور مثلا أن اثنين من الكوادر العلمية تخرجوا من دولة واحدة
ومن معهد واحد وبفرض أن درجاتهم الحاصلين عليها في شهادة التخرج كانت بنفس المستوى
ونجد أن احدهم تمكن من الالتحاق في الجامعة وتحسنت ظروفه الاجتماعية والمعيشية
بينما ظل الآخر في مرفق لا يتحصل إلا على راتبه الأساسي والحاف أليس في ذلك ظلماً
للأخير في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وعدم المساواة والعدالة وتفاوت الدخل وبشكل
كبير؟ أن هذه المشكلة وان كانت قديمة وظلت قائمة لسنوات إلا أن الأمل ظل في القانون
رقم 43 لسنة 2005م والذي جاء بالإستراتيجية الوطنية للأجور والمرتبات والتي كان من
أهم أهدافها تحقيق المساواة والعدالة بين الموظفين في المرتبات والأجور وغيرها من
الأهداف المحددة من خلال توحيد المرتبات الأساسية للوظائف المتشابهة في المهام
والاختصاصات ومنح الامتيازات الأخرى تحت مسمى بدل طبيعة عمل تنتهي بترك الموظف
للوظيفة، ولكن للأسف وعند دخول الإستراتيجية إلى حيز التنفيذ وجد المسئولون أنفسهم
عند تطبيقها أمام جملة من المعوقات والعراقيل وكما هو عادة السلطة في موازنة الأمور
وبما يتناسب وضعفها في المعالجة قامت الوزارة مضطرة بإصدار جملة من التعاميم
المتلاحقة والمتناقضة بنفس الوقت مع ما هدفت إليه الإستراتيجية لترقيع ما أفسدته
وجرى العمل بها بصورة عشوائية وانتقائية ظلت معها قضية التفاوت في الدخل قائمة حتى
اليوم.
حتى نظرتها إلى مبدأ التأهيل والتدريب للموظفين نحو التعليم المستمر
والتحصيل العلمي كانت نظرة قاصرة عندما ربطت المؤهل بتاريخ التعيين فالموظف
بالثانوية العامة لن تنفعه الشهادة الجامعية إذا ما رغب في مواصلة الدراسة لنيلها
لأنها ستكون حينها غير مجدية للترقي الوظيفي كونها ستقترن بتاريخ تعيين جديد هو
تاريخ الحصول على الشهادة ولا اعتبار لتاريخ تعيينه القديم حتى أصحاب الشهادة
الجامعية لن تنفعهم شهادة الماجستير أو الدكتوراه في الترقي الوظيفي عدا من
مسمياتها العلمية فقط..
لتقضي الإستراتيجية بذلك على دافعية التأهيل والتدريب
احد المداخل الأساسية لتحسين الأداء الوظيفي وتطويره والكفيلة بإعداد القيادات
القادرة على تحمل مسئولياتها في التنمية الشاملة.
وهاهي العلاوة السنوية موقوفة
على جميع موظفي الجهاز الإداري للدولة منذ العام 2005م تاريخ صدور الإستراتيجية
بينما هي سارية المفعول على الوحدات المستقلة ماليا وإدارياً وهذا كيل بمكيالين كما
فعلت أيضاً في تنزيل الدرجات الوظيفية لبعض الموظفين بحجة عدم استيفائها للشروط مع
إنها مكتسبة بينما غضت النظر عن ذلك في مرافق أخرى وتم نقل موظفيها نقلا ميكانيكا
دون الاعتبار لشروطها تلك وهنا أتوجه بالسؤال إلى أعضاء مجلس النواب فيا ترى كيف
سيكون عليه الحال لو جاءت الحكومة بقانون جديد يلغي القانون الخاص بالإستراتيجية
الوطنية للأجور والمرتبات والذي بموجبه تم استحقاق درجة وزير.
لأعضاء مجلس ا
لنواب هل سيوافقون على تمرير مشروع القانون الجديد الذي يسلبهم حقهم بعد أن أصبحت
الدرجة حقا مكتسبا لهم؟ بالتأكيد لن يرضوا بذلك ولن يهون عليهم الأمر بينما هان
عليهم عندما رضوا على ممثليهم والذين أوصلوهم إلى مقاعد البرلمان عندما صادقوا على
القانون المجحف صدر بموجبه الحقوق المكتسبة لشريحة واسعة من الموظفين وتم تنزيل
درجاتهم الوظيفية إلى أدنى من ذلك.
وهكذا تكون الحكومة قد نجحت في دس الطعم في
القانون لأعضاء مجلس النواب ليس حبا في التقدير ولكن سعيا في
التمرير.